Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مخاوف من قمع مرتقب بعد تسلم وزارة الدفاع ملف الاحتجاجات في العراق

القوى السياسية التي تسيطر على السلطة ماضية في محاولة إنهاء التظاهرات

أصدرت وزارة الدفاع العراقية بياناً شديد اللهجة حضت فيه قواتها بأخذ دورهم الحقيقي والحازم تجاه من "يريد العبث بأمن البلاد واستقرارها، ومسؤولية فرض القانون والنظام على الجميع"، ما أثار تساؤلات عدة حول إمكانية أن يكون الجيش أداة القمع المقبلة، في وقت تشهد البلاد حالة من التأزم وعدم الاستقرار واستمرار عمليات قمع المحتجين العراقيين.

وبعد بيان وزارة الدفاع بساعات قليلة انسحبت "القبعات الزرق" التابعة للتيار الصدري بعد اتفاق مع ممثلي عدد من خيم الاعتصام، إثر اتهامات لهم بقيامهم بعمليات قمع للمتظاهرين.

قوى داعمة للتكليف

لعل انقلاب زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الأخير على المحتجين، ومهاجمتهم في أكثر من مناسبة بعد إعلان تكليف محمد توفيق علاوي بمنصب رئيس الوزراء، ينذر باتفاقات بينه وبين تحالف الفتح بقيادة هادي العامري لإنهاء الاحتجاجات وإمرار حكومة علاوي وفق إطار توافقي بين الطرفين، بحسب مراقبين.

ويبدو أن تصعيد المحتجين على إثر تكليف علاوي للمنصب أدى إلى تصعيد مقابل من القوى السياسية الداعمة لهذا التكليف، من خلال التشكيك بنوايا المحتجين وعودة الحديث عن اتهامهم بتمثيل أجندات أجنبية، فضلاً عن تصاعد عمليات القمع تجاههم.

ويرى مراقبون أن زج الجيش العراقي في مواجهات مباشرة مع المتظاهرين قد يتسبب بأزمة كبيرة، فيما أشاروا إلى أن دخوله على خط المواجهة، قد يؤدي لطرح ملف العراق في مجلس الأمن الدولي.

وتستمر حملات القمع على المحتجين العراقيين، في وقت تشكك الجهات الرسمية بأعداد الضحايا التي تعلنها جهات رسمية وغير رسمية، ما يثير تساؤلات حول أن تكون السلطة ماضية باستخدام العنف المفرط على المحتجين.

وبلغ عدد ضحايا الاحتجاجات العراقية منذ أكتوبر (تشرين الأول)، نحو 600 قتيل وأكثر من 23 ألف جريح بحسب منظمات محلية ودولية.

فيما تستمر السلطات الأمنية بنفي أن تكون هي من تقوم بعمليات القتل تلك، وإلقاءها بالمسؤولية عن قتل هؤلاء المتظاهرين، على جماعات مندسة وصفتها في أكثر من مناسبة بـ"الطرف الثالث".

"العبث باستقرار البلاد"

تفيد وزارة الدفاع في بيان صدر في الثامن من الشهر الجاري، بأنها "تهيب بكافة منتسبيها من الضباط والمراتب بضرورة أخذ دورهم الحقيقي والحازم تجاه من يريد العبث بأمن البلاد واستقرارها وعليها مسؤولية فرض القانون والنظام على الجميع".

الخروج عن السلمية

وأشارت الوزارة إلى أنه "منذ انطلاق التظاهرات في 1 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ولغاية هذا اليوم تحلت قطعاتنا بأقصى درجات ضبط النفس تجاه من يخرج عن سلمية التظاهرات وتحملت العبء الأكبر من الضغوطات النفسية في سبيل حقن دماء أبناء شعبنا العزيز، وما زالت تتحمل الأعباء والمسؤوليات الجسيمة فداءً للوطن ومواطنيه وحقوقهم المشروعة التي كفلها الدستور والقوانين النافذة في البلاد".

ولفت البيان إلى أن "وزارة الدفاع تعمل وبكل طاقاتها وإمكانياتها لحماية أبناء شعبنا بشكل عام والوقوف على مسافة واحدة من الجميع من أجل المصلحة الوطنية وفقاً لتوجيهات المرجعية العليا الرشيدة".

 

وكانت وزارة الدفاع العراقية أعلنت، في 15 نوفمبر (تشرين الثاني) 2019، أن هناك طرفاً ثالثاً من العصابات يستخدم قنابل الدخان لقتل المتظاهرين والقوات الأمنية في ساحات التظاهر.
 
قوى السلطة والاحتجاجات

في المقابل، قال رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري إن "قوى معادلة السلطة تحاول دفع الجيش للتصادم مع المتظاهرين وخلق فجوة بينه وبين المحتجين، بالتالي تحميله نتائج كل ما جرى من سقوط ضحايا".

وأوضح لـ"اندبندنت عربية"، أن "القوى السياسية التي تسيطر على السلطة ماضية في محاولة إنهاء الاحتجاجات".

ولفت أن "هناك أطرافاً سياسية لا تؤيد هذا الطرح مثل كتلة النصر والوطنية والحكمة إلى حد ما". وتابع أن "زج الجيش في مواجهة مع المحتجين أمر خطير مخالف للدستور وليس من صلاحياته التعاطي مع الاحتجاجات ولا يجب أن يكون أداة للقمع"، مردفاً "ليست المعركة مع الشعب حتى يدخل الجيش وإن كانت فرضية وجود مندسين حقيقية!".

وأشار إحسان الشمري إلى أن "إدخال الجيش على خط المواجهة هي محاولة لتوريطه الهدف منها ترميم صورة القوى المتورطة بقمع الاحتجاجات من خلال إشراكه في مساحة غير مساحته وتحميله مسؤولية ما جرى من قمع".

وعن إمكانية أن يتسبب دخول الجيش بتدخل دولي بيَّن الشمري أن "العراق في أزمة مع المجتمع الدولي نتيجة التعاطي مع المتظاهرين بما يتعلق بالقوى الخارجة عن القانون، ودفع الجيش للقيام بعمليات قمع سيفجر اهتمام المجتمع الدولي"، مضيفاً "قد يرافق ذلك طرح ملف العراق على طاولة مجلس الأمن الدولي، وطبيعة التقارير الحالية تؤشر إلى إمكانية ذلك".

وختم "لا ننسى أن استخدام الجيش عام 1991 لقمع الانتفاضة فرضت عقوبات دولية عليه، وكان أحد مبررات الغزو الأميركي للبلاد".

تخويف وضغط سياسي

في سياق متصل، يؤكد الباحث في الشأن السياسي قحطان الجبوري أن "هناك اتفاقات سياسية على إنهاء التظاهرات، وفي الفترة الأخيرة باتت جلية بعد إعلان تكليف علاوي وانسحاب التيار الصدري من الساحات ثم العودة ثم الاعتداء على المتظاهرين مع صمت من الجهات الرسمية"، مبيناً أن "ذلك دلالة كافية على اتفاق واضح يتضمن تمرير العملية السياسية وقمع المتظاهرين".

ويوضح لـ"اندبندنت عربية"، أن "زج الجيش في المعادلة تقف وراءه دوافع سياسية ليس أكثر لأن الجيش غير قادر على احتواء التظاهرات"، لافتاً إلى أن "الواقع العملي يقول إن المعنيين بقمع التظاهرات كانوا على وحشية كبيرة وعدم رعاية الضوابط القانونية والقيمية، بالتالي ما الذي سيستطيع الجيش إضافته على الحالة".

ويعتقد الخفاجي أن "الجيش ليس بالضرورة كما يتمنى صاحب القرار السياسي وقد يكون أقرب للمحتجين لسبيين هما أنه جهة مهنية فضلاً عن أن التجربة السابقة كانت مريرة على من قمع المتظاهرين"، مردفاً "الجيش لن يذهب بعيداً في هذا الإطار وقد يكون جهة متمردة إلى حد ما".

تناغم لإنهاء الحراك

في المقابل، يرى أستاذ العلوم السياسية ياسين البكري أن "قضية قمع المحتجين ليست مرتبطة بإدخال القوى الأمنية على خط المواجهة، بل بالقرار السياسي الذي يحرك الوزارات الأمنية".

ويوضح لـ"اندبندنت عربية"، "هناك ثقة وزارة الدفاع والعراقيين على عكس بقية القوى الأمنية بأنها بالإمكان أن تقوم بدور إيجابي".

ويضيف البكري أن "هناك تناغماً وليس اتفاق بضرورة إنهاء التظاهرات من قبل الأطراف الأساسية المكونة للحكومة والتي منحت عبد المهدي تذكرة المرور ومنحت علاوي تذكرة التكليف".

من جانبه، يقول الناشط علي التميمي، إن "بيان وزارة الدفاع غير مستغرب، فمسلسل قمع المحتجين مستمر منذ انطلاق انتفاضتنا، ويقوم بهذا الدور مختلف القوى من فصائل مسلحة وحتى بعض القوات الأمنية من دون أن يتحرك طرف لتوفير الحماية لنا".

ويضيف "العديد من كبار القادة في المؤسسات الأمنية بضمنها وزارة الدفاع يرتبطون بقوى سياسية نتيجة المحاصصة القائمة في البلاد، وهذا الأمر يجعلنا نتخوف من احتمالية أن يكونوا طرفاً مدافعاً عن السلطة".

المزيد من العالم العربي