Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

محمدو ولد صلاحي من غوانتانامو إلى الكتابة… هل يُرشّح لنيل جائزة نوبل للآداب؟

على الرغم من تبرئته من قبل الأميركيين لايزال أشهر سجناء غوانتانامو ممنوعاً من السفر بعد 20 سنة من الملاحقة والاعتقال.

دعا كتاب ومثقفون موريتانيون إلى ترشيح ولد صلاحي لجائزة نوبل للآداب. (إندبندنت عربية)

دعا كتاب ومثقّفون موريتانيون بارزون السلطات في بلادهم، إلى العمل من أجل ترشيح سجين غوانتانامو الأشهر محمدو ولد صلاحي إلى نيل جائزة نوبل للآداب، تثميناً لجهوده في خدمة الأدب، عبر كتابه المميّز "يوميات غوانتانامو"، الذي يُعتبر على نطاق واسع أنه الكتاب الأول من نوعه، الذي يؤلَّف من داخل المعتقل.

واعتبر الروائي محمد ولد أمين، وهو وزير سابق للإعلام، أن الصفح والعفو اللذين أعلنهما ولد صلاحي عبر الكتاب عن كل من أهانه أو عذبه، يؤهله للترشح إلى جائزة نوبل للسلام أيضاً، وفق ما قال في الندوة الثقافية الشهرية التي ينظمها "مركز المحيط للدراسات".

وتعهدت رئيسة المركز مكفولة بنت آكاط بمناقشة هذه المسألة مع وزارة الثقافة الموريتانية، علماً أن التقدم إلى الجائزة يستوجب طلباً من الدولة المعنية أو تزكية ممَن حصل على الجائزة في السابق.

وصادرت وزارة الدفاع الأميركية كتاب "يوميات غوانتانامو" (Guantanamo Dairy) الذي ألّفه ولد صلاحي من داخل زنزانته الموحشة، فور انتهائه منه في أكتوبر (تشرين الأول) 2005، لتفرج عنه بعد 10 سنوات، إثر صراع طويل مع محامي ولد صلاحي، وبعدما حذفت منه حوالي 2600 مقطع. وعلى الرغم من ذلك، تُرجم الكتاب إلى أكثر من 30 لغة، واحتفت به دُور نشر عدة في كل أنحاء العالم.

القيمة الأدبية للكتاب

لم يكن الاحتفاء العالمي بكتاب "يوميات غوانتانامو" اعتباطياً كما يقول ولد أمين، الذي يصف القيمة الأدبية للكتاب ومؤلفه، بالقول إنه "ليس هناك مَن يستطيع مبارزته في جمال الوصف أو في جلال اللغة. فقمة الجمال تركن دوماً إلى البساطة والصدق، لا إلى الحشو والإسفاف".

وكان الصحافي محمد باب إشفغ كتب أن "الكتاب شكّل بأسلوب مؤلفه الأخّاذ وحسّه المرهف وعمقه الفكري، ملحمةً إنسانية ارتقت به إلى مصاف الأدب العالمي الراقي. كما ألقى الكتاب ببراعة ومرارة أضواءً كاشفة على تحكّم أجهزة الاستخبارات برقاب العباد في كل البلاد".

"عبد أفريقي"

وكتب ولد صلاحي في الصفحة 325 من كتابه "غالباً ما كنت أقارن نفسي بالعبيد. أُخذ العبيد بالقوة من أفريقيا، وكذلك أنا. بيع العبيد مرتين في الطريق إلى وجهتهم الأخيرة، وكذلك أنا. سُلم أمر العبيد إلى شخص لم يختاروه وكذلك أنا".

وعلّق الروائي ولد أمين أنه "لا يوجد في تاريخ العبودية الحافل بالتعذيب والمعاناة ما يشبه ما تعرض له ولد صلاحي. إذ ضُرب بقسوة ووضِع في الثلاجات وفي أقفاص القرود، وتعرّض لأصناف من التحرّش المدمّر".

برنامج التعذيب

لم يتوقّف برنامج التعذيب في معتقل غوانتانامو من العام 2003 إلى العام 2005، وفق ولد صلاحي. ويضيف "تبدأ أساليب التعذيب بالضرب المبرح والإيهام بالإغراق، ولا تنتهي بالحرمان من النوم والأكل... فكان الاعتراف الكاذب بالمشاركة والتحريض على الاعتداءات بالنسبة إليّ، الملاذ من التعذيب، الذي بدأ يتقلص تدريجياً مع نهاية عام 2009".

ويتابع ولد صلاحي "اعترافي بكل شيء، بعد أعوام من الإنكار، دفع المدعي العسكري ستيوارت كاوتش إلى الاستقالة، وهي الاستقالة الأولى في تاريخ المحاكمات العسكرية في أميركا، بعدما تأكد أنني اعترفت تحت تأثير تعذيب لا يُطاق".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

البراءة

يقول ولد صلاحي، إن التعذيب لم يتوقّف نهائياً إلا بعد العام 2010، حين حكم قاضٍ فيدرالي أميركي ببراءته، وأمر بالإفراج عنه، لكن البنتاغون (وزارة الدفاع الأميركية) استأنف الحكم لإبقائه سجيناً إلى أن أُفرج عنه في أكتوبر (تشرين الأول) 2016، وسُلِّم إلى بلاده.

من نواكشوط إلى غوانتانامو

ويروي ولد صلاحي بألمٍ وحسرة تفاصيل رحلة العذاب والمعاناة في رحلته من العاصمة الموريتانية نواكشوط إلى غوانتانامو، مروراً بالأردن وأفغانستان. ويقول إنه "في البداية رُحّلت إلى الأردن. كان ذلك يوم العيد الوطني لبلادي في 28 نوفمبر (تشرين الثاني) 2001، وأمضيت سبعة أشهر بين تحقيقات واستجوابات وتهديد وتعذيب. ثم نقلوني إلى سجن باغرام في أفغانستان في يونيو (حزيران) 2002. كانت الظروف صعبة للغاية، وأمضيت هناك خمسة أسابيع، ثم رحّلوني في أغسطس (آب) إلى معتقل غوانتانامو، فأصبحت الرقم 720".

هاتف بن لادن

بدأت رحلة مطاردة ولد صلاحي من قبل أجهزة الأمن إثر مكالمة هاتفية تلقاها في العام 1999 من الشيخ محفوظ ولد الوالد، المعروف بأبي حفص الموريتاني، الذي كان يوصف بأنه "مفتي القاعدة". يقول ولد صلاحي "كان ولد الوالد، وهو ابن عمي، يتحدث معي من الهاتف الخاص بأسامة بن لادن، وطلب مني إرسال مبلغ من المال إلى والده في موريتانيا. فكانت التحقيقات تدور حول هذه المكالمة، واعتبروا أن الذي كان يتحدث معي هو بن لادن ذاته، ثم اتهموني بالمشاركة في ما يُعرف بمخطّط الألفية. بعدها، انتقل التحقيق إلى تفجيرات 11 سبتمبر (أيلول) 2001، واتُهمت بالمشاركة في اختيار منفذيها".

ولا ينكر ولد صلاحي التحاقه مطلع التسعينيات بوحدات قتالية تابعة لـ "القاعدة" في أفغانستان، من دون أن يطلق أيّ رصاصة، مؤكداً أنه قطع كل علاقاته بالتنظيم اعتباراً من العام 1992.

 

20 سنة من دون جواز سفر

منح الكتاب شهرةً كبيرة لمؤلفه، وتعكف هوليوود حالياً على تصوير فيلم يوثّق سيرته ومعاناته، التي لا تزال متواصلة بسبب حرمانه من أوراقه المدنية. ويعتزم ولد صلاحي في وقت لاحق من هذا الأسبوع، تقديم دعوى قضائية ضد "وكالة الوثائق المؤمّنة الموريتانية" من أجل الحصول على جواز سفره، الذي سُلب منه قبل حوالي 20 سنة.

وكان سيدي محمد ولد محم، وزير الثقافة الناطق باسم الحكومة الموريتانية، قال إن السلطات مستعدة لمنحه جواز سفر شرط أن يتحمل مسؤولية ما قد يترتب على ذلك في المستقبل. وردّ ولد صلاحي أنه لا يخاف السفر، فهو لم يؤذِ أيّ بلد قط، مضيفاً أن أميركا ذاتها حكمت ببراءته.

ويُتوقع أن يحصل ولد صلاحي على أوراقه المدنية بتوصية أميركية، بعد أن يصبح أباً لطفل أميركي الشهر المقبل، ذلك أنه تزوّج، قبل سنتين، محامية أميركية.

السجين والسجان

وتمنى ولد صلاحي في مذكراته، أن يحتسي الشاي الموريتاني مع جلاّديه، في صحراء بلاده، حتى يتعلم بعضهم من الآخر في جلسة خالية من التعذيب. وكان له ما أراد، إذ زاره سجانه ضابط المارينز السابق ستيف وود مرتين خلال العام الماضي، واحتسيا الشاي معاً في فضاءات لا تحدها الجدران ولا الأسلاك الشائكة. وقال وود إنه قرر دخول الإسلام بسبب ما شاهده من تمسك ولد صلاحي بأخلاقه ودينه في أحلك الظروف.

المهندس والإمام

وُلِد ولد صلاحي في 21 يناير (كانون الثاني 1970، في جنوب موريتانيا. وحصل في العام 1988، على منحة للدراسة في ألمانيا، ونال شهادة الماجستير في هندسة المعلوماتية من جامعة "دويسبورغ". سافر بعدها إلى أفغانستان ثم عاد للعمل في ألمانيا، لكنه عانى بعد فترة من ملاحقة السلطات الأمنية له، فهاجر إلى كندا، حيث درس الهندسة الكهربائية وعمل مع بعض شركات الكمبيوتر، وتولّى إمامة "مسجد السنة" في مونتريال.

بعد اتهامه بالضلوع في ما يُعرف بـ"مخطط الألفية"، استُدرج إلى موريتانيا، حيث اعتُقل، ثم أُطلق سراحه من دون توجيه أي تهمةٍ إليه.

وعمل ولد صلاحي مهندسَ اتصالات في شركات محلية في موريتانيا بين العامين 2000 و2001، لكنه اعتُقل مجدداً بعد هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001، للاشتباه في علاقته بزعيم تنظيم "القاعدة" أسامة بن لادن. وسلمته بلاده على خلفية هذه الاتهامات، إلى الإدارة الأميركية في نهاية العام 2001.

المزيد من ثقافة