Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حكومة الفخفاخ "تصارع" عجز الميزانية التونسية

هل ستعود مجددا إلى صندوق النقد الدولي وتقدر على تلبية احتياجات المواطنين؟

أدّت حكومة إلياس الفخفاخ، أمس الخميس، في تونس اليمين الدستورية أمام رئيس الجمهورية قيس سعيد، وتنتظرها جملة من التحديات الكبرى، أبرزها تعبئة الموارد المالية الضرورية لميزانية الدولة للسنة الحالية 2020.

فكيف ستعمل الحكومة الجديدة على تعبئة الموارد المالية، وهل ستعود مجدداً إلى صندوق النقد الدولي، وهل ستقدر على تلبية احتياجات التونسيين ومطالبهم في التنمية والتشغيل  والعيش الكريم؟

العدالة الاجتماعية

تضمّنت الوثيقة التعاقدية التي أمضاها الحزام السياسي الداعم لحكومة إلياس الفخفاخ العديد من النقاط الأمنية والاقتصادية والاجتماعية، حيث أكدت العمل على الاستجابة لمطالب الشعب التونسي في العدالة الاجتماعية، إلى جانب تعزيز دور الدولة التنموي، بخاصّة في الجهات الداخلية الأقل حظاً.

 ويرى مراقبون أن أي حكومة في تونس اليوم، ومهما كان لونها السياسي، لا يمكنها الاستجابة فعلياً للمطالب الاجتماعية في ظل ضعف دور الدولة التعديلي للسّوق، وفي إنصاف المستهلك وحمايته من تغوّل المجموعات النافذة (اللوبيات) المتحكّمة في مفاصل الاقتصاد، وفي ظل غلاء الأسعار وتدنّي القدرة الشرائية للمواطن.

فكيف يمكن لحكومة الفخفاخ بحزام سياسي رخو قوامه 129 صوتاً مقابل 77 في المعارضة، إلى جانب تناقضاتها الداخلية لأنها تجمع شخصيات من مشارب سياسية مختلفة، أن تحقّق مكاسب اجتماعية في وضع متردٍّ للمالية العمومية وتضخّم المديونية وتراجع نسق الإنتاج؟

 3 مليارات دولار للميزانية الحالية

"اندبندنت عربية" التقت أستاذ الاقتصاد في الجامعة التونسية، رضا الشكندالي، وسألته عن مصادر تمويل الميزانية الممكنة والمتاحة أمام رئيس الحكومة الجديد، فأكد وجود ظروف عالمية مستجَدّة قد تساعد تونس على تعبئة الموارد المالية اللازمة لتمويل الميزانية، مشيراً إلى أن البلاد تحتاج في عام 2020 نحو 3 مليارات دولار.

وأضاف أنه كان من المفروض أن يأتي نصف هذا المبلغ من صندوق النقد الدولي في إطار القسط السادس والسابع، إلا أنّ تأخر تشكيل الحكومة جعل الصندوق يقرّر تعليق هذين القسطين من القرض في انتظار تشكيل الحكومة.

ظروف ملائمة لتونس

وشدّد الشكندالي على أن النقطة الإيجابية في هذا الظرف بالذات، تراجع أسعار المحروقات بسبب انتشار فيروس "كورونا"، وتراجع الطلب العالمي على الطاقة، وصندوق النقد الدولي عادة ما يطالب تونس بالزيادة في سعر بيع المحروقات للمستهلك من أجل الضغط على صندوق الدعم وتقليص نفقات الدولة الاجتماعية.

انخفاض أسعار النفط في السوق العالمية أقل بكثير مما وضع في ميزانية الدولة، وسيساعد تونس على التّخفيف من العجز المالي في الميزانية، إضافة إلى بدء استغلال حقل "نوارة" لإنتاج الغاز (حقل جديد للغاز في قابس)، الذي سيخفض من عجز الطاقة في حدود 30 في المئة، مما سيساعد في دعم ميزانية الدولة.

وحول إمكانية عودة تونس إلى صندوق النقد الدولي، أكد الشكندالي أن البلاد قد تدخل في مفاوضات جديدة بأريحية، بالنظر إلى أسعار النفط العالمية الحالية، وتحسن ترتيب تونس السيادي بحسب وكالة "موديز"، حيث تحسّن الترتيب من سلبي إلى مستقر، مما سيساعدها على تعبئة الموارد المالية من الجهات الممولة في الخارج، مشيراً إلى إمكانية إبرام اتفاقية جديدة مع صندوق النقد الدولي، لأن الاتفاقية الحالية تنتهي في أبريل (نيسان) المقبل.

الخيار الثاني في الميزانية التكميلية

في المقابل، وفي حال تمسك صندوق النقد بمطالبه ذات التكلفة الاجتماعية الكبيرة، وبما أن الحكومة أعلنت طابعاً اجتماعياً لبرنامجها، فإنها مطالبة في غضون هذا الشهر بإعداد ميزانية تكميلية لتغيير مصادر تعبئة الموارد من الخارجية إلى الداخلية، واستنباط حلول تجعل من الموارد الذاتية تكفي على الأقل في المرحلة الحالية، وتقلّص من حجم الميزانية نحو التقشف في بعض النفقات غير الضرورية والتي ستنأى بتونس عن الشروط المجحفة والمكلفة اجتماعياً التي يفرضها صندوق النقد الدّولي على تونس.

وأبرز الشكندالي أن قطاع الاقتصاد الموازي يمكن أن يوفر موارد إضافية لميزانية الدولة عبر إدخال هذا القطاع في الدّورة الاقتصادية، لأنه يمثل نحو 50 في المئة من رقم معاملات الاقتصاد الوطني، إضافة إلى إمكانية إجراء عفو على جرائم الصرف باستثناء المتورطين في تبييض الأموال.

مطالب اجتماعية مؤجّلة

في سياق متصل، حول المطالب الاجتماعية أكد أستاذ الاقتصاد أن الشعب التونسي نفد صبره من الانتظار وسيعاقب المنظومة السياسية برمّتها في حال عدم نجاحها في الاستجابة لمطالبه في تحسين أوضاعه الاجتماعية، لذلك أفرزت الانتخابات الأخيرة مشهداً سياسياً مغايراً للمألوف، تراجعت بمقتضاه الأحزاب الكلاسيكية.

وبالنسبة إلى خطاب إلياس الفخفاخ أمام مجلس النواب لنيل ثقة الحكومة، أوضح رضا الشكندالي أن رئيس الحكومة لم يتوغّل في تقديم التفاصيل حول برنامجه، واكتفى بالخطوط العريضة والعموميات، في انتظار أن يطلع جيداً على حقيقة الأوضاع الاقتصادية، ومن ثم يقدّم تشخيصاً وحلولاً ممكنة في الفترة المقبلة.

وشدّد على ضرورة توفر الشجاعة في رئيس الحكومة من أجل تفكيك "اللوبيات" المتحكمة في منظومة الإنتاج، والتي أثّرت سلباً على المواطن في الداخل وعلى صورة تونس في الخارج، وأيضا مصارحة التونسيين بحقيقة الوضع خلال التسعة أشهر الأولى تفادياً للاحتقان الاجتماعي والصدام مع المنظمة العمالية (الاتحاد العام التونسي للشغل).

المزيد من العالم العربي