Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

صفقة مغادرة توافقية مع الاتحاد الأوروبي متاحة أمام جونسون

وزير سابق لا يرى الغالبية النيابية لرئيس الوزراء شيكا على بياض لبريكست

لا يزال أمام بوريس جونسون فرصة للخروج السلس من الاتحاد الأوروبي (أ.ب.)

لم يتخلّ المعارضون في البرلمان البريطاني لما يوصف بأنه خروج قاسٍ من الاتّحاد الأوروبي، عن أملهم في أن يوافق رئيس الوزراء بوريس جونسون في نهاية المطاف على صفقة تجارية تتّسم بتوافق وثيق مع بروكسل، بحسب ما نقله إلى موقع "اندبندنت" وزيرٌ سابق من مؤيّدي البقاء ضمن الكتلة الأوروبية.

ودفعت غالبية الثمانين مقعداً التي حقّقها "المحافظون" في الانتخابات البرلمانية التي أجريت في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، إلى تشدّدٍ ملحوظ في موقف المملكة المتّحدة من المحادثات التجارية مع بروكسل. إذ أعلن رئيس الوزراء بوريس جونسون أنه يعتقد أن المملكة المتّحدة "ستزدهر" في حال خروجها من الاتّحاد الأوروبي من دون صفقة، في إشارةٍ منه إلى "تسوية على النمط الأسترالي"، ومروّجاً لطموحاتٍ تجارية تكون أقلّ احتكاكاً مع دول الاتّحاد.

في المقابل، عبر وزير بريطاني سابق عن قناعته بأن كثيرين في البرلمان يتوقّعون أن يتراجع جونسون عن تصلّبه مع اقتراب حقيقة عدم وجود صفقة في نهاية 2020، ما يمهّد الطريق أمامه لاتّخاذ قرار لا عودة فيه قد يفضي إما إلى إلحاق ضرر جسيم بالاقتصاد البريطاني أو إلى تقسيم حزبه.

في هذا الإطار، يوضح الوزير نفسه أنه في ظلّ الصدمة الاقتصادية التي ستنجم عن المغادرة من دون عقد صفقة تجارية، من المحتمل أن تزداد الضغوط في اتّجاه استقلال اسكتلندا عن المملكة المتّحدة، وإعادة توحيد إيرلندا. ومع زيادة المتخوّفين من أوروبا ضغوطهم على رئيس الوزراء باتجاه خروج قاسٍ لبريطانيا من الاتّحاد الأوروبي، قد يُضطر جونسون إلى الاعتماد على أصوات المعارضة لتحقيق صفقةٍ أكثر ليونةً مع بروكسل، إذا أراد تحاشي أن يسجّل التاريخ أنه رئيس الوزراء البريطاني الذي انهار الاقتصاد في عهده وحطّم وحدة المملكة.

وأشار ذلك الوزير أيضاً إلى تجربة أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، عندما تخلّى جونسون عن حلفائه في "الحزب الديموقراطي الاتّحادي" وقبل مطالب الاتّحاد الأوروبي بحدود جمركية في البحر الإيرلندي لإنقاذ "صفقة الطلاق" الخاصّة به. وذكر الوزير العضو في مجلس العموم إنه "على الرغم من كلّ شيء، أعتقد أن التوافق الوثيق لا يزال النتيجة الأكثر ترجيحاً لهذا المسار، وإذا حدث اتّفاق مع بروكسل، فسيكون اتّفاقاً على جميع الجوانب ولا سيما منها الحمايات الاجتماعية والبيئية وحماية مكان العمل.

بقول آخر، إن اتفاقية كهذه مرشّحة لأن تصل إلى خواتيمها، والبديل منها سيكون عدم التوصّل إلى اتفاق. ولا توجد صفقة معروضة تمنح المملكة المتّحدة وصولاً سهلاً إلى السوق الموحّدة من دون توافق مع الاتحاد الأوروبي. ويتمثّل السؤال في الاتّجاه الذي سيقفز إليه بوريس جونسون. وفي ذلك الصدد، يشير الوزير البريطاني إلى أنه "لا شك في استمرار رئيس الوزراء برفع الصوت متأفّفاً حتى اللحظة الأخيرة، موحياً باستعداده للمضي في خيار الخروج من دون صفقة. لكن، مثلما حدث في العام الماضي، سيكون مستعدّاً للتراجع في اللحظة الأخيرة".

وتشير توقّعات وزارة الخزانة وُضِعَت في 2018 إلى أن الضرر الذي لحق بالاقتصاد البريطاني بسبب صفقة الخروج الملطّفة من الاتّحاد الأوروبي التي أبرمتها رئيسة الوزراء السابقة تيريزا ماي التي قبلت بدرجة معيّنة من التوافق مع قواعد بروكسل وسيلةً لتحقيق أقرب قدر ممكن من التجارة غير الاحتكاكية مع دول الاتّحاد، عند حدود 3.9% من الناتج المحلي الإجمالي على مدى 15 سنة. وعلى النقيض من ذلك، فإن خروج بريطانيا من الاتّحاد الأوروبي من دون صفقة، قد يصيب الاقتصاد بضررٍ بحوالى 9.3% خلال الفترة نفسها، بالمقارنة مع نتائج البقاء ضمن الاتّحاد الأوروبي.

ويُفترض بالحكومة أن تُحدّث هذه التوقعات التي أشار الوزير السابق إلى عِلْمه بأنها لا تزال صالحة. ومنذ الآن، تبدي شركات النقل وتلك التي تعتمد على الواردات والصادرات، مخاوف في شأن احتمال زيادة القيود بموجب اتفاقية تجارة حرّة "على النسق الكندي"، التي يفضلها بوريس جونسون. وثمة مخاوف مشابهة بشأن التعرفات الجمركية وغيرها من الحواجز أمام التجارة بموجب صفقة اخرى قد تكون على الطراز الأسترالي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي الوقت نفسه، يبدو أن المزايا المزعومة المتمثّلة في التحرّر من توافق "المعاملة المتكافئة" مع أوروبا بدأت تتلاشى، وكذلك أصبحت إمكانية إبرام صفقة تجارية مع الولايات المتّحدة أكثر بُعداً بسبب الخلافات مع واشنطن على وصول الشركات الأميركية إلى هيئة "خدمات الصحة الوطنية" في المملكة المتّحدة، والقيود المروضة في مجال الصحّة العامة على أطعمةٍ مثل الدجاج الأميركي المغسول بمادة الكلور، وقرار رئيس الوزراء السماح لشركة "هواوي" الصينية بدور في شبكة الجيل الخامس ("5جي" 5G) من الاتّصالات في المملكة المتّحدة.

من المحتمل أن تترجَم مجمل هذه العوامل إلى ضغوط شديدة من قطاع الأعمال على رئيس الوزراء، من أجل دفعه إلى توقيع اتفاقية تجارة حرّة من نوع ما مع الاتّحاد الأوروبي، وصولاً إلى الحادي والثلاثين من ديسمبر (كانون الأول) المقبل موعد تنفيذ خروج بريطانيا من أوروبا.

 وعلى غرار منع رئيسة الوزراء السابقة تيريزا ماي من الحصول على اتفاقها مع الاتحاد الأوروبي من قِبَل متمرّدي "مجموعة الأبحاث الأوروبية في حزب المحافظين"، توقّع الوزير السابق أن يعرقل نوّاب محافظون رئيسيّون من المتخوّفين من أوروبا، دعم كل اتّفاق يحدّ من نطاق المملكة المتّحدة في تقرير قواعدها ولوائحها.

وقد تزايدت أعداد هؤلاء بسبب التدفّق الكبير لأعضاء جدد في حزب "المحافظين" على حساب المقاعد "العمّالية" السابقة في مناطق الاقتراع الوسطى من المملكة المتّحدة وشمالها. إذ يعتبر الجدد أن تعليماتهم من ناخبيهم تتمثّل في تحقيق الخروج البريطاني من الاتّحاد الأوروبي بأنظف طريقة ممكنة.

وقد زاد بشكل كبير ولافت عدد من قد يقودون تمرّد المشكّكين حيال أوروبا، بسبب التعديل الوزاري الذي شهدته البلاد هذا الأسبوع، مع مغادرة شخصياتٍ متصلّبة حيال الخروج البريطاني من الاتّحاد الأوروبي كأندريا ليدسوم وإستير ماكفي وتيريزا فيليرز مقاعد الحكومة.

وفي ذلك الشأن، يضيف الوزير السابق، "صحيح أن جونسون حصل على غالبية 80 مقعداً في مجلس العموم، لكنه يحتاج إلى أن يقرّر 40 عضواً من "مجموعة الأبحاث الأوروبية في حزب المحافظين" أنه يبيع السيادة البريطانية، كي يتحوّل فجأةً إلى الاعتماد على أصوات المعارضة المؤيدة لصفقة مُلطّفة مع أوروبا".

وكذلك يوضح أنه "كان هناك أكثر من 40 شخصاً على استعداد للتصويت ضدّ صفقة تيريزا ماي، وقد شجّعتهم نتيجة الانتخابات وموعد خروج بريطانيا من الاتّحاد الأوروبي. وبعدما شعر هؤلاء بأن الخروج البريطاني أصبح في جيبهم، باتوا الآن يتطلّعون نحو المزيد. ويُضاف إليهم نواب محافظو] جدد آتوا من الشمال، ويؤيّدون خروج بريطانيا أكثر من الأجيال السابقة من نوّاب الحزب. إذ يعودون إلى مقاعدهم ويذهبون إلى أندية الرجال العاملين الذين يؤيّدون المغادرة البريطانية بقوّة، ولا يريدون سوى رؤية نهاية للهجرة إلى بريطانيا، ولا يُبدون قلقاً كبيراً على اقتصادات المملكة المتّحدة. وكذلك باتوا موضع رقابة لصيقة من حزب "بريكست" وزعيمه نايجل فاراج".

وفي نفسٍ مُشابِه، حذّر الوزير البريطاني السابق من أن تصرفات رئيس الوزراء منذ الانتخابات قد حشرته في الزاوية مع اقتراب الموعد النهائي الذي حدّده في الحادي والثلاثين من ديسمبر (كانون الأول) المقبل، للتوصّل إلى اتّفاق.  

ووفق كلمات الوزير، "يتمثّل السؤال المطروح حقّاً في ما إذا كان بوريس جونسون يفضّل تحطيم الاقتصاد عِبْرَ المضي قدماً مع رفاقه النواب الكبار في عدم إبرام صفقة مع الاتّحاد الأوروبي، ويُسمّى ذلك الآن "خيار أستراليا"، مع كلّ ما يعني ذلك من اضطرابات في التجارة وارتفاعٍ في الأسعار وإغلاق أعمال وخسارة وظائف، إضافة إلى تسجيل إسمه في التاريخ باعتباره رئيس الوزراء المحافظ الذي حطّم وحدة المملكة. في المقابل، هل سيتمثّل خياره في تفضيل أن يكون رئيس الوزراء المحافظ الذي قسّم حزب المحافظين وتوصّل إلى اتّفاق مع بروكسل معتمداً على أصوات المعارضة المؤيدة لصفقة مرنة مع أوروبا".

ويتابع قراءته للموقف، "يبدو أن جونسون قابعٌ الآن في مكانه، لكني أعتقد أن هذه تشكّل النتيجة التي سيواجهها. إذ لم يترك لنفسه هامشاً للمناورة مع هذا الخطاب كلّه من التحدّي في شأن انفصال المملكة المتّحدة عن روابط العلاقات مع أوروبا والإبحار للتفتيش عن شيء جديد حول العالم. إذ يُحبّذ جناح مؤيّدي الخروج البريطاني من الاتّحاد الأوروبي داخل حزبه، ذلك الخيار الأخير. وإذ يطلق العنان لهم، فسيكون من الصعب عليه كبحهم وإقناعهم بأن التمسّك بالروابط التجارية التي لدينا الآن والحفاظ عليها يشكّل الخيار الأفضل".

واستطراداً، يرى الوزير السابق أنه ستكون من المفارقات أن يقرّر جونسون الدخول في صفقة مع نوع من اللعب المتكافئ في شأن قواعد التجارة مع أوروبا، لأن ذلك سيجعل رحيل المملكة المتّحدة عن الاتّحاد الأوروبي في الحادي والثلاثين من يناير (كانون الثاني) المقبل، سيُسهّل له نيل دعم مؤيّدي البقاء في الكتلة الأوروبية من النوّاب المعارضين الذين تلاشى حلمهم في منع الخروج البريطاني من الاتّحاد الأوروبي.

ويختتم الوزير قراءته تلك بالإشارة إلى أنه "إذا ذهب جونسون إلى صفقة مع بروكسل، سيكون معظم نوّاب المعارضة على استعداد لدعمه بدلاً من المخاطرة بحدوث بريكست في ظل عدم وجود صفقة، خصوصاً لأن خيار إلغاء المغادرة لم يعد مطروحا. إننا الآن أمام "صفقة أو لا صفقة، وليس "صفقة أو عدم خروج بريطانيا من الاتّحاد الأوروبي"، ما من شأنه تغيير الحسابات جميعها. وفي النهاية، سيعود إلى لبوريس جونسون الاختيار، لأنه من المستطاع أن تتأمّن غالبيّة برلمانية إلى جانب الصفقة، لكن حزبه قد لا يغفر له أبداً ذلك".

© The Independent

المزيد من تحلیل