مع الإعلان رسمياً عن تجاوز عدد الوفيات بسبب فيروس كورونا الجديد لأكثر من 800 شخص غالبيتهم الكبرى في الصين، متخطياً ضحايا فيروس الالتهاب الرئوي الحاد (سارس)، الذي انتشر بين عامي 2002 و2003، تواصل دول العالم تشديد تدابيرها الوقائية والاحترازية تجنباً لتفشي المرض الذي لم يتوصل بعد للقاح علاجه.
وفي آخر إحصائية أعلنتها لجنة الصحة الوطنية الصينية، اليوم الأحد، تسبب الفيروس بـ89 وفاة إضافية في الساعات الـ 24 الأخيرة في الصين القارية (أي بدون هونغ كونغ وماكاو)، وهو أكبر عدد وفيات خلال يوم واحد جراء هذا الوباء.
وفي حين يخضع قسم من البلاد لحجر صحي، بلغت حصيلة الوفيات جراء المرض في الصين القارية 811 شخصاً، بالإضافة إلى وفاة شخص في هونغ كونغ وآخر في الفيليبين. وبذلك تكون الحصيلة قد تجاوزت حصيلة وفيات متلازمة الالتهاب التنفسي الحاد (سارس) الذي أودى بحياة 774 شخصاً في العالم في عامي 2002 و2003.
مسارات للتتبع
وتحت عنوان "محاولات مستميتة لتتبع مصابين بالفيروس قادمين من سنغافورة إلى بريطانيا وفرنسا"، قالت صحيفة "الأوبزرفر" البريطانية، إن لندن وباريس تجري بشكل طارئ محاولات لتتبع أكثر من 100 شخص حضروا مؤتمراً اقتصادياً في سنغافورة، بعدما اكتشفوا أن المصاب البريطاني رجل أعمال، كان قد شارك بالمؤتمر، ومكث في باريس لعدة أيام في رحلة عودته إلى المملكة المتحدة.
وبحسب التقرير، فإن المريض البريطاني، الذي نقل العدوى لأربعة آخرين في منتجع للتزلج على الجليد في فرنسا، سافر من سنغافورة إلى فرنسا ومنها إلى بريطانيا، مشيراً إلى أنه في الغالب هناك العديد من الإصابات بين من حضروا المؤتمر في سنغافورة. موضحاً نقلا عن مسؤولين فرنسيين، أن سلطات باريس قالت إن المصاب البريطاني وصل إلى أراضيها في الـ 24 من الشهر الماضي، وقضى أربعة أيام قبل العودة إلى بريطانيا.
وذكر التقرير أن المؤتمر، الذي عقد في فندق غراند حياة في سنغافورة حضره 15 شخصاً من المواطنين المحليين و94 أجنبياً استضافتهم شركة متعددة الجنسيات وأن السلطات الماليزية كانت أول من كشف عن علاقة المشاركين فيه بالإصابات بالفيروس حيث أصيب به مواطن ماليزي يبلغ من العمر 41 عاماً. كما أكدت كوريا الجنوبية هي الأخرى أن اثنين من مواطنيها أصيبوا بالفيروس، وكانا من المشاركين، حيث تشارك الضيوف الكوريون والماليزيون الطعام بالفندق الذي أقيم فيه المؤتمر.
وخارج الصين القاريّة، بما في ذلك هونغ كونغ وماكاو، اللتين تتمتعان بحكم شبه ذاتي، أصيب بالفيروس التنفّسي المميت أكثر من 350 شخصاً في نحو 30 بلداً حول العالم، وفيما سجلت سنغافورة 40 حالة إصابة لتصبح من بين أكثر الدول المتضررة غير الصين إلى جانب اليابان، سجلت فرنسا نحو 11 إصابة.
ووفق ما أوضحت السلطات الفرنسية، فبعد تتتبع رحلة المصاب البريطاني على أراضيها، وجد أنه كان يقيم في شاليه يضم شقتين أخريين في المنتجع، حيث كانت تقيم أسرة بريطانية مكونة من أب وأم و3 أطفال في الشقة المجاورة، وهو ما دفع السلطات الصحية في باريس إلى وضع أفراد تلك العائلة في العزل الطبي ليبقوا تحت الملاحظة، وتم التحقق من أن أحد الأطفال ويبلغ من العمر 9 أعوام مصاب بالفيروس هو والأب، وأن ما "هو أخطر" أن الطفل كان يذهب إلى إحدى المدارس في المنتجع لذلك يجري التحقق من كل الرواد.
وفي الشقة الأخرى، وفق التقرير، تتخوف السلطات الفرنسية من أن يكون الوباء قد طال قاطنيها وهم سبعة سائحين بريطانيين، وعليه تم وضعهم في العزل الطبي للمتابعة. ونقلت عن جيران تلك الشقة قولهم، إن "علمنا بتفشي المرض وأن البعض أصيبوا بالمنطقة، دون أن يخبرنا أحد بالأمر، فقد رأينا طائرة هليكوبتر قادمة إلى المكان وعدد من رجال الدرك واعتقدنا أنهم قادمون لنقل مصابين". في المقابل، تُجري السلطات البريطانية عملية تدقيق وتتبع للوصول إلى جميع الأشخاص الذين احتكوا بقاطني المنتجع الفرنسي.
وكان مسؤولو الصحة الفرنسية أعلنوا أن من بين أحدث حالات الإصابة خارج الصين خمسة بريطانيين يقيمون في شاليه بقرية تزلج في أوت سافواييه بجبال الألب، مما زاد مخاوف مزيد من الإصابات في فترة مزدحمة موسم التزلج.
وأمس السبت، أعلنت المدن والعواصم الكبرى قيوداً جديدة على السفر على جميع القادمين من الصين، أو الذين كانوا هناك خلال 14 يوما مضت. ومدت ماليزيا الحظر ليشمل الزوار من الصين بشكل عام.
ونشرت فرنسا مذكرة سفر جديدة لمواطنيها قائلة إنها لا توصي بالسفر إلى الصين ما لم يكن هناك سبب "قهري". وطلبت إيطاليا من الأطفال القادمين من الصين عدم الذهاب طوعاً إلى المدارس.
"قوانين حرب" في ووهان
وفي الوقت الذي لا تزال فيه ووهان عاصمة مقاطعة هوبي (وسط)، موطن الوباء، معزولة عن العالم منذ 23 يناير (كانون الثاني) الماضي، تواصل السلطات الصينية إجراءات عزلها الصارمة في عدد كبير من مدن البلاد حيث ينبغي أن يبقى عشرات ملايين السكان في منازلهم.
ووفق تقارير صينية وغربية، فإن بكين بدأت في اللجوء إلى قوانين وإجراءات مشددة بـ"ووهان"، في محاولة لمنع الوباء من الانتشار. حيث تقوم السلطات بعمليات بحث داخل المنازل وتجمع المصابين في مراكز عزل عملاقة لا تحظى إلا بالقليل من الرعاية الصحية، وهو ما يعطي انطباعاً بأن الحكومة تخلت عن جهود معالجتهم وبالتالي زادت المخاوف بين سكان ووهان وإقليم هوبي بالكامل من أن الحكومة تتجه إلى التضحية بهم لمصلحة بقية البلاد.
وبحسب صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، فإن الإجراءات الصينية الأخيرة في معقل تفشي الوباء، لا تتبع عادة إلا في أوقات الحرب. معتبرة أن "الإجراءات في ووهان تشير إلى أن الحزب الحكم يشعر وكأنه فشل في السيطرة على الفيروس الذي يهدد بشل أكبر دولة بالعالم من حيث عدد السكان وثاني أكبر اقتصاد عالمياً".
وتحولت ووهان، التي يقيم فيها 11 مليون شخص ووصل معدل الوفيات بين المصابين بالفيروس إلى 4.1 في المئة مقارنة بنحو 0.17 في المئة في بقية أنحاء الصين، إلي مدينة "أشباح" حيث خلت الشوارع من المارة والمركبات إلا من أعداد قليلة للغاية.
وخلال زيارة أخيراً لنائبة رئيس الوزراء الصيني سون شونلان، لووهان، فقد أعلنت أن الإجراءات التي تتخذها البلاد تجاه المدنية، تشابه تلك التي تم اتخاذها عالميا لمواجهة تفشي وباء الإنفلونزا الإسبانية عام 1918، التي أدت إلى مقتل عشرات الملايين على مستوى العالم، بحسب ما نقلت صحيفة "الشعب" الصينية.