Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

التاريخ الذهبي للمجلات... شكاوى القراء معظمها عن الحب

نادي جولييت يشجع على كتابة الرسائل

المجلات النسائية والاجتماعية كانت على تماس مع القارئ (غيتي)

لم يكن يكتفي أصحاب المشاكل في سؤال مَن حولهم من أصدقاء عن الحلول المقترحة، إذ كانت المجلات تفتح صفحاتها لما يساورهم من هواجس، وكان باب المشاكل وحلولها يستقطب عدداً كبيراً من القراء، وبريد المجلات يمتلئ برسائل بطوابع من عدد من الدول.

إضافة إلى صور لقراء يريدون التعارف مع مختصر عن الاسم والهواية والبلد، البعض منهم يطلبون الصداقات أو الزواج، ويذكرون مواصفات الزوجة المطلوبة، والبعض يرسلون صور أطفالهم لتنشر في صفحة الأطفال، وغيرهم يرسلون صوراً وأخباراً عن مناسباتهم الاجتماعية من زواج وخطوبة وأعياد ومناسبات أخرى، أو للمشاركة في باب القراء بقصيدة أو فكرة.

كانت المجلات، لا سيما النسائية والاجتماعية منها على تماس مع القارئ، فيعرف كتّابها، ويرسل رسائل الإعجاب حيناّ واللوم أحياناً بسبب موضوع ما، أو حوار. وبني نوع من الثقة بين المجلة والقارئ لدرجة كبيرة.

زمن الرسائل

ومع تقلص عدد المطبوعات والصحافة المكتوبة وإقفال عدد كبير من المجلات، أو بالأحرى معظمها، أو تحويلها إلى مواقع إلكترونية، تغيّرت الاهتمامات والأبواب. وصارت أبواب مشاكل وحلول المجلات من ذكريات زمن الرسائل التي تأخذ وقتها لتصل وتقرأ وليردّ عليها.

اليوم أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي تعرض عبر حسابات عدد من الأخصائيين حلولاً حول الكثير من المواضيع، من الأمور الاجتماعية إلى الصحية والنفسية والقانونية، بشكل إما مكتوب أو مصور.

وأصبحت المعلومات متاحة بشكل واسع، والوصول إليها لا يحتاج إلى خبراء، ما جعل عادة العودة إلى المجلات للسؤال عن أي موضوع لا داعي له، وانتفت الحاجة إلى إعلاميين يجيبون عن هذه التساؤلات.

كذلك يكفي أحياناً أن تسأل إحداهن "غوغل" "ماذا أفعل إذا كان زوجي يخونني"؟ أو أي سؤال آخر ليأتي الجواب بشكل فيديوهات أو نصوص من رجال دين وأخصائيين وأصحاب تجارب وأشخاص عاديين.

المجلات ملاذ وحيد

وعن ذلك الزمن تخبر الإعلامية اللبنانية المعروفة منى نائلي الرفاعي التي عملت في مجلة "الحسناء" في الثمانينيات "اندبندنت عربية"، أن "الحسناء" كانت تعتبر المجلة الاجتماعية الأولى في لبنان والعالم العربي، وأنها، أي منى، بدأت تجيب على رسائل القرّاء في باب مشكلة وحل، وكانت في أوائل العشرينيات من عمرها، وكانت السيدة التي عملت في هذا الباب سابقاً كبيرة في العمر والتجربة، وكانت لديها الخبرة والكفاءة للإجابة على مشاكل القراء الاجتماعية، لكنها تركت العمل وأرادت المجلة بعدها أن يكون من يجيب على هذه الأسئلة من جيل الشباب لتحاكي هذه الفئة من القراء، فوقع عليها الاختيار، خصوصاً أن الكثير من الرسائل كان أصحابها مراهقين. وظلت تكتبها لفترة طويلة جداً، ومع الوقت، تقول منى إنها اكتسبت الخبرة من تجارب هؤلاء الناس، ولا يمكن الاستخفاف بها وكيف يمكن أن يفكر الجيل.

350 ألف عدد أسبوعياً

وكانت "الحسناء" بحسب منى تطبع حوالى 350 ألف عدد أسبوعياً، إذ كانت تعتبر المجلة الاجتماعية الأولى. وتذكر أن أحد أبوابها "الضوء الأخضر" كان يعالج المشاكل الجنسية للشباب، ما أعطاها شهرة كبيرة، أما باب التعارف فكان موجوداً في السبعينيات. وبالنسبة للرسائل تقول، كان البعض يأتي ويضع الرسالة في مكاتب المجلة التي كان موقعها في بئر حسن (بيروت)، لا سيما أن خدمة البريد لم تكن جيدة.

وغالبية المشاكل تخبر منى "كانت عاطفية عن الحب والغرام والطلاق وبين الحماة والكنة وأولاد ونفقة، وأحياناً مشاكل مع الأهل، مثل أمي لم تسمح لي بارتداء القصير أو الذهاب إلى السينما". وتضيف "أحياناً كنا نستعين بمرجع قانوني ورجال دين في الأسئلة التي لها علاقة بالوصاية والنفقة".

وتخبر منى أن الصبايا كنّ أكثر بكثير من الرجال، وأن المجلات كانت الفسحة الوحيدة، إذ لم تكن هناك محطات تلفزة كثيرة ولا برامج اجتماعية تعطي الأجوبة والحلول، كانت المجلة الملاذ الوحيد، وعن كتابة الحلول تقول "كنت آخذها على محمل الجد ولا أستهين بها، فهناك مشاكل قد تدمر أصحابها، خصوصاً أن كتّابها كانوا في عمر حساس".

وتخبر منى أن المجلة لم تتابع الحالات، بل كانت تقتصر على سؤال على ورق وجواب على ورق، مع الاستعانة بالخبراء عندما تدعو الحاجة. المتابعة كانت قد تحصل مع المحامي، إذ ساعدت المجلة في التواصل مع أحدهم، لا سيما في دعاوى الطلاق والنفقة.

ومن المشاكل التي علقت برأس منى تقول، إنها لم تكن شكوى في رسالة بل اتصال هاتفي لأم أضاعت ابنها وعمره حوالى السنتين، إذ أثناء الحرب، كانت توجد عصابات تختطف الأولاد وتسفّرهم إلى الخارج. حينها كتبت تحقيقاً نشر القصة وتفاصيلها، وكانت العائلة تعيش حالة نفسية صعبة. واقترحت منى على إدارة المجلة تحويل هذا الموضوع إلى قضية رأي عام، وجاء حينها أكثر من شخص ادعى أنه قد يكون ابنها، وأقيمت فحوصات (DNA) وتبين أنها لم تجده، و"لقد تعاطفت كثيراً مع الأم وعائلتها، ولا أنساها لأنني تابعتها من قلبي".

كان التوقيع باسم "الحسناء" بعد حل كل مشكلة، وكان معظم الأشخاص يكتبون أسماءهم بالحروف الأولى.

رسائل القراء العشقية في الدراما

يؤكد فيلم "الخروج من الجنة" لفريد الأطرش، وهند رستم، المنتج عام 1967 تمسّك المجلات بباب رسائل القراء، إذ بغض النظر عن حيثيات الفيلم العاطفية، فإن الصحافية عنان "هند رستم" تعمل في مجلة وتقضي وقتها في الإجابة على مشاكل القراء حتى أن بعض القارئات يزرنها في المكتب لتقترح عليهن حلاً. والقصة مأخوذة من كتاب "الخروج من الجنة" لتوفيق الحكيم.

بريد العاطفة والحب لم يقتصر على المجلات، إذ يوجد في منطقة فيرونا المعروفة بمدينة الحب نادي جولييت.

وفيرونا الإيطالية هي المدينة التي اختارها شكسبير ليسقط أحداث مسرحيته المشهورة "روميو وجولييت" في شوارعها. ولقد اشترت بلدية فيرونا بيتاً قديماً يعود إلى عائلة كابوليت وهي عائلة جولييت في المسرحية. فحوّلته إلى بيت جولييت حيث الشرفة الشهيرة التي يتسلقها روميو، وفي ساحة المنزل، بني تمثال جولييت الذي يزوره العشاق من مختلف أنحاء العالم ليلمسوا النهد الأيمن من التمثال كتمنٍ أن تنجح علاقات الحب.

وإلى جانب بيت جولييت، يوجد نادي جولييت الذي يجيب على رسائل الحب التي ترسل باسم بطلة المسرحية.

وبدأ حارس قبر جولييت إيتور سوليماني بجمع الرسائل التي يتركها الناس هناك والرد عليها وتركها عند المقبرة ليكون أول سكريتير لجولييت، وذلك في مطلع الثلاثينيات من القرن الماضي. وفي عام 1972 بدأت فكرة نادي جولييت مع جوليو تاماسيا ومجموعة من الفنانين والمثقفين المولعين بشكسبير ورائعته "روميو وجولييت"، وترأس النادي اليوم ابنة جوليو جيوفانا تاماسيا.

"جولييت... فيرونا"

وتصل كل عام آلاف الرسائل موجهة إلى "جولييت... فيرونا"، ويتطوع فريق بالرد على جميع الرسائل المكتوبة بخط اليد أيضاً للمحافظة على تراثية شخصية جولييت.

وتقرأ الرسائل وتترجم ويجيب عليها أمناء جولييت، ويحتفظ بها بالأرشيف الذي يحوي الكثير من قصص الحب. وقد أتاح النادي للزوار الاطلاع على بعض الرسائل. كما تقام مسابقة "عزيزتي جولييت" وتمنح الجوائز إلى أفضل الرسائل. وأصبح بالإمكان الآن إرسال رسالة بريدية على ايميل خاص.

وتستطيع أن تجيب على الرسائل بحسب لغة مرسلها بالتبرع بالانضمام ليوم أو أكثر في النادي، كما يمكنك زيارة أرشيف النادي، وقراءة رسائل بأي لغة تريد بعد إرسال طلب خاص. وفي عام 2010 أخرج الأميركي غراي وينيك آخر أفلامه "رسائل إلى جولييت" قبل أن توافيه المنية عام 2011، والفيلم مأخوذة قصته من كتاب يحمل العنوان نفسه، وفيه تكتشف البطلة صوفي "أماندا سايفريد" رسالة قديمة جداً في ساحة بيت جولييت غير مقروءة مخبأة بين الأحجار، وتحاول التواصل مع كاتبتها إلى أن تجدها وتوصلها إلى حبيبها السابق في إطار درامي جميل. وهذه القصة تساعد أماندا لفهم علاقتها وتبدأ بعلاقة جديدة مع حفيد كاتبة الرسالة.

المزيد من منوعات