Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجزائر... أسباب تريث تبون لحسم بعض المناصب والهيئات الحساسة

البحث عن إطارات لم ترتبط بالنظام السابق أو الفساد المالي

رئيس الجمهورية الجزائري عبد المجيد تبون في زيارة لمقر وزارة الدفاع في العاصمة (وزارة الدفاع الجزائرية)

استغرق الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون وقتاً يوصف بـ"الطويل" في بعض التعيينات على رأس قطاعات استراتيجية أو على علاقة مباشرة برئاسة الجمهورية، فقد تأخر في حسم تعيين الجنرال سعيد شنقريحة كرئيس للأركان، بينما تكررت صفة "بالنيابة" في عدد من القطاعات، فما الذي يدفع الرئيس الجزائري إلى التريث لهذا المستوى وهو يدخل شهره الثاني كرئيس للبلاد؟

ولم يفصل الرئيس الجزائري في هوية المدير العام لمؤسسة التلفزيون العمومي إلا مساء أمس الاثنين، بعد ترشيح أسماء عدة من القطاع، واستقر رأي عبد المجيد تبون على أحمد بن صبان أحد إطارات التلفزيون العمومي، الذي لم تربطه علاقة بحملة تبون الرئاسية قبل انتخابه في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، في سياق تقاليد جديدة يعتمدها الرجل في تنصيب كبار معاونيه.

معيار مستحدث

كما أبقى الرئيس تبون على رئيس الأركان بالنيابة الجنرال سعيد شنقريحة، على الرغم من الزيارة غير العادية التي قام بها الثلاثاء إلى مقر وزارة الدفاع، وتتوسع قائمة المناصب التي تنتظر الفصل فيها إلى السلك الدبلوماسي وعدد من المؤسسات الاقتصادية الاستراتيجية وملحقات كثيرة تتبع رئاسة الجمهورية كالمجلس الإسلامي الأعلى والمجلس الاقتصادي الاجتماعي ومجلس المحاسبة، وحتى منصب رئيس مجلس الأمة الذي دخل مرحلة غير عادية بما أن رئيس المجلس صالح قوجيل يشغل المنصب بالنيابة أيضاً على الرغم من تجاوز المهلة الدستورية.

ويقول الأكاديمي الجزائري المقيم في باريس لخضر عواج، "واضح أن تبون يحاول إخضاع منطق التعيينات لمعيار مستحدث، يفسر سبب التأخر في حسم بعض المناصب"، مضيفاً "منصب المدير العام لمؤسسة التلفزيون الجزائري في العرف الجزائري مثلاً حساس جداً ويرتبط برئاسة الجمهورية مباشرة. المستجد في المشهد الجزائري هو البحث عن إطارات لم ترتبط بالنظام السابق أو بالفساد المالي وهذا الأمر يبدو صعباً بحكم انتشار منظومة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة وتوسعها".

وتابع، "نلاحظ مثلاً أن الإدارة العامة للوكالة الوطنية للنشر والإشهار لا تزال بدورها تحت قيادة مديرة عامة بالنيابة بقرار من الرئيس نفسه. أظن أن تبون يملك معطيات دقيقة عن خبايا المؤسسات الحساسة فهو إطار ووزير سابق منذ السبعينيات ويعلم مطبات وفخاخ الإدارة الجزائرية، ما يفسر تريّثه في إحاطة نفسه بشخصيات ثقة".

تبون استنفد أطقمه

من جهته، يقول الكاتب والصحافي بلال يوسفي الذي رافق عبد المجيد تبون طيلة حملته الانتخابية، إن "الرئيس لا يبتعد كثيراً عن منطق سابقه عبد العزيز بوتفليقة في اختيار كبار معاونيه وإطارات المؤسسات الحساسة، فقد عين حسان مرموري في منصب وزير السياحة كما عين مدير حملته الانتخابية مديراً لديوان الرئاسة، ولاحقاً وزّع مناصب استشارية على الطاقم الإعلامي الذي رافقه".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويضيف في حديث لـ"اندبندنت عربية"، "تبون تأخر في الكشف عن هوية مسؤولي بعض المناصب بحثاً عن شباب بما يتوافق ووعوده الرئاسية في الحملة الانتخابية، لكنه فيما يبدو وقع في فخ استنفاد الأطقم التي عملت معه في الحملة الرئاسية الفارطة أو بعضاً ممن رافقوه في الفترة القصيرة التي تولى فيها الوزارة الأولى ولم تتجاوز ثلاثة أشهر". وذكر يوسفي أن "حملة تبون البشرية كانت محدودة وشابتها عوائق عدة، لذلك كان الفريق المقرب منه محدوداً".

من ناحية أخرى، لفت الكاتب والصحافي الانتباه إلى التفويض الذي منحه تبون للوزير الأول عبد العزيز جراد في تعيين عدد من المسؤولين الساميين في الدولة، فيعتقد أن ذلك "يرفع الحرج عن تبون الملتزم بأجندة مكثفة، لا سيما على الصعيدين الإقليمي والدولي"، مضيفاً أن "هذا التكليف لا يخرج عن أعراف التعيين في المهام السامية التي تمر مباشرة عبر قصر المرادية".

منصب رئيس الأركان

في الـ23 من ديسمبر (كانون الأول) عين رئيس الجمهورية، الجنرال سعيد شنقريحة رئيس أركان بالنيابة خلفاً للراحل الفريق أحمد قايد صالح، وكان لافتاً صدور مرسوم التعيين في المنصب بـ"النيابة" زوال الثلاثاء، في الوقت الذي زار فيه الرئيس تبون مقر وزارة الدفاع الوطني على غير عادة الرؤساء السابقين خارج المواعيد البروتوكولية (عشية ذكرى استقلال البلاد في الخامس من يوليو (تموز).

وقد ترأس عبد المجيد تبون، بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة وزير الدفاع الوطني، جلسة عمل في مقر وزارة الدفاع، وكان في استقباله رئيس أركان الجيش بالنيابة اللواء السعيد شنقريحة، برفقة الأمين العام لوزارة الدفاع الوطني وقادة القوات والحرس الجمهوري وقائد الناحية العسكرية الأولى، بالإضافة إلى رؤساء دوائر وزارة الدفاع الوطني وأركان الجيش الوطني.

وأشار المرسوم الرئاسي الذي صدر في الجريدة الرسمية، أن الرئيس "يكلف اللواء السعيد شنقريحة بمهام رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي بالنيابة ابتداء من يوم 23 ديسمبر لسنة 2019". ووردت في المرسوم فقرة لافتة أيضاً "مهام النيابة لا تستثني الممارسة الكاملة للصلاحيات المخولة لرئيس أركان الجيش الوطني".

تحفظات على تعيين شنقريحة

وتحتمل مصادر أن يستمر شنقريحة في منصبه بالنيابة مع صلاحيات كاملة حتى يوليو المقبل، وتفيد مصادر موثوقة، أن الجنرال القوي في القوات البرية سابقاً هو من يبدي تحفظات على تعيينه في المنصب بشكل نهائي وطلب إعفاءه، بينما توافق رأي الرئيس تبون كوزير للدفاع وعدد من كبار الضباط في الوزارة أن يستمر في منصبه إلى تاريخ غير معلوم.

ويشير الأكاديمي لخضر عواج في هذا السياق أن ما يسميه ملف شنقريحة "يخضع لرغبة الأخير، فهو شخصية عسكرية كاريزماتية تفضل العمل العسكري الميداني، أتصور أنه رفض منصب نائب وزير الدفاع، وربما زيارة تبون إلى وزارة الدفاع الثلاثاء هي لرفع اللبس عن أي قراءة تتصل باستمرار شنقريحة في منصبه بالنيابة. فهو يعلم (رئيس الجمهورية) أن المؤسسة العسكرية مركز مهم للقرار في البلاد ولن يحيد برأيي عن اعتماد هذا المنطق طيلة سنوات حكمه".

أما العقيد المتقاعد أحمد كروش فقال، إن "زيارة تبون إلى وزارة الدفاع غير مسبوقة وهي تناقض الأعراف التي درج عليه سابقوه. يرغب الرئيس في الإبقاء على خط الرئاسة قيادة الأركان مفتوحاً وعلى أساس احترام كبير". وتابع "يحتاج الرئيس في هذه الفترة لتقارير عن عمل القوات المسلحة في ظرف إقليمي غير عادي تغذيه معطيات بعضها صحيح وبعضها خاطئ، لذلك أتوقع قرارات أمنية لاحقاً لا سيما على الحدود، بناء على التقارير التي تلقاها".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي