Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الكاتب العالمي ألبرتو مانغويل يحاضر في تونس... رغم رفض الوزير

مثقفون تبرعوا ببطاقة السفر... ولقاء حول القراءة والمكتبة وفلسطين

الكاتب الارجنتيني العالمي ألبرتو مانغويل (موقع "بيت الرواية")

أخيرا ربح كمال الرياحي وفريقه في "بيت الرواية" الرهان في استضافة "الرجل المكتبة" الأرجنتيني ألبرتو مانغويل أحد أشهر القرّاء أولاً والكتّاب ثانياً، في العالم المعاصر. فعلى مدار الأشهر الأخيرة كان الرياحي ينسق مع مانغويل للحضور إلى تونس وتقديم محاضرة  في المكتبة الوطنية بالعاصمة. كانت الترتيبات تتم بشكل متنام من أجل أن يصل الكاتب الأرجنتيني في الوقت المتفق عليه، هو المشغول على مدار العام بأسفاره الثقافية إلى جامعات ومراكز ثقافية في العديد من بلدان العالم. لكنّ المفاجأة غير السارة كانت من لدن وزير الثقافة التونسي الذي وجّه إلى الرياحي مدير "بيت الرواية" رسالة يدعوه من خلالها إلى تأجيل اللقاء مع مانغويل أياماً قليلة جداً قبل وصوله، معللاً ذلك بأسباب بدت للرياحي "سخيفة"، أبرزها انتظار تشكيل الحكومة الجديدة. القرار الذي رأى فيه الرياحي ضرباً لفكرة استمرار الدولة. وأوضح مدير "بيت الرواية" في ندوة صحافية عقدت بعد التوصل الى مراسلة الوزير، مظاهر التوتر بين وزير الثقافة و"بيت الرواية" بشكل خاص، وبين الوزير والثقافة التونسية بشكل عام. ورأى كمال أن الوزير يقف منذ فترة عائقاً في طريق الثقافة الوطنية.

اللافت في الأمر هو دعم كبار المثقفين التونسيين للرياحي وإعلانهم عن الاستعداد للمساهمة المادية واللوجيستية من أجل أن يصل ألبرتو مانغويل إلى تونس وفق الاتفاق المبرم معه منذ الربيع الماضي. وبالفعل ساهم هؤلاء المثقفون من أجل اقتناء تذكرة الطائرة للكاتب الضيف، التذكرة التي رفضت الوزارة أن تتكفل بها، كما ساهموا في تحويل مكان اللقاء من مقر "بيت الرواية" إلى مقر المكتبة الوطنية، وضمت خلية مؤازرة الرياحي كلاً من المفكرة رجاء بن سلامة مديرة المكتبة الوطنية والشاعر والمترجم آدم فتحي والروائي شكري المبخوت والإعلامي والكاتب ماهر عبد الرحمن، والإعلامي نصر الدين اللواتي، وحبيب الزغبي صاحب مكتبة دار الكتاب. وعبر عدد من المثقفين التونسيين والعرب عبر صفحات التواصل عن استعدادهم للمساهمة المالية والمعنوية من أجل تأمين اللقاء المزمع تنظيمه.

 وبالفعل تم عقد اللقاء مع مانغويل مساء أمس السبت في المكتبة الوطنية بدل مقر "بيت الرواية"، اللقاء الذي عرف حضور وجوه من مثقفين وإعلاميين وقراء تونسيين، خصوصاً ان مانغويل يملك قراء كثراً في تونس والعالم العربي، وقد ترجمت كتب له كثيرة الى العربية. بعد كلمة تمهيدية لرجاء بن سلامة مديرة المكتبة الوطنية تناولت فيها تاريخ المكتبة الوطنية ودورها في التنوير، تدخّل الروائي كمال الرياحي مدير "بيت الرواية" مستهلاً كلمته ببيت الشابي الشهير: "إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر" كأنما أراد أن يعلن بذلك عن ربح التحدي، منوهاً بما تعيشه الحياة التونسية الراهنة من عودة إلى الثقافة والقراءة بعد سنوات من اليأس الثقافي لم يقدّم الرياحي معطيات كثيرة عن الضيف معللاً ذلك بأن محاولة منع اللقاء ساهمت في التعريف بألبرتو مانغويل على نطاق واسع.

 

أدار اللقاء الشاعر والمترجم آدم فتحي الذي ساهم بأسئلته المكثفة في فتح شهية الحديث لدى ألبرتو مانغويل. هذا الأخير أكد أن القراءة لا ترتبط بجنسية ما أو لغة معينة، إذ على القارئ أن ينفتح على ثقافات العالم متحرراً من ضغط الانتماء السياسي والديني والإثني. وأفرد "الرجل المكتبة" حيزاً زمنياً للحديث عن  الكاتب الأرجنتيني بورخيس الذي رافقه فترة من حياته، وعن تأثره بالثقافة العربية والإسلامية. كما تحدث عن متابعته لعدد من الكتّاب العرب المعاصرين.

واستعاد في هذا الصدد محمود درويش وحديثه معه حول بورخيس وحول تيمة المنفى، متوقفاً عند معاناة الفلسطينيين. بل صرّح أنه حين كان مديرا للمكتبة الوطنية في الأرجنتين سعى إلى تأسيس المكتبة الوطنية الفلسطينية على الأنترنت، واتصل بالمكتبة الوطنية البريطانية ومكتبة الكونغرس والمكتبة الوطنية الفرنسية من أجل تجميع الوثائق والكتب. وأبدت هذه الأطراف استعدادها، فيما لم يجد التفاعل المأمول من لدن الجهات الفلسطينية. وكان حديثه عن المسألة الفلسطينية مناسبة لتوجيه العتاب إلى العالم الذي يغض عينيه عن عذابات الشعب الفلسطيني، وتوجيه الدعوة أيضا إلى المثقفين من أجل العمل على حفظ ذاكرة هذا الشعب، واتخاذ موقف حاسم من القضية الفلسطينية.

عاد مانغويل إلى البدايات وإلى الحيرة اللغوية للإنسان الأول أمام تسمية الأشياء، في امتداد للعجز الذي يطاول الإنسان اليوم، خصوصاً الكاتب وهو يحاول قول كل ما يريد قوله والوصول بالتالي إلى "الكتاب الشامل". وفي ما يشبه الطرفة ورداً على آدم فتحي بخصوص تمنع الكتابة وعما إذا كان هذا التمنع يشمل جميع الكتّاب، قال مانغويل:" لا، العجز عن التعبير أو تمنّع الكتابة يطاول الكتّاب الجيدين فقط، أما الكتّاب الرديئون فلا يعانون من أي عجز".

المزيد من ثقافة