Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المصالح الاقتصادية قد تسرّع التطبيع بين السودان وإسرائيل

ترى الخرطوم في ذلك مفتاحاً لرفع اسم البلاد من قائمة الدول الراعية للإرهاب

نتنياهو وزوجته إلى جانب الرئيس الأوغندي يوري مسيفيني وعقيلته خلال زيارته الأخيرة إلى أوغندا حيث التقى البرهان (مواقع التواصل)

يبدو أن وجود مصالح مشتركة بين السودان وإسرائيل، سرّع عملية التقارب بين البلدين للوصول إلى التطبيع النهائي، فما تم من خطوات وتلميحات من قبل صنّاع القرار في الدولتين خلال الأيام الماضية التي أعقبت لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ورئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان مطلع فبراير (شباط) الحالي في مدينة عنتيبي في أوغندا، بخاصة الإعلان عن تحليق الطيران الإسرائيلي في الأجواء السودانية، الذي لاقى ترحيباً واحتفاء من قبل ناشطين سودانيين على مواقع التواصل الاجتماعي، يفسره كثيرون بأنه يشكّل بداية انطلاقة نحو تطبيع العلاقات الثنائية بين الخرطوم وتل أبيب.
 

مصالح مشتركة
 

وأرجع مراقبون لهذا الشأن دوافع الدولتين إلى تلاقيهما حول مجموعة من المصالح، فإسرائيل تنظر إلى السودان من ناحية أهميته الاستراتيجية البالغة كونه يقع في منطقة ذات علاقات مهمة بالنسبة إليها، سواء في ما يتعلق بجارته الشمالية مصر، أو دول أخرى جارة في الجنوب منه، مثل جنوب السودان وأوغندا وأريتريا. بالتالي، فإن انضمام السودان إلى هذه المجموعة من الشركاء يمنح إسرائيل دفعة قوية لتوسيع وتعزيز نفوذها وحضورها خارجياً، بخاصة داخل القارة الأفريقية عبر تأسيس علاقات سياسية وأمنية واقتصادية إضافية مع بقية دول هذه القارة. وتتطلّع إسرائيل التي تقيم حالياً علاقات دبلوماسية مع 39 من أصل 47 دولة في أفريقيا جنوب الصحراء، إلى الاستفادة من المنافع الاقتصادية التي يتمتع بها السودان وتشمل موارد كثيرة في مجالات منوعة، لا سيما الزراعة والثروة الحيوانية. وينطلق السودان باتجاه التطبيع تحت وطأة الضغوط الاقتصادية التي تواجه حكومته الانتقالية، إذ يرى أن التطبيع مع إسرائيل قد يكون مفتاحاً لرفع اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب وهو هدف سعى إليه الرئيس السابق عمر البشير من دون تحقيقه.
 


خطة السلام

وإضافةً إلى ذلك، أظهرت التغيرات الجديدة في ملف الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني، تحمس تل أبيب أكثر من ذي قبل لبدء تعاون مع السودان، فيما تسعى إلى تحقيق تقارب مع أكبر عدد ممكن من الدول العربية في اطار خطة السلام الأميركية التي أعلنها الرئيس دونالد ترمب، وهو يفسر ما ذهب إليه نتنياهو في تعليقه على بدء التعاون مع الخرطوم بأن الانفراج في العلاقات مع السودان ودول مسلمة أخرى في المنطقة ليس سوى رأس جبل الجليد الدبلوماسي، موضحاً أن "ما ترونه ليس سوى حوالى عشرة في المئة، ستأتي تغييرات كبيرة".
في المقابل، احتوى السودان سريعاً ما حدث من ارتباك وخلافات حول لقاء البرهان - نتنياهو، وظهر انسجاماً ملحوظاً بين صانعي القرار حول هذه القضية، الأمر الذي برز في تصريحات رئيس مجلس السيادة الذي أعلن أن مجلس الوزراء السوداني سيتولى ترتيب الاتصالات وإدارة العلاقات الدبلوماسية خلال الفترة المقبلة مع الجانب الإسرائيلي بمجرد التوافق على قيامها، مشيراً إلى أن "تطبيع العلاقات السودانية - الإسرائيلية يجد تأييداً شعبياً واسعاً ولا تعارضه إلاّ مجموعات أيديولوجية محدودة، في حين تقبّلته بقية مكونات المجتمع في السودان". كما أكد وجود دور إسرائيلي في قضية رفع اسم السودان من القائمة الأميركية للدول الراعية للإرهاب، وهو ما يترقبه الشارع السوداني لفك ضائقته الاقتصادية والمعيشية التي تأزمت بشكل كبير خلال هذه الأيام وتسببت بفقد الخبز والوقود وتصاعد أسعار السلع بنسبة تجاوزت الـ 100 في المئة، نظراً إلى ارتفاع قيمة الدولار في مقابل الجنيه الذي بلغ سعره 104 جنيهاً للدولار الواحد.
 

خطوات حثيثة
 

من جهة أخرى، رأى المحلل السياسي السوداني النور عبدالله أنه "من الواضح أن الترتيبات بين الخرطوم وتل أبيب تسير على قدم وساق في اتجاه بدء عملية التطبيع"، لافتاً إلى أن "ما يجري الآن من خطوات حثيثة من بينها السماح للطيران الإسرائيلي بعبور الأجواء السودانية، وتشكيل فريق عمل من الجانبين لعقد اجتماعات خلال الأيام المقبلة وفق ما أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، يؤكد أن التطبيع أتٍ لا محال وأن المسألة متعلقة بعامل الوقت لا أكثر، بخاصة أن غالبية الشعب السوداني غير آبه بهذه الخطوة، بل يشاطرها تماماً إذا كان ذلك يخدم الاقتصاد ويفكّ البلاد من عزلتها الدولية".

ولا يتوقع عبد الله أن يجد الاتجاه نحو التطبيع عقبات كبيرة، بخاصة من الجانب السوداني، "فمجمل السودانيين على قناعة تامة بأن إسلامية القدس لا مساومة حولها، لكن في الوقت ذاته إقامة علاقات مع إسرائيل أمر تفرضه المصلحة العامة، لا سيما وأن فلسطين نفسها كانت لديها لقاءات مع إسرائيل"، موضحاً أن" السودان لا يمكن أن يدفع ثمن القضية الفلسطينية العمر كله، فهناك دول عربية طبّعت علاقاتها مع تل أبيب ولديها سفارات ومصالح مشتركة. بالتالي، لا يمكن أن يبقى السودان في حالة عزلة دائمة، تسببت في تردي أوضاعه الاقتصادية". وذكر أيضاً أنه ربما لا يعلم كثيرون أن العلاقات التاريخية ما بين اليهود والشعب السوداني ضاربة في القدم، كما عاصر السودان منذ زمان طويل عمليات مد وجزر بين البلدين، في الوقت الذي كانت تربطهما علاقات وطيدة غير دبلوماسية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


مرحلة تطوير


وفي وقت سابق، غرّد نتنياهو أن فريقاً إسرائيلياً سيضع خلال أيام خطةً لتوسيع رقعة التعاون مع السودان بهدف إحلال التطبيع مع الخرطوم، كما وصف أيضاً في تغريدة أخرى على حسابه في موقع "تويتر"، لقاءه البرهان في مدينة عنتيبي الأوغندية، بـ"التاريخي"، قائلاً إنهما اتفقا على إطلاق تعاون سيؤدي إلى تطبيع العلاقات بين البلدين.

وذكر رئيس الحكومة الإسرائيلية أن البرهان يريد مساعدة بلاده في الدخول في مرحلة تطوير وتحديث عبر "إخراجها من العزلة ووضعها على خريطة العالم".

تجدر الإشارة إلى أن البرهان هو ثاني مسؤول سوداني كبير يلتقي مسؤولين إسرائيليين، بعد لقاء الرئيس السابق جعفر نميري رئيس الوزراء الأسبق آرييل شارون، عندما كان وزيراً في حكومة مناحيم بيغن. 

ويرأس البرهان مجلس السيادة السوداني، منذ تشكيله رسمياً في 20 أغسطس (آب) 2019، أي بعد أكثر من أربعة أشهر على إطاحة انتفاضة شعبية بالرئيس السابق عمر البشير.

ويتولى مجلس السيادة تسيير شؤون البلاد بموجب وثيقة دستورية مُوقَعة بين المجلس العسكري الانتقالي وتحالف قوى إعلان الحرية والتغيير، الذي يمثل قوى المعارضة المدنية السودانية. 

وبموجب الاتفاق، من المفترض أن يتبادل العسكريون والمدنيون قيادة مجلس السيادة - المؤلف من 11 عضواً - خلال الفترة الانتقالية المُمتدة لـ 39 شهراً، تُجرى بعدها انتخابات عامة.

المزيد من الشرق الأوسط