Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"كومبارس هوليوود أفريقيا"... ضحايا السينما

أبناء ورزازات يتحسرون على ماضٍ حافل... وحقيقة مرة تواجههم في ختام المشوار

كومبارس مدينة ورزازات (اندبندنت عربية)

لا تشتهر مدينة ورزازات، الواقعة في الجنوب الشرقي للمغرب بـ "هوليوود أفريقيا" بجمال طبيعتها وتنوّع معالمها التاريخية فحسب، بل باكتساب أبنائها خبرة كبيرة في ميدان السينما، وعملهم كـ "كومبارس" (ممثلون ثانويون) في أفلام عالمية.

وينتظر أهالي مدينة ورزازات بفارغ الصبر، موعد تصوير فيلم أجنبي، لأن السينما تشكل مصدراً للعيش بالنسبة إليهم.
"اندبندنت عربية" التقت بعض "كومبارس هوليوود أفريقيا"، الذين تحدثوا عن تجاربهم مع السينما الأجنبية وعن أبرز التحديات التي تُواجههم، ولماذا يعتبرون أنفسهم ضحايا؟

 

"بن لادن" في ورزازات
يجلس في دكانه الصغير، ويتأمل صوره الشاهدة على مشاركته في أفلام عالمية، بمجرد ما يسمع سائحاً يُناديه بلقبه، "ابن لادن،" يخرج لتحيته، ما يُشعره بالسعادة، بخاصة عندما يطلب منه السياح التقاط صور معه.

ويقول "عبد العزيز يويدناين" الملقب "بابن لادن"، "اشتهرت باسم بن لادن بعد أدائي لدور بن لادن وأكسبني هذا الدور شهرةً كبيرة".

بدأ عبد العزيز مساره السينمائي عام 1985 كمساعد، ثم عمل في مجال الكومبارس، يضيف في هذا الصدد، "شاركت في أكثر من 100 فيلم عالمي، مثل شاي الصحراء وكليوباترا والرجل الذي يعرف كل شيء وأيضاً مملكة الجنة، وفيلم غلاديايتر".


"لم تعد ملامحي تتناسب مع الأدوار"
وعلى الرغم من مشاركته في أفلام عالمية فاز بعضها بجوائز أوسكار، يعيش عبد العزيز في فقر مدقع، لأنه لم يعد مطلوباً في مجال السينما بورزازات. ويُشير في هذا السياق، "لم تعد ملامحي تتناسب مع الأدوار التي كُنت أحصل عليها في السابق".

يُطيل عبد العزيز لحيته ويرتدي جلبابه التقليدي، ولا يفارقه الأمل في أن يحصل على عرض سينمائي من مخرج أجنبي يعيد له أمجاد الماضي.
 

"أنا ضحية السينما"

عبد العزيز الذي جعل من دكانه الصغير متحفاً يُوثق تاريخه السينمائي، يمضي قائلاً "أعتبر هذا الدكان الصغير، وسيلةً للتسول بأسلوب راقٍ، لأنه بمجرد أن يلتقط سائح أجنبي صورةً معي، يُقدم لي بعض الدراهم مقابل ذلك".

وبعدما كان يُلقبه مخرجون عالميون بالجوكر لأنه كان قادراً على تأدية وظائف عدة، أصبح عبد العزيز منسياً في هذا الدكان الصغير، يعيش بين التحسر على ماضيه السينمائي وتأمل صوره القديمة.

ويصف بنبرةٍ حزينة، وضعه الحالي، قائلاً "أنا ضحية السينما، لأني لم أتعلم أي حرفة أخرى غيرها، واعتقدت أنني سأبقى مطلوباً لدى المخرجين، لكن لا شيء يستمر... أنا أُعدّ أفقر شخص في قصبة تاوريرت".
اعتاد الكومبارس في مدينة ورزازات على أجواء التصوير، والعمل إلى جوار نجوم عالميين، وعندما لا يتم استدعاؤهم في مشاريع سينمائية أخرى، يشعرون بالخيبة، إذ لا تتوافر فرص أخرى للعمل في تلك المدينة، على حد تعبير عبد العزيز.


عمل موسمي
حبيب لحسن عمل "كومبارس" في عدد من الأفلام الأجنبية والمغربية، وعقب تدهور صحته لم يعد قادراً على العمل كالسابق، ويُشير في هذا الصدد "شاركت في أفلام أجنبية لكن العمل كان موسمياً وبالكاد يكفيني لأعيل أسرتي... أنا حالياً مريض، أعتمد فقط على المساعدات الاجتماعية". وتُعد صناعة السينما بالنسبة إلى كثيرين مصدراً للمتعة، لكن في ورزازات تُعد مصدراً لعيش مختلف الفئات العمرية.
 

"تعلمت التمثيل قبل المشي"
شاركت فاطمة الزهراء (13 سنة) في مجموعة أفلام عالمية، مثل Game of Thrones, Prison Break، King Tut وغيرها من الأفلام. وعن تجربتها في الأفلام الأجنبية، تقول فاطمة إنه "على الرغم من أن بعض الوسطاء يستغلون أمية والدتي وفقرنا، لكن لا أنكر أن أغلب العاملين في هذا المجال، يُقدرون موهبتي ويحترمونني كثيراً".

تعشق فاطمة السينما وتتمنى أن تستمر في المشاركة بأفلام عالمية، لاسيما أنها المعيل الوحيد لأسرتها.

وعن بداية فاطمة الزهراء في المجال السينمائي، تروي والدتها نادية إن "ابنتي تعلمت التمثيل قبل أن تتعلم المشي، وكان عمرها سنة عندما شاركت في أول فيلم".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


يد عاملة ماهرة
صُناع السينما العالمية لا يجدون في ورزازات ممثلين كومبارس فحسب، بل أيضاً حرفيين وتقنيين من كل التخصصات، وفي هذا السياق، يقول بوهضر بوجمعة، رئيس جمعية الحرفيين في مجال السينما في ورزازات إن "هذه الديكورات في أستوديوهات السينما والتي صُوِّرت فيها أفلام عالمية مثل كليوباترا، أعدتها اليد العاملة المحلية في ورزازات".

احتكاك أبناء ورزازات بالشركات الأجنبية العاملة في قطاع السينما، أكسبهم خبرة كبيرة في مجال الديكور، وقدرةً على مواكبة آخر مستجدات عالم السينما. ويُضيف بوهضر "استفدنا كثيراً في البداية من الشركات الإيطالية في مجال الديكور، لكن في السنوات الأخيرة، أصبحت المدينة تضم مؤهلات بشرية قادرة على تلبية مختلف حاجات شركات السينما العالمية".

وتضم ورزازات أيضاً أستوديوهات خاصة بالتصوير السينمائي، مثل "أطلس وأوسكار وأكلا" وغيرها، وتتميز بديكورات طبيعية تستجيب متطلبات المخرجين السينمائيين.

وتُعد القصبات والقصور التي بُنيت منذ قرون من الأستوديوهات الطبيعية التي جعلت من المدينة قبلةً لصنّاع السينما.
 

"نحن مجرد كومبارس"
ويعمل عبد العزيز على تأسيس جمعية، تضم كل "كومبارس" مدينة ورزازات، بهدف الدفاع عن حقوقهم وتوعيتهم كي لا يعيشوا مصيره نفسه. ويقول في هذا الصدد إن "سكان المنطقة بسطاء، وعليهم أن يدركوا أن العمل في السينما موسمي، ويجب ألا يتخذوه كمصدر للعيش، وسأعمل من خلال هذه الجمعية على توعية الأطفال بأهمية الدراسة، وعدم تركها لأجل السينما". ويُضيف المتحدث ذاته "عندما يُشارك الأطفال والمراهقون في أفلام عالمية، يحسون بالسعادة لأنهم أصبحوا مشاهير، لكن عندما لا يتم استدعاؤهم للعمل بسبب أن ملامحهم تغيّرت أو كبروا  في السن، يشعرون بالخيبة، ولا يستطيعون ممارسة أي عمل آخر، لذلك أنا أرغب في توعيتهم على أن السينما مجرد فترة مؤقتة ونحن مجرد كومبارس".

لا يرغب عبد العزيز في أن تتكرر قصته مع بقية شباب قصبة تاوريرت، ويأمل في أن ينجح في تأسيس هذه الجمعية.

ويُوضح حسن كوجوط مدير شركة إنتاج في حديث إلى "اندبندنت عربية"، أن "هناك حالات قليلة لبعض السماسرة الذين يستغلون أميّة الكومبارس، ويشغلونهم من دون علم شركة الإنتاج بأجور زهيدة، لكن أغلب شركات المنطقة، أصبحت تتفادى التعامل مع سماسرة مماثلة خوفاً على سمعتها".

ويؤكد كوجوط "أن شركات الإنتاج لا يمكن أن تتسامح مع استغلال الكومبارس، وتعمل جاهدة على تحسين وضعهم الاجتماعي والاقتصادي لأنهم جزء مهم من القطاع السينمائي في المنطقة".

المزيد من ثقافة