Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إسرائيل تصعّد الحرب الاقتصادية ضد السلطة الفلسطينية

أكثر من مليار دولار قيمة المحاصيل الزراعية المستوردة من تل أبيب

"نحن الضحية في كل ما يجري بين الطرفين من تحديات اقتصادية" (اندبندنت عربية)

"حرب لوي ذراع عشان نشوف مين بقول آخ بالأول! والمزارع البسيط الغلبان هو من سيتدمر ويتألم ويخسر أولاً وأخيراً"، هي لسان حال الحاج ابراهيم العمري (60 سنة) من مدينة جنين شمال الضفة الغربية، فور سماعه قرار وزير الجيش الإسرائيلي نفتالي بينت، منع دخول جميع المنتجات الزراعية الفلسطينية إلى إسرائيل اعتباراً من صباح الأحد، الثاني من فبراير( شباط) الحالي، وذلك رداً على المقاطعة الفلسطينية لمربي العجول الإسرائيليين، التي تسببت بخسائر فادحة لأكثر من 2000 عامل في هذا القطاع، وانهيار قرابة 600 عائلة إسرائيلية تشكل تربية العجول المصدر الأساسي لتجارتها، وتعتمد على السوق الفلسطينية بنسبة 90 في المئة.

العمري وهو أحد كبار التجار والمصدرين للمحاصيل الزراعية في الضفة الغربية يقول لـ "اندبندنت عربية" "مصيبة كبيرة تلك التي ستحل علينا كتجار ومزارعين في حال كان هناك قرار جدي بوقف تصدير منتجاتنا الزراعية، 80 في المئة من منتجاتنا في القطاع الزراعي تصدّر إلى إسرائيل و20 في المئة فقط إلى السوق المحلية، وفي حال مُنعنا من الدخول وتوزيع  محاصيلنا على التجار الإسرائيليين، فستعود إلى السوق المحلية الفلسطينية، وسيكون هناك فائض كبير في المنتجات الزراعية ما يعني انخفاضاً حاداً بالأسعار، فصندوق "الكوسا" الذي كان من المفترض أن يُباع للجانب الإسرائيلي بـ 40 دولاراً، سيُباع في سوق الضفة بأقل من 10 دولارات، وهذه حال كل المنتجات الأخرى التي تُصدّر يومياً إلى الجانب الإسرائيلي ."

المزارع... الحلقة الأضعف

يضيف العمري "نحن الضحية في كل ما يجري بين الطرفين من تحديات اقتصادية، فالسلطة الفلسطينية ضربت قطاع الثروة الحيوانية حين منعت إدخال العجول إلى الضفة الغربية، وتسببت بخسائر فادحة وصلت إلى ملايين الدولارات لتجار المواشي الإسرائيليين، وها نحن اليوم في المأزق ذاته، فإسرائيل تستهدف الثروة النباتية وهي تعلم تماماً مدى أهميتها بالنسبة إلى المزارعين الفلسطينيين، مئات الشبان سيصبحون عاطلين عن العمل، وعشرات العائلات ستغادر أراضيها لأن التجارة بالمحاصيل الزراعية ستكون خاسرة لا محالة. أنا كتاجر أُعيل حوالى 250 مزارعاً، ما الذي سيحل بهم في حال توقفت هذه التجارة؟ هل ستعوضهم وزارة الزراعة الفلسطينية التي لا ترعى المزارعين أصلاً، ولا تهتم بأحوالهم ولا تكترث لتعويضهم في الخسائر والأضرار؟ ما هي خطة الإنقاذ التي تضعها السلطة الفلسطينية للمزارعين في استراتيجية الانفكاك الاقتصادي التي تروّج لها منذ أشهر عدة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الحكومة الفلسطينية، وفور سماعها قرار بينت، أعلنت أنها ستدرس الخطوة الإسرائيلية للرد على القرار، وستتخذ الإجراء المناسب، وأكد وزير الزراعة الفلسطيني رياض العطاري أن حجم الاستيراد الزراعي الفلسطيني من إسرائيل يصل إلى مليار و200 مليون دولار، بينما لم يتجاوز التصدير الزراعي الفلسطيني لها 300 مليون دولار."

انفكاك اقتصادي

الخبير في الشأن الاقتصادي نصر عبد الكريم يوضح لـ "اندبندنت عربية" أن "علينا الإقرار أن قطاع الزراعة سيلاقي ضرراً كبيراً إذا ما نُفِّذ قرار إسرائيل بمنع إدخال المحاصيل الزراعية، فثلث صادرات فلسطين حول العالم التي تصل إلى مليار دولار، هي من المنتجات الزراعية، 90 في المئة منها، تصدّر إلى السوق الإسرائيلية. وهذا القرار، حسب اعتقادي يأتي في إطار الضغط على الحكومة الفلسطينية الجديدة للتراجع عن سياستها في الانفكاك الاقتصادي الذي بدأ بوقف إدخال العجول إلى الضفة الغربية، فالحكومة الفلسطينية وضعت خطة من أربعة محاور تنفذ فيها انفكاكاً اقتصادياً عن إسرائيل، تسعى إلى تعزيز المنتج المحلي والاستيراد المباشر من الخارج ومقاطعة المنتجات الإسرائيلية وتوطين الخدمات."

ويتابع عبد الكريم "على الحكومة الفلسطينية ألاّ تلحق الضرر بقطاع المزارعين من خلال توفير آليات وسبل حماية، فهم حماة الأرض من الاستيطان، ويجب أن تضع خطة محكمة للانفكاك الاقتصادي تدريجاً، فالصادرات الفلسطينية إلى إسرائيل تقارب 800 مليون دولار سنوياً، وتشكل تلك الصادرات ستة في المئة من المنتج المحلي الفلسطيني، في حين بلغت قيمة الاستيراد من إسرائيل سنوياً خمسة مليارات دولار، ما يعني أن بإمكان تل أبيب بكل بساطة إيجاد بديل للمنتجات الفلسطينية من دول أخرى، من دون تكبد خسائر فادحة كما سيحصل بالنسبة إلينا".

حرب اقتصادية

صحيفة "مكور ريشون" الإسرائيلية نشرت أن خطوة الانفكاك الاقتصادي بمنع استراد العجول تُعتبر بداية حرب تجارية يخوضها محمد اشتية (رئيس الحكومة الفلسطينية) ضد إسرائيل.

في السياق، يقول سكرتير اللجنة الدولية فيBDS  (حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها) صلاح الخواجا لـ "اندبندنت عربية" إن الانفكاك الاقتصادي الذي تسير به الحكومة الفلسطينية ينسجم مع أهداف حركة المقاطعة، بوضع رؤية وتصور لمقاطعة المنتجات الإسرائيلية بكل أشكالها، ولا سيما المستوطنات مهما كانت حيوية وحساسة، والتأكيد على أهمية المقاطعة كجزء أساسي من الحراك الشعبي الفلسطيني ونعمل في الحركة على التوجه إلى المدارس والجامعات في مناطق الضفة الغربية، بخاصة مدينة القدس، من أجل تعزيز ثقافة المقاطعة وإنهاء التبعية لإسرائيل. ومقابل الالتزام بحملات المقاطعة وتعزيز المنتج الوطني، سيتوفر 50 ألف فرصة عمل جديدة للشباب، في ظل حاجة السوق المحلية إلى المزيد من الإنتاج الفلسطيني. ونشطت خلال الأيام الماضية حملات مقاطعة البضائع الإسرائيلية، في إطار خطة وطنية لـ"الانفكاك" عن إسرائيل، ووقف التعامل بالاتفاقيات الموقعة معها، بناء على قرارات مدروسة، من خلال التوجه للمنتج المحلي واستيراد سلع جديدة من دول عربية أو عبرها، وذلك رداً على سياسة إسرائيل بمصادرة جزء كبير من أموال الضرائب الفلسطينية وتنكرها للاتفاقيات الموقعة."

استهداف المزارع الفلسطيني

وفي الوقت الذي تهدد إسرائيل بالضرب بيد من حديد، رداً على تعنت الحكومة الفلسطينية بالتراجع عن وقف استيراد العجول، تشدّد الأخيرة من جهتها على تعزيز المنتوجات الوطنية، وإحلال الواردات والانفكاك التدريجي عن إسرائيل، بخطة "العناقيد الزراعية" ودعم المزارعين في الأغوار المهددة بالمصادرة من قبل إسرائيل. ففي الأول من ديسمبر (كانون الأول) عام 2019، أطلقت الحكومة الفلسطينية "العناقيد الزراعية" في كل من قلقيلية وطولكرم وجنين وطوباس وأريحا والأغوار (مدن شمال الضفة الغربية)، باعتبار تلك المحافظات بمثابة سلة الخضار والفواكه الفلسطينية.

كما أعلن المتحدث باسم الحكومة الفلسطينية إبراهيم ملحم عن خطة جديدة تقضي بتقديم منحة للخريجين ممّن لديهم استعداد للسكن في منطقة الأغوار والعمل فيها، بهدف الاعتماد على الصناعة الوطنية ومقاطعة منتجات تل أبيب وتعزيز صمود المواطنين في الأراضي المستهدفة بالاستيطان، ومعالجة ظاهرة البطالة، وتشمل تشجيع العمل واستصلاح الأراضي، وقال "الحكومة تعمل على إنشاء مناطق صناعية جديدة، وتفعيل المناطق الصناعية القائمة في الخليل (جنوب الضفة الغربية) وجنين (شمال الضفة الغربية) وزيادة إنتاجها، والاعتماد على الصناعة الوطنية."

يذكر أن مناطق الأغوار الشمالية تتعرض لهجمة إسرائيلية استيطانية شرسة، إذ تتعمّد تل ابيب بشكل متلاحق هدم المنشآت الزراعية الخاصة بالمزارعين، ومنها منع الرعي والزراعة، وردم آبار المياه، في حين تسمح للمستوطنين بالاستيلاء على تلك الأراضي واستخدامها في العمليات الزراعية والرعي وتوسيع المستوطنات.

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات