Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كورونا قد يقوض الاقتصاد العالمي

جاء تفشي المرض في وقت غير مؤات في الدورة الاقتصادية. وفي غياب مؤشرات إلى السيطرة عليه، لا عجب في اضطراب الأسواق

متسوقون في  العاصمة الصينية بكين يرتدون أقنعة واقية (رويترز)

ما مدى خطورة التأثير المحتمل لفيروس كورونا على الاقتصاد العالمي؟

قد يبدو طرح هذا السؤال قاسياً في وقت يموت الناس جراء الفيروس، ومن المؤكد أنه من المبكر جداً أن نكون قادرين على جواب حاسم. لكن على العالم البت في سُبل معالجة الأزمة. وفي حال المملكة المتحدة، تبحث الحكومة في كيفية إجلاء المواطنين البريطانيين من ووهان، وتردد أنه تم تنسيق أول رحلة يوم الخميس. والحقيقة المؤلمة تتمثل في أن الصين هي ثاني أكبر اقتصاد في العالم، فضلاً عن كونها أكثر دول العالم اكتظاظاً بالسكان، وأن أجزاء كبيرة منها في الواقع معزولة عن بقية العالم.

بالأمس، أغلقت هونغ كونغ معظم حدودها مع البر الصيني، بينما كان الرئيس التنفيذي للبلاد يرتدي قناعاً طبياً أثناء الإعلان. وتقول منظمة الصحة العالمية إنها واثقة من أن الصين قادرة على احتواء الفيروس، لكن وجهة النظر هذه تعرضت لانتقادات بسبب رضاها

بالأمر الواقع.

 وعليه، ما هي درجة خطورة الأمر حقاً؟ حسناً، هناك مثال يمكننا من خلاله قياس ما يحدث الآن على ما حدث في الماضي: تأثير فيروس سارس، الذي أصاب الصين في عام 2003. فكلما بلغنا المزيد عن حجم الوباء، يمكننا أن نبدأ في إدراك إلى أي مدى تفوق خطورة فيروس كورونا خطورة فيروس سارس.

حتماً، تمت دراسة سارس عن كثب من ناحية السياسة الصحية وتوصلت منظمة الصحة العالمية إلى عدد من التوصيات حول كيفية استجابة البلدان في المستقبل.

لكن منظمة الصحة العالمية لم تكن تنظر إلى الاقتصاد على هذا النحو، في وقت أن دراسات أخرى توصلت إلى تقدير الخسارة التي لحقت بالاقتصاد العالمي بحوالي 40 مليار دولار. واحتسبت فقدان الناتج الاقتصادي قياساً على الناتج المحلي الإجمالي، تحديداً في هونغ كونغ والبر الصيني في الغالب. وكانت الخسارة في هونغ كونغ تعادل 2.6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وزاد الرقم عن 1 في المئة بقليل في بقية الصين. كان هناك أيضاً امتداد للخسائر نوعاً ما إلى جنوب شرق آسيا، ولكن لم تكن هناك خسائر تذكر في أوروبا أو أميركا الشمالية - أو بالأحرى في العالم المتقدم في مجمله. 

إذا بدت الحال هذه [الخسائر] معقولة، على الأقل على مستوى العالم إن لم يكن من منظور صيني، فثمة ثلاثة أسباب لاحتمال أن يكون الوضع اليوم أسوأ: 

- أولاً، مكانة الصين اليوم أكثر أهمية مما كانت عليه في ذلك الوقت. ففي عام 2003، بلغ ناتجها المحلي الإجمالي حوالي 1.6 تريليون دولار، أي كان يفوق قليلاً نظيره الإيطالي لكنه أصغر من نظيره في فرنسا أو المملكة المتحدة، وكان يمثل حوالي 3 في المئة من الاقتصاد العالمي. أما اليوم فيزيد ناتجها هذا على 14 تريليون دولار، أي أي أقل بقليل من 20 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. 

- ثانياً، ينحو الاقتصاد الصيني اليوم أكثر إلى اقتصاد الخدمات. وهذا يجعلها أضعف في مواجهة خسارة الناتج. إذا كانت أنشطتك الرئيسية (والصادرات) عبارة عن سلع مصنّعة، فيمكنك التعامل مع انقطاع الإنتاج عن طريق تخزين السلع، واللحاق بالركب فيما بعد. قد يتعين على عملائك الانتظار لفترة أطول قليلاً، ولكن يمكنك تعويض فقدان الإنتاج. لكن من ناحية أخرى، إذا كان اقتصادك خدماتياً بشكل أساسي، فلا يمكن استرداد فقدان الإنتاج. فخسائر الفنادق والمطاعم ومقاعد الطائرات الخاوية لا تعوض.

- ثالثاً، الضرر طويل الأمد الذي يطال السمعة يدوم أكثر، فالصين مندمجة مع بقية العالم أكثر بكثير مما كانت عليه قبل 20 عاماً تقريباً. في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، كان تفاعلها مع العالم بشكل أساسي كدولة مصدّرة للسلع الرخيصة. لكنها باتت الآن مالكة رئيسية لشركات أعمال في الغرب (خذوا مثلاً سيارات فولفو أو سيارات الأجرة السوداء في لندن)، كما أنها قوة رئيسية في وسائل الإعلام الجديدة (مثل ويبو)، وبالطبع، مُصدرة رئيسية لأدوات الاتصالات، مثلما يذكرنا الهرج الحالي الدائر حول شركة هواوي.

إذا كنتم ببساطة تشترون ألعاب الأطفال، أو الملابس الرخيصة من بلد ما، فقد لا تكون سمعتها على نطاق أوسع مهمة جداً. لكن إذا كنتم تشترون معدات هواوي، فهذا أمر مهم للغاية بالفعل. ما هو مهم ليس الضربة الأصلية، فجميع البلدان تواجه تحديات بيئية وصحية عامة - هل تذكرون مشكلة مرض جنون البقر الذي أصاب المملكة المتحدة في الثمانينيات وأوائل التسعينيات؟ المهم هو كيفية التعامل مع الضربة، والطريقة التي تتعامل بها الصين مع هذا التفشي.

هناك تغيير نهائي في مجرى الأحداث. الإجماع الواسع للرأي الاقتصادي هو أن الضربة التي يتعرض لها الاقتصاد العالمي ستكون أكبر إلى حد ما من ضربة سارس، ولكن ستدار دفتها بسهولة معقولة ضمن مجمل الناتج العالمي. والاقتصاد العالمي ضخم لدرجة أنه قادر على تحمل ضربة في منطقة واحدة. قد يكون هذا الاجماع صحيحاً. ولكن التغيير هذا التفشي يقع في وقت سيء في الدورة الاقتصادية العالمية، وأعتقد أن هذا التوقيت كان السبب الرئيسي وراء اضطراب الأسواق في الأيام القليلة الماضية. نحتاج إلى بعض المؤشرات المشجعة التي تشير إلى احتواء فيروس كورونا، وحتى الآن لم تلح مثل هذه المؤشرات في الأفق.

© The Independent

المزيد من آراء