Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

دور البرلمان في ديمقراطيتنا يتراجع، وهذا ليس صدفة

لقد بدأ مركز السلطة يتغيّر كما يظهر في حالات عدة، من الهجمات على شبكة "بي بي سي" والخدمة المدنية والخزانة إلى الفشل في تمرير إصلاحات قوانين الهجرة في البرلمان

"الدوس على جميع المؤسسات الديمقراطية تقريبا ليس بالتأكيد مسألة إهمال، إنه عمل متعمد، ويجب أن نشعر جميعنا بالقلق" (رويترز)

تعتبر الضوابط والتوازنات الهيكل الأساسي لجسدنا السياسي. إن الفكرة البسيطة - والقوية مع ذلك - المتمثلة في ضرورة عدم تركيز السلطة في يد شخص واحد أو مؤسسة واحدة هي التي تحافظ على تماسك ديمقراطيتنا إلى حد كبير- ولن تلاحظ حقاً فشلها في العمل بشكل جيد إلا بعد فوات الأوان.

لذلك فإنه، وبعد 250 عاماً، يجب أن نتذكر أكثر من أي وقت مضى النداء القوي الذي أطلقه جيمس ماديسون (أحد مهندسي دستور الولايات المتحدة) عندما قال "إن تراكم جميع السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية في الأيدي نفسها، سواءً كانت لشخص واحد أو لعدد قليل أو كبير، وسواءً كان وراثياً أم مُعيّناً ذاتياً أو منتخباً، يمكن تعريفه على نحو عادل على أنه الاستبداد بعينه."

وبينما تقضي الحكمة المتعارف عليها حالياً أن وطن ماديسون، في ظل دونالد ترمب، يكافح للحفاظ على الضوابط والتوازنات الخاصة به، يجب أن ننظر أقرب إلى بيوتنا. لأنه تحت رعاية أغلبيته البرلمانية الأكبر منذ 40 عاماً، يقوم حزب المحافظين حالياً بتفكيك أي شكل من أشكال المعارضة - حقيقية أو متصورة -  تعترض طريقهم.

لقد اشتهر حزب المحافظين تحت قيادة جونسون بالفعل بسبب ازدرائه لهيئة الإذاعة البريطانية ولقضاتنا المستقلين بسبب ارتكابهما خطأ فادحاً يتمثل في القيام بأشياء تخالف رغبة الحكومة. وسواء تعلق الأمر بإصدار القضاة أحكاماً ضد التعليق غير القانوني لأشغال البرلمان، أو بقيام هيئة الإذاعة البريطانية بـ "تغطية شاملة"  لصبي يبلغ من العمر أربع سنوات يشتبه في إصابته بالتهاب رئوي وهو نائم على أرضية أحد المستشفيات، فقد اعترضوا طريق دومينيك كامينغز وشركائه.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الآن هناك خطط للحد من صلاحيات المحاكم من قبل مدعي عام عدائي تم تعيينه حديثًا، وإلغاء رسوم ترخيص هيئة الإذاعة البريطانية.

من جهة أخرى يتم تجاهل موظفي الخدمة المدنية، الذين يُعتبرون منذ فترة طويلة جزءاً من المؤسسة الليبرالية، أو تهديدهم بالإصلاحات ما لم يرضخوا لإرادة الحكومة أو لإرادة مستشار حكومي غير منتخب. ويجادل اللورد كيرسليك، الرئيس السابق للخدمة المدنية، بأنه "إذا كان كامينغز الآن وزيراً بحكم الأمر الواقع على هذه القضايا، فينبغي أن يكون من الممكن استدعاؤه للمساءلة من قبل البرلمان."

لكننا لم نعد في عام 2019، وأي تلميح لانعكاس في مسار التراجع الطويل لدور البرلمان قد انتهى بالفعل. إن الحكومة لا تعتبر حتى إصلاحات الهجرة مهمة بما يكفي لإدارتها من قبل الهيئة التشريعية، حيث أعلنت عن خططها هذا الأسبوع دون أن تنوي تقديم أي مشروع قانون بشأن الهجرة خلال أسابيع، إن لم يكن خلال أشهر.

حتى داخل الحكومة، عادة ما تكون هناك مراكز قوة مختلفة ومتضاربة. وتميل علاقة رئاسة الوزراء مع وزارة الخزانة إلى وقف المشاريع التي تقع في الجانب الخطأ لرئيس الوزراء، لكن ساجد جاويد طُلب منه السماح لرئيس الوزراء بإدارة مكتبه، ودفع ثمن رفضه. وبعد أن حل محله، قبل ريشني سوناك بفريق استشاري مشترك مع مكتب رئيس الوزراء، لأول مرة في التاريخ، باعتبار ذلك ثمناً لترقيته إلى وزير الخزانة. كان مجلس الوزراء يحاسب رؤساء الوزراء؛ وكانت هذه الحكومة تحاسب رؤساء الوزراء؛ لكن هذه الفرقة هي فرقة جونسون المساندة، في هتاف على شكل سؤال وجواب.

إذا كنت تعتقد أن كل هذا في الأساس لا علاقة له بالمحافظين فقد تكون على حق. لقد تحول الحزب الذي طالما افتخر بالتغير التدريجي والحلول العملية إلى شيء مختلف تماماً. لا يوجد إطار أيديولوجي يمكن الارتباط به هنا، طالما أن بوريس جونسون لديه أيديولوجية تبدو كلها تتمحور حول تعزيز شخصيته. أما مستشاره الأقوى دومينيك كامينغز فهو مثل هيث ليدجر في شخصية الجوكر يريد مشاهدة العالم يحترق.

لكن بطبيعة الحال، لا تعمل أي تقرير عن هذا، لأنك قد تُصنف ضمن الوسيلة الإخبارية الخطأ، وتُمنع عن حضور الإفادات الرسمية للحكومة نتيجةً لذلك.

يحدث كل هذا في سياق المعارضة الرسمية التابعة لجلالة الملكة (أي حزب العمال، إذا كنت بحاجة فعلياً للتذكير) التي غرقت في أسبوعها العاشر من سباق القيادة الذي يهدد بالاستمرار إلى الأبد. في مسلسل "الحب أعمى" التقى العشاق وتزوجوا ثم طلقوا في الوقت الذي استغرقته عملية الترشيحات لقيادة حزب العمال. إذا كنا نبحث عن شخص ما لمساءلة الحكومة، فسوف يتعين علينا الانتظار لفترة أطول قليلاً إذا كانوا يرتدون الزي الأحمر.

في جميع أنحاء العالم، يدهس من يدعون أنفسهم رجالاً أقوياء على المعايير القانونية والديمقراطية في الديمقراطيات من جميع الأشكال والأحجام. وبدلاً من مقت رجال مثل ترمب وأردوغان ومودي وبوتين وأوربان ووجونسون - غالباً ما يدعمهم ناخبوهم، أو يعتقدون أن ميولهم الاستبدادية هي وسيلة مبررة لتحقيق غاية معينة.

وفي الواقع، هناك انخفاض ملحوظ في دعم المبادئ الديمقراطية الليبرالية حتى بين الناس من أبناء جيلي في المملكة المتحدة. وفي نسق تصاعدي، أظهر مركز فكري محافظ ومعتدل بارز، في تقرير العام الماضي أن 66 في المائة من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و34 عاماً يفضلون "الزعماء الأقوياء الذين لا يكترثون للبرلمان،" ويعتقد 26 في المائة أن الديمقراطية طريقة سيئة لإدارة البلاد.

قد يُعتبر تقويض مؤسسة ديمقراطية واحدة مسألة سوء حظ. لكن الدوس على جميع المؤسسات الديمقراطية تقريبا ليس بالتأكيد مسألة إهمال. إنه عمل متعمد، ويجب أن نشعر جميعنا بالقلق.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من آراء