Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

توتر بين الجيش الليبي وتركيا على أبواب طرابلس

وفد البرلمان يعلق مشاركته في حوار جنيف بعد هجوم شنه السراج على حفتر أمام مجلس حقوق الإنسان

فايز السراج يعاين الأضرار التي لحقت بمرفأ طرابلس بعد صاروخ أطلقته قوات حفتر (غيتي)

مع كل تطور جديد تشهده الأزمة الليبية في الأسابيع الأخيرة، يضيق أكثر فأكثر أفق الحلول السلمية، وتتعالى الأصوات المرجحة والمحذرة من صدام عسكري يبدو أقرب من أي وقت مضى، بين الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر والقوات الموالية لتركيا في طرابلس، خصوصاً مع تصاعد حدة التصريحات بين الطرفين، فما أن يصدر تصريح من أنقرة حتى يجد الرد من بنغازي والعكس صحيح.
 

تخبط المسار التفاوضي

على الرغم من ماراثون التفاوض الذي يقوده غسان سلامة بين الطرفين الذي انطلق بالمسارين العسكري والاقتصادي، فإن الآمال تبقى ضئيلة حول نجاح قريب أو بعيد في هذا المسار، الذي يتفق الجميع على أن نجاحه التفاوضي برمته، مرهون بما يفضي إليه من نتائج.

وأعلنت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، انتهاء جولة الجديدة من محادثات اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 مساء أمس الأحد، من دون التوصل إلى اتفاق نهائي حول وقف دائم لإطلاق النار.

وأوضحت البعثة في بيان لها اليوم الاثنين 24 فبراير (شباط) أن "الطرفين اتفقا على عرض مسودة الاتفاق على قيادتيهما لمزيد من التشاور"، على أن "يلتقيا مجدداً  الشهر المقبل في جنيف لاستئناف المباحثات واستكمال إعداد اختصاصات ومهام اللجان الفرعية اللازمة لتنفيذ الاتفاق المنشود".

وأضافت البعثة أنه "خلال هذه الجولة، عملت البعثة مع الطرفين على إعداد مسودة اتفاق لوقف دائم لإطلاق النار وتسهيل العودة الآمنة للمدنيين الى مناطقهم مع وجود آلية مراقبة مشتركة تقودها وتشرف عليها كل من بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا واللجنة العسكرية المشتركة 5+5".

وجددت البعثة دعوتها الالتزام الكامل بالهدنة الحالية وضرورة حماية المدنيين وممتلكاتهم والمنشآت الحيوية.
 


شرق ليبيا

في المقابل، أفاد بيان اليوم الاثنين بأن أعضاء البرلمان في شرق ليبيا الخاضع لسيطرة قائد "الجيش الوطني" المشير خليفة حفتر سيعلّقون مشاركتهم في محادثات السلام السياسية مع نظرائهم المتحالفين مع الحكومة المعترف بها دولياً. وكانت الأمم المتحدة تخطّط لاجتماع يضم مشرعين من الجانبين في جنيف يوم الأربعاء (26 فبراير) لإنهاء الحرب الدائرة من أجل السيطرة على العاصمة الليبية طرابلس.


السراج يهاجم حفتر

وكان رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج اعتبر أن انتهاكات حقوق الإنسان أدت إلى تفاقم الوضع الإنساني في ليبيا بسبب ما وصفه بـ"العدوان" الذي يشنه حفتر على العاصمة منذ أبريل (نيسان) الماضي.

وشدّد السراج في كلمته أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، على "ضرورة محاسبة من يقصفون المدارس والمستشفيات والمطارات المدنية والأطقم الطبية وملاحقتهم قانونياً".

وأضاف أن "الأعمال الهجومية الأخيرة على مطار معيتيقة وميناء طرابلس تسببت في مقتل وجرح العشرات من دون موقف واضح من المجتمع الدولي".

ولم يصدر حتى الساعة رد من القيادة العامة للجيش الوطني الليبي، على الاتهامات التي جاءت في خطاب فايز السراج، أمام مجلس حقوق الإنسان.
 



تجاوزات أنقرة تعقد المشهد

ويرى مراقبون أنّ تجاوزات تركيا في ليبيا واستفزازات رئيسها المتواصلة باعترافه بمواصلة إرسال الجنود والسلاح إلى حليفه السراج، رئيس حكومة الوفاق، مخالفاً كل العهود التي قطعها على نفسه في برلين الشهر الماضي، لجهة الالتزام بالهدنة وإيقاف إمداداته للعاصمة الليبية، تلعب دوراً كبيراً في قرع طبول حرب جديدة في البلاد.

وعبّر الرئيس التركي خلال تصريح في إزمير عن عدم وجود نية لديه للتراجع عن التدخل في ليبيا، قائلاً إن "النتائج على بلاده ستكون كارثية إذا قام بذلك".

واعتبر ذلك رداً على تصريحات صحافية أطلقها حفتر نهاية الأسبوع الماضي، أكد فيها أنّ "شرطه الأساسي لمواصلة التفاوض والالتزام بوقف إطلاق النار، مرتبط بسحب تركيا لمرتزقتها من ليبيا ووقف إرسال السلاح إلى طرابلس ومصراتة".

وهذا ما أكده المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي  أحمد المسماري في تصريح جديد، يؤيد التكهنات باحتمال نشوب المواجهة مع تركيا في أي وقت.

وقال إن "باخرة تركية ترفع علم دولة أخرى وصلت أمس الأحد إلى مصراتة"، مضيفاً أن "الجيش سيكون رده قاسياً على استمرار إرسال تركيا الأسلحة إلى الميليشيات".

وأشار المسماري إلى أن "هذا الدعم، يتم بشكل علني أمام المجتمع الدولي، ويُعدُّ اختراقاً للهدنة المعلنة في المنطقة"، موضحاً أن "قواتنا لم تردّ حتى الساعة وهي تتابع وتقيّم الموقف والتطورات على مدار الساعة".

من جانبه، قال مدير إدارة الدعم المعنوي في الجيش خالد المحجوب لـ"اندبندنت عربية "إن "الجيش ملتزم بتعهداته حتى الآن أمام المجتمع الدولي، لكن الطرف الآخر يصرّ على انتهاك الهدنة"، مبيّناً "أنه يحتفظ بحق الرد على هذه التجاوزات، وجاهز لكل السيناريوهات المحتملة على رأسها مواجهة من يرسل المرتزقة والسلاح إلى ليبيا".


ضغط على الوفاق

ويستند مراقبون إلى معطيات أخرى تدفع باتجاه ترجيح العودة إلى الحل العسكري لحسم الموقف في ليبيا، من أبرزها الضغوط الكبيرة التي تُمارس على حكومة الوفاق من قبل جهات مقربة منها، لنفض يدها من الحوار والاحتكام إلى السلاح لمواجهة الجيش الوطني الليبي، خصوصاً بعد تدعيم صفوفها بالسلاح والمقاتلين الذين أحضرتهم تركيا في فترة الهدنة الحالية.

 في المقابل، تنتمي غالبية هذه الأصوات الضاغطة على فايز السراج والمنادية باستمرار المعارك من جديد،  إلى تيارات الإسلام السياسي والتيارات الراديكالية المرتبطة تحديداً بتنظيم القاعدة، بحسب الصحافي الليبي أحمد الفيتوري في حديث لـ"اندبندنت عربية".

ويرى الفيتوري أن "هذه التنظيمات لا تنتمي إلى الإسلام ولا تميل إليه بطبيعتها وتركيبتها وعقائدها"، واصفاً إياها بتيارات دموية "تقتات من الحروب وتعيش دائماً تحت ظل الرصاص".

وآخر التصريحات التي توالت في الأيام الماضية، داعية حكومة الوفاق إلى الانسحاب من حوارات جنيف والقاهرة أطلقها عضو مجلس النواب الموازي في طرابلس علي السباعي، وهو عضو سابق في الجماعة الليبية المقاتلة المقربة من تنظيم القاعدة، اعتبر فيها أن "الغرض من لقاء جنيف، إنهاء شرعية حكومة الوفاق، وإنهاء الاتفاق الليبي - التركي، وذلك بتشكيل حكومة وحدة وطنية".

صدام قبل الصدام

وفي استمرار للتطورات المفاجئة بالمشهد الليبي، ظهرت مؤشرات جديدة إلى صدام متوقع بين ميليشيات في طرابلس قبل الصدام الكبير الذي بدا أقرب وأوضح بين الجيش الليبي والقوات المدعومة من تركيا في العاصمة.

وأتت هذه التطورات بعد تصريحات جديدة لوزير الداخلية الليبي فتحي باشا آغا، هاجم فيها ميليشيات مسلحة تقاتل في صف حكومته في العاصمة الليبية.

واتهم باشا آغا في مؤتمر صحافي أمس الأحد "الميليشيات باستغلال الوضع الحالي في طرابلس للاعتداء على مؤسسات الدولة"، قائلاً إن "جهاز المخابرات تعرض للاختراق من قبل ميليشيا، وأنها بدأت تتآمر على الشرطة ومكتب النائب العام".

وأضاف "أي قوة تعتدي على الوزراء وتخطف المواطنين هي بمثابة ميليشيا ونحن لن نتساهل في التعامل مع الميليشيات التي تستغل الأجهزة الأمنية".

ووجّه حديثه إلى كتيبة النواصي، التابعة لـ "قوة حماية طرابلس"، محذراً "أنصح الشباب في ميليشيات النواصي ألاّ يقبضوا على أحد لأن هذا ليس من اختصاصهم، هذا اختصاص الداخلية".

وتضم "قوة حماية طرابلس" كل من "قوة الردع الخاصة" و"كتيبة ثوار طرابلس" و"قوة النواصي" و"قوة الردع والتدخل المشترك أبوسليم" و"كتيبة باب تاجوراء".

وكان باشا آغا، قد أمر مدير أمن طرابلس القبض على محمد الأزهر أبو ذراع والطاهر عروة، القياديَّيْن في كتيبة النواصي وإحالتهما الى النائب العام، لتهجمهما على وزير المالية المفوض بحكومة الوفاق، فرج بومطاري، وتهديده بالقتل.

من جانبه، رد القيادي في ميليشيا النواصي محمد أبو ذراع على تصريحات باشا آغا والأمر الذي أصدره بالقبض عليه، قائلاً "أنت باشا آغا تتهمنا بأننا ميليشيات ولكنك تجلب الدواعش من سوريا والآن تريد الاستغناء عنا"، متوعداً "برد قريب على تصريحات وزير داخلية الوفاق".

المزيد من العالم العربي