Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"قلب تونس" خارج معادلة الحكومة التونسية

صراع مرتقب بين راشد الغنوشي وقيس سعيد 

صعوبات جمة أمام الياس الفخفاخ لتشكيل الحكومة المرتقبة (غيتي)

تبدو حركة النهضة متجهة إلى التصادم مع رئيس الحكومة التونسية المكلف إلياس الفخفاخ، الذي قرر استبعاد حزب "قلب تونس" من المشاركة في حكومته المرتقبة، وإظهاره ميلاً لرئيس الجمهورية قيس سعيد، محاولاً معه القيام بـ"انقلاب دستوري"، وفق ما أكده القيادي سيد الفرجاني، المُقرب من راشد الغنوشي رئيس النهضة، الذي كثر خصومه داخل الحركة الإسلامية.

وأعلن الفرجاني، في تدوينة على "فيسبوك"، أنّ "إلياس الفخفاخ بشّر بانقلاب رئاسي على البرلمان وغير دستوري. الشاهد يواصل تمطيط مدته واستغلال التسميات والتعيينات على حساب الدولة. وقيس سعيد يستهدف دستور البلاد الذي أقسم على حمايته. تونس تحتاج إلى الاستقرار السياسي، لكن على أساس الدستور شبه البرلماني... الفخفاخ الغائب حزبه من البرلمان... يؤكد على النظام الرئاسوي ذي النمط الفرنسي. وبعيداً من دستور البلاد".

في المقابل، يؤكد رئيس الحكومة المكلف أن "رئيس الجمهورية يساند مساندة تامة المنهجيّة التي أعتمدها"، وأن "الشعب انتخب رئيس الجمهورية بنسبة لا مثيل لها سابقاً ورئيس الجمهورية اختارني لتشكيل الحكومة، وأنا أستمدّ شرعيّتي من هذا الاختيار".

خلاف في التوجهات 

وشهدت الأيام الأخيرة التي تلت تكليف الفخفاخ، خلافاً في التوجهات بين النهضة وبين رئيس الجمهورية ومعه رئيس الحكومة المكلف حول تركيبة الحكومة، ما يعني مستقبلاً خلافاً بين رئيس البرلمان ورئيسي الحكومة والجمهورية.

ويبدو أن اتفاقاً حصل بين سعيّد ورئيس الحكومة المكلف على طبيعة القوى التي ستتشكل منها الحكومة، وهي الرباعي الذي كان الرئيس التونسي تمسك بوجوده مع حكومة الجملي، والمكون من الأحزاب ذات "النفس الثوري"، وهي النهضة والتيار الديموقراطي وحركة الشعب وائتلاف الكرامة، ودون حزب "قلب تونس" الذي كان حليف النهضة، الذي أوصل راشد الغنوشي للبرلمان.

ويمكن تفسير اتفاق قيس سعيد وإلياس الفخفاخ على عدم ضم "قلب تونس" للحكومة بأنهما يعتبران أن دخوله يعني أنها لن تكون الحكومة المنتظرة التي ستكون من أول أهدافها مقاومة الفساد، إذ لا يمكن أن تضم حزباً ما زال رئيسه ملاحقاً قضائياً بشبهات فساد.

وتتمسك النهضة، وبخاصة شق راشد الغنوشي، بضم حزب قلب تونس، لأنها ترى أن بقاءه خارج الحكومة سيساعد على تكوين تقارب بينه وبين الحزب الدستوري الحر، الذي يجاهر بكرهه للحزب الإسلامي ولا يخفي سعيه إلى إقصائه من المشهد السياسي، مع ما يعنيه هذا التقارب من خطر على مستقبل النهضة التي تريد حماية نفسها من توسع الجبهة الاستئصالية.

كما أن الفترة المقبلة، قد تشهد تقارباً ووحدة بين أحزاب وسطية ترفض التعامل مع حركة النهضة مثل حزب مشروع تونس وحزب البديل وحزب أمل تونس، ولا يُستبعد إذا حصل اندماج بين هذه الأحزاب الثلاثة.

صدام مرتقب 

خلاصة الأمر، أن تونس تعيش اليوم تصادماً بين توجهين مختلفين الأول تقوده النهضة والثاني يجمع رئيسي الحكومة والجمهورية، فإذا تم الرضوخ لشرط النهضة، وهو ما يعارضه حزبا التيار وحركة الشعب، فإن مصير حكومة الفخفاخ سيكون شبيهاً بحكومة الجملي.

أما إذا تم التمسك بتوجه رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف، فإن النهضة قد تهدد بإسقاط الحكومة، وبالتالي المرور إلى انتخابات سابقة لأوانها، لكنها قد لا تنفذ تهديدها بخاصة أن استطلاعات الرأي تجعلها في المرتبة الثانية وراء غريمها الحزب الدستوري الحر، ما يعني اضطرارها إلى منح الثقة لحكومة إلياس الفخفاخ وتجنب اللجوء إلى حل البرلمان وإعادة الانتخابات.

ويعني ذلك، القبول بتغيير في موازين القوى بحصول تقارب بين رأسي السلطة التنفيذية، ما قد يعزل راشد الغنوشي، كرئيس للبرلمان، وأيضاً كلاعب أساسي في المشهد السياسي التونسي، خلال الفترة المقبلة. 

هذا التقارب المتوقع قد ييسر على رئيس الجمهورية تنفيذ رغباته في  تغيير النظام السياسي والنظام الانتخابي وحتى تحالفات تونس المستقبلية، بخاصة أن آخر استطلاع للرأي جعله في المرتبة الأولى للشخصيات التي يرضى عنها التونسيون.

المزيد من العالم العربي