Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كبح جماح المرأة السودانية بقانون الأحوال الشخصية

يميل الموضوع إلى كفة العادات والتقاليد التي تكبلها وتتعامل معها بأسلوب الوصاية

ارتفع صوت السودانيات منذ زمن بضرورة إلغاء قانون الأحوال الشخصية (غيتي)

تعاني المرأة السودانية من قانون الأحوال الشخصية، بخاصة في ما يتعلق بـ"النفقة وحضانة الأطفال وإذن السفر وسن الزواج القانونية". وتعتبر بعض السودانيات أن هذه المواد لا علاقة لها بالدين، بل الموضوع يميل إلى كفة العادات والتقاليد التي تكبل المرأة وتتعامل معها بأسلوب الوصاية.

معاناة مستمرة

وتسمح "المادة 24" لولي الأمر بفسخ عقد الزواج حتى لو كانت الزوجة بالغة وعاقلة متى ما أراد ولأسباب يقدرها هو، بينما تحدد "المادة 40" سن الزواج بعمر 10 سنوات، باعتباره مناسباً للتمييز. انتفضت الناشطات النسويات ضد هذا القرار بقوة، وصنّف من يدعو إلى زواج القاصرات أو يقوم بالزواج من قاصر بأنه مصاب بـ"البيدوفيليا"، وهي اغتصاب الأطفال أو التحرش بهم تحت ستار الزواج.

أما "المادة 75 في الفقرة د" فتمنع الزوجة من النفقة، إذا عارض زوجها عملها خارج المنزل، ومن أكثر المواد التي ساهمت في زعزعة الأسر وأدت إلى صدامات مستمرة بين المنفصلين "المادة 119"، حيث تمنع الفقرة (أ) الأم الحاضنة من السفر بأبنائها من دون أخذ إذن الأب، وغالباً ما يقابل هذا الطلب بالرفض، مما أدى الى ارتفاع صوت الأمهات بضرورة إلغاء هذه المادة بالذات لأنها أرهقتهن في التنقل مع أبنائهن.

مطالب

ارتفع صوت السودانيات منذ زمن بضرورة إلغاء قانون الأحوال الشخصية، وكُثّفت الجهود أخيراً من قبل الناشطات اللواتي أطلقن حملات مستمرة بخصوص هذا القانون لاعتقادهن أن ضحاياه في انتشار كبير، ومساهمته في تفكيك الأسر وعدم تقدير دور المرأة. وأطلقت مبادرة "كوني قوية" والهدف منها تغيير قانون الأحوال الشخصية لاعتقادهن بأن بعض الرجال يستغلون هذه المواد لقهر المرأة، مستشهدين بنساء وقعن ضحايا لهذا القانون حتى توفين كمداً، على حد قولهن.

في سياق متصل، يقول المحامي خالد عبد النبي لـ"اندبندنت عربية"، إن "المناداة بتعديل قانون الأحوال الشخصية ككل أو إلغاءه أمر خاطئ ما لم يتوافر البديل، الذي يكون قد عُرض على لجنة مُختّصة وتمت دراسته، الأب معروف أنه الولي الشرعي وهو من المتضررين أيضاً، ولكن يتم الميل إلى كفة النساء أكثر لمسائل متعلقة بالجندر. المحاكم التي تصدر الأحكام المتعلقة بالأحوال الشخصية تسمى محاكم الأسرة، أما ما يخص بيت الطاعة فهم الناس لها مغلوط، حيث لا يجبر القانون المرأة على الذهاب إلى بيت الطاعة، إنما يتم تخييرها بين النفقة أو الذهاب إليه، وفي حال عدم ذهابها تسقط عنها النفقة، ولكن لا تسقط عن الأبناء". ويضيف عبد النبي أن "مراعاة الوضع الاقتصادي مهم جداً في المسائل القانونية".

اختلاف الأديان

في المقابل، توضح الناشطة النسوية شاهيناز محمد أحمد، أنه "يجب إلغاء القانون فوراً، لأنه من المجحف تطبيق قانون مستند إلى الدين على نساء من مختلف الخلفيات الدينية، لأن المتضررات منه لسن مسلمات فقط، فهنالك المسيحيات وحتى غير المؤمنات. النساء ضحية هذا القانون، خصوصاً في ما يتعلق بمسألة النفقة، ومعاملة النساء كالسلع".

وفي استطلاع رأي أجرته "اندبندنت عربية"، أجمعت غالبية المشاركين على ضرورة تعديل القانون الذي أحدث شرخاً كبيراً في المجتمع السوداني، والذي يعتقد أن المسائل المتعلقة بقانون الأحوال الشخصية تمكث طويلاً في المحاكم من دون جدوى.

ويرى البعض أن المتضرر الأكبر هن النساء والأطفال، خصوصاً في ما يتعلق بسفر الأبناء مع والدتهن، حيث عانت المرأة في السنوات الماضية منذ سن القانون عام 1991، من ضغوطات أسرية ومجتمعية وقانونية تجعلها بين خيارين، إما المكوث مع أطفالها في بيت الطاعة، أو السفر من دون الأطفال وهذا خيار نادر التطبيق، ما أدى الى تعطيل حياة العديد من السيدات اللواتي فضّلن المكوث برفقة أبنائهن، بينما وقفت فئة بسيطة مع الرجل الذي اعتبروه ضحية لا لتضرره في مناحي كثيرة لا يتم النظر إليها بعين الاعتبار، بخاصة ما يتعلق بقضية النفقة، التي أحياناً يقوم فيها بدفع أكثر من نصف راتبه.

من جهة ثانية، ترى الأخصائية النفسية لينا أيمن في حديث لـ "اندبندنت عربية"، أن "الأثر النفسي الذي تعاني منه المرأة بسبب المشاكل والمحاكم التي تستمر سنوات طويلة والحرمان من الأطفال بالغ جداً، البعض وصل بهن الأمر إلى محاولة الانتحار وأخريات يعانين من الاكتئاب، والحزن المستمر على أوضاعهن قاد بعضهن إلى الوفاة المبكرة. إذا لم يتعامل المجتمع مع هذا الأمر بجدية أكبر فنحن معرضون للمزيد من ضحايا قانون الأحوال الشخصية على المستوى النفسي".

المزيد من تقارير