Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

انسداد المسار السياسي يشعل جبهات العاصمة الليبية

مطالبات محلية بالعودة إلى التحاور في الداخل بعد فشل جولات الحوار في الخارج

أطفال ليبيون يحتفلون بذكرى سقوط نظام معمر القذافي في طرابلس يوم الثلاثاء 25 فبراير الحالي (أ. ف. ب.)

ترافق انسداد الأفق السياسي إثر تعليق الحوار بين الأفرقاء الليبيين الذي ترعاه الأمم المتحدة في جنيف، والذي كان يُفترض أن ينطلق اليوم الأربعاء 26 فبراير (شباط) الحالي، مع عودة التصعيد العسكري إلى جبهات القتال في العاصمة طرابلس وخرق الهدنة المتفق عليها، ما عزّز الآراء التي تربط تعثّر مسار أحد مسارات الحوار الثلاثة بتهاوي كامل فرص الحل السلمي للأزمة. وفي أبرز التطورات الميدانية، أعلن الجيش الوطني الليبي اليوم الأربعاء اسقاط طائرة تركية مسيرة ثانية في محيط منطقة سوق الخميس جنوب العاصمة، وذلك بعد إعلان شعبة الإعلام الحربي التابعة للقيادة العامة للجيش الوطني، عن تمكن الدفاع الجوي التابع لها من إسقاط طائرة تركية مسيّرة من طراز "بيرقدار" في محور جنوب طرابلس أيضاً.

وتشير هذه التطورات أيضاً إلى صعوبة مهمة الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا غسان سلامة وفريقه وتعقّد فرص نجاح خريطته السياسية التي وضعها للخروج من الأزمة، وتثير مخاوف كبيرة من وصولها إلى نفق مسدود.


العودة إلى السلاح
في ظل إعلان طرفَيْ الحوار السياسي، تعليق مشاركتهما في حوارات جنيف المجدولة اليوم الأربعاء، بدأت انعكاسات هذا التعثّر تظهر على المسار الأمني عبر عودة أذرعهما العسكرية إلى السلاح والاشتباك المتقطع في محاور العاصمة.
وتدهور الوضع حين أعلن الناطق باسم القيادة العامة للجيش الوطني الليبي أحمد المسماري، في بيان الثلاثاء أن "الميليشيات الإرهابية المعزّزة بعناصر الجيش التركي اخترقت الهدنة"، مضيفاً في منشور على موقعه الرسمي، أن "الميليشيات استهدفت الأحياء المدنية جنوب العاصمة طرابلس بالمدفعية الثقيلة". وأشار إلى "التزام القوات المسلحة بالهدنة وعدم ردّها على مصادر النيران المعروفة لديها".
وردّت عملية "بركان الغضب" التابعة لحكومة الوفاق في طرابلس من جهتها، بالقول إن "الجيش الليبي مستمر في خرق وقف إطلاق النار"، لافتةً إلى "تعرض عدد من أحياء العاصمة طرابلس إلى قصف بالمدفعية وصواريخ الغراد". وأضافت أن "أكثر من 5 قذائف سقطت على أحياء سكنية في منطقة السبعة، بعضها على منازل المواطنين في منطقة صلاح الدين خلّفت أضراراً مادية وحالة من الهلع بين السكان".
ولفتت في الوقت ذاته إلى "سقوط قذائف على منطقة النصب التذكاري في عين زارة".
 

إسقاط طائرة مسيرة تركية

تبع ذلك إعلان شعبة الإعلام الحربي التابعة للقيادة العامة للجيش الوطني الليبي، عن تمكن الدفاع الجوي التابع لها من إسقاط طائرة تركية مسيّرة من طراز "بيرقدار" في محور جنوب طرابلس، بعد إقلاعها من مطار معيتيقة، قبل أن تنشر مواقع إخبارية تابعة للجيش مقاطع مصورة للطائرة التي أُسقطت.
سارعت بعدها غرفة عمليات الجيش في المنطقة الغربية إلى إصدار بيان اعتبرت فيه هذه الخروقات "من الأعمال العدائية التركية وتشكّل خرقاً للهدنة المعلنة في المنطقة"، مؤكدةً "جاهزية وحدات الجيش الوطني للتعامل مع أي تهديد يعرّض أمن وسلامة العاصمة وقواتها للخطر"، قبل أن يعود المسماري في إيجاز صحافي صبيحة الأربعاء ليعلن "تعرّض مناطق عين زارة وقصر بن غشير جنوب طرابلس، إلى قصف عنيف بالأسلحة الثقيلة من قبل قوات الوفاق".
 

"الوفاق" تكذّب سلامة
وفي أول نفي رسمي من أطراف حوار 5+5 الخاص بالمسار العسكري الذي اختُتم الاثنين الماضي في جنيف، لما صرّحت به بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا حول إحراز تقدم على هذا المسار، نفى رئيس وفد "الوفاق" في المحادثات اللواء أحمد أبو شحمة في تصريح تلفزيوني، "الاتفاق على أي مسودة أو التوقيع على أي اتفاق في جنيف"، مشدّداً على أنّ "الملاحظات التي قدموها للبعثة في ختام الجولة الثانية من المحادثات، إمّا أن تُقبل حزمةً واحدة أو تُرفض كلياً".
وكشف أبو شحمة عن أهم هذه المطالب، مؤكداً أنهم "لم يتنازلوا عن مطلب رجوع قوات حفتر إلى مواقعها، قبل أبريل (نيسان) من العام الماضي".
وأعلنت بعثة الأمم المتحدة الاثنين، توصلها، برفقة اللجنة العسكرية 5+5 المكوّنة من ممثلي "الوفاق" والجيش الوطني، إلى "مسودة اتفاق لوقف النار وعودة آمنة للمدنيين، مع وجود آلية مراقبة مشتركة بين البعثة واللجنة"، مشيرةً إلى أن "ممثلي الطرفين سيعرضون المسودة على قيادتهم لمزيد من التشاور، على أن يعودوا إلى جنيف مجدداً في مارس (آذار) المقبل لاستئناف المفاوضات".
ويرى الباحث السياسي الليبي ناصف محمود أن "المسار التفاوضي الذي تقوده بعثة الأمم المتحدة في ليبيا بات مضيعة للوقت بلا نتائج ملموسة"، متّهماً البعثة بأنها "تسعى إلى إدارة الأزمة وليس حلّها". ويعتبر أن "خريطة الطريق التي وضعها ويشرف عليها غسان سلامة تسعى إلى إنتاج صخيرات جديدة تعيدنا إلى نقطة الصفر، مع بقاء الخلاف ذاته والجدل حول الشرعية السياسية والعسكرية لأطراف النزاع".
 ويربط الكاتب الليبي أحمد المهدي من جانبه، تحقيق تقدم في المفاوضات بوقف الاستفزازات التركية المتواصلة من خلال التدخل في الأزمة الليبية، قائلاً "لا توجد دولة في العالم تقبل بقوات أجنبية على أرضها، تحت أي مبرر"، ومستغرباً أن "يتفاءل سلامة بنجاح مساره التفاوضي، بينما يعلن (الرئيس التركي رجب طيب) أردوغان صراحة استمراره بإرسال جنود أتراك ومرتزقة إلى ليبيا، وينعى بعضهم ممَّن قُتل خلال المعارك ويصفهم بالشهداء".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


تعثر المسار السياسي

في الشق السياسي، كما كان متوقعاً وبشكل رسمي، أعلن المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب عبدالله بليحق، في مؤتمر صحافي، "وصول ممثلي المجلس في لجنة الحوار السياسي إلى مطار بنغازي، آتين من جنيف".
جاء ذلك عقب تأكيد النائب الثاني لرئيس مجلس النواب، رئيس لجنة الحوار أحميد حومة "تعليق مشاركة البرلمان في حوار جنيف، إلى حين رد بعثة الأمم المتحدة رسمياً على تساؤلاته، وضمان مشاركة جميع أعضاء لجنة الحوار الممثلة لمجلس النواب وتقديم جدول أعمال وأجندة اجتماعات جنيف".
ويضم المسار السياسي للحوار الليبي 13 ممثلاً عن مجلس النواب و13 ممثلاً عن "مجلس الدولة الاستشاري" الذي علّق أيضاً مشاركته، إلى جانب شخصيات أخرى تلقت دعوة إلى المشاركة من غسان سلامة.

 

تعدي على السيادة

في السياق ذاته، استنكر أعضاء مجلس النواب عن الدائرة السادسة، ما تقوم به بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا من "إقصاء وعدم قبول اللجنة المنتخبة من مجلس النواب للمشاركة في مباحثات جنيف".
واعتبروا في بيان تدخل البعثة في اختيار الأعضاء المشاركين في المحادثات السياسية، "مخالفَةً للإعلان الدستوري والقوانين المعمول بها في ليبيا، واعتداءً صارخاً على إرادة مجلس النواب التي تمثل السيادة الوطنية الليبية".
في المقابل، قال رئيس مجلس الدولة الاستشاري خالد المشري إن "قرار تعليق المشاركة في حوار جنيف جاء بإجماع الأعضاء، ولا يوجد أي خلاف أو انشقاق بشأنه داخل المجلس".
وطالب "بتأجيل الحوار السياسي إلى ما بعد الجلسة الثالثة من حوار اللجنة العسكرية 5+5 في جنيف"، مشترطاً "تحقيق تقدم في الجولة المقبلة من الحوار العسكري". وأضاف في تصريح تلفزيوني أنّ "عدداً من السفارات الأجنبية طالبهم بالتراجع عن قرار التعليق بحجة أنهم قد يُصنَّفون طرفاً معرقلاً أو يُحتم استبعادهم سياسياً"، مؤكداً أنهم لن يتراجعوا عن هذا القرار ما لم يحصل تقدم في المسار العسكري.
ورأى الباحث الليبي علام الفلاح أن "هذا التخبط في مشروع الحلحلة الذي ترعاه بعثة الأمم المتحدة يؤكد أن "حلّ الأزمة يجب أن يكون ليبياً صرفاً، ويكون بالعودة إلى المفاوضات الداخلية بقيادة عقلاء البلد من النخب وشيوخ القبائل وفي مدينة ليبية، لأنهم أقرب لتفهم الأزمة وأسبابها وأكثر قبولاً من الجميع". وأضاف الفلاح أن "كل المبادرات الخارجية لا تخلو من الاتهامات بالنوايا المشبوهة والمغرضة، بما فيها تلك التي تقودها الأمم المتحدة، وكلها فشلت وزادت التعقيد، فلماذا لا يكون الحل ليبيّاً وبقيادة ليبيّين طالما الأزمة ليبية وأطرافها أبناء بلد واحد؟".

المزيد من العالم العربي