Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

اتهامات باللعب على التناقضات تطاول أحزابا إسلامية في الجزائر

بررت موقفها بضرورة التكيف والتعامل مع الواقع الجديد في البلاد

جزائريون يتظاهرون في العاصمة للمطالبة بدولة مدنية (أ. ف. ب.)

يُتهم التيار الإسلامي في الجزائر من قبل بعض الجهات السياسية بممارسة سياسة اللعب على الحبال المتناقضة، فبعد رفض الأحزاب التي تدور في فلكه مبدأ إجراء الانتخابات الرئاسية في 12 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ورفضها المشاركة فيها والاعتراف بنتائجها، إضافة إلى الطعن بشرعية الرئيس عبد المجيد تبون. إلا أن أحزاباً من هذا التيار سارعت في الآونة الأخيرة نحو قصر الرئاسة للجلوس مع الرئيس.
وفي تناقض فاضح، اجتمع زعيم "حركة مجتمع السلم" عبد الرزاق مقري، ورئيس "جبهة العدالة والتنمية" عبدالله جاب الله مع تبون في قصر الرئاسة استجابةً لدعوة أطلقها الأخير في إطار التشاور مع الطبقة السياسية، بعدما كان الحزبان الإسلاميان يرفضان الاعتراف بنتائج الانتخابات الرئاسية، ما فتح أبواب الانتقادات على مصراعيها في أوساط المعارضة والتيار الإسلامي بخاصة، بسبب ما اعتبره هؤلاء غياباً للجدية في التعاطي مع الأحداث والوقائع واعتماداً للازدواجية والمراوغة، بشكل يكشف عن تخبط التيار وضياع بوصلته بعد خسارته في الشارع.
وأعلنت "حركة مجتمع السلم" بعد جلوس قياداتها مع الرئيس تبون، أن "اللقاء ميّزه تقارب كبير في وجهات النظر". وقالت إن "أولى القضايا التي تم تناولها هي الإصلاحات، وضرورة الذهاب إلى انتخابات تشريعية ومحلية حرّة ونزيهة، بعد التعديل الدستوري وقانون الانتخابات".
وكانت حركة مجتمع السلم أكدت في الماضي، مشاركتها في انتخابات العهدة الخامسة للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، من خلال رئيسها مقري، ثم دعت صراحةً وسط استغراب الشعب الجزائري إلى تمديد العهدة الرابعة لبوتفليقة عاماً إضافياً مع بدايات الحراك الشعبي.
 

انتقادات شديدة
 

وقال المحلل السياسي مومن عوير إن "اقتراح حركة مجتمع السلم تمديد العهدة الرابعة للرئيس المستقيل، عرّضها لانتقادات شديدة، فتراجع موقعها على الساحة السياسية"، لافتاً إلى أنها "حاولت استرجاع مكانتها لدى الرأي العام بإعلان دعمها للحراك ومباركتها معظم المطالب المرفوعة". وتابع عوير أن "لرفض الحركة المشاركة في الانتخابات الرئاسية الأخيرة خلفيات سياسية، فهي حاولت مغازلة الرافضين من الحراك الشعبي من أجل كسبهم لمصلحتها في المستقبل القريب، ومن أجل التموقع بقوة في الساحة".

وأوضح عوير أن "المعروف عن الحركة أنها شاركت في كل المحطات الانتخابية خلال فترة حكم بوتفليقة، وعليه فإن التبرير الذي اختفت وراءه والمتعلق بتخوفها من التزوير بسبب غياب الشفافية وآليات الرقابة النزيهة، ليس كافياً لرفض المشاركة في الانتخابات الرئاسية".

في السياق ذاته، زار جاب الله قصر الرئاسة وجلس مع تبون وعرض آراءه ومقترحاته، بعدما كان يرفض الاعتراف بشرعية الأخير. وقال في أول تصريحاته عقب الاجتماع، إن "اللقاء دار حول كيفية بناء دولة تجسّد الوفاء لشهداء الثورة من جهة، وتقوى على تحقيق آمال الأمة وآمال الشعب المشروعة، بأن يعيش حياة كريمة وهنيئة، وأن يتمتع بنظام قانوني عادل يؤمّن فيه على مقومات شخصيته من دين ولغة وتاريخ، وعلى مصالحه ونفسه وماله وعرضه وممتلكاته". وأضاف "قدمنا رؤيتنا واقتراحاتنا في هذه المسائل، وأؤكد استعدادنا الصادق لتقديم النصح والاقتراحات اللازمة والكفيلة بتحقيق مطالب الشعب".
في المقابل، علّق النائب السابق عدة فلاحي على تلك التصريحات بالقول إن "جاب الله كعادته وفي كل الحالات... يتهم تبون بأنه من العصابة وبأنه استنساخ لها وبعدها يهرول إلى قصر الرئاسة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


واقع جديد

في المقابل، يعتبر القيادي في "حركة مجتمع السلم"، الرئيس السابق لمجلس الشورى فيها، عبد الرحمن سعيدي أنه "نظراً إلى المواقف والتصريحات السابقة لعبد الرزاق مقري ومواقفه الجديدة يظهر أن هناك تناقض، وسواء تعلق الأمر به أو بجاب الله وإن اختلفا في تبرير مواقفهما من الانتخابات، فإن موعد 12 ديسمبر 2019 تحقق وفرض معه واقعاً سياسياً جديداً مع رئيس جديد"، مضيفاً أنه "كان الأجدى بالأحزاب والشخصيات التي كانت متحفظة على الانتخابات أو رافضة لها، أن تأخذ في الحسبان بلوغ هذا الوضع، واتخاذ مواقف تسمح لها بالقيام بدور ما فيما بعد، لأن اتخاذ موقف منغلق ثم التراجع إلى آخر منفتح يضع الشارع أمام الغموض".
وتابع سعيدي أن "الواقع الجديد يضع اولويات و اهمها تعديل الدستور وملفات أخرى ذات شأن، ما دفع الأحزاب إلى مراجعة مواقفها أو الخروج من دائرة المواقف السابقة إلى الجديدة، وختم أنه "يظهر للمراقب وجود تناقضات، بينما الاحزاب والشخصيات المعنية ترى أنها تتكيف مع الوضع، وعليه فالقراءات التي تتحدث عن تناقضات، هي موضوعية، بينما في الحقيقة هي مسايرة للواقع الجديد".
من جانبه، قال لخضر بن خلاف رئيس مجلس الشورى التابع لـ "جبهة العدالة والتنمية" إن "الوضع الذي كانت عليه البلاد يقتضي اتخاذ موقف مقاطعة الانتخابات تماشياً مع مطلب عموم الشعب الجزائري". وأوضح أن في مرحلة ما قبل الانتخابات كان هناك وضع و بعد تاريخ 12 ديسمبر 2019 وضع آخر، إذ بات لدينا رئيس واقعي، وعليه فحضور جبهة العدالة والتنمية بوفدها تلبيةً لدعوة الرئيس تبون، هدفها إجراء حوار شامل وواسع. وقدمت نظرتها في حل الأزمة التي تعيشها البلاد في مختلف المجالات وعلى كل المستويات". وأضاف "لا نرى تناقضاً بين الموقف الذي كان قبل الانتخابات والموقف الذي اتخذناه بعدها والمتمثل في الاستجابة لدعوة تبون".


توجهات أخرى

من جهة أخرى، تنتظر حركات "الإصلاح" و"النهضة" و"البناء" دورها للقاء الرئيس بعدما دعمت مبدأ إجراء الانتخابات. وكانت "الإصلاح" اختارت دعم تبون للرئاسة وكسبت الرهان، بينما تركت "النهضة" الحرية لمناصريها في اختيار المرشح الذي يريدونه، بينما قدمت "البناء" مرشحاً رئاسياً هو عبد القادر بن قرينة.
أما أستاذ العلوم السياسية في جامعة وهران (غرب)، أحمد ضيف الله فقال إن "الحراك تجاوز الأحزاب بمختلف مشاربها وخلفياتها الفكرية، والتيار الإسلامي الذي أصابته الشروخ والانقسامات، بادر إلى مغازلة الرئيس تبون خشية خسارة مواقعه عشية الانتخابات البرلمانية والمحلية المنتظرة نهاية السنة الحالية، بعد مواقف "مخزية" اتخذها حيال قضايا عدة في زمن حكم بوتفليقة وما بعد بدء الحراك الشعبي"، موضحاً أن يُعدّ "محاولة للتكفير عن الذنوب".

المزيد من العالم العربي