Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

جامعات أميركية تخضع للتحقيق بسبب تمويل من الصين وقطر

هدف أعداء الولايات المتحدة إبراز القوة الناعمة وسرقة المعلومات

جامعة جورج تاون في العاصمة الأميركية واشنطن (أ.ف.ب)

أثار البيان الذي أصدرته وزارة التعليم الأميركية، الأربعاء الماضي، حول التحقيق مع عدد من الجامعات المرموقة بسبب عدم الإبلاغ عن حقيقة تمويلات تتلقاها من جهات أجنبية، منها الصين وروسيا وقطر وإيران ودول أخرى، كثيراً من علامات الاستفهام حول مغزى هذه الاتهامات وتوقيتها، والأسباب التي دعت السلطات الفيدرالية إلى الإسراع بالتحقيق مع أكثر جامعات الولايات المتحدة شهرة ومكانة، مثل جامعتي ييل وهارفارد. وما الذي سينتهي إليه الصراع بين المؤسسات التعليمية العريقة والسلطات الفيدرالية؟

لماذا ييل؟

يشير البيان الصادر عن وزارة التعليم الأميركية، الذي اطلعت "اندبندنت عربية" على نسخة منه، إلى أن الوزارة اكتشفت خلال الأسابيع الماضية أن جامعة ييل، التي تعد واحدة من جامعات رابطة (آيفي) المرموقة في شمال شرقي الولايات المتحدة، لم تبلغ عن 375 مليون دولار تلقتها من جهات أجنبية في شكل عقود ومنح.

وتأكدت الوزارة من أن الجامعة اختارت عدم الإبلاغ عنها على مدى أربع سنوات، بين 2014 و2017، بما يخالف الفقرة 117 من قانون التعليم العالي، التي تطالب الجامعات بالإبلاغ عن الأموال التي تزيد على ربع مليون دولار من المساهمات الأجنبية، سواء كان ذلك من حكومات أو شركات أو مؤسسات أو أفراد.

ويبدو أن تبرعاً تلقته ييل بقيمة 30 مليون دولار من جوزيف تساي نائب الرئيس التنفيذي لشركة علي بابا الصينية العملاقة، التي تعد واحدة من أكبر الشركات الصينية والعالمية، هو ما حفز الوزارة على التحرك، على الرغم من أن الجامعة تقول إن التبرع يخص مركز بول تساي في كلية القانون، تكريماً لاسم والد جوزيف الذي تخرج في الجامعة في خمسينيات القرن الماضي وسُمي المركز باسمه. 

لكن وزارة التعليم أوضحت أن جهودها من أجل تنفيذ القانون، التي انطلقت منذ يوليو (تموز) الماضي، تستهدف الإبلاغ عن 6.5 مليار دولار من الأموال الأجنبية التي تلقتها الجامعات ولم تكشف عنها، ومنها 10 جامعات أبلغت عن 3.6 مليار دولار على رأسها ييل، وجامعات أخرى هي كورنيل وكولورادو بولدر وبنسلفانيا وبوسطن وشيكاغو وتكساس أيه آند أم وكارنيغي ميلون ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، ومركز أندرسون لبحوث السرطان في تكساس.

الصين وقطر وغيرهما

ويحدد الخطاب الذي وجهته الجهات الرقابية في وزارة التعليم إلى المسؤولين في جامعة ييل، قائمة طويلة من المطالبات بالكشف عن حجم التبرعات والمنح والعقود التي تلقتها الجامعة من جهات أجنبية اعتباراً من أول يونيو (حزيران) 2014 وحتى الآن. وتشمل القائمة ما حصلت عليه الجامعة من الحكومة الصينية واللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، وشركة هواوي الصينية، وشركة زد تي إي الصينية، وأكاديمية يانشينغ في بكين، وجامعة سنغافورة الوطنية، وحكومة قطر ومؤسسة قطر للتعليم والعلوم وتنمية المجتمع، وصندوق البحوث الوطني القطري، والمواطنين القطريين أو من ينوب عنهم.

ويعود سبب قلق وزارة التعليم إلى أن الجامعات الأميركية تلتمس وتطلب تمويلات من الحكومات الأجنبية أو الشركات والأفراد الأجانب، على الرغم من أن بعض المتبرعين والمساهمين يتسمون بالعداء تجاه الولايات المتحدة، وربما يسعون إلى إبراز القوة الناعمة لديهم أو سرقة المعلومات وحقوق الملكية الفكرية أو بحوث التطوير ونشر الدعاية التي تعود بالنفع على الحكومات الأجنبية.

مخاوف أوسع

وأشارت صحيفة "وول ستريت جورنال" إلى أن شركة هواوي لديها قدرات على اختراق شبكات الهواتف النقالة حول العالم عبر الأبواب الخلفية، ما يجعل الولايات المتحدة متشككة في أي تعاون لها مع الجامعات الأميركية. بينما يحذر البعض في واشنطن من تعاون الجامعات الأميركية مع دول صغيرة، تسعى إلى تحقيق نصر معنوي وتعزيز قوتها الناعمة أو نقل المعلومات التي بحوزتها إلى طرف ثالث معاد على الرغم من أن هذه الدول حليفة لواشنطن.

أكثر من ذلك، فإن هذا التعاون قد يكون مقيداً بشروط تضر بالحريات الأكاديمية، وفق ما حذرت اللجنة الفرعية الدائمة للتحقيقات التابعة للجنة الشؤون الحكومية والأمن الداخلي في مجلس الشيوخ، التي أصدرت العام الماضي تقريراً مطولاً حول تأثير الصين في النظام التعليمي الأميركي.

ويخشى مسؤولون في إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب ومجموعة من الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الكونغرس، من أن تسعى الصين وغيرها من الخصوم الأجانب إلى استخدام التبرعات أو البحوث المشتركة للوصول إلى معرفة علمية تسمح لهم بتحقيق الأهداف الاستراتيجية القومية وجسر الهوة الاقتصادية أو العسكرية مع الولايات المتحدة.

هل هارفارد متورطة؟

تلقت جامعة هارفارد الأميركية، التي ظلت تمثل الجامعة رقم واحد في العالم لعدة عقود، خطاباً مماثلاً من وزارة العدل الأميركية ولكن أخف وطأة منه. إذ طالبت الوزارة الجامعة بالكشف عن سجلاتها الخاصة بالمنح والعقود، التي تشمل دولاً أجنبية بما في ذلك الحكومات الصينية والقطرية ودول أخرى في منطقة الخليج مثل إيران ومؤسسة علوى الإيرانية، فضلاً عن مركز أمن الكومبيوتر كاسبرسكي الروسي ومؤسسة سكولكوفو.

غير أن الأهم هو ما أشارت إليه الوزارة حول توقيف تشارلز ليبر، رئيس قسم الكيمياء الحيوية في جامعة هارفارد، واتهامه بالكذب على السلطات الفيدرالية حول علاقته بمشروع ألف موهبة الذي تموله الحكومة الصينية، واعترافه بأن هارفارد تفتقر إلى الضوابط المؤسسية الكافية للإشراف الفعال وتتبع التبرعات المالية الضخمة.

وتشير تقارير صحافية أميركية إلى أن ليبر أبرم عقداً مربحاً مع جامعة ووهان الصينية للتكنولوجيا، التي أثيرت حولها تقارير تتعلق بدورها في انتشار فيروس كورونا القاتل.

ووفقاً لصحيفة "هارفارد كريمسون"، فإن خطاب وزارة التعليم هو جزء من عملية تحقيق مستمرة مع العديد من الجامعات الأميركية ذات العلاقة بالحكومات الأجنبية.

جامعات كثيرة

يشير تقرير مجلس الشيوخ الأميركي، الذي قاده السيناتور الجمهوري روب بورتمان والسيناتور الديمقراطي توم كاربر، إلى أن 70 في المئة من الجامعات الأميركية التي تلقت تمويلاً يفوق ربع مليون دولار من الصين أو مراكز ومؤسسات تابعة لها لم تبلغ وزارة التعليم بها، بينما أبلغت 15 جامعة فقط عن تلقيها 15.5 مليون دولار بين عامي 2012 و2018.

ولفهم طبيعة ما تنفقه الصين في الولايات المتحدة، طلبت لجنة مجلس الشيوخ السجلات المالية من 100 جامعة، حيث تبين من خلالها أن مؤسسة هانبان التي تعد إحدى أذرع الحكومة الصينية أنفقت 113.5 مليون دولار في هذه الجامعات. وهو مبلغ يزيد بمقدار سبعة أضعاف عن ذلك المبلغ الذي أبلغت به وزارة التعليم. كما أن متوسط عدد الجامعات التي أبلغت عن تلقيها أموالاً أجنبية كان أقل من 300 جامعة سنوياً، من إجمالي 6000 جامعة تنتشر في أرجاء الولايات المتحدة.

وأوضحت البيانات أن غالبية الأموال الأجنبية تدفقت على 50 جامعة أميركية كبرى.

ردود جامعية

وعلى الرغم من الانتقاد الشديد الذي وجهته وزارة التعليم بقيادة الوزيرة بيتسي ديفوس إلى الجامعات الأكثر شهرة في العالم بأنها مؤسسات متعددة الجنسية لديها مليارات الدولارات وتستخدم مؤسسات غير شفافة، وأن هذه الأموال لا تؤدي إلى خفض رسوم تعليم الطلاب، إلا أن مسؤولين في جامعة هارفارد اعتبروا أن المخاوف الأمنية الأوسع للحكومة الأميركية مبالغ فيها أو حتى تمييزية، وقالوا إنه يجب ألا تكون هناك قيود على الأبحاث طالما أنها علنية وستنشر على أي حال.

وأكدوا أن التعاون الدولي - بخاصة مع الصين - ضروري لتعزيز الاكتشافات العلمية التي ستفيد البشرية.

وكشفت متحدثة باسم معهد ماساتشوستس للتقنية أن تقارير الجامعة عن المنح والعقود الأجنبية تستند إلى "عمليات مطورة" منذ يناير (كانون الثاني) 2019، وأنها ملتزمة بالعمل بشكل بناء مع المسؤولين الفيدراليين.

كما أعلنت متحدثة باسم جامعة جورج تاون أن الجامعة تأخذ على محمل الجد التزاماتها المتعلقة بالإبلاغ عن التبرعات والمساهمات الأجنبية، وأنها تكشف بانتظام عن مدفوعات تقدمها مؤسسة قطر، التي ترعى حرم جامعة جورج تاون في الدوحة، والمنح المتعلقة بمركز الأمير الوليد بن طلال للتفاهم الإسلامي- المسيحي في الجامعة.

أما جامعة ييل فقد أصدرت بياناً أكد ما تقوله وزارة التعليم في أنها فشلت في الإبلاغ عن التمويلات الأجنبية، لكنها أوضحت أنها أفصحت عن بيانات السنوات الأربع المفقودة في شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، وأن تقريرها حُدث الآن.

المزيد من تقارير