Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

استراتيجية ترمب الدفاعية تحمل بصمته المميزة

عادت تغريدات الرئيس الأميركي إلى "تويتر" في اليوم الأول من خوض فريقه القانوني في مرافعة الدفاع

الرئيس الاميركي دونالد ترمب أثناء إلقاء كلمته في منتدى دافوس (اندنبندنت)

استمع أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي إلى الخطوط العريضة لاستراتيجية الدفاع في قضية عزل الرئيس دونالد ترمب يوم السبت، التي تعد بأن تكون على مثال دونالد ترمب المميّز، جريئةً وشخصية في الهجوم، ودائمة التفكير في محاولة إعادة انتخابه.

وقد تغيّرت لهجة المحاكمة بعد لحظات من بدء فريق الدفاع عن ترمب مرافعته. فقد تحدّث أعضاؤه بنبرة أكثر وضوحاً، وفي بعض الأحيان كرّروا تغريدات الرئيس الأميركي وكلماته النارية التي ألقاها خلال التجمعّات السياسية وفي الأحداث الرسمية أو على هدير طائرة الهليكوبتر الرئاسية "مارين وان" في الحديقة الجنوبية للبيت الأبيض. وناقش المحامون مسائل لا علاقة لها بمادّتي العزل اللتين أقرّهما مجلس النوّاب ذو الغالبية "الديموقراطية" في أواخر العام الماضي، وردّدوا كلام الرئيس ترمب الذي هاجم من خلاله ضابطاً ينتمي إلى دوائر الاستخبارات، كانت شكواه في شأن تصرّفات الرئيس تجاه أوكرانيا، وراء قضية المساءلة والإقالة بأكملها.

ورأى وليام غالستون الذي عمل في البيت الأبيض أثناء قضية عزل الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون في حديثٍ مع "اندبندنت" إن "فريق المحامين عن الرئيس يعملون لمصلحة رجل يعتقد أن أفضل وسائل الدفاع هي في تنظيم هجوم جيّد".

وتوقّع غالستون لليومين المتبقيّين من الوقت المخصّص لفريق الدفاع، أن يقدّم المدافعون الخلطة نفسها. وقال: "أتوقّع الكثير من الهجمات على الشهود والمبلّغين عن المخالفات ومجلس النوّاب ذي الغالبية "الديموقراطية" وآل بايدن، إلى جانب الحجّة القائلة بأن ما فعله الرئيس ترمب لا يرقى إلى مسوغ لإقالته من منصبه".

وقد سارع الخبراء القانونيّون إلى انتقاد كلام باتريك فيلبين، نائب مستشار الرئيس الأميركي، على أن المبلّغين عن مخالفات الرئيس تصرّفوا ليس انطلاقاً من مخاوف تتعلّق بالأمن القومي، لكن بدافع من تحيّزٍ سياسي مزعوم.

وكتبت جويس وايت فانس، وهي محامية أميركية سابقة، في تغريدة لها على حسابها في "تويتر" قائلة "لا شيء يعتد به يمكن أن يُقال عن المبلّغين عن المخالفات (حتى لو وُجد لديهم تحيّز). فما قاموا به هو تنبيه الشرطة إلى سرقة بنك. ولا يؤثّر البلاغ الذي تقدموا به على الأدلّة التي جُمعت خلال التحقيق والتي أثبتت الجريمة. إنها مجرّد عملية تضليل، فلا تشتّتوا انتباهكم"، على حدّ ما كتبت.

ومنذ أن فتح "الديمقراطيّون" في مجلس النوّاب تحقيقهم في قضية عزل الرئيس في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، اتّهمهم ترمب بمحاولة إسقاط رئاسته لأنهم "يعرفون" أنهم لا يستطيعون إلحاق الهزيمة به في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. ولم يصرف محاموه يوم السبت أيّ وقتٍ يذكر على ما يتعلّق بإجراءات محاكمة العزل في مجلس الشيوخ على قدر ما أمضوا وقتهم في التحدّث عن موضوع الانتخابات المقبلة، أكثر من الاتّهامات التي يواجهها الرئيس.

 

واتّهم بات سيبولوني، مستشار البيت الأبيض، وهو تعتريه الحماسة بين حين وآخر، المدعين "الديمقراطيّين" بأنهم "يطلبون منكم تمزيق جميع أوراق الاقتراع في مجمل أنحاء هذا البلد"، مضيفاً "لا أعتقد أنهم خصّصوا دقيقة واحدة من 24 ساعةً للتحدّث إليكم عن عواقب ذلك على بلادنا".

التكتيك المعتمد يحمل بصمة ترمب. فالرئيس غالباً ما كان يتلقّف تهماً موجّهةً إليه ليعود ويحوّلها إلى أحد خصومه. وبالنسبة إلى فريق الدفاع، فإن "ديمقراطيّي" مجلس النواب أمضوا الأيام الثلاثة الأخيرة من اتّهامهم في إبلاغ أعضاء مجلس الشيوخ بأن ترمب يريد سرقة الانتخابات. وعلى هذا النحو قام سيبولوني بما كان يمكن أن يقوم به رئيسه: اتّهمهم بالشيء نفسه.

وفي المقابل، عاد كبير محامي البيت الأبيض إلى اعتماد تكتيكٍ يشبه أسلوب دونالد ترمب في أثناء اختتامه جلسة يوم السبت النادرة. فبعدما تمّ عزل موكّله أمام مجلس النوّاب بتهمة إساءة استخدام السلطة، أسقط سيبولوني الجريمة نفسها على الأعضاء المئة في مجلس الشيوخ الذين سيقررّون مصير ترمب. وقال لهم: "نطلب منكم باحترام أن تفكّروا في ما إذا كان ما سمعتموه يوحي حقًا لأيّ شخص، بخلاف أنه قد يكون إساءة استخدام غير مسؤولة تماماً للسلطة، من أجل قيامكم بما يُطلب منكم، وهو إيقاف الانتخابات". وأضاف أن "الهدف هو التدخّل في الانتخابات، وإخراج رئيس الولايات المتّحدة من عملية الاقتراع. دعوا الناس يقرّرون بأنفسهم".

واعتبر مارك روم، أستاذ السياسة العامّة في جامعة "جورج تاون" والمساعد السابق في الكونغرس، أن القضية وما توصّل إليه فريق الدفاع كان "يمكن توقّعهما تماماً". وقال في ختام جلسة السبت "يسعى فريق الدفاع عن ترمب إلى الإنكار والتحريف وتشويه السمعة، واستبعاد أي كلام بأن الرئيس تصرّف بأي شكلٍ من الأشكال بطريقة غير لائقة في تعاطيه مع أوكرانيا". وقال إن "هيئة المحلّفين ذات الصلة ليست في الواقع مجلس الشيوخ. بل هي الرئيس ترمب نفسه والناخبون الذين يدعمونه".

وكان الفريق القانوني للرئيس الأميركي قد اعتمد تكتيكاً آخر يستسيغه ترمب يوم السبت، ويقضي باستخدام كلمات معيّنة مراراً وتكراراً. وقد عمل الرئيس على هذا النحو منذ تولّيه مهام منصبه، حين دأب على تكرار كلماتٍ وعبارات مثل "الأخبار المزيّفة" لتصبح جزءاً من المفردات الوطنية.

وتحدّث نائب مستشار البيت الأبيض، مايكل بوربورا، لمدّة نصف ساعة تقريباً، محاولاً تفكيك قضية "الديمقراطيّين" في مجلس النوّاب. واتّهمهم باللجوء إلى "تكتيك قطف الكرز" واستبعاد المعلومات التي من شأنها أن "تبرّئ" الرئيس ترمب.

هذه الكلمة كان قد استخدمها الرئيس الأميركي العام الماضي بعد نشر المستشار الخاص السابق روبرت مولر تقريراً عن التدخّل في الانتخابات. فالمدير السابق لـ "مكتب التحقيقات الفيدرالي" لم يقم بـ "تبرئة" ترمب، لكن هذا لم يمنعه من تكرار استخدام الكلمة غير مرّة. ثم كانت هناك محاولات لمحامي ترمب لإبعاد موكّله عن بعض الشهود الرئيسيّين الذين أدلوا بشهاداتٍ دامغة خلال جلسات الاستماع في قضية العزل في مجلس النوّاب.

وقال بوربورا أمام أعضاء مجلس الشيوخ إن "معظم شهود الديموقراطيّين لم يتحدّثوا مع الرئيس أبداً". ويشبه ذلك كثيراً ما قاله ترمب، حتى عندما يؤشر دليل إلى خلاف ذلك، بأنه لا يعرف شخصاً قد يسبّب له مشكلةً سياسية أو قانونية.

أما جاي سيكولو، أحد محامي الرئيس الأميركي فرفع تقرير مولر غير مرّة ليقول إنه فشل في إثبات أن حملة ترمب الانتخابية للعام 2016 "تواطأت" مع روسيا من أجل تحقيق تفوّق على منافسته "الديمقراطية" هيلاري كلينتون. وإذا اعتبرنا أن لا علاقة بين نتائج تقرير مولر وبين مسألة أوكرانيا، فإن إيحاء سيكولو بدا مربكاً. لكن ذلك ليس مهمّاً لأنه من المؤكد أنه يسرّ موكّله ترمب الذي يواصل الحديث عن تقرير مولر أسبوعياً.

وغالباً ما يصف الرئيس ترمب نفسه بأنه رئيس تنفيذي فريد من نوعه، مدّعياً أن نهج "أميركا أولاً" حقّق للولايات المتّحدة سلسلةً من الإنجازات، ولا سيما منها الصفقات التجارية والقضاء على قادة الإرهاب في حين افتقر أسلافه الجرأة على الإقدام والإنجاز. وكانت حجّة سيكولو في شأن تصرّفات موكّله تجاه أوكرانيا صريحةً بمقدار ما كانت بسيطة، وتُختصر بأن مقاربة ترمب جديدة "لكنه لم يرتكب أي خطأ".

وقال سيكولو "إن عدم الموافقة على قرار الرئيس في شأن المسائل المتعلّقة بالسياسة الخارجية وأي نصيحة سيأخذ بها، لا ترقى في الأحوال كلها إلى جريمة تقتضي العزل". وكانت أغنية ترمب أثناء دخوله إلى أحد التجمّعات السياسية وهي لفرقة "رولينغ ستونز" You Can’t Always Get What You Want ، لتناسب السياق.

وفي البيت الأبيض، ألغى المكتب الصحافي بياناً صحافياً بعد نحو 20 دقيقة من بدء فريق المدافعين عن ترمب تقديم مرافعتهم. وهذا يعني أن مجموعة الصحافيّين المسؤولين عن تتبّع تحرّكات الرئيس وتصريحاته يوم السبت قد أخرجوا. وكانت الخطوة إشارةً إلى أن ترمب لن يبتعد عن جهازه الذي يشاهد عليه التغطية التلفزيونية لفريق الدفاع عنه.

من المرجّح أن يشعر أعضاء الفريق بأن موكّلهم كان يشاهدهم، فاختاروا التوجّه مباشرةً إلى رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النوّاب آدم شيف، الذي كان قد ختم القضية المقدّمة من "الديمقراطيّين" في مجلس النوّاب ليلة الجمعة من خلال وصف ترمب بأنه "ملك فاسد" يجب طرده على عجل من المكتب البيضاوي.

وفي خطوة أسعدت ترمب بكل تأكيد، قام بوربورا بلعب مقطع فيديو لآدم شيف عن سخريته من المكالمة الهاتفية التي أجراها الرئيس في الخامس والعشرين من يوليو (تموز) العام الماضي مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. وعلى الرغم من أن رئيس الاستخبارات في مجلس النوّاب قدّم تبريره القطعي عن حديثه استناداً إلى ملخّص أعدّه البيت الأبيض، بقوله إن الكلام الساخر تمثّل في "كلمات كثيرة"، إلا أن ترمب استخدم التعبير من أجل البلطجة على الرجل الذي سمّاه "شيفتي شيف". وقال بوربورا عن التهكّم على شيف إن "هذا ليس بدليل. دعونا نتمسّك بالأدلة".

ولعبت "نسخة" البيت الأبيض عن المكالمة الهاتفية بين ترمب وزيلينسكي دوراً كبيرا في العرض التقديمي لفريق الدفاع. وردّد بوربورا ورفاقه كلام ترمب الذي يقول بأن الوثيقة هي "نسخة حقيقية" عن المحادثة. ومع ذلك، تنصّ الوثيقة نفسها التي صاغها البيت الأبيض على أنها "ليست نسخة حرفية" عن الحديث الهاتفي بين ترمب وزيلينسكي. وبالنسبة إلى فريق الدفاع، الأمر ليس مهمّاً. فإذا قال الرئيس إنه نسخة، فسوف يتصرّفون على هذا الأساس.

ويبدو أن استراتيجيتهم تتمحور حول يوم الانتخابات بعد نحو تسعة أشهر أكثر ممّا هي موجّهة لكسب التصويت النهائي في مجلس الشيوخ على مادّتي العزل في الأيام المقبلة. لذلك كما أشار مارك روم من جامعة "جورج تاون"، فإن الخلاف على التلخيص المقدّم عن المكالمة الهاتفية بأنه نقل كلمة بكلمة و"نسخة طبق الأصل" عن المحادثة التي عمل "الديمقراطيّون" على حرفها، ينبغي أن يساعد في إبقاء القاعدة السياسية المحافظة لدونالد ترمب معبّأةً حتى الوصول إلى يوم الاقتراع في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

لكن بالنسبة إلى فريق الدفاع لا تزال الأمواج متلاطمة. فزعيم الأقلية في مجلس الشيوخ تشاك شومر الذي يمثّل ولاية نيويورك، سارع إلى التوجه إلى مجموعةٍ من المراسلين وكاميرات التلفزيون في مبنى "كابيتول هيل"، بعد تقديم فريق ترمب عرضه. وقال لهم مبتسماً إن محامي الرئيس قدّموا عن غير قصد قضية "الديمقراطيّين" في مجلس الشيوخ في ما يتعلّق بالشهود، على أنها قضيتهم. ذلك لأن المحامين انتقدوا المدعين "الديمقراطيّين" على إهمالهم مسائل أثناء رفع قضيتهم، لذلك قال شومر إن أي ثغرات في القضية المرفوعة من حزبه يمكن أن يسدّها الشهود والوثائق الجديدة.

وقال وليام غالستون إن الفريق القانوني أمامه يومين للتوصّل إلى حجّة مقنعة في شأن ادّعاء آخر مثير للقلق. وأوضح بأن "فريق الدفاع هو في وضع من تلقى التحذير" لأن زعمه المزمع أنه "لا يمكن أن عزل أو إقالة الرئيس من دون جريمة فعلية"، لن يُستقبل بحماسة، حتى بين بعض مؤيّدي الرئيس".

© The Independent

المزيد من دوليات