Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

شركة "طيران الشرق الأوسط" تتراجع عن قرارها حصر الدفع بالدولار

نصرالله يدعو إلى مقاطعة البضائع الأميركية لأن ذلك "يؤلم" واشنطن

يمتلك مصرف لبنان المركزي غالبية أسهم شركة "ميدل إيست" (رويترز)

تراجعت شركة طيران الشرق الأوسط اللبنانية (ميدل إيست - MEA)، التي يمتلك المصرف المركزي غالبية الأسهم فيها، مساء الأحد عن قرارها الذي اتخذته في وقت سابق والقاضي بأنها ستبدأ اعتباراً من الاثنين 17 فبراير (شباط) التعامل بالدولار الأميركي حصراً، ما أثار غضب اللبنانيين، الذين يعيشون مرحلة انهيار اقتصادي وأزمة سيولة حادة تشهدها البلاد منذ أشهر.

وأعلنت "شركة طيران الشرق الاوسط" أنه بناءً لطلب رئيس مجلس الوزراء الدكتور حسان دياب قررت إدارتها إلغاء قرار بيع بطاقات السفر في مكاتب الشركة بالدولار الاميركي حصراً، على أن تُعقد اجتماعات لاحقة لبحث تفاصيل وأسباب هذا القرار للتوصل إلى ايجاد الآليات والحلول التي من شأنها أن تراعي مصلحة المواطنين وواقع الشركة.
وعطفاً على البيان الصادر عن نقابة أصحاب مكاتب السفر والسياحة حول توحيد تسعير بطاقات السفر، أوضح مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية أن الرئيس ميشال عون، بعد مراجعته من قبل النقابة، طلب توحيد تسعير بطاقات السفر من خلال تطبيق القوانين اللبنانية بحيث يكون بالليرة اللبنانية.

 

وكانت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية أوردت في وقت سابق، أن شركة طيران الشرق الأوسط وشركات الطيران العاملة في لبنان، تبدأ "اعتباراً من يوم غد الاثنين، بقبول الدفع بالدولار الأميركي فقط، للراغبين في السفر على متنها". وأضافت الوكالة أن شركات الطيران "ستقبل بطاقات الدفع كافةً إضافة إلى الشيكات المصرفية، شرط أن تكون العملية بالعملة الأجنبية"، مشيرةً إلى أنه "بإمكان المسافرين تسديد رسوم الحمولة الزائدة ورسوم تعديل الحجز بالليرة اللبنانية" في مطار بيروت.

ارتفاع سعر الصرف

وعلى الرغم من الأزمة الاقتصادية، أبقت شركة "ميدل إيست" خلال الأشهر الماضية على قبولها الدفع بالليرة اللبنانية وفق سعر الصرف الرسمي المثبت عند 1507 للدولار الواحد، بينما يتخطى سعر الصرف في السوق الموازية الألفي ليرة ووصل في فترات إلى 2400 ليرة للدولار. في المقابل، كانت شركات السياحة والسفر تطلب الدفع بالدولار أو بالليرة اللبنانية بحسب سعر الصرف في السوق الموازية، ما دفع الزبائن إلى التوجّه إلى مكاتب "ميدل إيست" مباشرةً لشراء تذاكرهم.

ويأتي قرار "الميدل إيست" في وقت يعاني المواطنون للحصول على أموالهم من المصارف التي شدّدت تدريجياً منذ الصيف القيود على العمليات النقدية والسحب، خصوصاً بالدولار، والتحويلات إلى الخارج. وبات السقف المسموح به في عدد من المصارف لا يتخطى 600 دولار شهرياً. وبدلاً من الحصول على النقد، باتت المصارف تعطي المواطنين شيكات مصرفية بأموالهم، لدفع مستحقاتهم.

إخبار للنيابة العامة

وفور إعلان النبأ، توالت الردود والتعليقات المندّدة بالقرار من قبل السياسيين، وأبرزهم رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، الذي اتهم الشركة بالاحتكار ودعا تياره إلى تقديم إخبار للنيابة العامة بحقها. كما هاجم باسيل حاكم مصرف لبنان رياض سلامة متهماً إياه بعد الإجابة عن الأسئلة حول التحويلات المالية للخارج في الآونة الأخيرة، مضيفاً "المصرف بخدمة الدولة ومش الدولة بخدمة المصرف". 

 

غير أن وسائل إعلام محلية تداولت بياناً قيل إنه صادر عن نقابة أصحاب مكاتب السفر والسياحة في لبنان، شكرت فيه المساهمين في التوصّل إلى هذا القرار و"على رأسهم رئيس الجمهورية ميشال عون"، وهو مؤسس التيار الوطني الحر، ما أثار تساؤلات حول دوره في المسألة التي اعتبرت خارجة عن القانون. 

لكن في وقت لاحق، أوضح مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية أن عون، وبعد مراجعته من النقابة، طلب توحيد التسعير لبطاقات السفر من خلال تطبيق القوانين اللبنانية بحيث يكون التسعير بالليرة اللبنانية. 

 

النائب جميل السيد شنّ بدوره هجوماً على مدير عام الـ "ميدل إيست" محمد الحوت، قائلاً في تغريدة "الميدل إيست قررت استيفاء ثمن تذاكر الطيران بالدولار، هي شركة مملوكة من الدولة يعني من الشعب اللبناني، الدولة تدفع وتقبض بالليرة، هكذا يقول قانون النقد وموازنة 2020. محمد الحوت إنت موظف عند الناس، مش صاحب شركة خاصة فيك! بدك مصاري للشركة؟ خفف بعزقة وتنفيعات وتوظيف بلا طعمة".

غضب ودعوات إلى المقاطعة

كما أثار قرار "الميدل إيست" استياء ناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، وكتب أحدهم "الميدل إيست تابعة للدولة اللبنانية، (هذه) مخالفة فاضحة للقوانين... نحن لا نتجه نحو الانهيار، نحن في وسط الانهيار".

 

كما خرجت دعوات على مواقع التواصل الاجتماعي إلى مقاطعة الشركة، وكتب أحدهم على تويتر "قاطعوا طيران الشرق الأوسط. الطيران الذي يضع أرزة لبنان على طائراته إلّا أنّه لا يقبل الدفع بالليرة اللبنانية. قاطعوا من يعمل على إذلال اللبنانيين وحبسهم كأنّهم تحت الإقامة الجبرية".

زحمة لشراء التذاكر

وانتشر فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي لزحمة مواطنين مصطفين بالدور في مكتب شركة طيران الشرق الأوسط في مطار بيروت، سعياً لابتياع التذاكر بالليرة اللبنانية قبل سريان مفعول القرار غداً الاثنين.  

 

وتعدّ الأزمة الاقتصادية الراهنة وليدة سنوات من النمو المتباطئ، مع عجز الدولة عن إجراء إصلاحات بنيوية. وبلغ الدين العام نحو 92 مليار دولار، أي ما يعادل أكثر من 150 في المئة من إجمالي الناتج المحلي.

ويتزامن الانهيار الاقتصادي المتسارع مع مخاوف من عدم تمكّن لبنان من سداد جزء من الدين العام المتراكم والذي سيستحق في مارس (آذار) المقبل.

ودعت جمعية المصارف الأربعاء إلى ضرورة تسديد سندات اليوروبوندز في موعدها حفاظاً على ثقة المستثمرين بلبنان، في خطوة حذّر محللون من أنها ستفاقم الوضع سوءاً ومن شأنها إضعاف احتياطي العملات الأجنبية في هذه المرحلة الدقيقة التي تمرّ بها البلاد.
 


مقاطعة أميركا

في موازاة ذلك، دعا الأمين العام لـ "حزب الله" حسن نصرالله، في كلمة ألقاها اليوم الأحد إلى مقاطعة البضائع الأميركية، معتبراً أن ذلك "يؤلم أميركا فلماذا لا نلجأ إلى هذا الخيار؟".
ودعا نصرالله الأحد إلى منح الحكومة الجديدة "فرصة معقولة" لتعمل على منع لبنان من الانهيار في ظل شح السيولة وارتفاع أسعار المواد الأساسية وفرض المصارف إجراءات مشددة على العمليات النقدية وسحب الدولار. كما تنتظر البلاد استحقاقات مهمة، على رأسها تسديد جزء من الدين العام المتراكم الشهر المقبل.
وقال نصرالله الذي أطل عبر شاشة عملاقة إنه يجب إعطاء الحكومة الحالية "فرصة معقولة... ومهلة زمنية معقولة منطقية لتساهم في منع الانهيار، لتمنع السقوط، تمنع الإفلاس".
واعتبر أن "مسؤولية الجميع أن يساعدوا هذه الحكومة، في الحد الأدنى ان يسمحوا لها بأن تعمل، ولا يحاربوها".
وشكّل حسان دياب الحكومة في 21 يناير (كانون الثاني) الماضي، من 20 وزيراً غير معروفين بغالبيتهم ومن الأكاديميين وأصحاب الاختصاصات، بدعم من "حزب الله" وحلفائه ومقاطعة أحزاب أخرى على رأسها تيار المستقبل بزعامة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري.
ويرى محللون أن الحكومة الجديدة ليست سوى واجهة لفريق سياسي واحد مؤلف من حزب الله وحلفائه، كما يرفضها متظاهرون معتبرين أنها لا تحقق مطالب رفعوها منذ أشهر بتشكيل حكومة من اختصاصيين ومستقلين تماماً عن الأحزاب التي يطالبون منذ أشهر بخروجها من السلطة.
واعتبر نصرالله أن الحكومة تنتظرها "مهمات شبه مستحيلة" كون "الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي في حالة خطرة"، مشدداً على أن "الفشل اليوم نتائجه على مستوى الوطن وليس على القوى السياسية الداعمة للحكومة". وأضاف "نأمل وندعو ونرجو ونعمل لكي تنجح، أعطيناها الثقة وندعمها ولا نتخلى عنها ولن نتخلى عنها"، داعياً إلى عدم تصنيفها "بحكومة حزب الله" كون ذلك "يؤذي لبنان، يؤذي إمكانيات المعالجة، ويؤذي علاقات لبنان العربية والدولية".
ويشهد لبنان أزمة اقتصادية غير مسبوقة في تاريخه الحديث. وبلغ الدين العام نحو 92 مليار دولار، أي ما يعادل أكثر من 150 في المئة من إجمالي الناتج المحلي.
ويتزامن الانهيار الاقتصادي المتسارع مع اقتراب استحقاق سندات اليوروبوندز بقيمة 1.2 مليار دولار، ما يثير جدلاً في لبنان وسط انقسام حول ضرورة تسديده في موعده في التاسع من مارس (آذار) المقبل أو التخلف عنه.

المزيد من اقتصاد