Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"الثقافة المدنية" وجدران الخوف في مهرجان "القرين" الكويتي

ندوة شاملة حول توجهات الأدب الكويتي... وبليغ حمدي نجم الاحتفال الموسيقي

من احد معارض مهرجان القرين (كونا)

تميز مهرجان القرين الكويتي هذا العام في دورته السادسة والعشرين، باهتمام واضح بالثقافة وعلاقتها بالمجتمع والدولة، وقد شرع منبره أمام أصوات فكرية جريئة تناولت قضايا شائكة لا تزال في حاجة إلى المزيد من النقاش. ولعل التوصيات التي رفعها المشاركون في الندوة الرئيسية التي دارت حول "الثقافة المدنية" تعبر عن الالتزام الثقافي والدعوة إلى تبني قضايا جوهرية تهم المواطن والجماعة وكذلك الدولة. وقد أصر المهرجان الذي يعد المهرجان الثقافي الأضخم في الكويت، ويُقام على مدار شهر، على الجمع بين الطابع الفكري والثقافي من جهة والطابع الفني الذي يجذب الجمهور العريض. وقد شاركت في المهرجان كوكبة من المبدعين والباحثين العرب والكويتيين.

وكان من أبرز الضيوف المفكر عبدالله الغذامي والباحث حسن النعمي والناقد محمد العباس من السعودية، والقاص سعيد الكفراوي من مصر، ومن المغرب سعيد بنكراد وعبد الدائم السلامي، ومن لبنان الباحث في علم الاجتماع اللبناني فردريك معتوق، والشيخ خالد آل خليفة من البحرين، والروائي سمير قسيمي من الجزائر.

وجرياً على عادته تم اختيار الشاعر ورجل الأعمال الكويتي عبد العزيز سعود البابطين شخصية المهرجان لهذا العام، وأشاد وزير الإعلام الكويتي محمد الجبري بجهود المحتفى به في خدمة الثقافة العربية. وتحدث البابطين عن جهود مؤسسته التي تحمل اسمه خلال ما يزيد عن ثلاثين عاماً في مجالات الشعر، وحوار الحضارات والتعايش بين الأديان، وثقافة السلام، وأعلن أن مؤسسة البابطين الثقافية انتهت إلى إعداد 17 منهجاً لتدريس قيم السلام من الحضانة إلى الجامعة، بالتعاون مع خبراء من أكثر عشرين دولة. وشهدت الدورة أيضاً تكريم الحائزين على جوائز الدولة التقديرية والتشجيعية، وأبرزهم الفنان محمد المنصور الفائز بالتقديرية في مجال الفنون، والشاعر بدر بورسلي تقديرية الآداب.

الأدب الكويتي

اختارت ندوة القرين الرئيسية موضوع "الأدب في الكويت: الواقع والتحديات والآفاق"، خلافاً لاختيار قضايا ثقافية عامة كما في السنوات الماضية. إضافة إلى عقد جلسات الندوة في مقر رابطة الأدباء الكويتيين، وليس في أحد الفنادق. افتتح الندوة الأمين العام للمجلس الوطني كامل العبد الجليل واعتبرها فرصة ثمينة لمناقشة قضايا الأدب الكويتي بمشاركة مبدعين عرب. وأكد المنسق العام للندوة القاص والروائي طالب الرفاعي أنه لا يمكن التطرق للأدب الكويتي من دون وصله واتصاله بالأدب العربي.

وكان من أبرز المشاركين في الجلسات من المبدعين والنقاد الكويتيين: عبد العزيز السريع، وعبد الله التركماني، ومبارك المزعل في جلسة المسرح، فهد الهندال، وسعاد العنزي، وهديل الحساوي، وحمود الشايجي في جلسة الرواية، وعبد الله الفيلكاوي، وسعدية مفرح في ملف الشعر، وفي القصة القصيرة كل من سعداء الدعاس واستبرق أحمد إضافة إلى الناقد البحريني فهد حسين. و أقيمت جلسة عن أدب الطفل تحدث فيها الكاتب الأردني مفلح العدوان. وإذا كان معظم المشاركين على المنصة كانوا من مبدعي الكويت بحكم موضوع الندوة فإن معظم المداخلات كانت من نصيب ضيوف المهرجان.

الخيط الأساسي الذي تكرر بين جميع الجلسات تمثَّل في تقديم السرد التاريخي المعروف لكل فن، إضافة إلى التوقف عند التحديات التي تواجهه حالياً. والملاحظ بحسب شهادة المشاركين التقدم النسبي لفن الرواية، من ناحية النشر وإقبال المتلقين مقارنة بتراجع الفنون الأخرى.

مدنية الدولة

وأقيم ملتقى الثقافة المدنية الذي نظمه معهد المرأة للتنمية والسلام بالتعاون مع المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب. وعلى مدى أربع جلسات احتضنها معهد التخطيط العربي خلال يومين، وتحدث أكاديميون ومثقفون من أقطار عربية حول هواجس الدولة المدنية في ظل تصاعد موجات العنف والتشدد.

وأكدت رئيسة الملتقى ومديرة معهد المرأة للتنمية والسلام المحامية كوثر الجوعان أن الهدف هو تعزيز روح الثقافة والحوار ورصد الأسباب التي تقف حجر عثرة أمام تطور المجتمعات العربية. وألقى الأمين العام للمجلس كامل العبدالجليل كلمة أكد خلالها حرص المجلس منذ نشأته على رعاية الثقافة ونشر المعرفة في مساحات عربية وإقليمية. وشدد على ضرورة التركيز على المزايا النسبية لثقافتنا وتوظيفها في علاج الخلل والضعف للارتقاء بمجتمعاتنا. وأكد المدير التنفيذي لمركز عيسى الثقافي في البحرين، الشيخ خالد آل خليفة أن المدنية هي كل الظواهر المادية والحضارية لأي مجتمع وأنه لا يمكن أن تكون هناك حضارة مدنية متقدمة من دون قبول التنوع والتعددية في الجوانب المعرفية والعرقية والمذهبية والدينية كافة.

وكان لوزير الإعلام الكويتي الأسبق سامي النصف تساؤلات مهمة: هل الثقافة التقليدية معادية للتغيير؟ كيف استطاعت بعض الأوطان أن تخرج من الثقافة التقليدية إلى الدولة المدنية من دون أضرار؟ فيما أشار عبد الله الجسمي إلى أنه يصعب إيجاد تعريفات لمفهوم الثقافة المدنية. وعقد مقارنة بين الثقافتين: التقليدية والمدنية، فالأولى تميل إلى السكونية والثبات اتساقاً مع أنماط الإنتاج السائدة آنذاك، وطبيعة المجتمعات الريفية والقبلية، فيما ترتبط الثقافة المدنية بالتنوع والتغير والفرد الحر المستقل.

وتناول المفكر عبد الله الغذامي ثلاث مدن نشأت كتجارب مدنية وهي أثينا وبغداد ونيويورك وعلاقتها بمفاهيم الحرية والعدالة والمساواة والتعددية، معتبراً أن معظم هذه المفاهيم تمارس دوماً لصالح الأقوى. واستنتج الغذامي أن المدينة الحديثة تعيد نسقها القديم، فبدلاً من السور الخارجي الذي يحميها من الغرباء، أصبح لكل بيت سور خاص به، وكاميرات وقضبان حديدية، ووصفها بأنها "مدينة خائفة". واعتبر الباحث فريدريك معتوق أستاذ علم الاجتماع أن ما أنجزته المرأة اللبنانية في مجالات التعليم والإعلام والقضاء، وما يشهده لبنان من حراك حاليًا، يشكلان دليلاً على أهمية أو جاذبية الثقافة المدنية. وفي الوقت نفسه شكك في مفهوم "الثقافة التقليدية" لأننا لو نظرنا إلى ابن خلدون كممثل لها الآن، لوجدنا أنه في زمنه كان ينتمي إلى "الثقافة المدنية".

وتضمن الملتقى أبحاثاً لكل من الباحث عبد الخالق عبد الله من الإمارات الذي رأى أن "العولمة" تعيش أزمة حالياً ما لم تجدد نفسها، وكذلك الباحث عبد الحميد الأنصاري من قطر الذي اتهم الخطاب الإعلامي العربي بأنه دعائي وتحريضي ومضاد للثقافة المدنية. إضافة إلى مشاركات كل من: وسمية المنصور، آمال إبراهيم، عائشة الدرمكي، علي الطراح، سعدى ماء العينين، خالد عبد اللطيف رمضان، محمد الفيلي، غسان الشهابي، وعامر التميمي.

وانتهى الملتقى إلى توصيات عدة أبرزها: تعزيز نشر الثقافة المدنية من خلال مؤسسات المجتمع المدني، إبراز الدور الذي يمكن أن تقوم به المرأة، تبيان عدم تعارض الثقافة المدنية مع قيم الأديان، تعزيز قيمة المواطنة بوصفها الرابط الأعلى بين جميع مكونات المجتمع، لا يعني الدفاع عن الثقافة المدنية إلغاء الثقافات التقليدية بل مساعدتها على مواكبة متطلبات الحاضر، نبذ الطرح الديني والقومي الذي يتنافى مع القيم الإنسانية ويشجع على العنف والكراهية، الاعتراف بالحريات الفردية والتعددية، تنقية المناهج من كل ما يتعارض مع قيم الثقافة المدنية ويحث على العنصرية والطائفية، وتأهيل وتطوير قدرات المعلمين.

ندوات وحفلات

وشهد المهرجان أيضاً عشرات الندوات والورش والحفلات الغنائية ومعارض الفن التشكيلي ومعارض أثرية، وعروض سينما ومسرح. وكان من أبرز هذه الأنشطة حفلة "بليغيات" التي قدمتها فرقة "التخت العربي" وتضمنت أشهر ألحان الموسيقار بليغ حمدي.

وأُقيمت منارتان احتفاء بذكرى الشاعر الشعبي الراحل سليمان الهويدي، والفنان الراحل غانم الصالح، إضافة إلى إطلاق كتاب "الأسطورة عبد الحسين عبد الرضا" بالتزامن مع إهداء أسرته بعض أرشيفه إلى مكتبة الكويت الوطنية، التي شهدت أيضاً ندوة لمناقشة كتاب الأمين العام للمجلس الوطني كامل العبد الجليل بعنوان "ذاكرة وطن" الذي يتناول تاريخ المكتبة نفسها طوال قرن من الزمان. ثم كان مسك ختام المهرجان مع ليلة طربية لتكريم الشاعر الغنائي يوسف ناصر.

 

المزيد من ثقافة