Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كشف تفاصيل "صفقة مشبوهة" بين مصرف ليبيا المركزي ونظيره التركي

اتهامات تطال حكومة طرابلس باستغلال المال العام في صفقات مشبوهة مع أنقرة

المصرف المركزي الليبي في طرابلس (مواقع التواصل)

لا يزال الجدل متصاعداً بشأن تفاصيل الاتفاقية التي وقِعت قبل أشهر بين الحكومة التركية وحكومة الوفاق في العاصمة طرابلس، إثر صدور تسريبات جديدة تكشف في كل مرة عن فصولها وتفاصيلها التي يعتبر مراقبون أنها تميط اللثام عن السبب الحقيقي لرفض أنقرة التراجع عنها على الرغم من زوابع التنديد التي أثارها رافضوها داخل وخارج ليبيا.

المليارات الأربعة

وكان آخر ما كُشف من التفاصيل الخفية لاتفاقية رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ضخّ المصرف المركزي الليبي أربعة مليارات دولار بشكل وديعة بعائد صفري من الفوائد في المصرف المركزي التركي، ما عُدّ دعماً لاقتصاد أنقرة الذي يعاني الأمرين منذ سنتين وحتى اليوم، إذ خسرت الليرة التركية أكثر من 25 في المئة من قيمتها مقابل الدولار الأميركي، بينما لم توقف تعهدات قطر بضخ 15 مليار دولار في الخزينة التركية نزف العملة التركية.
وفي التفاصيل، صرح رئيس لجنة السيولة النقدية في مصرف ليبيا المركزي الموازي في مدينة البيضاء الليبية شرق بنغازي، رمزي الآغا أن إدارة مصرف ليبيا المركزي في طرابلس، أتمّت عملية مصرفية مع المركزي التركي وصفها بـ "الصفقة المشبوهة".
وأوضح الآغا أن "الصفقة  تتضمن وديعة ذات عائد صفري بقيمة أربعة مليارات دولار أميركي في المصرف التركي المركزي مدة أربع سنوات"، لافتاً إلى أن "المصرف المركزي في طرابلس استغل قانون منع الفوائد الربوية الصادر عن المؤتمر الوطني العام في سنة 2012، الذي يلغي الفوائد على الودائع والاعتماد المباشر وأمّن وديعة من دون فوائد بالتعاون مع الحكومة التركية".
وأشار الآغا إلى أن "هذه الوديعة ليست الأولى بل الخامسة، حيث جرى استغلال أصول الدولة الليبية من مبيعات العملة الأجنبية من طريق إيرادات النفط"، مضيفاً أنه "لا يحق للمركزي الليبي كسر تلك الوديعة إلا بعد انتهاء المدة المتفق عليها مع الجانب التركي".
وأوضح أن "الوديعة ستزيد احتياطات المركزي التركي من العملة الأجنبية، وهذا سيكون له أثر إيجابي في استقرار سعر صرف الليرة التركية"، كما ستكون "ضماناً للاتفاقيات المبرمة بين الجانب التركي وحكومة الوفاق، في ما يخص توريد الأسلحة والطائرات المسيّرة".
وبيّن أنها "ستغطي تكاليف علاج الجرحى من مسلحي الميليشيات فضلاً عن استرجاع حقوق الشركات التركية التي تملك عقوداً لمشاريع داخل ليبيا منذ أيام حكم معمر القذافي وتوقّف تنفيذها، وطالب الرئيس التركي أردوغان بتعويضات عنها أخيراً".

وامتنع مسؤولو مكتب الاعلام بالبنك المركزي التابع لحكومة الوفاق بطرابلس عن التعليق على تصريحات مسؤولي البنك المركزي بمدينة البيضاء شرق البلاد.
ورغم مرور أكثر من اسبوعين على تصريحات رئيس لجنة السيولة النقدية، بالبنك الموازي في البيضاء، رمزي الآغا، بشأن الصفقة التي وصفها بـ "المشبوهة" بين إدارة مصرف ليبيا المركزي في طرابلس وبين بنك تركيا المركزي، قدرها أربعة مليار دولار أمريكي لمدة 4 سنوات، لم تصدر عن البنك المركزي بطرابلس او عن حكومة الوفاق اي تعليق رسمي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


بيع احتياط الذهب
 

وفور رواج هذه التفاصيل حول الصفقة ممثلةً بالوديعة النقدية، أثيرت تساؤلات داخل ليبيا حول الطريقة التي تمكنت من خلالها حكومة الوفاق من توفير مبلغ ضخم في مثل هذا الوقت، الذي تعاني فيه البلاد شحاً في النقد الأجنبي كما المحلي، ما أدى إلى إقفال بعض المصارف لأشهر طويلة بوجه المواطنين الراغبين في سحب أموالهم بسبب النقص الحاد في السيولة.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن عوائد مبيعات النفط الليبي في السنوات الماضية لم تذهب مباشرة إلى مصرف ليبيا المركزي بل إلى المصرف الليبي الخارجي الذي يشمله قرار تجميد الأصول والأموال الليبية الصادر عن مجلس الأمن الدولي منذ عام 2011، والذي لازال سارياً حتى اليوم، ما يعني أن "مركزي طرابلس" غير قادر على الاستفادة منها لتغطية عمليات مالية ضخمة، مثل الوديعة التي ضخها في المركزي التركي.
وأتت الإجابة بعد أيام بتسريب صحف ليبية تفاصيل جديدة نسبتها إلى مصادر في "مركزي طرابلس" تكشف عن بيع 16 طناً من احتياطي الذهب الليبي مقدَر أنه "من الأضخم عربياً"، لمصلحة المجلس الرئاسي الحاكم في العاصمة الليبية برعاية المصرف المركزي في طرابلس.

وذكرت المصادر ذاتها أن هذه الصفقة تمت لتغطية نفقات الحرب، مؤكدةً أنه "جرت مناقشة بيع أرصدة الذهب في إحدى جلسات المجلس الرئاسي التي تم توثيقها". وأضافت أن "أسعار الذهب المسجلة في دفاتر المصرف المركزي، غير صحيحة حيث أنه مسجَل فيها أن سعر 16 طناً من الذهب يساوي 43 مليون دولار، بينما سعره الفعلي يساوي أكثر من 6 مليارات دولار".


ثمن وليس وديعة

وعلّق الباحث الأكاديمي جمال الشطشاط فاعتبر أن "تزوير سعر الذهب تم لتغطية نفقات الصفقة، التي إن صحت، فهي تؤكد أن الوفاق لجأت إلى هذا التلاعب لتغطية الصفقة بكاملها لمصلحة تركيا، بمعنى أن الوديعة ليست وديعة بل ثمن للصفقة مع تركيا ستتم تغطيتها من تزوير سعر الذهب. ويُرجح بحسب هذه التفاصيل أنها لن تُسترجَع".
واعتبر الصحافي الليبي مجدي عطية أن "الوديعة هي تعويض للدعم المكلِف، العسكري منه تحديداً، الذي تقدمه تركيا إلى حكومة الوفاق"، موضحاً أن "الجميع يعلم أن تركيا تجلب السلاح والمرتزقة إلى ليبيا منذ فترة، كما أنها دعمت منذ عام 2011 تمكين تيارات الإسلام السياسي من السلطة في ليبيا سراً وعلانية، هذه الأجندة التي يعمل عليها أردوغان، كلّفت الخزينة التركية المثقلة والمرهقة أصلاً ملايين الدولارات، وهي الآن تطلب الثمن لأنه في السياسة لا شيء يُمنح بالمجان".
وعبّر عطية عن اعتقاده أن "قيام حكومة الوفاق بإيداع أربعة مليارات دولار في البنوك التركية كانت من الشروط التي اتفق عليها الطرفان في مذكرة التفاهم المعروفة، مقابل استمرار أردوغان بإرسال الدعم اللوجستي والعسكري والمسلحين إلى قوات الوفاق في طرابلس ومصراتة".
واعتبر أن "حكومة الوفاق كانت مجبرة على الرضوخ لشروط أردوغان لأنها تدرك أن مصيرها في معركتها مع الجيش الوطني (بقيادة المشير خليفة حفتر) بات معلقاً باستمرار تدفق الدعم التركي لها".
وكانت قضية مشابهة أثيرت في ليبيا في عام 2013، عندما ضخّ مصرف ليبيا المركزي الليبي وديعة بقيمة ملياري دولار في المصرف المركزي المصري، في فترة تولي الرئيس الراحل محمد مرسي وجماعة الإخوان المسلمين الحكم في مصر، والرابط بين القصتين أن الوديعتين كانتا بلا فائدة مالية عليهما، ولمصلحة دولتين يسيطر على السلطة فيهما تيار الإسلام السياسي ويعاني اقتصادهما من ظروف صعبة، والأهم أن محافظ مصرف ليبيا المركزي في الفترتين لا يزال ذاته واسمه الصديق الكبير، الذي تتهمه دوائر ليبية كثيرة بأنه مسيَّر وفق إرادة جماعة الإخوان المسلمين وتيارات الإسلام السياسي في البلاد.

المزيد من العالم العربي