Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عدد المسرحين من سجون بريطانيا يفوق العائدين من سوريا

هجوم ستريتهام جاء بعد تحذيرات متكررة من أن الإرهابيين المعتقلين لم ينبذوا التطرف

رجال شرطة في مسرح الجريمة جنوب لندن (أ.ب.)

أكد الرئيس السابق لشرطة مكافحة الإرهاب في المملكة المتّحدة أن الأشخاص الأكثر خطورة يسرحون من السجون البريطانية، تحديداً من تمت إدانتهم بقضايا إرهابية، أكثر من أولئك الذين يعودون من القتال في صفوف تنظيم "داعش" في سوريا.

جاء تحذير السير مارك رولي هذا بعدما شنّ متطرّف معروف هجوماً بسكّين في ضاحية ستريتهام بعد أيامٍ قليلة من إطلاق سراحه من السجن. وقد عمد سوديش أمان وهو أحد أنصار جماعة "داعش، إلى شن أعماله العدائية على مرأى من عناصر متخفّين من الشرطة، كانوا يتابعون تحرّكاته في إطار عملية مراقبة.

وقُتل هذا الشاب البالغ من العمر عشرين عاماً بالرصاص فيما كان يرتدي سترةً ناسفة وهمية، فيما نجا الشخصان اللذان طعنهما من الموت. وكان هذا هو الهجوم الإرهابي الثالث في غضون ما يزيد قليلاً عن شهرين، ينفّذه إرهابي مدانٌ في بريطانيا، بعد أعمال طعنٍ وقعت في قاعة "فش مونجرز هول" لبيع الأسماك وثمار البحر، وداخل سجن "أتش أم بي وايت مور".

ورأى السير مارك رولي الذي قاد شرطة مكافحة الإرهاب في بريطانيا حتى مارس (آذار) من العام 2018، أن السجون في حاجة إلى أن "تحكم السيطرة" على برامج إعادة التأهيل. وأوضح لبرنامج "توداي" أو "اليوم" الذي يبثه راديو "بي بي سي"على القناة الرابعة قائلا "أتذكّر أنني سُئلت من قبل أعضاء في البرلمان قبل نحو بضعة أعوام عندما كنت لا أزال في المنصب، عن التهديد المتعلّق بعودة "الجهاديّين" من سوريا والذي يعتبر مصدر قلق".

ويضيف "أتذكّر أنني قلت في ذلك الوقت إن أعداد الأشخاص الأشدّ خطورة ممن يغادرون السجون بعد إداناتهم بأعمال إرهابية سيكون أكثر في شوارع المملكة المتّحدة في السنوات القليلة المقبلة من أعداد العائدين من سوريا. ويا للأسف، يبدو أن هذا ما يحدث في الوقت الراهن".

وكان عثمان خان الذي قضى بالرصاص على جسر لندن بعد قتل شخصين في نوفمبر (تشرين الثاني) الفائت، قد أمضى أيضاً عقوبة بالسَّجن بتهمة ارتكاب جرائم إرهابية، بينما أفيد عن أن المسجون بروستوم زياماني المخطّط للاعتداء، شنّ هو الآخر هجوماً داخل السجن الشهر الماضي.

ويوجد الآن أكثر من 200 شخص في السجون جزاء ارتكابهم جرائم إرهابية في المملكة المتّحدة، في حين أُبلغ عن نحو 800 شخص وُصفوا بأنهم متطرّفون، في وقتٍ تخشى شرطة السجون من أن يكون العدد الحقيقي أعلى من ذلك.

وأظهرت الحالات الأخيرة أن الإرهابيّين قادرون على التواصل والعمل على مفاقمة تطرّف زملائهم الآخرين داخل السجون، وربما يكون الذين يخضعون لبرامج التأهيل يخدعون المشرفين عليهم من خلال ادّعاء التماهي الواضح مع مخطّطات إزالة التطرّف.

وأعلنت الحكومة البريطانية أخيراً عن حزمة جديدة من إجراءات ضبط الإرهاب، بما في ذلك اختبارات الكشف عن أكاذيب الإرهابيّين المفرج عنهم، وإجراء تغييرات لجعلهم يبقون لمدّةٍ أطول في السجن.

لكن سُجّلت في المقابل مخاوف متزايدة من أن سَجن المتطرّفين قد يزيد في الواقع من المخاطر التي يشكّلونها، بحيث قام قاضٍ الأسبوع الماضي بإصدار عقوبة مجتمعية على رجل شجّع على شنّ هجماتٍ إرهابية ينتمي إلى أقصى اليمين المتطرّف، وسوغ شطر من قراره بالقول إن هذا الشاب "سيكون أكثر عرضةً للتطرّف" داخل السجن ما يجعله أشدّ خطورة على المجتمع.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقالت حليمة فراز خان، والدة سوديش أمان، منفّذ هجوم ستريتهام لمحطة "سكاي نيوز"، إن إبنها كان "ولداً لطيفاً ومهذّباً"، وأنه "بدا طبيعياً" عندما زارته في غرفته داخل النزل الذي وُضع فيه تحت المراقبة يوم الخميس. وأفادت بأنه أصبح أكثر تديّناً منذ أن دخل السجن، وأنها تعتقد بأنه قد تحوّل إلى التطرّف أثناء وجوده في سجن  بلمارش التابع لمصلحة السجون الملكية "أتش أم بي ".

وبرزت أخيراً مخاوف من إنشاء شبكات إرهابية داخل السجون، بحيث استمعت إحدى المحاكمات أخيراً إلى أن منفّذ الاعتداء بالسيف في قصر باكنغهام كان قد التقى منفّذ التفجير في منطقة "بارسونز غرين".

وأشارت خان إلى أن أمان أكبر أبنائها الخمسة، قد طوّر آراء متطرّفة بعد مشاهدة موادّ إسلامية على الإنترنت. وأوضحت أنه "أصبح أكثر تديّناً داخل السجن، وأعتقد أنه نحا إلى التطرف هناك. فقد كان يشاهد أشياء على الإنترنت ويستمع إلى ما يغسل دماغه".

واستمعت محاكمة سوديش إلى أمان في العام 2018 إلى إفادات تؤكّد أنه بدأ في جمع موادّ إرهابية عبر الإنترنت في سنّ السابعة عشرة، وأنه كان ناشطاً على منصّة "تيليغرام" للتحادث، ثم على الموقع الرئيسي لتنظيم "داعش".

ورأى السير مارك رولي أنه يمكن أن "يرى القضية" من منظار إصدار عقوبة على جميع مرتكبي جرائم الإرهاب، تحدّد مدّةً معيّنة لإجراء تقييم للمخاطر قبل إطلاق سراحهم، عوض الإفراج عنهم تلقائياً كما حصل مع أمان.

لكنه قال إن هذه الخطوة يجب أن تكون مرفقةً ببرامج معزّزة لإزالة التطرّف، مضيفاً "نحتاج إلى أن نكون متشدّدين بالمقدار نفسه في ما يتعلّق بمحاولة مساعدة الناس على تغيير حياتهم، لأننا مصمّمون على حماية الجمهور".

وقال حاكم سابق لأحد السجون أجرى بتكليفٍ من الحكومة مراجعةً للتطرّف الإسلامي داخل السجون البريطانية في العام 2016، إنه "لا يمكننا مواصلة المنوال هذا". ووصف إيان أتشيسون الهجوم الذي وقع في ستريتهام بأنه "نهاية غير موفّقة لعملية إدارة المخاطر والتدخّل غير المكتملة بشكلٍ واضح، والتي تبدأ في فترة الاعتقال". وطرح علامات استفهام حول فاعلية مخطّطات عملية التطهير الراهنة من التطرّف، داعياً إلى تطوير التدخلات العقائدية (التسامح والاعتدال الديني واحترام الآخر)".

واعتبر صادق خان عمدة لندن، عملية الطعن في ستريتهام بأنها كما هجوم مبنى "فش مونجرز هول" لبيع الأسماك، كانت "متوقّعةً وكان يمكن تفاديها". وأضاف "هؤلاء كانوا مدانين بارتكاب جرائم لها علاقة بالإرهاب، وقد شعرتُ بإحباطٍ لبعض الوقت من التغييرات التي أُدخلت على القانون في 2012، والتي انترعت من القضاة السلطة التي كانوا يستخدمونها لإصدار حكمٍ بحماية عامة الناس- وهو حكم بالسجن عدد محدد من السنوات ويقتضي التأكّد من عدم إطلاق سراح الأشخاص إلا إذا علمنا بأنهم لم يعودوا مصدر خطر".

وقالت مصادر حكومية بريطانية في "وايتهول" إن سوديش أمان كان قد أُطلق سراحه من السجن قبل أيام من الهجوم، بعد قضائه نصف مدة عقوبته بتهمة جمع وتوزيع موادّ إرهابية. وأوضح أحد هذه المصادر "كانت هناك مخاوف حياله عندما كان في السجن. لكن لم يكن هناك شيء يمكن القيام به لإبقائه خلف القضبان بموجب القوانين المعمول بها، لذلك أطلق سراحه من السجن بشروط صارمة وخضع للمراقبة".

وكان قد صدر حكم على أمان بالسَّجن لمدة ثلاث سنوات وأربعة أشهر في ديسمبر (كانون الثاني) من العام 2018، جزاء نشره موادّ إرهابية وجمعه معلوماتٍ تساعد على تنفيذ هجمات إرهابية، وذلك بعدما عثرت الشرطة على كتيّبات مخبّأة تساعد على صنع قنابل وغيرها من المنشورات الدعائية.

وعندما كان في سنّ الثامنة عشرة، أعلن رغبته في تنفيذ هجومٍ إرهابي، وقام بتخزين سكّين قتالية وبندقية هوائية وعلمٍ أسود في منزل أسرته في لندن.

وسجّل أمان في صدارة قائمة "أهداف الحياة" التي وضعها، أن يموت شهيداً وأن يذهب في حياة الآخرة إلى الجنّة. وفي محادثات عبر الإنترنت، أخبر صديقةً له وصديقاً بكراهيته لـ "الكفّار" وبولائه لتنظيم "داعش"، ورغبته في تنفيذ هجومٍ إرهابي. وفي إحدى الرسائل التي كتبها، شجّع صديقته على قطع رأس "والديها الكافرين"، وعلى نشر دعاية تنظيم "القاعدة" على حساب جماعي عائلي على "واتساب" يضمّ أطفالاَ لا تتجاوز أعمارهم أحد عشر عاماً.

وقال ممثّلو الادّعاء إنه كان "مفتوناً بشنّ هجوم يركّز على استخدام السكّين". وأُطلق سراح أمان بعد قضاء نصف مدّة حبسه، أي بعد تمضية ما مجموعه 20 شهراً داخل السجن، منذ بداية اعتقاله في مايو (أيار) العام 2018.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من دوليات