Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

البيان الختامي للقمة العربية الأوروبية... تحفظ لتجنب الخلاف و"قرار وحيد"

البيان جاء في صفحتين وتجنب القضايا الخلافية... التوافق على التمسك بمسار السلام ووضع القدس واعتبار المستوطنات في الأراضي المحتلة خروجا عن الشرعية الدولية يتصدر الفقرات الأولى

صورة جماعية للزعماء العرب والأوروبيين خلال القمة الأولى بين الاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية في شرم الشيخ 24 فبراير (شباط) 2019 (رويترز)

متجنباً القضايا الخلافية ومطالباً بتعميق وتعزيز التعاون في الملفات محل التوافق، أظهر البيان الختامي لأول قمة عربية أوروبية من نوعها تعقد في شرم الشيخ بمصر، في نسخته النهائية، عزم القادة العرب والأوروبيين على "تعميق" التعاون والتشاور والتنسيق فيما بينهم في القضايا ذات الاهتمام المشترك، دون التركيز على الملفات الخلافية.

وكانت "اندبندنت عربية" انفردت في وقت مبكر من صباح اليوم الاثنين بالمسودة، والتي جاءت شبه متطابقة مع البيان الختامي، والذي جاء في صفحتين، وجرى "مراجعة نصوصه وتعديل بعضها أكثر من مرة".

القرار الوحيد الذي تبنته القمة هو "دورية عقد القمة كل 3 سنوات"، على أن تكون القمة المقبلة في العاصمة البلجيكية بروكسل عام 2022.

وبعكس ما حدث في المؤتمر الوزراي العربي الأوروبي على مستوى وزراء الخارجية، في بروكسل أوائل الشهر الحالي، وعدم نجاحهم في استصدار بيان ختامي، حرص القائمون على صياغة البيان الختامي للقمة على "تجنب القضايا محل الخلاف"، وصياغة "عبارات عامة" في أغلب القضايا لتجنب رفض البيان من أي من أطراف القمة.

وفى الرابع من فبراير (شباط) الحالي، "فشل" وزراء خارجية التكتلين في اجتماع  بالعاصمة البلجيكية بروكسل في الخروج ببيان مشترك عن اللقاء، وعندما كانت فيدريكا موغيريني مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي تشرح في مؤتمر صحفي سبب عدم التوصل لاتفاق، قاطعها الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، وقال  إن ثمة تعقيدات على الجانب الأوروبي أكثر من الجانب العربي، في مؤشر على الخلاف الودي لكن العلني، فيما ردت موغيريني قائلة "سوف أقول عكس ذلك".

أبرز بنود البيان

تصدرت "ضرورات" التعاون الجماعي بين التكتلين الأوروبي والعربي، الفقرات الأولى من البيان الختامي للقمة، حيث ركزت فقراته الأولى على التأكيد على ضرورة التعاون لدعم الازدهار والاستقرار والأمن في العالمين العربي والأوروبي فضلا عن التعاون في القضايا الدولية.

وبحسب ما حصلت عليه "اندبندنت عربية" مبكرا، فإن الفقرات الأولى من البيان شددت على أن التعاون الوثيق بين الكتلتين هو "المفتاح" إلى الحلول للتحديات المشتركة، وأن أحد وجوه التعاون هو تعزيز الشراكة وآلياتها على مستوى القمة والمستويات الأخرى الموجودة، فضلا عن التمسك بالمعالجة متعددة الأطراف للقضايا للتصدي للتحديات الشاملة من خلال العمل الجماعي، بنظام دولي مؤسس على القانون الدولي بهدف التعاطي مع التحديات العالمية.

كما طالب الجزء الأول من البيان بضرورة تعميق التعاون الاقتصادي المشترك بين الجانبين والدفع قدما باتجاه تحقيق شراكة قوية للاستثمار والتنمية المستدامة، فضلا عن الالتزام بتطوير برنامج عمل تعاوني إيجابي في مجالات التجارة والطاقة بما فيها أمن الطاقة والعلوم والبحث والتكنولوجيا والسياحة ومصايد الأسماك والزراعة والمجالات الأخرى التي تحقق المصلحة المشتركة وتوفر أكبر عدد من فرص العمل للشباب لخفض البطالة والاستجابة لحاجات الشعوب.

قضايا الهجرة والإرهاب

تصدرت قضايا الهجرة غير الشرعية ومحاربة مهربي البشر فضلا عن مكافحة الإرهاب ومموليه، أولى القضايا التي تناولها البيان في جزئياته الأولى، بعد الجمل العامة المتعلقة بتعزيز التعاون السياسي وتعميق التعاون الاقتصادي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وشدد البيان على تأكيد القادة العرب والأوروبيين على أهمية القمة للتعامل مع التحديات الراهنة، وبدء عصر جديد من التعاون والتنسيق، وجدد البيان التزام القادة بالجهود الرامية لمواجهة التحديات المشتركة، مثل ظاهرة الهجرة وحماية ودعم اللاجئين بموجب القانون الدولي وإدانة كل أشكال التحريض على الكراهية واستئصال الاتجار في البشر، فضلا عن  ضرورة تعزيز التعاون لإرساء الأمن وتسوية النزاعات والتنمية الاجتماعية والاقتصادية في المنطقة.

كما أوضح البيان أن القادة اتفقوا على أن السلام والأمن وحقوق الإنسان والتنمية الاقتصادية والاجتماعية مترابطة ببعضها البعض، داعين إلى تعزيز التعاون والتنسيق فيما يتعلق بمكافحة انتقال المقاتلين الأجانب عبر الحدود، وأن المواجهة الناجحة لهذه التحديات تتطلب مقاربة شاملة تشمل منع كل أشكال الدعم للإرهابيين، بما في ذلك الدعم المالي والسياسي واللوجستي والعسكري.

ملفات المنطقة العربية

فى الجزء الثاني وبعد الفقرات الأولى من البيان، تم تناول القضايا العربية، متجنباً في الوقت ذاته "الجمل الخلافية" التي قد تدفع بعض الأطراف إلى رفض البيان، إذ أكد في مجمل نصوصه تجاه تلك القضايا، وخاصة القضية الفلسطينة وعملية السلام، والأزمات في سوريا وليبيا واليمن، على ضرورة احترام القانون الدولي والقرارات الأممية ذات الصلة، فضلا عن دعم مسارات الحل السياسية والجهود الرامية إلى ذلك.

وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وعملية السلام بين الإسرائيلين والفلسطينين، شدد البيان على توافق التكتلين الأوروبي والعربي على التمسك بمسار السلام ووضع القدس واعتبار المستوطنات في الأراضي المحتلة خروجا عن الشرعية الدولية، كما جدد البيان تمسك الطرفين بالمواقف المشتركة والوصول إلى حل الدولتين وفق قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، معتبرين أن ذلك هو الحل الوحيد للقضية، مع التمسك بالوضع قبل الخامس من يونيو (حزيران) 1967، وأن تكون القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية، ودفع الأطراف للتفاوض بشأن مسائل الحل النهائي، لبلوغ الحل الدائم والشامل.

كما شدد البيان على التمسك بالوضع القائم للأماكن المقدسة في القدس ودور الأردن في الإشراف عليها وأهمية المحافظة على وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا" ودعمها سياسيا وماليا لتمكينها من الوفاء بالتزاماتها الأممية، مع الإعراب عن "القلق البالغ" تجاه الأوضاع الإنسانية والسياسية والاقتصادية في غزة.

وفي الأزمة السورية، التي غاب ممثل عنها في ظل تجميد عضويتها بالجامعة العربية، أكد البيان الختامي أن أي حل دائم يستلزم انتقالا سياسيا حقيقيا وفق بيان جنيف للعام 2012 وقرار مجلس الأمن 2254 مع إدانة كل الأعمال الإرهابية وانتهاكات حقوق الإنسان والحاجة لمحاكمة المتسببين بذلك، فضلا عن التأكيد على ضرورة الحفاظ على وحدة وسيادة وسلامة واستقلال سوريا، ودعم  الجهود التي تقودها الأمم المتحدة ممثلة في مبعوثها الخاص إلى سوريا.

 

 

وحول الأزمة الليبية، شدد البيان على دعم الجهود الأممية وتنفيذ الاتفاق السياسي الليبي لعام ٢٠١٥، مطالبين كل الليبيين بالانخراط بحسن نية في الجهود التي تقودها الأمم المتحدة والرامية إلى الوصول بعملية التحول الديمقراطي إلى نتيجة ناجحة، والامتناع عن أي إجراء من شأنه تصعيد التوتر والإخلال بالأمن وتقويض الاستقرار، مع دعم خطة عمل المبعوث الأممي الخاص بليبيا، غسان سلامة.

وفي اليمن، رحب البيان باتفاق استوكهولم وخاصة فيما يتصل بوقف إطلاق النار في محافظة الحديدة، وقرارات مجلس الأمن (٢٢١٦، ٢٤٥١، ٢٤٥٢)، معربين عن قلقهم بشأن الوضع الإنساني الخطير الذي ينعكس على الملايين من المواطنين، وطالب في الوقت ذاته بضمان تدفق الإمدادات الإنسانية لمن يحتاجونها، وتنقل العاملين في المجال الإنساني بدون عراقيل، إلى جانب مطالبة كل الأطراف المعنية بالعمل البناء بهدف تحقيق تسوية سياسية شاملة دائمة تحقيقا لمصلحة الشعب اليمني.

ونص البيان، فيما خص الموضوع النووي في المنطقة، على أهمية المحافظة على معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية وعلى هدف الوصول إلى شرق أوسط خال من أسلحة الدمار الشامل.  وفي الختام طالب البيان المسؤولين في إداراتهم بتحديد آليات التعاون والتنسيق في كل المجالات المذكورة مع الأخذ بعين الاعتبار ما هو موجود منها.

يذكر أن فاعليات القمة العربية الأوروبية الأولى انطلقت أمس وانتهت اليوم الاثنين في شرم الشيخ بمصر، برئاسة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس المجلس الأوروبي، دونالد تاسك، وجاءت بعنوان "في استقرارنا.. نستثمر".

وحضر القمة أكثر من 40 ملك وأمير ورئيس ورئيس وزراء، فضلا عن مسؤولين رفيعي المستوى، فعلى المستوى العربي، حضر العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، وأمير دولة الكويت، وملك البحرين، فضلا عن رؤساء كل من العراق وتونس وفلسطين واليمن والصومال وجيبوتي.

وأوروبيا حضرت كل من المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، ورئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي، والمستشار النمساوي سيبستيان كورتس، ورئيسة الوزراء البريطانية تيرزا ماي، ورؤساء كل من رومانيا وقبرص، وعدد كبير من رؤساء الوزراء في أوروبا.

أربع دول عربية تعترض

وخلال الجلسة الختامية، اعترضت السعودية والإمارات والبحرين ولبنان على البيان الختامي للقمة، بعدما رفض الطرف الأوروبي تعديلات على البيان اقترحتها البلدان الأربع.

وقال ممثل الوفد السعودي إن "الوفد قدم تعديلات على البيان الختامي لم يتم وضعها في البيان الموزع على الأطراف في الجلسة الختامية للقمة العربية الأوروبية، ونأمل أن تؤخذ هذه النقاط في الاعتبار، وهذه التعديلات خاصة بالتعاون بين الطرفين العربي والأوروبي".

ورد الأمين العام للجامعة العربية، أحمد أبو الغيط بالقول: "تلقينا من البحرين والإمارات والسعودية ولبنان تعديلات مقترحة، وتشاورنا مع الطرف الأوروبي الذي فضل بقاء البيان الختامي على صيغته الأولى".
 

وأوضح أبو الغيط أن "قادة الجامعة العربية والاتحاد الأوروبي رأوا أن يظل البيان على حالته باعتباره الحد الأدنى من الاتفاقات بين الطرفين، وسنحرص على توزيع هذه المقترحات على الدول في وقت لاحق".
 

ووفق مصدر دبلوماسي رفيع المستوى، لـ"اندبندنت عربية"، فإن تحفظ السعودية والإمارات والبحرين على البيان جاء بسبب: "عدم الإشارة إلى التدخل الإيراني في الشؤون الداخلية للدول العربية مما يهدد أمنها، فضلا عن مد السلاح للميليشيات المسلحة في اليمن وزعزعة استقرار السعودية، إضافة إلى عدم تطرق البيان إلى قضية النازحين السوريين في لبنان".
وأضاف أن "البيان الختامي تحدث عن مجمل القضايا المشتركة التي تم التباحث بشأنها، ولم يتم تطرق إلى مواقف بعينها تجاه الأزمات التي تمر بها المنطقة العربية لوجود خلافات وتباين في المواقف مع دول الاتحاد الأوروبي تجاه هذه القضايا، وهو ما دعا إلى الخروج بصياغة فضفاضة تعفى الأوروبيين من الحرج."
 

المؤتمر الصحفي
 

وبعد تلاوة التفاصيل العامة للبيان الختامي في المؤتمر الصحفي من قبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي وصف القمة بأنها "تاريخية" وبداية لتنسيق وتعميق التعاون بين الكتلتين فى القضايا المشتركة الإقليمية والدولية، قال رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، إن الأوروبيين والعرب يريدون أن يبنوا مستقبلهم معاً، مشيرا إلى أن التعاون العربي الأوروبي "ليس جديداً"، مضيفاً أن لدى العرب والأوربيين "تاريخاً مشتركاً".

وأكد يونكر، خلال المؤتمر الصحفي بحضور الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، أن العلاقات التجارية بين أوروبا والعالم العربي تتطور بشكل جيد.

من جانبه، قال رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك خلال المؤتمر الصحفي، إن القمة العربية الأوروبية "مؤشر على فصل جديد في العلاقات بين العرب وأوروبا". وأضاف: "اتفقنا على العمل المشترك لمواجهة الجماعات الإرهابية وتطوير الاستثمار ودعم الاستقرار في المنطقة". وأوضح توسك أن القمة العربية الأوروبية الأولى تناولت عدة ملفات، بينها سوريا وليبيا وعملية السلام في الشرق الأوسط.

المزيد من سياسة