Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الألوان علاج للاكتئاب... فن "الماندالا" الهندي يتسلل إلى سوريا بأيد أنثوية

الدوائر والزخارف تلقى قبولاً وانتشاراً لجمالها وفوائدها على الصحة النفسية

بات العلاج النفسي بالألوان أمراً معتمداً لدى أخصائيين وأطباء نفسيين كثر (اندبندنت عربية)

تعكفُ الشابة لمى على الرسم لساعات طويلة مستخدمةً أسلوباً جديداً لم تعتد عليه من قبل، أو حتى لم يألفه السوريون، إنه فن "الماندالا" القادم من بلاد الهند متسللاً عبر أيادٍ تتذوق الفن فأبدعت به وتميزت. في ذلك الوقت، ينسابُ إليها شعورٌ من الارتياح والرضا بعدما وضعت الطالبة في كلية الهندسة المعمارية، والقاطنة في مدينة حمص، وسط البلاد، لمستها الأخيرة على لوحة استغرقت ما لا يقل عن أربع ساعات متواصلة لإنجازها.
 

الفن الجديد
 

 يبهرك هذا الفن الوافد من بلاد الهند والسند بألوانه الفاقعة ودوائره المتوازية والمتداخلة مع بعضها، وتشدّك نحوه بمزيد من التأمل وأنت تمعن النظر في لوحة تعجّ بالألوان والخطوط المتناسقة والمتشابكة في آن.

في المقابل، تروي الشابة السورية، لمى زكريا سرّ تشبّثها ومحبتها لفن "الماندالا" منذ أن كانت في سن الـ 18، فيما يندر أن تجد سورياً يرسم بهذه الطريقة، وقالت "حظيت بكثير من الاتزان الداخلي مع بداية رسمي بهذا الأسلوب".

وكشفت الفنانة الشابة خلال دراستها الجامعية للعمارة، عن مدى الراحة التي انسابت إليها مع رسمها لأول دائرة (أساس الماندالا) وباتت تختلجها مشاعر الاحتواء، وتلاشت معها كل مشاعر الخوف أو الضياع وبات تركيزها مغرقاً أكثر بالتفاصيل والخطوط.
 

المشاعر تتحدث
 

لا تتوقف المشاعر والطاقة الإيجابية التي تنتاب لمى أثناء حديثها عن هذا الفن الهندي القادم من أرض غارقة بالحضارة القديمة والحرير والتوابل، فيما صورة "تاج محلّ" في الهند عالقة في أذهان البشرية كإحدى عجائب الدنيا السبع.
في غضون ذلك، تنظر إلى فن الدوائر هذا بطريقة مختلفة بعيداً عن كونه شكلاً من أشكال الفنون. وتصف طالبة العمارة إحساسها عند رسم الزخارف وتوهج طرق التفكير الداخلي لديها "لذلك يستخدمونها في الطب النفسي لعلاج الاكتئاب وتفريغ الطاقة السلبية، وإزالة التوتر باختلاف أنواعها".
يختلج في نفسك لبرهة من الزمن أن ما تحويه اللوحة هي مرآة لشيء ما في داخلك فتطيل التحديق أكثر وكأنك تفك شيفرات هذه الدوائر العريضة والمتناغمة في ما بينها، فهو فن الرموز الذي استخدمه الهندوس والبوذيون للتعبير عن صورة الكون الميتافيزيقي.

من جهتها، تنظر راما شرق (35 سنة) نحو فن الدوائر بكثير من الإعجاب ينتابها شعور بالسعادة لطريقة تعاطي الأيدي الماهرة التي صنعته بطريقة متناغمة وسلسة كتلك. وتقول "مريحة تلك اللوحات وسأسعى لاقتناء الكثير منها إذ اكتنفتني حين شاهدتها، لا بد من وضعها في حجرة الصالون والتحديق بها بعد يوم عمل طويل".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


علاج نفسي


شاركت فنانة الماندالا السورية في معارض عدة، كان آخرها معرض للنساء الصغيرات في حمص وحققت نجاحاً باهراً ولافتاً من خلال أعمالها، حيث لفتت نظر بقية النساء إلى الدخول في هذا العالم السحري من الجمال والإبداعي، ولاقت أعمالها رواجاً كبيراً.

في السياق ذاته، بات العلاج النفسي بالألوان أمراً معتمداً لدى أخصائيين وأطباء نفسيين كثر حفاظاً على الصحة النفسية وهذا ما يحققه هذا الفن بكل تأكيد حيث أثبتت الدراسات النفسية أهمية التلوين الفردي وتأثير تلك الألوان في حياة الناس النفسية.
من جانبها، تجزم أخصائية الإرشاد النفسي سوسن أفندي، بقدرة الألوان كأسلوب مميز في العلاج النفسي وتقول، "الماندالا أحد الفنون المهمة ولعل العلاج النفسي فيها غاية في الأهمية بشرط المقدرة على اختيار الألوان وتحديدها والطريقة الصحيحة للرسم ستعطي بالتأكيد نتائج مفيدة".

ولا تشكك الأخصائية النفسية أفندي أن "التلوين الفردي مفيد جداً للصحة النفسية والعقلية للفرد وينبغي الاهتمام به ونشره، أو الاهتمام بحصص الرسم والتلوين في مدارس الأطفال، لأنها تنمي لديهم الخيال والشق الإبداعي وتحافظ على حالة نفسية وعقلية وبدنية سليمة".
 

كلام الألوان

ترسم الماندالا أو المندلات وتعني باللغة "السنسكريتية" الدائرة والقرص، بنمط هندسي مستخدمةً تعدد الرموز وتناسقها "فهي محفزة للبصر فإضافة إلى كونها تساعدنا على تهدئة الأفكار المتكررة، فلا بد من الاعتناء باقتناء الألوان، فهذه الطريقة تعكس طريقة تفكيرنا وشخصيتنا" بحسب الفنانة السورية لمى.
لا تتوافر في العاصمة دمشق أو في المدن السورية الأخرى المواد الأساسية لفن المندلات، لكن لمى تجتهد بابتكار طرق رسم على الزجاج والخشب أو على القماش أو الأواني "لا شيء يعيق مَن يريد أن يرسم الماندالا فالمجال مفتوح".
أربعون لوحة من الماندالا رسمتها لمى وتطمح للمزيد دوماً. يستغرق العمل الواحد من أربع إلى ست ساعات عمل متواصلة، وهي لا تشعر بالضجر على الإطلاق لأن هدفها صناعة فن جميل ممزوج بتأثير نفسي لطيف، وطاقة إيجابية تعمّ حياتها.

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة