Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

نتائج ولاية أيوا تمزق الديمقراطيين وتصب في صالح ترمب

 بوتيجيج وساندرز يتصارعان... بايدن يراهن على الجولات المقبلة وبلومبيرغ يترقب

بايدن مشاركاً في تجمع لناخبيه في ولاية نيو هامشير الأربعاء 5 فبراير (شباط) الحالي (أ. ف. ب.)

لم تكن الانتخابات التمهيدية للرئاسة الأميركية التي شهدتها ولاية أيوا مُهينة للحزب الديمقراطي وسبباً في سخرية الجمهوريين منهم بسبب مشاكل إعلان النتائج في الوقت المناسب فحسب، لكنها كانت أيضاً مفاجِئة للكثيرين، بخاصة لقيادات الحزب الديمقراطي ووسائل الإعلام. إلا أن الجولة الأولى من تلك الانتخابات التمهيدية حملت أنباءً سارة للرئيس دونالد ترمب وحملة إعادة انتخابه، بعدما وجدوا أن خصمه الأول بين المرشحين الديمقراطيين، جو بايدن، تراجعت حظوظه كثيراً في أول اختبار حقيقي تكشف عنه أصوات الناخبين في الولايات المتحدة.
وأظهرت النتائج الأخيرة للمرشحين الديمقراطيين في ولاية أيوا بالغرب الأوسط الأميركي بعد كشف 97 في المئة منها، احتدام المنافسة على المركز الأول بين، بيت بوتيجيج عمدة مدينة "ساوث بيند" السابق في ولاية إنديانا، والسناتور بيرني ساندرز عضو مجلس الشيوخ، حيث حصد الأول 26.2 في المئة من الأصوات مقابل 26.1 في المئة للثاني، بينما حلت السناتور إليزابيث وارن في المركز الثالث بجني 18.2 في المئة من الأصوات، وجاء نائب الرئيس السابق جو بايدن في المرتبة الرابعة بعدما جمع 15.8 في المئة من الأصوات، ما شكل مفاجأة مدوية لم يكن يتوقعها غالبية المراقبين في الحزبين الكبيرين في الولايات المتحدة على حد سواء، وبخاصة ما يتعلق ببايدن.


سخرية حملة ترمب

حملة إعادة انتخاب ترمب، سخرت من النتيجة التي خرج بها بايدن، حيث أعلنت في بيان "لطالما كرر بايدن أنه سيفوز بولاية أيوا، لكنه في الواقع انزلق إلى المركز الرابع بينما سحقه كل من بيرني ساندرز المجنون بالاشتراكية، وبيت بوتيجيج وهو عمدة مدينة صغيرة سابق في ولاية إنديانا".
وأتت هذه السخرية رداً على تصريحات سابقة لبايدن قال فيها إنه يعتزم الفوز في ولاية أيوا، مشيراً إلى قدرته على كسب أصوات الناخبين استناداً إلى أن مَن يمثلون تيار الوسط مثله في وضع أفضل لهزيمة ترمب في عدد من الولايات المتأرجحة الرئيسية في الانتخابات العامة التي ستجري في الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، حيث يكون لهذه الولايات دور حاسم في ترجيح كفة المنتصر.
ويشير محللون سياسيون في واشنطن إلى أن ترمب ربما يكون أسعد الناس بهذه النتيجة، حيث بدا أن الحملة التي شنها خلال الأشهر الأخيرة حول مزاعم فساد ترتبط بنجله هانتر، أثمرت وخفضت حجم مؤيدي بايدن من الديمقراطيين، على الرغم مما أشارت إليه استطلاعات الرأي بأنه لا يزال يحتفظ بالصدارة في سباق الانتخابات. كما أنه في حال استمر تقدم ساندرز وبوتيجيج في الجولات المقبلة من السباق الانتخابي، فإن مهمة ترامب في الفوز ستكون أسهل بكثير، حيث أكد مجدداً خلال خطاب حالة الاتحاد أنه لن يسمح بتحول الولايات المتحدة إلى الاشتراكية في إشارة واضحة إلى حظوظ ساندرز في الفوز بترشيح الديمقراطيين أو إليزابيث وارين وإن كانت تأتي في درجة تالية على الرغم من توجهاتها الليبرالية.

أما بوتجيج، فعلى الرغم من أنه يمثل التيار الوسطي مثل بايدن وتحمس كثير من الشباب له، إلا أنه لا يملك خبرةً كبيرة، والأهم أنه ينتمي إلى مجتمع المثليين، ما يدفع عدداً من الديمقراطيين وبخاصة الأميركيين- الأفارقة وقطاع من الناخبين المستقلين إلى الابتعاد عن تأييده.


بايدن يهاجم ساندرز

وسارع بايدن بعد خسارته الأولى المبكرة في أيوا إلى محاولة تعويض خسائره، في الجولة الثانية بولاية نيو هامشير التي ستجري الثلاثاء المقبل، حيث شن هجوماً ضد كل من بوتيجيج وساندرز معتبراً أنهما غير مؤهَلين للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي. وانتقد بايدن لأول مرة ساندرز بالاسم مؤكداً أن برنامج "الرعاية الصحية للجميع" الذي يعد به الناخبين، عَبّرَ كثير من الديمقراطيين عن شكوكهم فيه وقالوا إنهم لا يدعمونه. كما انتقد بايدن وصف ساندرز (78 سنة) نفسه بأنه "ديمقراطي – اشتراكي"، وقال "سنرى ما سيفعله ترمب بهذه التسمية، فالرئيس متلهف كي يُلطخ الحزب الديمقراطي كله بالصفة "الاشتراكية" ويجب ألا نسمح بذلك".


بوتيجيج تحت القصف

ووجّه بايدن (77 سنة) سهامه أيضاً إلى بوتيجيج (38 سنة) فقال إنها لمخاطرة كبيرة للحزب الديمقراطي إذا اختار مرشحاً لم يشغل منصباً أكبر من عمدة مدينة صغيرة في إنديانا عدد سكانها 100 ألف نسمة، كما دافع عن اتهام بوتيجيج له، بأنه يمثل فئة كبار السن من المرشحين، متسائلاً "هل يقول بوتيجيج إن إدارة أوباما – بايدن كانت فاشلة؟".

وفي كل الأحوال، فإن عملية "القصف السياسي" التي بدأها بايدن تعكس الواقع المرير الذي يواجهه بعد الخسارة المذلة له في أيوا، حيث حرص في السابق على عدم الرد على خصومه، وكان يؤكد للصحافيين والجماهير على أن الصراع في ما بين الديمقراطيين لا يساعد سوى ترمب على الاستمرار في الحكم لأربع سنوات أخرى.

وجاءت الانتقادات ضد بوتيجيج أيضاً من جهات خارج الحزب الديمقراطي لكنها قريبة التوجه منه، مثل حزب الخضر، إذ انتقدته "جيل شتين" التي ترشحت عن هذا الحزب في الانتخابات الرئاسية لعام 2016، واعتبرت أنه "مرشح الظرف الحالي"، مؤكدةً أنه لن يتمكن من كسب أصوات الأميركيين الأفارقة، في إشارة إلى انتمائه إلى مجتمع المثليين الذي يمقته هؤلاء.

وقالت شتين إن بوتيجيج سيواجه تحدياً صعباً في الولايات ذات التعدد العرقي، بسبب استطلاعات الرأي التي تشير إلى تقدم منافسيه عليه في كارولينا الجنوبية، التي تضم نسبةً كبيرة من الأميركيين الأفارقة وستُجري الانتخابات التمهيدية في 29 فبراير (شباط) الحالي.

وذكرت صحيفة "واشنطن بوست" إن بوتيجيج أثبت أنه رقم مهم في السباق الرئاسي الديمقراطي، حيث لم يكن أحد يتوقع أن يتصدر عمدة مدينة صغيرة في الغرب الأوسط الأميركي، السباق في المعركة الأولى، لكن الصحيفة أشارت إلى أن الوضع يبقى معلقاً بقدرته على متابعة تقدمه في طول البلاد وعرضها بخاصة بين ناخبي الأقليات، وإلى أن يثبُت ذلك، سيكون من الصعب اعتبار أنه يشكل تهديداً جدياً لمنافسيه على الفوز بترشيح الحزب.


مشكلة ساندرز

يشكل ساندرز بالنسبة إلى قيادات الحزب الديمقراطي وبعض وسائل الإعلام المعارِضة للرئيس ترمب مشكلةً عويصة، فهو على خلاف المرشحين الآخرين، يسبح في بركة مياه خاصة به، فمؤيدوه من الشباب واليساريين والمستقلين، يزلزلون الأرض بعاصفة من التصفيق حين يقول لهم إنه سيواجه المؤسسة السياسية برمتها في الولايات المتحدة، المؤسسة السياسة الجمهورية والمؤسسة السياسية الديمقراطية، ما يثير خشية التيار الوسطي العريض داخل الحزب الديمقراطي، ليس فقط لأن ساندرز يتوعدهم بتغيير يطالهم كما يطال الجمهوريين، ولكن لأن هذا المنحى الثوري يسهُل الطعن فيه من جانب الجمهوريين، ويسهّل هزيمته، ويُفقد التيار الوسطي فرصه في منافسة ترمب في النهاية.

وما يثير المخاوف من ساندرز أن مؤيديه لا يرضون عنه بديلاً، فحتى لو خسر السباق في النهاية، فإن قطاعاً منهم لا يؤمن بسواه كما فعلوا من قبل برفضهم التوجه إلى صناديق الاقتراع والتصويت لهيلاري كلينتون في الانتخابات الرئاسية الماضية في عام 2016، وقد يكررون ذلك في انتخابات 2020 على الرغم من معارضتهم وكراهيتهم ترمب.

كما أن هناك فئة وحيدة لا تراها في أي تجمع انتخابي للمرشحين الديمقراطيين ما عدا تجمعات ساندرز، وهي فئة الشباب البيض غير المتعلمين الذين يتحلقون حول الأخير طوال الوقت وينتشرون في المناطق الريفية والعمالية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


أزمة وارن

من جهة أخرى، قد يكون تراجع المرشحة الرئاسية الأوفر حظاً بين النساء، السناتور إليزابيث وارن (70 سنة) إلى المركز الثالث، أمراً متوقعاً بعد تراجعها في استطلاعات الرأي في الأسابيع الأخيرة، إلا أن ذلك في الوقت ذاته ليس أمراً سيئاً إذا قورنت نتيجتها بما حصل عليه بايدن. لكن مشكلة وارن الحقيقية وفق مراقبين في واشنطن، تكمن في عدم وجود تباينات كبيرة بين برنامجها الرئاسي وبرنامج ساندرز، فهي تعهدت بشطب ديون طلاب الجامعات لدى الحكومة وبتقديم برنامج رعاية صحية لمعظم الأميركيين، وهي أمور تقترب من الفكر ذاته الذي يحمله ساندرز ويتهمه ترمب بالاشتراكية، وإن كانت بدرجة أقل.

أكثر من ذلك، تشبه وارن، بوتيجيج في حيويته وحماسته الخطابية وحصافته اللغوية والقدرة على إشعال حماسة الجماهير بخاصة بين الشباب والنساء والمتعلمين، ولهذا تذهب أصوات بعض مؤيديها إلى بوتيجيج وبعض آخر إلى ساندرز، ما يضعف حظوظها في الفوز.


بلومبيرغ يترقب

أسوأ شيء كان يمكن أن يقع للمرشح الملياردير مايك بلومبيرغ، هو فوز بايدن بولاية أيوا، لأن تراجع نائب الرئيس السابق المدعوم من قيادات الحزب وتياره الوسطي، يعني أن الباب أصبح مفتوحاً أمام عمدة نيويورك السابق بلومبيرغ للدخول في غمرة الانتخابات في يوم "الثلاثاء الكبير" الذي تشهد ولايات ضخمة عدة معركةً فاصلة من بينها كاليفورنيا وتكساس في 3 مارس (آذار) المقبل.
وإذا لم يتضح أن بايدن أو بوتيجيج سيكونان في مقدمة الرابحين، حينها ستكون الفرصة سانحة أمام بلومبيرغ لخوض غمار معركة الانتخابات التمهيدية التي امتنع عن المشاركة في مراحلها الأولى استناداً لهذه الإستراتيجية التي ارتكزت إلى أن فرص اليسار داخل الحزب الديمقراطي تتزايد وتكتسب زخماً في مواجهة تيار اليمين المحافظ واليمين المتشدد الذي يدغدغ ترمب مشاعره.
ويراهن بلومبيرغ على أنه يمكن أن يكون البديل المقبول للاشتراكيين أمام الناخبين المعتدلين والواقعيين داخل الحزب الديمقراطي وبين كثير من المستقلين، لكن وضعيته بصفته مليارديراً كان ينتمي إلى الحزب الجمهوري قبل أن يغيّر انتماءه ليشارك في الانتخابات، تُعدّ سبباً مزعجاً للتيار اليساري وبعض المعتدلين الذين لا يقبلون استبدال ملياردير بآخر في البيت الأبيض حتى ولو كان تحت راية الحزب الديمقراطي.


معركة نيو هامشير

يواصل المرشحون الديمقراطيون حشد الناخبين في ولاية نيوهامشير في شمال شرقي الولايات المتحدة من دون كلل أو ملل، فهي بالنسبة إليهم معركة فاصلة وحاسمة، لا تقل أهمية عن سابقتها، وعلى الرغم من أن بايدن اعترف بأنه تلقى "لكمة في البطن" في معركة أيوا، إلا أنه يتفاخر بأنها ليست المرة الأولى التي يتلقى فيها لكمات وضربات، فهو "مقاتل ولن يذهب إلى أي مكان آخر" على حد تعبيره.

وما يشجع بايدن على المضي قدماً بصلابة، هو أن استطلاعات الرأي تضعه في المرتبة الثانية خلف ساندرز في نيوهامشير، بينما يتصدر المتنافسين في ولايتي نيفادا وساوث كارولينا، وهما الولايتان التاليتان زمنياً لولاية نيوهامشير في الانتخابات التمهيدية، كما تعتزم حملته الانتخابية إنفاق مبالغ مالية ضخمة دعماً له في هذه الولايات.

إلا أن بايدن يواجَه أيضاً بتحدِ صعب من ساندرز ووارن، نظراً إلى أنهما يتمتعان بقدر من النفوذ في منطقة نيو انغلاند، بالإضافة إلى تلاصق الولاية التي يمثلها كل منهما في الكونغرس (فيرمونت وماساتشوستس) بولاية نيوهامشير التي تشهد الجولة الثانية من الانتخابات الديمقراطية.

ويشير خبراء في الانتخابات الأميركية إلى أن ولاية نيوهامشير ظلت تاريخياً تخرج بنتائج معاكسة لتلك التي خرجت بها ولاية أيوا. وإذا ألقت نيوهامشير طوق النجاة لبايدن، فستكون تلك أكثر المفاجآت قوةً، لأنها تبدو حتى الآن صعبة المنال.

المزيد من دوليات