Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجزائر... مسيرة 22 فبراير تتواصل وسط ترقب ردّ فعل السلطة

تستعد حركة مواطنة لحركة احتجاجية في 24 فبراير(شباط) وسط العاصمة الجزائرية، بينما جرى تداول دعوات للطلاب إلى التظاهر في 26 فبراير من نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي

يتواصل حراك الشارع المناهض لترشح الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة للمرة الخامسة على التوالي، وسط ترقب لرد فعل النظام الذي يلتزم الصمت، بينما تدعوه أحزاب المعارضة إلى فهم رسالة الشعب والاستجابة لمطالبه في التغيير، تفادياً للأسوأ.

العاصمة تتنفس

في مشهد استثنائي غير مسبوق في العاصمة الجزائرية، تجمع المواطنون لليوم الثاني على التوالي في أحد أشهر ساحاتها ذات الدلالة الرمزية، حيث تمثال الأمير عبد القادر، استجابة لدعوة أحد أبرز المرشحين للرئاسيات المقبلة، وهو رشيد نكـاز. إذ نجح المرشح في استقطاب شرائح واسعة من المواطنين، خصوصاً فئة الشباب، بأسلوبه البسيط واحتكاكه المباشر بالشعب والإصغاء إلى انشغالاتهم. ولبىّ الآلاف من المتظاهرين في العاصمة الجزائرية، نداءات رشيد نكاز، التي أطلقها عبر صفحته الرسمية على فيسبوك، بعدما جاب مناطق عدة من ولايات الوطن لجمع توقيعات اكتتاب الترشح لرئاسيات 18 أبريل (نيسان) 2019.

رفع الشعارات المناهضة للولاية الخامسة

وتحت طوق أمني محكم، وانتشار عناصر الأمن بالزيّ الرسمي والمدني، حشد رشيد نكاز آلافاً من مناصريه والفضوليين الذين تنقلوا في المكان ذاته، هاتفين باسمه، مستغلين الفرصة لإعادة رفع الشعارات المناهضة للولاية الخامسة، مظهرين سخطهم الشديد على القنوات التلفزيونية الحكومية والخاصة التي تجاهلت "مسيرات الجمعة" الرافضة لترشح بوتفليقة، وسط حديث عن تعليمات فوقية. غير أن أنصار المترشح رشيد نكاز، فوجئوا بعد تجمعهم في قلب العاصمة، بإعلان مديرية حملته الانتخابية بخبر اعتقاله من قوات الأمن الجزائري. وهذه المرة الثانية التي يترشح فيها للرئاسيات، بعدما عجز عن تقديم ملف ترشحه إلى المجلس الدستوري في انتخابات الرئاسة في العام 2014، بسبب "تعرض التوقيعات التي جمعها للسرقة"، وهو ما صرح به للصحافة يومها. وفي مقابل ذلك، تستعد حركة مواطنة التي تضم نشطاء سياسيين وحقوقيين معارضين، لشن حركة احتجاجية يوم 24 فبراير وسط العاصمة الجزائرية، بينما جرى تداول دعوات للطلاب إلى التظاهر يوم 26 فبراير، من نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي.

فهم الرسالة

الأحزاب المعارضة في الجزائر ساندت المسيرات السلمية التي تشهدها مدن جزائرية عدة للمطالبة بسحب الرئيس بوتفليقة ترشحه، داعية النظام الجزائري إلى الاستجابة فوراً لمطالب التغيير. وقال حزب طلائع الحريات الذي يقوده رئيس الحكومة الأسبق علي بن فليس "لقد عبّر الشعب الجزائري، يوم 22 فبراير، عن رفضه القاطع للعهدة الخامسة، ولتسيير البلد من  قوى غير دستورية وللرشوة المعممة التي لوّثت كل الدولة"، ليتابع في بيان صادر عنه "خطوات الخروج من الأزمة تبدأ بالتراجع عن العهدة الخامسة، وهو مطلب وضرورة وطنية للحفاظ على استقرار البلد ووحدة الأمة ودوام الدولة الوطنية". وحرص حزب طلائع الحريات على تأكيد "ذهاب الحكومة الحالية المرفوضة شعبياً من كل جهات الوطن، وتعويضها بحكومة من شخصيات وطنية مستقلة بعيدة من كل الشبهات وتتمتع بالكفاءة والنزاهة، تُكلّف بضمان حكم ناجع للبلد وتوفير شروط تحضير الانتخابات التي تمكّن الشعب الجزائري السيّد من التعبير الحرّ في اختيار من يسيّرون شؤونه".

لحوار ينظّم فترة انتقالية

في مقابل ذلك، دعا حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، إلى حوار تشرف عليه لجنة من الحكماء لتنظيم فترة انتقالية، تفضي، في أقرب وقت ممكن، إلى تنظيم انتخابات عامة نزيهة وشفافة تخرج منها مؤسسات تملك الشرعية والصدقية، "وهذا يفرض قبل كل شيء رحيل هذه الحكومة وتشكيل حكومة خلاص وطني تشرع في تطبيق الإجراءات التي يجب أن تعيد البلد إلى السيادة الشعبية". وأشار الحزب العلماني الذي أعلن مقاطعته رئاسيات العام 2019 إلى أنه "يجب على أنصار ترشح بوتفليقة أو ترشح بديل آخر للحفاظ على نظام قمعي، أن يستخلصوا العبرة الوحيدة التي جاء بها استفتاء 22 فبراير، ألا وهي نهاية النظام الذي ظل جاثماً منذ 1962". في مقابل ذلك، طالب المرشح للانتخابات الرئاسية، الجنرال المتقاعد، علي غديري، السلطة بالإصغاء إلى رغبة الشارع في التغيير، واصفاً "المسيرات الرافضة للعهدة الخامسة بالتسونامي"، وقال في ندوة صحافية "أملنا، أن يرحل الرئيس بوتفليقة مكرّماً معزّزاً"، محمّلاً المحيطين به مسؤولية هذا الوضع الذي تعيشه البلاد".

مفاجأة غير متوقعة

في السياق ذاته، أعلنت جمعية العلماء المسلمين في الجزائر، معلقّة على المسيرات الاحتجاجية التي تشهدها البلاد "أننا نبعث بنداء نجدة واستغاثة، وعويل مصحوب بوعي، وحزم، وعزم جليل، أن لا تستهينوا بهدير الغليان، الذي ينبعث من الشعوب"، وتابعت "فإن ما هو غليان اليوم يوشك أن يتحول إلى فيضان، وإلى طوفان غداً، ويومها يتسع الخرق على الراقع... وسنبكي. جميعاً بدموع النساء، مجداً، لم نحافظ عليه بعزيمة الرجال... إلى متى هذا الغليان في الأوطان؟".

 صوت الداعمين للخامسة يخفت

على الجهة الموازية وضعت الاحتجاجات الرافضة ترشح بوتفليقة لولاية خامسة، معسكر الداعمين له، في ورطة حقيقية، خصوصاً بعدما أظهر المحتجون سلمية كبيرة ووعياً حظي بإطراء من الجميع، وبدا حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم، مرتبكاً، بعدما عقد منسقه العام معاذ بوشارب تجمعاً شعبياً في مدينة وهران غرب العاصمة، محاولاً استعطاف الجزائريين بتذكيرهم بالإنجازات التي شهدتها الجزائر في فترة حكم الرئيس بوتفليقة، على حد تعبيره. وكرّر بوشارب وهو رئيس مجلس النواب، خطاب التخويف من اللجوء إلى الشارع قائلاً "في دول تعرفونها خرج فيها المتظاهرون بعشرات الآلاف من أجل مطالب سياسية واجتماعية، وفي آخر المطاف حين تسرّبت بعض طوائف الفتنة ضاع حلمها فلا نالت مطالبها ولا تحققت أهدافها". أما رئيس تجمع أمل الجزائر، عمار غول، وهو أحد أحزاب الائتلاف الرئاسي، فوجد نفسه مجبراً على الإشادة بالسلوك الحضاري للمواطنين، الذين خرجوا في مسيرات سلمية حاشدة للمطالبة بالتغيير السياسي. بعدما وصف سابقاً، دعوات الخروج إلى الاحتجاج في الشارع بـ "الفوضى  وضرب استقرار الوطن". بالتوازي مع ذلك، تلتزم الحكومة ورئاسة الجمهورية الصمت حيال تظاهر آلاف الجزائريين في الشارع بطابع عفوي وسلمي، لكن، من الصعب التكهن بمستقبل الحراك ورد فعل السلطات.

المزيد من العالم العربي