Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تعاون سياسي ليبرالي ألماني مع اليمين المتطرف

توماس كيميريتش وصل إلى السلطة بأصوات حزب "البديل من أجل ألمانيا" على الرغم من فوز حزبه بنسبة 5 في المئة فقط من التصويت

زعيم "البديل من أجل ألمانيا" يهنئ مسؤول حزب "الديمقراطي الحر" (رويترز)

احتجّت زعيمة يسارية ألمانية على تعاون الليبراليّين في بلادها مع اليمين المتطرّف، عبر القائها يوم الأربعاء الماضي بباقة من الزهور أمام قدمي أحد السياسيّين الليبراليّين المتعاونين. ورمت سوزان هينيغ وَلسو، بنوعٍ من اللامبالاة، باقة التهنئة أمام الليبرالي المتوتر توماس كيميريتش، قبل أن تدير ظهرها له وتمشي من دون أن تصافحه.

وشوهد كيميريتش الذي كان قد انتُخب للتوّ زعيماً إقليمياً لولاية تورنغن بأصوات حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرّف، يفرك يديه قلقاً بعد مغادرة السياسية اليسارية.

وكان "الحزب الديمقراطي الحرّ" الليبرالي، وحزب "الاتّحاد الديمقراطي المسيحي" المحافظ، قد اعتمدا على أصوات حزب "البديل من أجل ألمانيا" من أجل إطاحة الإدارة اليسارية للولاية، في سابقةٍ هي الأولى من نوعها في السياسة الألمانية، بحيث يُعتبر عادةً التعاون مع اليمين المتطرّف خارج حدود التصوّر.

هذا الإجراء من جانب الليبراليّين أشعل غضباً في جميع أنحاء البلاد وحتى على المستوى الدولي، ونزل مئات من الأشخاص تلقائياً إلى مقرّ الحكومة الإقليمية للاحتجاج على الخطوة. ووُجّهت إهانات إلى "الحزب الديمقراطي الحرّ" والأحزاب اليمينية المتطرّفة على شبكات الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، منها هاشتاغ #FCKAFDP الذي يجمع اختصاراً ما بين كلمة "f***" النابية بالإنجليزية وإسماء الحزب الليبرالي وأحزاب اليمين المتطرّف.

وقالت هينيغ وَلسو زعيمة حزب اليسار في الولاية التي قامت برمي باقة الزهور أمام قدمي الفائز لوسائل إعلام ألمانية، إن أحداث يوم الأربعاء الماضي "سبق الإعداد لها منذ مدة طويلة، وإن التعاون بين الليبراليين جرى التخطيط له مسبقاً".

وعلى نقيض موقف الجناح اليساري، تلقّى كيميريتش شكراً حارّاً في القاعة من زعيم حزب "البديل من أجل ألمانيا" في المنطقة بيورن هوك، الذي صُوّر وهو يسلّم على حليفه الجديد ممسكاً بيده بحرارة.

ويُعدّ هوك أحد أبرز الشخصيات السياسية في حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني. وكان قد سار في تظاهراتٍ مع النازيّين الجدد، ووصف نهج ألمانيا في إحياء ذكرى محارق اليهود بأنه "تصرّف غبي". وفي سبتمبر (أيلول) من العام الماضي، قضت محكمة في ولاية تورنغن بأنه يمكن اعتبار هوك من الناحية القانونية "فاشيّاً"، موضحةً أن التسمية "تستند إلى واقعٍ يمكن التثبت منه".

وما يثير الدهشة، أن الحزب الليبرالي الذي يتزعمه كيميريتش فاز بنسبة 5 في المئة فقط من الأصوات في الانتخابات الأخيرة، متجاوزاً العتبة الانتخابية للتمثيل بأقلّ من 100 صوت. ويبدو الآن أن الأمر انتهى به إلى قيادة حكومة ولاية تورنغن.

وأطاحت القيادة الجديدة للولاية الألمانية بفارق ضئيل، برئيس وزراء ولاية ترونغن اليساري الراهن، بودو راميلو الذي كان يحظى بدعم الديمقراطيين الاشتراكيّين وحزب الخضر وحزبه اليساري. ولم يتمكّن تحالف راميلو من أن يجمع سوى 44 صوتاً من أصل تسعين، وهو مجموع الأصوات في برلمان الولاية الواقعة شرق البلاد، بينما استطاع "الحزب الديمقراطي الحرّ" الحصول على تأييد خمسةٍ وأربعين نائبا، بدعمٍ من أحزاب أقصى اليمين.

وذكرت وسائل إعلام ألمانية أن هذا الحدث "الخارق للمحظورات" والمتمثّل في انتخاب رئيس وزراء بأصوات حزب "البديل من أجل ألمانيا"، يحصل للمرّة الأولى في تاريخ الجمهورية الفيدرالية.

وكان يُنتظر على نطاق واسع، أن يعود راميلو إلى ممارسة مهام منصبه الراهن رئيساً لحكومة أقلية، بعدما فاز حزبه بحصةٍ إضافية من الأصوات في الانتخابات التي أجريت أواخر العام الماضي. وقد اختارته بالفعل أحزاب ائتلاف يسار الوسط لتولّي رئاسة الوزراء في حكومة الولاية.

واحتفل يورغ ميوذين رئيس حزب "البديل من أجل ألمانيا" بالنتيجة قائلاً "إن أول انعطاف سياسي في ألمانيا تتمثّل في فوز الأغلبية المدنية! تهانينا لتورنغن!"

أما فرع حزب "الاتّحاد الديمقراطي المسيحي" في الولاية، فاعتبر أن على الرغم من العمل مع حزب "البديل من أجل ألمانيا" لإيصال رئيس جديدٍ للوزراء، إلا أنه لا يريد الدخول في ائتلافٍ رسمي مع الحزب اليميني. وقال الزعيم المحلي للحزب مايك موهرينغ عقب الانتخابات: "قرّرنا دعم مرشح الأغلبية المدنية. ومن الأهمية بمكان أن يوضح توماس كيميريتش أنه لا يوجد تحالف بينه وبين حزب البديل من اجل ألمانيا".

وفي المقابل، وصف وزير خارجية ألمانيا هايكو ماس وهو من "الحزب الديمقراطي الاجتماعي" الذي ينتمي إلى يسار الوسط نتائج الانتخابات، بأنها "غير مسؤولة تماماً". وغرّد ماس عبر حسابه على "تويتر" قائلاً إنه "في مواجهة حزب البديل من أجل ألمانيا، يتعيّن على جميع الديمقراطيين الوقوف جنباً إلى جنب. وإذا لم تفهموا ذلك، فيبدو أنكم لم تتعلموا شيئاً من تاريخنا".

وقال بيرند ريكسينغر، رئيس الحزب اليساري عن النتيجة في ولاية تورنغن، إنها "كانت خرقاً للمحرّمات وستكون لها عواقب بعيدة المدى". وأضاف بأن "على الحزب الديمقراطي الحرّ وحزب الاتّحاد الديمقراطي المسيحي مسؤولية توضيح ذلك الآن".

وأجرت ولاية تورنغن انتخاباتها في أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي. وتصدّر حزب اليسار النتائج بهامش كبير، بحيث حصل على نسبة 31 في المئة من الأصوات، متقدّماً بنحو 28 في المئة عمّا كان عليه في العام 2014.

وحلّ حزب "البديل من أجل ألمانيا" في المرتبة الثانية بنسبة 23.4 في المئة بعدما كانت نسبة التأييد له في حدود 10.6%. وجاء حزب "الاتّحاد الديمقراطي المسيحي" المحافظ ثالثاً بنسبة تأييد بلغت 21.7 في المئة، في حين حلّ "الحزب الديمقراطي الاجتماعي" وهو في يسار الوسط، في المركز الرابع بنسبة 8.2 في المئة.

© The Independent

المزيد من دوليات