Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الطلاب الصينيون في لبنان يواجهون "وصمة كورونا" بالبسمة

بلغ الخوف من وصول الفيروس مرحلة الرهاب لدى اللبنانيين

الطلاب الصينيون خلال رحلة سياحية في لبنان (اندبندنت عربية)

"بوجوه مبتسمة نقاوم وصمة الكورونا"، هذه هي حال الطلاب الصينيين الذين يدرسون في جامعات طرابلس اللبنانية. ليست مستغربة مسحة التفاؤل الممزوج بالتحدي هذه، فهم يتحدرون من أكثر الشعوب إنتاجيةً ونشاطاً.

قصدت غالبية هؤلاء الطلاب طرابلس خلال العقد الأخير، فهم وضعوا هدفاً لهم، يريدون تعلم اللغة العربية، لأن الضاد هي المفتاح للاطلاع على الإرث الحضاري العربي والإسلامي. في البداية كان وجود هؤلاء في شوارع طرابلس، يثير اهتمام المارة وعلامات استفهام كثيرة، إلا أن ذلك لم يقف عائقاً أمام أبناء الصين العظيمة، لأنهم أصروا على التكيّف مع البيئة التي يعيشون فيها.

اليوم ومع بدء تفشي فيروس "كورونا" انطلاقاً من ووهان الصينية، يحمل الطلاب الصينيون على عاتقهم مهمة التوضيح والتبرير، لأن المظاهر تتحكم بالناس للوهلة الأولى، وقليل من النقاش قد يفي بالغرض.

"صالح الصين"

يحمل الطلاب الصينيون في لبنان اسمان، اسم صيني وآخر عربي. هذه هي حال "ما أو مي" صالح الذي يدرس اللغة العربية وآدابها في جامعة طرابلس. يتحدث طالب السنة الثالثة عن علاقة جيدة يلمسها كل يوم أثناء تجوله في الجامعة أو شوارع طرابلس، وعندما يدخل إلى المتاجر، يلمس لدى الناس هنا حشرية التعرف إلى كل ما هو غريب.

يؤكد "ما" أن أي من الطلاب الصينيين لم يغادر طرابلس خلال الأشهر الستة الماضية، لذلك لا بأس عليهم ولا يجوز للناس التوجس منهم أو الاشتباه بحملهم الـ"كورونا". ينتمي صالح الصيني إلى مقاطعة "ني شا" الواقعة شمال البلاد قرب بكين، البعيدة من ووهان. ويجزم أن الفيروس لم يظهر في منطقتهم، إلا أنه عندما تواصل مع العائلة أبلغوه بأن الجهات الرسمية اتخذت إجراءات وقائية، حيث يُفرض على المواطن لبس قفازات وأقنعة لأن الفيروس ظهر في مقاطعة قريبة منهم. كما أن هناك فحوصات دورية يجريها سكان الصين.

يستقبل "صالح" بابتسامة استفسارات اللبنانيين عن "كورونا"، ويطمئنهم أنه ورفاقه لم يزوروا الصين منذ فترة طويلة، ويقيمون في لبنان منذ حين. ويضطر إلى الإجابة باستمرار عن فيروس كورونا ومصدره، وهل هو مخيف لهذه الدرجة؟ إضافة إلى ارتباطه بنمط محدد للطعام وأكل "كل شيء". ويشير صالح في معرض إجابته إلى أنه لم يطلع على بحوث علمية تؤكد ذلك، لأن هناك فرضيات كثيرة حول أصل الفيروس، تصل أحياناً إلى أن مصدره قد يكون الولايات المتحدة أو مكان آخر خارج ووهان.

لا يخفي صالح وجود أناس يتجنبون مصافحة الطلاب الصينيين، إلا أن أعدادهم نادرة وقليلة. ويُعتبر صالح بمثابة عينة لأمور تتكرر مع زملائه، ويشير إلى أنه يتشارك الدراسة والمسكن مع عشرة صينيين، يتساعدون في الدراسة وتحضير الطعام في مطبخ واحد، ويخرجون في جولات سياحية على المواقع الأثرية والطبيعية في طرابلس. ويعبر عن امتنانه لزيارة جزيرة الأرانب الواقعة قبالة طرابلس عاصمة شمال لبنان. كما يوجد لبنانيون يشاركونهم طقوسهم، لذلك يؤكد "ما" أن القاسم المشترك بين الصيني والعربي هو امتلاك حضارات عريقة. ويتطلع لإنهاء السنة المتبقية له، لينتقل إلى سوريا للالتحاق بإحدى الجمعيات العاملة هناك للعمل وإتمام دراسته.

كل آسيا صينية!

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

خلال إعداد التقرير كان لافتاً، خلط اللبناني بين الشرق آسيوي والصيني، فكل منتمٍ إلى العرق الأصفر يُعتقد للوهلة الأولى أنه من تلك البلاد الشاسعة. هذا ما يؤكده فتّاح من إندونيسيا وعبد الطالب الكازاخستاني لأنهما من أصحاب البشرة الصفراء، يعاملهما العامة على أساس أنهما من الصين. إلا أن الغربة وتعلّم اللغة العربية جمعت هؤلاء، وخلقت بينهم ما يشبه الوحدة.

يشتهر الآسيويون بالجدية والمثابرة، وبحسب الأوساط العلمية يبذل طلاب شرق آسيا جهوداً مضاعفة للتعلم، كما يشترون كتب الفصحى التي هجرها كثيرون من العرب.

خوف من سفينة

الخوف من وصول كورونا إلى بلادهم، بلغ مرحلة الرهاب لدى اللبنانيين. وشهدت طرابلس خلال الأيام الأخيرة حملةً لمنع إحدى السفن المبحرة من الشرق الأقصى من الرسو في مرفأها. وسرت جملة إشاعات وصلت إلى حد القول بوجود 6 إصابات على متنها. حالة القلق، دفعت قضاء الأمور المستعجلة إلى التدخل، وإصدار قرار يمنع رسو تلك السفينة وتفريغ حمولتها في ميناء طرابلس.

لبنانيو شرق آسيا

من جهة أخرى، أدى القلق من فيروس كورونا إلى تواصل على مدار الساعة بين اللبنانيين المقيمين في شرق آسيا وذويهم. ويتحدث محمد، الطالب اللبناني الذي يتعلم في ماليزيا المحاذية للصين عن إجراءات استثنائية متخذة. ويشير إلى أن هناك جالية صينية كبيرة تعيش معهم، وإنما من القادمين من الخارج. لذلك اتخذت الحكومة الماليزية إجراءات وقائية لجهة عدم استقبال أي أجنبي أو صيني من مدينة ووهان أو المدن القريبة منها، وتم وضع الماليزيين القادمين من هناك في الحجر الصحي. ويروي محمد حادثة غريبة وقعت، عندما حاولت مجموعة من الموضوعين في الحجر الصحي الهرب بعد عودتهم من سنغافورة وظهور مؤشرات فيروس "كورونا" عليهم.

واستحدثت الدولة الماليزية إجراءات في الجامعة، حيث منعت استقبال الطلاب الجدد إلا بعد إجراء فحص طبي يتضمن الكشف عن الفيروس والتشديد على وضع الكمامات التي زاد سعرها بسبب زيادة الطلب عليها، على الرغم من أنهم يستخدمونها عادة لمقاومة التلوث البيئي.

في المحصلة، ينظر كثير من الطرابلسيين إلى الصين على أنها مصدر أمل لنهضة المدينة. لذلك يرفضون عمليات وصم أبناء تلك البلاد لأنهم يشكلون شريحة كبيرة من طلاب الجامعات الطرابلسية، كما أن هناك خططاً لتنشيط المرافق العامة في المدينة بواسطة استثمارات صينية.

اقرأ المزيد

المزيد من الشرق الأوسط