Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

خطة ترمب للسلام... هذا ما ستعطيه للفلسطينيين وهذا ما ستأخذه منهم

الخطة الأميركية تعيد الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي إلى صدارة الاهتمام في الشرق الأوسط

فلسطينيون يتظاهرون ضد خطة ترمب في مدينة رفح جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

على الرغم من رفض الفلسطينيين خطة السلام التي أعلنها الرئيس دونالد ترمب جملة وتفصيلاً، إلا أن الإدارة الأميركية لا تزال تأمل في أن تغير السلطة الفلسطينية موقفها بفعل مواقف عدد من الدول العربية والغربية التي يمكن أن تشكل غطاءً سياسياً لـ"خطة السلام"، بينما تخشى في الوقت ذاته من تفجّر الأوضاع في المنطقة مع بدء تنفيذ أولى نتائج الخطة الأميركية، عبر ضم حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أجزاءً من الضفة الغربية ووادي الأردن إلى إسرائيل يوم الأحد المقبل، بحسب ما أعلن مسؤولون في الحكومة الإسرائيلية.

وذكرت سفيرة ترمب السابقة في الأمم المتحدة نيكي هايلي أنه إذا استجابت الدول العربية بعدم الاندفاع في مساندة الجانب الفلسطيني وتأييد خطة السلام، فقد يعطي ذلك إشارة إلى الفلسطينيين بأنهم قد لا يتلقون الدعم الذي كانوا يحصلون عليه في السابق.

 


حذر عربي
 

وبينما توقع موقع "أكسيوس" الإخباري الأميركي أن تصدر عواصم عربية عدة بيانات مشجعة، بعدما حضر الإعلان عن الخطة الأميركية سفراء عرب في واشنطن، إلا أن مجلة "تايم" الأميركية رجحت حذر عواصم عربية مهمة عدة حيال دعم الخطة الأميركية. وأشارت إلى أن الشارع في كل من الرياض والقاهرة وعمان سيكون ضد الخطة الأميركية المقترحة. وأضافت المجلة الأميركية أن الأردن الذي يعتمد في جزء من اقتصاده على الولايات المتحدة وإسرائيل، ليس مرجحاً أن يعرّض معاهدة السلام مع إسرائيل إلى الخطر، لكن المحيطين بالملك الأردني عبد الله الثاني سيحاولون إقناعه بضرورة كسب تأييد الشارع الرافض للخطة الأميركية.


مخاوف عدم الاستقرار
 

وفي حين أكد جاريد كوشنر، مهندس خطة السلام ومستشار ترمب وصهره أنه "لو قرأت القيادة الفلسطينية تفاصيل الخطة لربما تتوقف عن اتخاذ المواقف وتعمل على تحسين حياة الشعب الفلسطيني"، حذر أيمي أيالون الرئيس السابق لوكالة الأمن الداخلي الإسرائيلي "شين بيت" من أن "خطة ترمب قد تنتهي إلى تقويض مبادرة السلام العربية التي أطلقتها السعودية وتبنتها الدول العربية في قمة بيروت عام 2002 وقبلت للمرة الأولى بشرعية وجود إسرائيل كدولة للشعب اليهودي إلى جوار دولة فلسطينية كاملة الحقوق، وقد يؤدي ذلك إلى مزيد من عدم الاستقرار".

كذلك قال جلعاد شير، رئيس الأركان الإسرائيلي السابق ومنسق سياسات رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود باراك، إن "الصراع الفلسطيني الإسرائيلي الذي توارى إلى الخلف بعيداً من الأضواء، فيما احتلت قضايا سوريا وإيران وتركيا مساحة أكبر من الاهتمام، أعاده ترمب ونتنياهو مرة أخرى إلى صدارة الاهتمام في الشرق الأوسط والعالم".


خطر ضم المستوطنات
 

ودق مراقبون ناقوس الخطر، محذرين من أن المسارعة إلى تنفيذ أولى نتائج خطة ترمب عبر ضم الحكومة الإسرائيلية أجزاء من المستوطنات في الضفة الغربية وأجزاء أخرى من وادي الأردن إلى السيادة الإسرائيلية، يمكن أن يشعل التطورات في المنطقة، بخاصة أن ذلك كان بدعم من البيت الأبيض، حيث أوضح السفير الأميركي في القدس ديفيد فريدمان أن إسرائيل لا ينبغي أن تنتظر البدء في ضم مناطق حددتها خطة ترمب.

وبرر نتنياهو سبب عدم قيامه بضم المستوطنات في السابق، فقال للصحافيين إن "المجتمع الدولي هدد لسنوات بأن تطبيق القانون الإسرائيلي في مناطق الضفة الغربية سيؤدي إلى فرض عقوبات من مجلس الأمن الدولي ضد إسرائيل، لكن الآن ومع اعتراف الولايات المتحدة بهذا الإجراء، فإن واشنطن ستمنع بالتأكيد تطبيق العقوبات".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


انقسام أميركي
 

وتشير صحيفة نيويورك تايمز الأميركية إلى أن خطة ترمب المكونة من 181 صفحة معظمها يتعلق بالملف الاقتصادي، ستؤدي على الأرجح إلى إشعال السياسة الأميركية، حيث يبدو ترمب واثقاً من أن هذه الخطوة ستشجع أنصاره من اليهود المحافظين وكذلك من المسيحيين الإنجيليين المناصرين للتوسع الإسرائيلي في الأراضي المقدسة، على إعادة انتخابه في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، في وقت يتعرض لمحاكمة عزله في مجلس الشيوخ، ويتربص به الديموقراطيون في الكونغرس الذين رفضوا خطته للسلام في الشرق الأوسط، إذ اعتبرت السناتور إليزابيث وارن المرشحة لنيل ترشيح الحزب الديموقراطي للرئاسة الأميركية، أن "الخطة لا تقدم مستقبلاً حقيقياً للدولة الفلسطينية، بينما وصف السناتور كريس فان هولن خطة ترمب بأنها "مناهضة للسلام وأحادية الجانب على حساب الفلسطينيين".

ووصف بول ولدمان في مقال بصحيفة "واشنطن بوست"، خطة ترمب بالـ "سخيفة"، لأنها تعطي إسرائيل والولايات المتحدة حق الحكم والموافقة على إنشاء الدولة الفلسطينية وفق شروط محددة وقد لا يفعلان ذلك. أما إيلان غولدنبرغ الباحث في مركز الأمن الأميركي الجديد، فأشار إلى أن "الخطة تتنازل بقوة عن حقوق الفلسطينيين، وتستخدم لغة متبلدة المشاعر في كل نقطة من نقاطها، حيث تكشف نصوصها عمَن صاغوها، وهم مجموعة أميركيين لم يتحدثوا مع أي فلسطيني قط".

ولفت غولدنبرغ إلى أن "الرفض الفلسطيني للخطة والذي كان متوقعاً، يمكن استخدامه كعذر للاستمرار في رفض حق تقرير المصير للفلسطينيين، بدعوى أن ترمب ونتنياهو قدما خطة سلام يرفضها الفلسطينيون، وبالتالي هم غير مستعدين لتقرير مصيرهم، ومن ثم لا شيء سيحدث".


إعادة تدوير الفشل

وقال طارق باركوني المحلل السياسي في المجموعة الدولية للأزمات، إنه "بينما يدعي ترمب أن هناك مقاربة ثورية لعملية السلام، فإن هذه الخطة تعيد تدوير الجهود الفاشلة السابقة، فهو يضع الفلسطينيين تحت المتابعة والمراقبة، في وقت يحاولون إثبات جدوى قيام الدولة الفلسطينية في ظروف هلامية وغير محددة". وأضاف باركوني أن خطة ترمب تسعى إلى تشجيع الفلسطينيين على الاستسلام من خلال الهبات الاقتصادية، فيما تزيل العبء الواقع على إسرائيل لتقديم أي تنازلات.
وعلى الرغم من أن خطة ترمب خصصت 50 مليار دولار لدعم الاستثمارات ومشاريع البنية التحتية للفلسطينيين، إلا أن القيادات الفلسطينية على مستويات مختلفة، اعتبرت ذلك كله "مؤامرة صُممت خصيصاً من أجل السماح لإسرائيل بضم أراضٍ فلسطينية، بينما يجري تحميل الفلسطينيين مسؤولية عدم امتطاء حصان سياسي ميت".

ما الذي تتضمنه الخطة؟

بحسب ما تناقلته وسائل الإعلام العالمية، فإن خطة ترمب للسللام، تتضمن العديد من النقاط، أفصح عن بعضها في معرض حديثه لدى الإعلان عنها. ومن أبرز تلك النقاط:
1 ـ سيكون للفلسطينيين الحقّ بإقامة دولة، إنما بشروط صارمة، إذ سيتوجب عليهم الاعتراف بإسرائيل كـ"دولة يهودية" و"الرفض الصريح للإرهاب بكل اشكاله" وتعزيز مؤسساتهم. وكذلك ستكون دولتهم "منزوعة السلاح". كما ستكون إسرائيل مسؤولة عن الأمن وعن مراقبة المجال الجوي في المنطقة الواقعة غرب غور الأردن. وتطرح الخطة أيضا نزع سلاح حركة حماس في قطاع غزة.
2 ـ عبرت الولايات المتحدة عن جهوزيتها للاعتراف من دون أي تأخير بضمّ إسرائيل لمستوطناتها في الضفة الغربية المحتلة، وبالتالي فإن مساحات تقارب نسبتها 30 بالمئة من أراضي الضفة الغربية ستصبح رسمياً ضمن الدولة العبرية.
كذلك تعلن واشنطن استعدادها للاعتراف بسيادة إسرائيل على غور الأردن، المنطقة الاستراتيجية الواقعة عند الحدود مع المملكة الهاشمية.
3 ـ أكد ترمب، بناء على خارطة للحدود المقترحة للدولتين الإسرائيلية والفلسطينية، أنّ مساحة الأراضي الفلسطينية ستتضاعف مقارنة بما هي عليه حالياً من خلال عملية تبادل للأراضي بينهم وبين الدولة العبرية.
في المقابل تتعهد إسرائيل تجميد بناء المستوطنات لمدّة أربعة أعوام، وهي فترة يمكن أن تدفع الفلسطينيين إلى إعادة النظر بقرارهم الرافض لهذه الخطة.

4 ـ القدس ـ بحسب الخطة ـ "ستبقى عاصمة غير مقسّمة لإسرائيل". وعاصمة الدولة الفلسطينية المستقبلية يمكن أن تكون في "القدس الشرقية". أي أبوديس التي تقع تقنياً في القدس لكن في الجهة الشرقية للجدار الأمني الذي يفصل إسرائيل عن الأراضي الفلسطينية.

5 ـ في ما يتعلق بالأماكن المقدّسة، دعا الرئيس الأميركي إلى الحفاظ على الوضع القائم وإبقاء الحرم القدسي (جبل الهيكل لدى اليهود) حيث يقع المسجد الأقصى تحت إشراف الأردن.
6 ـ بما خص اللاجئين الفلسطينيين فإنه "سيكون لديهم الخيار بين العيش في دولة فلسطينية مستقبلية، أو الاندماج في الدول التي يعيشون فيها حالياً أو الاستقرار في دولة أخرى".
وتتعهّد الولايات المتحدة التي أوقفت مساهماتها في وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" بقرار من ترمب، "العمل مع المجتمع الدولي" من أجل تقديم مساعدات "سخية" لعملية التوطين.

 

المزيد من الشرق الأوسط