Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قرار تاريخي ينقض حكماً منع زوجة من الحصول على أكثر من 29  المئة من تسوية الطلاق

التطوّر القانوني يُعدّ انتصاراً للمرأة ولمبدأ المساواة بين الجنسين

القرار القضائي يؤكد مساهمة ربة البيت في نمو ثروة الزوج بطريقة غير مباشرة (غيتي)

أوقف قرار تاريخي أصدرته "محكمة الاستئناف" في بريطانيا "فيضاً من السوابق المتكرّرة" التي يتمسّك بها الرجال الأثرياء بثرواتهم، في وقتٍ لا تتمكّن فيه زوجاتهم من الحصول على نصيبٍ عادل منها بعد الطلاق. ووصف المحامون هذا الحكم الذي ألغى التقسيم "غير العادل بشكل فادح" للأصول الزوجية بين زوج وزوجة لا يمكن ذكر اسميهما لأسباب قانونية، بأنه "فوز حاسم للمساواة بين الجنسين" عند الطلاق.

وكان الحكم الأصلي قد منح الزوجة التي كانت الراعية الوحيدة لطفل الزوجين المصاب بإعاقة شديدة، 29 في المئة فقط من ثروة الزوجين مجتمعةً بسبب "المساهمة الخاصّة" المزعومة في الزواج التي قام به الزوج، وهو رجل أعمال ناجح للغاية. وقد ألغى قاضي الاستئناف مويلان الحكم الذي صدر في ديسمبر (كانون الأول) من العام 2017، في منتصف الشهر نفسه من العام الماضي في حكم صادرٍ عن "محكمة الاستئناف" في القضية المرفوعة من المطلقة "أكس و." XW على الرجل "ف. ه." VH.

وقال القاضي مويلان في تعليله الحكم: "في هذه القضية، كانت مساهمة الزوجة الهائلة في رفاهية الأسرة وسعادتها بصفتها ربّة منزل ومقدّمة رعاية رئيسية للطفل "أ. ب." AB أثناء الزواج وبعده، لا تُحصى". وأضاف: "لقد كرّست نفسها للرعاية اليومية لطفل من ذوي الاحتياجات الخاصّة، الأمر الذي حرّر الزوج إلى حدّ كبير، لتمكينه من متابعة أنشطته التجارية التي حقّقت ثروةً هائلة هي متاحة الآن."

وأوضحت ديبي تشيسم المحامية التي مثّلت الزوجة وكافحت لإلغاء الحكم السابق، أن القاضي في الحكم البدائي لم يأخذ في الاعتبار المساهمة المنزلية للزوجة في مرحلة الزواج، واستند في قراره فقط على دخل الزوج.

وأضافت تشيسم التي عملت في قانون الأسرة منذ ما يقارب خمسة وعشرين عاماً لـ"اندبندنت": "أنا مسرورة للغاية لأننا أعدنا تصويب القانون في هذا الإطار. فلو سُمح للحكم الأولي بأن يمرّ لكانت قد أرسيت سابقة خطيرة."

وأشارت إلى أن "الحكم كفل عدم إعطاء المساهمات المالية أو الكسب المحقّق من الدخل، أولويةً على المساهمات المنزلية لجهة رعاية الأطفال أو الاعتناء بأفراد الأسرة. ونظراً إلى أننا نعيش في مجتمع يُحتمل أن يقوم فيه الذكور بدور المعيل، فإن النساء قد يؤخذ دورهم في الاعتبار في القضايا التي يتولّد فيها رأس المال عن طريق الجهود التي يقوم بها الرجل." وأكّدت المحامية أن هذه القضية أوقفت "فيضاً من السوابق المتكرّرة" لنساء خسرن ما يحقّ لهن في الطلاق.

وقالت تشيسم التي تعمل مع عملاء من ذوي الثروات العالية التي تتفاوت ما بين 10 ملايين جنيه استرليني (13 مليون دولار أميركي) و6 مليارات جنيه (7.8 مليارات دولار)، إن إحدى المشكلات الرئيسية تُعرف باسم "المساهمة الخاصّة"، أو ما توُصف بـ"حجّة العبقرية"، موضحةً أن المصطلح يشير إلى "القدرة الاستثنائية" على كسب المال التي لا تتوافر لدى شريكته في الزواج.

وتشرح المحامية التي تعمل في "ستيوارتس" وهو أكبر مكتب محاماة في المملكة المتّحدة، بأن "هذه المسألة التي تشكّل مساراً  قانونياً موضع جدل كبير، يمكن أن تطغى على القضايا التي توجد فيها مستويات عالية من ثروة الأسرة، ويمكن أن تكون تمييزيةً للغاية تجاه النساء بشكل أساسي. واعتبرت أن البحث في التفاصيل الخاصّة بالزواج لإيجاد حجج تتعلّق بـ"المساهمة الخاصّة"، هو "ممارسة خطيرة". وأوضحت المحامية أنه لم تكن هناك أي قضية حكم فيها قاضٍ بأن الزوجة أو الأم قدّمت "مساهمة خاصّة" للأسرة.

ولفتت تشيسم إلى أن الحكم الأسري White v White الصادر في العام 2000، وهو حكم تاريخي قضى بوجوب التعامل مع دور كلّ من "المعيل" و"ربّة المنزل" على قدم المساواة، من حيث مساهمتهما في الزواج. وفرض تقسيم الأصول مناصفة بينهما. وشبّهته بـ"اللحظة الحاسمة" معتبرةً أنه يشكّل "قفزة كبيرة إلى الأمام" بالنسبة إلى النساء.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويُنظر إلى الحكم في قضية White v White على نطاق واسع على أنه لحظة فاصلة على مستوى قوانين الطلاق في المملكة المتّحدة، لأنه وضع حدّاً للأزواج في التمسّك بحصّة الأسد من أموال الأسرة.

وكان مارتن وباميلا وايت من المزارعين المستقلّين قبل الزواج، واستمرّا في الزراعة في شراكة متساوية بعد ذلك من خلال إدارة أعمالٍ زراعية تبلغ قيمتها نحو 4.5 ملايين جنيه استرليني (5.85 ملايين دولار). وفيما حصلت باميلا وايت في محكمة الابتدائية على 800 ألف جنيه استرليني بعد انتهاء زواجها الذي استمر ثلاثةً وثلاثين عاما، رفعت قضيتها إلى محكمة الاستئناف التي كانت مجلس اللوردات في ذلك الوقت، وتمكّنت لاحقاً من الحصول على مليون و500 ألف جنيه استرليني.

ورأى كليل أنور وهو محام متمرّس متخصّص في قانون الأسرة والطلاق، أن الحكم الأخير الصادر عن محكمة الاستئناف، يؤكّد "الأساس الرئيسي للعدالة" في مستوطنات الطلاق التي تتمحور حول فكرة أنه ينبغي بالنسبة إلى الزوجة ربّة المنزل وراعية الأطفال، ألا يتمّ التمييز بينها وبين الزوج لمصلحة الأخير القادر على الخروج وكسب الأجر، "على أساس وجود ركيزةٍ قوية في المنزل".

ويوضح المحامي أنور الذي يعمل في مؤسّسة Stowe Family Law ويدعم العاملين في المجالات القانونية والمالية والقطاع العام والإعلام والترفيه، أن المسألة "تتعلّق بإدراك أهمية المساهمة التي تقدّمها ربّات المنازل لجهة إتاحة الفرصة للمعيلين بأن يحقّقوا النجاح وأن يؤمّنوا الدخل."

وأضاف: "يمكن للمرأة أن تدير الكثير من الأشياء المختلفة. إن تأمين وجود طعام على الطاولة ورعاية أربعة أطفال والتأكد من حضورها في مكان قريب لتوصيل الأطفال واستلحاقهم بنشاطات خارج المناهج الدراسية، هو عمل يومي كامل."

وقال: "تقوم ربّة الأسرة بجميع الأشغال التي لا يملك الزوج الوقت للقيام بها لأنه يكون في اجتماعات العمل. وعلى سبيل المثال، إذا كانت لدى الرجل محفظة عقارية، فقد تُضطر الزوجة إلى مساعدته في إدارة 15 عامل تنظيفٍ في عقاراتٍ حول لندن، مع التأكّد من دفع أجورهم لدى إنتهاء عملهم."

وتابع: "واجهتُ رجالاً متحيّزين جنسيا، لكنني تعاملت مع نقيضهم تماما. كان لدي أشخاص يقولون إن مكان المرأة هو في المنزل". وأشار أنور إلى قضية رجل كان حريصاً على عدم الاستمرار في سداد متوجّباته لزوجته بعد الطلاق على الرغم من تحقيقه ملايين الجنيهات سنويا. في حين أن الزوجة كانت طاعنةً في السنّ، وبالتالي كان من الصعب عليها الحصول على وظيفة.

ورأى نايجل شيبيرد الناطق الرسمي الرئيسي باسم مؤسسة Resolution وهي جمعية تضمّ أكثر من ستة آلاف وخمسمئة محام ومرافع قانوني وغيرهم من المهنيّين العاملين في مجال قانون الأسرة، أن حكم "محكمة الاستئناف دقّ مسماراً آخر في نعش ما تُسمى ذريعة المساهمة الخاصّة."

وأضاف المحامي الذي تمرّس في شؤون الطلاق وقانون الأسرة لنحو أربعين عاماً مستدركا: "لكن هذا الحكم لا يلغي تلك الحجّة تماما، بل يجعل الأمر أكثر صعوبة في طرحها مادّة جدل. وبات من الصعب أكثر فأكثر في قضايا الطلاق الآن، اعتماد ذريعة المساهمة الخاصّة."

واعتبر شيبيرد أن "قرار محكمة الاستئناف عزّز اعتراف الحكم في قضية White v White بالأدوار المختلفة في إطار الزواج، جاعلاً منها ذات قيمة متساوية. لكنه لم يحلّ الطريقة التي تتّبعها المحكمة في طريقة تقييم نمو أصول الشراكة من تاريخ الزواج حتى تاريخ التسوية المالية. ويظلّ القانون المتعلّق بطريقة تقدير نمو الأصول أثناء الزواج في منطقةٍ رمادية."

ورأى شيبيرد الذي يترأس قسم قانون الأسرة في مؤسّسة Mills & Reeve للمحاماة، أن قانون الطلاق "قد تغيّر بشكل كبير" خلال الفترة التي قضاها في المهنة، وأنه تمّ الاعتراف بـ"المساواة بين الجنسين" من خلال الحكم الذي اتّخذ في قضية White v White.

© The Independent

المزيد من الأخبار