Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سيارات تيسلا الكهربائية تتغلب على عمالقة القطاع

فاجأت سرعة التغيير التكنولوجي الصناع التقليديين للمركبات خصوصاً الأتمتة الكاملة للقيادة

تتقدم السيارات الكهربائية والمؤتمتة بشكل يحرج صناعة المركبات التقليدية وشركاتها (أ.ب.)

جولة من التشويق مرّت بها أسعار أسهم "تيسلا". إذ ظل سعرها عند افتتاح التداول تحت عتبة 700 دولار أميركي (أي 543 جنيهاً استرلينياً) ثمّ ارتفع بسرعة ليبلغ ذروته عند 960 دولاراً بعد ظهر يوم الثلاثاء الماضي قبل أن ينزل من جديد إلى ما دون 700 دولار بحلول صباح الخميس الفائت، ويستقرّ الجمعة بعد إقفال البورصة عند 746 دولاراً تقريباً.

وتعتبر كل هذه التقديرات متطرّفة. وعند نقطة الذروة، تفوّقت قيمتها السوقيّة على "بي أم دبليو" و"فولكسفاغن" مجتمعتين وحتى بعد تراجع سعر الأسهم، ما زالت قيمة "تيسلا" أعلى بكثير من مصنّعي السيارات الراسخين في السوق كـ"فورد" أو "جنرال موتورز". ومع ذلك، صنّعت الشركة العام الماضي أقل من 400 ألف سيارة مقابل 7.7 مليون سيارة أنتجتها "جنرال موتورز". ما الذي يحصل؟

تتداخل ثلاثة عوامل على الأقل في هذا الموضوع. أوّلها، وجود ما يشبه عقلية الفقاعة في البورصات الأميركية، وتقدم [أسهم تيسلا] مثلاً عنها. وثانيها، أنّ التحوّل إلى السيارات الكهربائية يحصل بوتيرة أسرع بكثير وعلى مستوى عالمي لم يتوقّعه معظم الناس حتى قبل 3 أشهر. وثالثها أنّ "تيسلا" متقدّمة كثيراً على بقية مصنّعي السيارات لذا من الصعب عليهم منع تقدّمها. فلنترك العامل الأول جانباً لأنّ لا أحد يعلم ما الذي سيحدث للأسهم الأميركية ونركّز على الثاني والثالث.

تفاجأ المصنّعون التقليديون بسرعة التغيير. ويخططون جميعاً للانتقال إلى السيارات الكهربائية، كما ينتج معظمهم سياراتهم الأولى من هذا النوع. تستطيعون شراء سيارات كهربائية من طراز "شيفروليه" أو "بي أم دبليو" أو "جاغوار" أو "بورش" وغيرها. وأسّس طراز "نيسان ليف" موقعاً له في السوق منذ فترة طويلة، إذ أطلقت النسخة الأولى منه في 2010. في المقابل، حتى الأشهر القليلة الماضية، ظلّت مبيعات السيارات الكهربائية محصورة في سوق معيّنة.

وتقف أسباب متعددة وراء التغيير الحالي. أحدها غريتا ثونبرغ. إذ أعطى نبوغها ونبوغ من حولها زخماً سياسياً هائلاً لكافة المشاريع التي من شانها المساهمة في ابتعاد الاقتصاد العالمي عن الكربون. إذا رفضنا التسليم بذلك، نستطيع أن نقول إن شراء سيارة كهربائية ضرب من التباهي بالفضيلة لأن كل أنواع السيارات تستخدم الطاقة لصناعتها والتنقّل بها. لكنني أعتقد أن ذلك ظلم لأنّ تخفيف انبعاثات العوادم هدف بيئي يستحق الثناء، ومع تحوّل جيل الكهرباء نحو الموارد المتجددة، تطاول الفوائد انبعاثات الكربون أيضاً.

والسبب الثاني هو التشريع. في كافة أرجاء العالم، تكبر القيود المفروضة على استخدام السيارات الخاصة داخل المدن. وفي معظم الحالات، تستثنى السيارات الكهربائية من هذه القيود. وعلى كلّ من يسعى لشراء سيارة الآن أن يفكّر في مدى السماح لها بالتنقل بعد عشر سنوات من اليوم، وفي حال انتابه شكّ، الأفضل أن ينتقل إلى السيارات الكهربائية الآن. منذ خمس سنوات، كانت هذه القيود شبه مجهولة.

وثالثاً، تنخفض الأسعار. تختلف التقديرات لكن من المعقول أن تصبح السيارات الكهربائية أرخص ثمناً في الشراء والاستخدام من نظيراتها التي تعمل على البنزين أو الديزل خلال ثلاث أو أربع سنوات. وفي هذه الأثناء، تزيد أنواعها وتظلّ الكلفة الكليّة لتشغيلها أقل بكثير [بالمقارنة مع السيارات العاملة بالوقود الأحفوري].

ونتيجةً لهذه التغيّرات، نسير باتّجاه عالم يعتبر العامل المقيّد فيه العرض وليس الطلب. وفي ذلك المنحى، تكمن أهمية التقدّم الهائل الذي أحرزته "تيسلا".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

بالنسبة للخبراء في هذا المجال، تمثّل أحد الأمور المذهلة التي حدثت في نجاح شركة جديدة في التصدّي لهيمنة العمالقة. كانت خبرتها معدومة في صناعة السيارات مقابل قرن أو نيّف من الخبرة التي تتمتع بها الشركات الأخرى. لكن يمكن إجراء الحسابات بطريقة أخرى. أطلقت "تيسلا" في 2008 سيارتها الأولى، "رودستر" المصمّمة تبعاً لهيكل سيارة "لوتس" بعد أن عملت على المشروع منذ 2003. لم يتّجه المصنعون الآخرون حينها، ما عدا "نيسان" و"شيفروليه"، نحو السيارات الكهربائية فعلياً إلى حين رؤيتهم سيارة "تيسلا أس" التي أطلقت في 2012 وقد شرعت في أخذ جزءٍ من سوقهم. واستطراداً، وراء "تيسلا" 20 عاماً من الخبرة تقريباً مقابل أقل من عشرة أعوام للباقين.

والأسوأ أنّ معظم خبرة المصنّعين التقليديين لم تعد مطلوبة. إنّ لديهم معرفة هائلة بمحركات الاحتراق الداخلي أو آليات الدفع المعقّدة التي يحتاجونها لربط الطاقة بالعجلات. لكنهم لا يعرفون الكثير عن البطاريات أو تحديثات البرامج الإلكترونية أو سُبُل تغيير تقنيات الاتصالات لتجربة القيادة.

والنتيجة؟ هيمنة مصنّع واحد وطراز واحد كذلك. في العام الماضي، فاقت مبيعات سيارة "تيسلا 3" كافة السيارات الكهربائية مجتمعة في الولايات المتحدة.

سبق أن حوّل طراز واحد مصير شركة بأكملها في السابق. يجسّد أفضل مثل على ذلك في سيارة "بي أم دبليو 1500" التي سبقت سلسلة سيارات "بي أم دبليو 5"، وقد أدى نجاحها (والاستثمار الذي وضعته عائلة كوانت المالكة لها) إلى إنقاذ الشركة من الإفلاس في أوائل ستينيات القرن الماضي. في المقابل، جاء نجاح الطراز الثالث من سيارة "تيسلا" باهراً فعلاً.

هل ستصبح قيمة هذه الشركة أكثر من قيمة "بي أم دبليو" بعد عشر سنوات؟ لا أعتقد ذلك. لكن إذا أردتم تحديد لحظة معيّنة شعر فيها العالم  بصدمة فعلية إزاء حجم ثورة "تيسلا"، فقد يكون الأسبوع الماضي ضالّتكم المنشودة.

© The Independent

المزيد من اقتصاد