Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"سوق النحّاسين" بتونس... الجمال تحت وقع المطرقة

مهنة تطويع النحاس هي مهنة قديمة في المدن الشرقية تتوارثها العائلات جيلا بعد جيل

ليس ضجيجا ذلك الذي تسمعه في أسواق النحّاسين. ليس تقريعا فوق رؤوس الزوّار الشغوفين بالحرف الممتدة من عصور أجداد الأجداد إلى زمن أحفاد الأحفاد. فتلك الضربات التي توقعها يد الحرفي بمطرقته ومسمار النحت فوق وجه المعدن الأصفر، هي توقيعات موسيقية تتجوهر، وتتبلور، في ما سيصبح لاحقا أدوات للاستعمال اليومي، أو صياغات مدهشة لأفكار خرجت من كمونها لكي تداعب أعين الذوّاقة.

تخرج بهذه الانطباعات عندما تزور سوق النحّاسين في تونس العاصمة، المدينة التي جاءت ثمرة شوق فينيقي انطلق من شواطئ صور اللبنانية وحل عند ساحل قرطاج، ومنها ولدت "تانيت" أو "ترشيش"، التي سيتولى اليونانيان ديودورس وبوليبيوس، وصفها جغرافيا، قبل أن يتولى ابن خلدون تأصيل حضورها الثقافي والعمراني كحاضرة فيّاضة بالمعرفة في شمال إفريقيا.

يقع سوق النحاس، وسمّى أيضا "سوق النحّاسين" في قلب المدينة العتيقة بين سوق القرانة ونهج القصبة في العاصمة التونسية، ويختصّ في بيع وتركيب الأواني النحاسية التي تستعمل في الطبخ أو للتزويق والزينة.

ويحتوي هذا السوق، على حوالي 50 محلاّ، ينقسم كل واحد منها إلى قسم أمامي، وفيه تعرض المنتجات، وقسم خارجي تتم فيه عملية التصنيع تحت أنظار المارّة.

ومهنة تطويع النحاس وتشكيله، هي مهنة قديمة في المدن الشرقية عموما، وتتوارثها في العادة العائلات من جيل إلى جيل، وكانت المقتنيات النحاسية علامة دالة على المستوى الاجتماعي للأسر.

في سوق النحّاسين بتونس، ستلتقي بطيف واسع من أبناء المهنة: الحرفيون والتجار، فضلا عن "الزبائن" الذين يأتون للتبضع من أنحاء البلاد، والسواح الذين تأخذهم "صناعة الجمال" على هذا النحو، فضلا عن المتسكعين الذين يستقطبهم كل سوق فيمارسون هوايتهم الفرجوية في المكان الذي تتحول فيه الفرجة إلى متعة حقيقية.

في سوق النحّاسين هذا، ستشاهد كيف يكتسب المعدن الأصفر الصلد روحا حقيقية تحت الأيدي الماهرة، وكيف يتجوهر الجمال تحت ضربات المطرقة والمسمار...

في هذه الجولة بسوق النحاسين في تونس العاصمة، سترصد كاميرا "اندبندنت عربية" كل هذه المعاني... 

المزيد من ثقافة