Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الخروج المنظم قد لا ينقذ الاقتصاد البريطاني من عثرته

توقعات باستمرار الأثر السلبي لـ"بريكست" رغم خطط حكومة جونسون

شهدت شوارع لندن مظاهرات متعددة الاتجاهات حول بريكست والذي دخل حيز التنفيذ بداية شهر فبراير الحالي . (أ.ف.ب)

في محاولة لإيجاد التمويل لخطط الحكومة البريطانية لإنعاش الاقتصاد، طلب رئيس الوزراء بوريس جونسون، ووزير الخزانة ساجيد جافيد، من كل أعضاء الحكومة والهيئات والإدارات وضع خطط عاجلة لخفض ميزانياتهم السنوية بنسبة في حدود 5%.

تلك واحدة من حقائق اقتصادية كثيرة، ليست من قبيل التكهنات والاحتمالات والاستنتاجات النظرية، ناجمة عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، التي على حكومة حزب المحافظين مواجهتها، وهي تعكس بشكل مبكر أن الوعود الضخمة بالتأثير الإيجابي لـ"بريكست" التي أطلقها أنصار جونسون منذ الدعاية الانتخابية قبل استفتاء الخروج في 2016 مبالغ فيها إلى حد كبير.

صحيح أن ما سيوفره تقليص ميزانيات الوزارات والإدارات الحكومية سيستخدم لتمويل إنفاق في جوانب خدميّة أخرى، إلا أن المحصلة النهائية هي أن الحكومة تفتقر إلى الموارد التي يمكن أن تعمد عليها في تنفيذ خططها للإنفاق العام ما لم تضطر إلى تغيير قواعد سقف الاستدانة وتزيد الدين العام.

وعد صعب التحقق

لكن المهم، أن كل ذلك ينال من وعود وزير الخزانة بتحقيق نسبة نمو للناتج المحلي الإجمالي البريطاني تصل إلى ما بين 2.7 و2.8% في السنوات المقبلة، أي أكثر من ضعف نسبة النمو في العام الماضي. ويرى العديد من الاقتصاديين، وحتى أكثرهم تفاؤلاً، أن ذلك وعد صعب التحقق إن لم يكن مستحيلاً لأسباب واقعية لا تتعلق فقط بـ"بريكست"، ولكن بوضع الاقتصاد البريطاني فعلياً في السنوات الماضية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي تقرير السياسة النقدية الشهري الذي يصدر مع اجتماع لجنة السياسات النقدية، رسم بنك إنجلترا (المركزي البريطاني) صورة واقعية للنمو الاقتصادي السابق والحالي والمتوقع استناداً إلى أرقام مكتب الإحصاء الوطني. ويبدو أن تلك الفقرة من تقرير البنك لم تلفت انتباه الكثيرين لأنها جاءت في ثنايا تقرير مطوّل يفصل الوضع النقدي العام ومبررات القرار الشهري بشأن سعر الفائدة استناداً إلى نسبة التضخم.

ومن غير الواضح إن كانت الحكومة أخذت في الاعتبار تلك الأرقام التي تضع توقعاً للنمو في السنوات القليلة المقبلة لا يتجاوز إلا قليلاً ثلث نسبة النمو التي يريدها وزير الخزانة البريطاني، وفي الأغلب الأعم يركز المتابعون لما يصدر عن البنك على مهمته الأساسية وهي تحديد سعر الفائدة وضبط معدل التضخم ولا يلتفتون لما يخص بقية مؤشرات الاقتصاد الكلي.

وفي جدول واحد مدفون في ثنايا التقرير بعنوان "فرص نمو التوريد في الاقتصاد البريطاني"، نجد مقارنة مثيرة بين العقدين السابقين والعام الماضي وتوقعات السنوات الثلاث المقبلة، ويفصل الجدول أرقام فرص نمو التوريد والإنتاجية في الاقتصاد البريطاني استناداً إلى الأرقام الحقيقية من مكتب الإحصاء الوطني. وببساطة تعني نسبة نمو فرص التوريد والإنتاجية نسبة نمو الاقتصاد من دون ضغوط تضخمية، أي عدم ارتفاع معدلات التضخم، لذا فهي مؤشر مهم على نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي.

أرقام لا تحتمل التأويل

صحيح أن محافظ بنك إنجلترا، مارك كارني، مشهور بتحذيراته من التأثيرات السلبية لـ"بريكست" على الاقتصاد البريطاني، وكان اجتماع الأسبوع الماضي هو الأخير في ظل رئاسته للبنك قبل تولي خلفه أندرو بيلي، إلا أن الأرقام الواردة في الجدول ناصعة الوضوح ولا تحتمل التأويل الكثير.

في العقد من 1998 إلى 2007 كانت نسبة نمو فرص التوريد 2.9% والإنتاجية 2.2%، وفي العقد التالي من 2010 إلى 2018 كانت النسبة 1.6% للتوريد و0.4% للإنتاجية. أما العام الماضي 2019 فكانت نسب النمو 1.1% للتوريد و0.4% للإنتاجية.

واستناداً إلى ذلك المنحى، الحقيقي وبالأرقام النهائية وليس اعتماداً على سيناريوهات أو نماذج افتراضية، فإن توقعات النمو للأعوام الثلاثة المقبلة من 2020 إلى بداية 2023 هي كالتالي حسب الجدول: نمو فرص التوريد 1.1% ونمو فرص الإنتاجية 0.5%.

وإذا كان معدل نمو الاقتصاد البريطاني قبل استفتاء البريكست في 2016 عند 2% تقريباً وانخفض بمقدار النصف الآن، فإن توقُع عودته إلى أكثر من نسبته قبل الاستفتاء في المدى القصير تبدو شبه مستحيلة.

"المركزي" سيلجأ إلى رفع نسبة الفائدة

وما يمكن استخلاصه من هذا أنه حتى لو تمكنت بريطانيا من التوصل إلى اتفاق جيد مع الاتحاد الأوروبي بنهاية العام وتم الخروج النهائي بشكل منظم وعلى أفضل وجه، فإن توقعات النمو في الناتج المحلي الإجمالي لن تزيد على نصف ما كان عليه قبل الاستفتاء.

ورغم أنه لا يمكن استبعاد إمكانية تنشيط الاقتصاد بزيادة الانفاق بالاقتراض أو عبر سياسات اقتصادية جذرية للحكومة، فإن النمو في تلك الحالة سيكون مولداً للضغوط التضخمية ومع ارتفاع معدل التضخم سيلجأ البنك المركزي إلى رفع نسبة الفائدة للحد من غليان النشاط الاقتصادي، ما يكبت النمو مجدداَ.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد