عُقِدَ اليوم اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري الطارئ بمشاركة الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن.
وبدأ الاجتماع بالوقوف دقيقة حداد على روح سلطان عمان الراحل قابوس بن سعيد.
وفي بداية كلمته وجّه الرئيس الفلسطيني محمود عباس التحية إلى الشعوب العربية في كل مكان، التي قال إنها "بدأت تنتفض احتجاجاً على ما سمّاه (صفقة العصر)".
وقال أبو مازن، "طلبنا عقد الاجتماع لإطلاع الجميع على موقفنا من الخطة الأميركية لمنع ترسيمها كمرجعية جديدة"، مضيفاً "منذ أن استولت أميركا على ورقة المفاوضات، لم يحصل أي تقدّم في القضية الفلسطينية"، وموضحاً "التقيت ترمب 4 مرات، ووفده جاء إلينا 37 مرة، لكن هذه اللقاءات لم تثمر عن شيء، رغم أن لقاءنا الأول كان مُبشراً".
وأضاف، "جربنا الطريق المسلح، لكنه لم يثمر، وأبلغت ترمب أننا نريد أن نبني دولة، وأن شعبنا يريد أن يعيش بأمن وأمان واستقرار واستقلال، وأنني أؤمن بأننا نستطيع بدولة منزوعة السلاح، وتفاجأنا بعد شهرين من لقاء إيجابي مع ترمب بإعلانه القدس عاصمة لإسرائيل، ووقف ما يقدمه لنا من مساعدات لوكالة (أونروا) الدولية".
وتابع الرئيس الفلسطيني، "رفضتً تسلُّم ما يسمى بـ(خطة السلام الأميركية)، وكذلك رفضت الاتصال الذي أجراه بي الرئيس الأميركي"، مؤكدا أن "الخطة تتضمن تقسيماً زمنياً ومكانياً في المسجد الأقصى، والأميركيون عندما يقولون إن عاصمتنا في القدس، فإنهم يقصدون قرية أبو ديس، لا كل القدس التي احتلت عام 1967"، ومشيراً إلى أن "ما بقى لنا في الضفة الغربية وقطاع غزة هو 22% من فلسطين التاريخية، والخطة الأميركية المعروضة تنتزع بوضوح 30% مما تبقى لنا، كما تتجاهل قضية اللاجئين".
ترمب لا يعرف شيئاً عن الخطة
وقال أبو مازن، "في اعتقادي التام أن ترمب لا يعرف شيئاً عن الخطة، إنما من له علاقة بها هو الثلاثي (فريدمان وكوشينر وغرينبلات)، فهم الذين كانوا ينقلون له أفكار نتنياهو"، مؤكداً "لن أسجّل على تاريخي ووطني أنني بعت القدس، القدس ليست لي وحدي، إنما لنا جميعاً".
وتابع، "رئيس الوزراء الإسرائيلي لا يؤمن بالسلام، وهو من رفض خطة اتفاق أوسلو، ولم يحدث أي تقدّم في عملية السلام، بعد قتل رابين، الذي وافق على السلام".
وواصل، "عندما جاء أولمرت الذي حقق تقدماً كبيراً في مفاوضات السلام وقضايا الحل النهائي وصل إلى 70٪ من القضايا، وخلال ذهابي ذات مرة إلى منزله قالوا لي ارجع أولمرت في السجن"، مؤكداً "أميركا لو كانت تعلم بمفاوضات أوسلو لأفشلتها".
وأضاف، "عندما جاء ترمب إلى السلطة، وقبل أن يدخل إلى البيت الأبيض، صاغت أميركا بقيادة باراك أوباما قراراً سراً بالاتفاق مع بريطانيا، وهو أهم قرار أصدره مجلس الأمن في حق القضية الفلسطينية، وتجاهل ترمب هذا القرار، والتقى بي 4 مرات، كان يثني خلالها على رؤيتي".
وأوضح الرئيس الفلسطيني، "أبلغت ترمب برفضي السلاح وموافقتي على دولة فلسطينية منزوعة السلاح، رغم أن ذلك لا يعجب الكثيرين، لكني مؤمن بعدم جدوى السلاح، وبعد حالة التفاؤل أغلق مكتبنا في واشنطن وأوقف المساعدات، وقال إنه سيعترف بالقدس عاصمة موحدة لإسرائيل وغيرها، بعد أن أكد لي قبوله حل الدولتين على حدود 67، وأن تكون القدس الشرقية عاصمة فلسطين، واستعداده لإرسال قوات الناتو لحل القضية، وكأنها تستطيع تسويتها في نصف ساعة، لكنه تنصّل من وعوده، ولذلك قطعنا علاقتنا مع واشنطن، وأوقفنا التعاون الأمني مع المخابرات الأميركية".
من جانبه قال رئيس مجلس الجامعة العربية في الدورة الحالية وزير خارجية العراق محمد علي الحكيم، "نواجه ظروفاً بالغة الدقة والحساسية، بعد إعلان ما يسمى (بصفقة القرن)، المبنية على التفاهم والتنسيق مع طرف واحد وعدم التنسيق مع السلطة الفلسطينية الشرعية، والدول العربية والجهات الإقليمية والدولية، خصوصاً أعضاء مجلس الأمن، والرباعية الدولية".
وأضاف، "طبيعة الظروف الحالية تستلزم منّا العمل على وضع حلول غير اعتيادية، للمشكلات التي تمر بها المنطقة العربية، لا سيما القضية الفلسطينية".
وتابع الحكيم، "يحث العراق أشقاءه الفلسطينيين على الالتزام بالوحدة والتماسك والاتفاق لضمان حقهم المشروع في دولة فلسطينية موحدة وقابلة للحياة، وعاصمتها القدس المحتلة، وضمان حق العودة لجميع الفلسطينيين إلى أرضهم وبيوتهم".
وواصل، "يتوجب علينا أن نضع استراتيجية للعمل مع دول الاتحاد الأوروبي الصديقة، ودول العالم الإسلامي ودول عدم الانحياز وروسيا والصين واليابان لزيادة الوعي العالمي، حول مخاطر هذه الصفقة المجحفة على الأمن والاستقرار في منطقتنا".
ودعا الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية إلى تقديم جميع أشكال الدعم لفلسطين المحتلة، وأن نبين للعالم أن ما يُسمى بصفقة القرن تسعى إلـى فرض سياسة الأمر الواقع، وتفاقم مستويات العنف والتطرف بالمنطقة.
وأضاف رئيس مجلس الجامعة، "نعتقد أن حل مشكلات المنطقة، لا بد أن يمر من خلال ضمان حقوق الشعب الفلسطيني المنصوص عليها في قرارات الشرعية الدولية، بما فيها قرارات مجلس الأمن، وحقه غير القابل للتصرف، وفي مقدمتها حق تقرير المصير، وإقامة دولته المستقلة ذات السيادة، وعاصمتها القدس المحتلة".
وأكد أن العراق، حكومة وشعباً بمرجعياته الدينية والسياسية والعشائرية كافة، يؤكد "موقفه الثابت بدعم القضية الفلسطينية، ويدعم التوجهات والقرارات التي يتخذها الأشقاء الفلسطينيين، وندعو العرب والمسلمين وجميع أحرار العالم إلى دعم حق الشعب الفلسطيني في بناء دولته المستقلة وعاصمتها القدس المحتلة، واستعادة جميع أراضيه".
ملاحظات من أبو الغيط على الخطة
وقال الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، "الاجتماع الطارئ اليوم باعثه الحاجة إلى بلورة موقف عربيّ جماعي من الطرح الأميركي للسلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين"، مضيفاً "أن قضية على هذه الدرجة من الخطورة والأهمية للعالم العربي تقتضي أن يكون موقفنا الجماعي على ذات المستوى من الجدية والشعور بالمسؤولية. فلسطين ليست قضية الفلسطينيين وحدهم، ولم تكن كذلك في أي وقت ولن تكون، هي قضية عربية تهم العرب جميعاً وتجمع شملهم من المحيط إلى الخليج".
وتابع، نحن اليوم نبعث برسالةٍ للعالم أجمع بأن الفلسطينيين ليسوا وحدهم، وأن القرار الفلسطيني الحُر له ظهير عربي مساند في كل حال، وداعم في كل حين".
وسجل أبو الغيط أمام الاجتماع أربع ملاحظات مختصرة على الخطة الأميركية، "أن العرب يأخذون كل مقترح للسلام، من أي طرفٍ كان، بالجدية الكاملة وبروح المسؤولية، لأن إنهاء الصراع مع إسرائيل هو مصلحة فلسطينية وعربية مؤكدة، ولكم طالبنا الإدارة الأميركية وغيرها من الأطراف بانخراطٍ أكبر لدفع الطرفين للتفاوض، وبعمل أكثر من أجل توضيح نهاية الطريق ومحددات التفاوض حتى لا تدور المحادثات في دائرة عبثية من تفاوض لا ينتهي، لكننا وبكل صراحة لم نكن نتوقع أن تكون النهاية المُقترحة للطريق مخيبة للآمال ومجافية للإنصاف على النحو الذي صدر، كانت الإشارات واضحة منذ الاعتراف الأميركي بالقدس عاصمة لإسرائيل منذ نحو عامين، إلى غير ذلك من الإجراءات والسياسات والمواقف الأميركية التي شكّلت في مجموعها ضغطاً غير مسبوق على الفلسطينيين، ونرى أن هذا التحوّل في محددات الموقف الأميركي التي تشكلت منذ بدء مسيرة التسوية السلمية في مؤتمر مدريد (1991)، لا يصب في صالح السلام أو الحل الدائم والعادل".
وتابع، "أمّا الملاحظة الثانية، فهي أن السياق الذي طُرحت فيه الخطة الأميركية، وتوقيت طرحها يُثيران علامات استفهام في أقل تقدير، لكي لا نقول الريبة والتشكك، وكنا نتوقع ونتمنى أن لا تخرج تسوية تاريخية على هذا القدر من الخطورة والأهمية، على حد قول الرئيس الأميركي، بالصورة التي خرجت بها".
وواصل أبو الغيط، "إننا كعرب لسنا متشنجين أو من أنصار المواقف العنترية، نحن لا نزايد أو نتاجر بقضايانا مثل آخرين، بل ندرس بعمقٍ وتأنٍ كامل ما يُطرح علينا، واضعين نصب أعيننا مستقبل أبنائنا وحكم التاريخ علينا، ومن حقنا أيضاً أن نقبل أو نرفض، من حقنا يقيناً أن نُقدم طرحنا ورؤيتنا (كما فعلنا منذ 18 عاماً في مبادرة السلام العربية)".
وتابع، "يوجد ما يُشير للأسف إلى أن الطرف الإسرائيلي يفهم الخطة الأميركية بمعنى الهبة أو العطية التي يتعين اغتنامها والاستحواذ عليها، وهناك ما يؤكد أن اليمين الإسرائيلي يعتبر الطرح الأميركي ضوءًا أخضر للمُضي في خطة طالما تبناها وحلم بتنفيذها، وهي ضم المستوطنات كلها وغور الأردن بأكمله، والانفصال أحادياً عن بقية الأراضي المحتلة في الضفة، ومعنى ذلك أن تكون نتيجة هذا الطرح الأميركي هي استدامة الاحتلال مع إضفاء الشرعية عليه، وهي نتيجة لا أظن أبداً أن هذه الإدارة الأميركية تسعى إليها، أو أن المجتمع الدولي يُقر بها".
وشدد أبو الغيط، في ختام كلمته، على أن التحديات التي تطرحها علينا الخُطة الأميركية "لا بد أن تدفع الفلسطينيين إلى العمل بأقصى سرعة على سد الثغرة الخطيرة التي ما برحت تنخر في بنيان العمل الوطني، والسعي بكل سبيل إلى رأب هذا الصدع الذي خصم من النضال الفلسطيني لما يربو على ثلاثة عشر عاماً كاملة من الانقسام الداخلي".
دولة فلسطينية كاملة السيادة
وزير الخارجية المصري سامح شكري أكد على دعم مصر الكامل للقضية الفلسطينية وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على أسس الشرعية الدولية والقرارات الدولية ذات الصلة.
وأضاف أن التوصل إلى تسوية شاملة للقضية يقوم على إقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة يعد أحد المفاتيح الرئيسة للاستقرار في المنطقة، ويسمح لهذه المنطقة باللحاق بركب التنمية والرخاء، ويوقف من يستغلها لنشر الإرهاب في المنطقة.
وأشار شكري إلى أن أيادي العرب ظلت، ولا تزال ممدودة بالسلام، وفقاً لمبادرة السلام العربية والمرجعيات التي اعتمدها العالم، واعتبر احترامها أساساً للنظام الدولي الذي يحفظ الأمن والسلم الدوليين.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
مصالح الأردن لا مساومة فيها
قال وزير الخارجية وشؤون المغتربين الأردني أيمن الصفدي، إن مصالح الأردن الوطنية العليا لا مساومة فيها أو عليها، وبين أن الأسس التي تحكم تعامل الأردن مع كل المبادرات والطروحات المستهدفة حل القضية الفلسطينية، وتحقيق السلام العادل الذي اعتمدناه جميعاً خياراً استراتيجياً، وفق قرارات الشرعية الدولية.
وأضاف، أن "إطلاق مفاوضات مباشرة فاعلة وجادة لتحقيق حل الدولتين، وفق قرارات الشرعية الدولية والمرجعيات المعتمدة، هدف يجب أن تتكاتف كل الجهود الدولية لتحقيقه".
وتابع "عندما يتحدّث الأردن، يتحدث بثبات المؤمن بمواقفه، وبصدقية صانع السلام، محذراً من التبعات الكارثية لأي خطوة إسرائيلية أحادية تستهدف فرض حقائق جديدة على الأرض، بناء المستوطنات وتوسعتها، وضم الأراضي الفلسطينية المحتلة خرق مدان للقانون الدولي، وتقويض لفرص السلام، وتأجيج للتوتر والصراع".
وأكد الصفدي، أن السيادة على القدس المحتلة فلسطينية، والوصاية على مقدساتها هاشمية، وحماية المدينة ومقدساتها مسؤولية أردنية، فلسطينية عربية، إسلامية، دولية، مشدداً على أن الأردن "سيبقى السند الذي لا يلين للأشقاء الفلسطينيين في سعيهم للحصول على حقوقهم المشروعة".