Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بريطانيا تسدل الستار على الحقبة الأوروبية

بعد 47 عاماً من العضوية... هذا ما جنته لندن وهذا ما ستخسره

بعد 47 عاماً من العضوية الأوروبية وبعد إرجاء بريكست ثلاث مرات، غادرت بريطانيا الاتحاد الأوروبي الجمعة 31 يناير (كانون الثاني) الحالي. وأُنزل علم المملكة المتحدة من أمام مبنى المجلس الأوروبي في بروكسل مساء اليوم ذاته، على أن تبدأ لندن فترة انتقالية مدتها 11 شهراً، وتدخل البلاد بالتالي مرحلةً غير محددة المعالم تمثل أكبر تغيير في مكانتها العالمية منذ أفول نجم الإمبراطورية البريطانية، ما يشكل انتكاسةً لجهود دامت 70 سنة لتحقيق الوحدة الأوروبية التي قامت على أنقاض الحرب العالمية الثانية. 

وقد انضمت المملكة المتحدة إلى النادي الأوروبي عام 1973، وأصبحت الآن رسمياً خارج الاتحاد الذي وافقت دوله الأعضاء الـ 27 على اتفاق الانسحاب الذي تمّ التوصل إليه في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بعد أكثر من ثلاث سنوات من المفاوضات الشاقة.
وأعلن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الجمعة في خطاب وجّهه إلى الأمّة قبل ساعة من خروج بلاده رسميًا من الاتّحاد الأوروبي، أنّ بريكست "ليس النهاية بل بداية فصل جديد من مسيرتنا الوطنيّة الكبرى".
وقال "الأهمّ هذه الليلة هو أن نقول إنّها ليست النّهاية بل البداية، إنّها لحظة بزوغ الفجر وبدء فصل جديد من مسيرتنا الوطنيّة الكبرى".
وأضاف جونسون "أيّاً تكُن العقبات على الطريق، أنا أعلم أنّنا سننجح"، مشدّداً على أنّ بريكست سيُشكّل "نجاحاً باهراً"، وذلك في وقت تستعدّ فيه بلاده لبدء مفاوضات صعبة مع الاتّحاد الأوروبي بشأن علاقتهما التجاريّة المستقبليّة.
وتابع "نريد أن تكون هذه بداية عهد جديد من التعاون الودّي بين الاتّحاد الأوروبي وبريطانيا المفعمة بالطاقة".

"فجر حقبة جديدة"

وهكذا سيُحرم الاتحاد الأوروبي من 15 في المئة من حجم اقتصاده، ومن أكثر الدول الأعضاء إنفاقاً على التسلح ومن العاصمة المالية الدولية لندن. وسيشكل الانفصال مصير المملكة المتحدة ويحدد مقدار ثروتها للأجيال المقبلة.

عملياً، لن يتغير الكثير فعلياً حتى نهاية 2020 وهو التوقيت الذي وعد فيه جونسون بإبرام اتفاقية تجارة حرة واسعة مع الاتحاد الأوروبي، أكبر تكتل تجاري في العالم.

وبالنسبة إلى المؤيدين، يمثل خروج بريطانيا من الاتحاد حلم "يوم استقلال" بعيداً عما اعتبروه مشروعاً محكوماً عليه بالفشل يهيمن عليه الألمان وأخفق في تحقيق أحلام سكانه البالغ عددهم 500 مليون نسمة.

لكن المعارضين يعتقدون أن "البريكست" حماقة من شأنها أن تضعف الغرب، وتنسف ما تبقى من النفوذ العالمي لبريطانيا، وتقوّض اقتصادها وتؤدي في نهاية المطاف إلى تحويلها إلى مجموعة من الجزر المنعزلة في شمال المحيط الأطلسي.

 

 

أشياء ستتغير بعد الخروج

خلال الفترة الانتقالية، ستواصل بريطانيا الامتثال لقواعد الاتحاد الأوروبي، ودفع إسهامات له. كما ستبقى أغلب الأمور على حالها، فيما عدا سبعة أشياء.

1- سيفقد الأعضاء البريطانيون في البرلمان الأوروبي، البالغ عددهم 73 عضواً، مقاعدهم، بشكل تلقائي، إذ ستغادر البلاد جميع المؤسسات والكيانات السياسية في الاتحاد الأوروبي.

لكن المملكة ستستمر في اتباع قواعد الاتحاد الأوروبي، خلال الفترة الانتقالية، وستحتفظ محكمة العدل الأوروبية بحق الفصل في النزاعات القانونية.

2- إذا رغب رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، في حضور قمم الاتحاد الأوروبي، سيتعين على الاتحاد توجيه الدعوة إليه، بشكل شخصي، في المستقبل.

كما لن يحضر الوزراء البريطانيون الاجتماعات الدورية للاتحاد الأوروبي، المعنية بالنظر في أمور مثل حدود الصيد البحري وغيرها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

3- سيصبح بإمكان لندن البدء في إجراء محادثات مع الدول كافة حول وضع قواعد جديدة لبيع وشراء السلع والخدمات.

فلم يكن من المسموح للمملكة المتحدة، خلال فترة عضويتها في الاتحاد الأوروبي، إجراء مفاوضات تجارية رسمية مع دول كالولايات المتحدة وأستراليا. ويرى مؤيدو خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أن امتلاك بريطانيا حرية وضع سياسات تجارية خاصة بها، من شأنه تعزيز الاقتصاد البريطاني.

علاوة على ذلك، لا يزال أمام لندن الكثير لمناقشته مع الاتحاد الأوروبي، إذ يمثل الاتفاق التجاري مع الاتحاد أولوية قصوى، لتجنب الحاجة إلى فرض رسوم إضافية على البضائع والحواجز الجمركية، بعد انتهاء الفترة الانتقالية.

وفي حال التوصل إلى اتفاقات تجارية بين الطرفين، فلا يمكن أن تدخل حيز التنفيذ، قبل انتهاء الفترة الانتقالية.

4- تغيير لون جواز السفر البريطاني، على أن يُعاد إلى اللون الأزرق الداكن، بعد مرور أكثر من 30 عاماً على استبداله بجوازات السفر ذات اللون الأحمر القاني.

ومن المقرر أن يتم التحول إلى اللون الأزرق الداكن، خلال أشهر عدة، على أن تصدر جميع جوازات السفر البريطانية بهذا اللون، بحلول منتصف العام الحالي.

وبطبيعة الحال، ستبقى جوازات السفر ذات اللون الأحمر القاني صالحة.

5- عملات "بريكست": ستطرح الحكومة البريطانية ثلاثة ملايين قطعة نقدية تذكارية، من فئة الـ 50 بنساً، تحمل عبارة "السلام والرخاء والصداقة مع كل الأمم"، إلى جانب تاريخ الخروج الموافق 31 يناير 2020.

وأثار الإعلان عن طرح العملة الجديدة ردود فعل متباينة، إذ قال بعض مؤيدي بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي إنهم سيرفضون قبولها.

وكانت الحكومة البريطانية قد خططت لإصدار عملة مماثلة، في الـ 31 من أكتوبر (تشرين الأول)، وهو التاريخ الذي كان من المفترض أن يشهد خروج بريطانيا من الاتحاد. لكنها اضطُرت لصهر تلك العملات وإعادة إصدارها بعد تمديد الموعد النهائي للخروج.

6- سيُحل الفريق الحكومي الذي تولى مفاوضات الخروج وستُتخذ الإجراءات التحضيرية للخروج.

أما في ما يتعلق بالمحادثات المستقبلية، فسيتخذ فريق التفاوض مع الاتحاد من مبنى رئاسة الوزراء، في داوننغ ستريت، مقراً له.

7- لن تمكن إعادة بعض المشتبه في ضلوعهم في ارتكاب جرائم إلى المملكة المتحدة، في حال فرارهم إلى ألمانيا، إذ لا يسمح الدستور الألماني بتسليم المواطنين الألمان إلا إلى الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.

وتقول وزارة الداخلية البريطانية إن إصدار مذكرات الاعتقال الأوروبية سيظل ممكناً، خلال الفترة الانتقالية، وهو ما يعني أن ألمانيا سيكون بإمكانها تسليم مواطنين غير ألمانيين إلى بريطانيا.

أشياء أخرى لن تتغير

لأن الفترة الانتقالية ستبدأ بعد الخروج الرسمي، مباشرة، ستظل غالبية الأمور على حالها، حتى نهاية ديسمبر (كانون الأول) 2020، على أقل تقدير.

وسيستمر تسيير القطارات والقوارب والرحلات الجوية، كالمعتاد.

وبخصوص الإقامة والعمل في الاتحاد الأوروبي، فستبقى حرية التنقل مكفولة، خلال الفترة الانتقالية، وهو ما يعني أنه سيتسنى لمواطني المملكة العيش والعمل في أي دولة أوروبية، وكذلك الحال بالنسبة إلى المواطنين الأوروبيين الراغبين في العيش أو العمل في بريطانيا.

كذلك، سيستمر البريطانيون الذين يعيشون في الاتحاد الأوروبي في تلقي معاشاتهم التقاعدية الحكومية، والحصول على الزيادة السنوية.

وستواصل المملكة المتحدة الإسهام في ميزانية الاتحاد الأوروبي، خلال الفترة الانتقالية، ما يعني أن الاتحاد الأوروبي سيواصل تمويل الخطط البريطانية الممولة من قبله.

وأيضاً التجارة بين لندن والاتحاد ستستمر من دون فرض أي رسوم أو حواجز جمركية إضافية.

وكان من المقرر أن تغادر بريطانيا رسمياً في 29 مارس(آذار) 2019، لكن تم التأجيل من جراء عدم التوصل إلى اتفاق نهائي ينظم تلك العملية، إثر رفض البرلمان البريطاني.

اقرأ المزيد

المزيد من دوليات