Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تحكم اسلاميي ليبيا بالقرار المالي يثير امتعاضا محليا ودوليا

"الحراك الشعبي" قد يفقدهم أهم أوراقهم في مفاوضات "المسار الاقتصادي"

قوات من "الجيش الوطني" الليبي خلال دورية عسكرية جنوب منطقة الهلال النفطي (مواقع التواصل)

كشف "المسار الاقتصادي" الذي ترعاه الأمم المتحدة في ليبيا، كأحد ثلاثة مسارات للحل أفرزها "مؤتمر برلين" الذي عقد في 19 يناير (كانون الثاني) الماضي، خبايا وأسرار القرار المالي في ليبيا، خصوصاً أن أولى جلساته التي عقدت في القاهرة في 9 فبراير (شباط) المنصرم، تزامنت مع إغلاق المنشآت النفطية أمام حركة الإنتاج والتصدير، ما حدا بحكومة الوفاق والمجلس الأعلى للدولة والمؤسسات الاقتصادية الخاضعة لهما إلى الاحتجاج مرات عدة على الخطوة.
وأعلن المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي أحمد المسماري حينها أن الإغلاق "أمر شعبي محض، ومَن أقفلها (المنشآت النفطية) هو الشعب، ونحن لن نتدخل إلا لحماية الشعب في حال تعرض للخطر."

عصب الاقتصاد

وتحدثت مصادر حكومية مأذونة من طرابلس عن خطابات عدة وجهتها حكومة الوفاق إلى جهات دولية معنية بالملف الليبي، في مقدمتها الأمم المتحدة التي تشرف على مسارات الحل الثلاثة في ليبيا، العسكري والسياسي والاقتصادي، تهدد فيها بتعليق مشاركتها في مسار المحادثات الاقتصادية "إذا لم يتم استئناف ضخ النفط".
ويستحوذ النفط، المورد الاقتصادي الرئيس للبلاد، على اهتمام حكومة الوفاق وحلفائها في العاصمة طرابلس، طيلة السنوات الماضية، إذ يخضع قرار توريد وإنتاج النفط لشرعية المؤسسة الوطنية للنفط في العاصمة الليبية، بحسب قرارات مجلس الأمن. وتودَع إيراداته المالية في البنك المركزي بطرابلس.
وكشفت المصادر نفسها عن امتعاض كبير تعيشه قيادات الدائرة الأولى المقرّبة من "حكومة الوفاق" حيال إغلاق المنشآت النفطية ووقف تدفق إيراداتها، معتبرةً أن "القرار المالي كان أحد أهم الأوراق التي يلعبها تيار الإخوان المسلمين المتنفذ في مفاصل المؤسسات المالية والاقتصادية".
ويُحسَب رئيس المؤسسة الوطنية للنفط، مصطفى صنع الله، ومحافظ البنك المركزي، الصديق الكبير، المواليَين لحكومة الوفاق على التيار الإسلامي، كما تتوزع مناصب سيادية أخرى بين قادة حكومة الوفاق، إذ يتولى فايز السراج، بالإضافة إلى رئاسته الحكومة، منصب رئيس مجلس أمناء المؤسسة الليبية للاستثمار، ورئيس الجمعية العمومية للشركة الأفريقية للطيران القابضة. ويتولى أحمد معيتيق، نائب السراج، والمتحدر من مصراته، رئاسة "الشركة الليبية للبريد والاتصالات"، لكنْ، أوساط ليبية تلفت إلى أن أهم مرتكزات سيطرة تيار الإسلاميين في ليبيا، تكمن في التحكم بقرار أهم مؤسستين في البلاد وهما: البنك المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


دور المجتمع الدولي

ويخضع البنك المركزي لسيطرة المحافظ الحالي "الصديق الكبير" المُقال من منصبه منذ عام 2014، بقرار من مجلس النواب (شرق). وعلى الرغم من أن البرلمان قرر نقل المصرف المركزي إلى مقر جديد في البيضاء (شرق) وعيَّن محافظاً جديداً له، إلا أن المجتمع الدولي لم يعترف إلا بـ"الكبير" والمصرف المركزي في طرابلس.
وبسبب ارتباط "مؤسسة النفط" بالبنك المركزي، استرعى نشاط البنك اهتمام وسائل إعلام غربية عدة، فنشر موقع "أفريكا إنتيليجنس" Africa Intelligence تقريراً كشف عن صراعٍ حامٍ بين واشنطن التي تدفع بخطط توحيد البنك المركزي المنقسم بين الشرق الليبي وغربه، ودفاعاً مستميتاً من قبل حكومتَي تركيا وقطر إلى الإبقاء على "الصديق الكبير" في منصبه على الرغم من إقالته.
ويؤكد الموقع المعروف بقربه من دوائر استخبارات دول غربية، أن "الكبير" يتلقى دعماً من أنقرة والدوحة للبقاء في منصبه، موضحاً أنه "وبدعم من قطر وتركيا نجح في جعل نفسه رجلاً يُحسب حسابه، حيث أن المصرف هو مركز العصب المالي في البلاد"، مشيراً إلى أن الكبير "لديه ثلاث وظائف استراتيجية وهي استقبال وإعادة توزيع عائدات النفط من مؤسسة النفط والتحقق من صحة خطابات الاعتماد اللازمة للاستيراد وإدارة احتياطيات البلاد من العملات الأجنبية".
ومع تأكيد موقع موقع "أفريكا إنتيليجنس" أن نشاط "الكبير" أزعج أطرافاً دولية تعتبر أن توحيد البنك المركزي أحد أهم سبل حلحلة الأزمة الليبية، رجح الباحث السياسي عبد القادر امشالي "أن يكون الصمت الدولي حيال خطوة الحراك الشعبي لغلق المنشآت النفطية يرمي إلى الضغط على المتحكمين في مراكز القرار المالي في طرابلس للقبول بالمفاوضات التي يسعى المسار الاقتصادي إلى الوصول من خلالها إلى توحيد المؤسسات الاقتصادية في ليبيا".
ويُذكر أنه حتى بنود "اتفاق الصخيرات"، الموقع بين أطراف الصراع الليبي في ديسمبر (كانون الأول) 2015 في المغرب، ترجع تكليف شاغلي المناصب السيادية إلى اتفاق بين مجلسي النواب والدولة على ذلك.
إلا أن امشالي لفت إلى تخبط دولي في معالجة أزمة تنفّذ التيار الإسلامي في المشهد الليبي، متسائلاً "كيف يمكن بعثة الأمم المتحدة أن تمنح 13 مقعداً للمجلس الأعلى للدولة وهو الواجهة السياسية للإسلاميين في طرابلس في مقابل تقاسم مقاعد مجلس النواب بين نواب طرابلس الموالين للإسلاميين ومجلس النواب الرسمي في طبرق"، مشيراً إلى أنها "محاولة لإعادة التدوير وتمكين الإسلاميين مجدداً في المشهد المقبل".
ويرى امشالي أن "استمرار تنفذ قيادات التيار الإسلامي في المؤسسات الاقتصادية كان وراء تهديدهم بمقاطعة محادثات المسار الاقتصادي"، إلا أنه يرجح في الوقت ذاته أن "يغيّر إصرار الحراك الشعبي على إغلاق المنشآت النفطية، موازين عدة ويفقِد حكومة الوفاق وحلفاءها في طرابلس أهمية الأوراق التي تقوّي أوضاعهم التفاوضية في مسارات الحل التي ترعاها الأمم المتحدة حالياً".

المزيد من العالم العربي