ذكر مصدر طبي أن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أجرى فحوصات طبية على هامش زيارة للمستشفى الاستشاري العربي في رام الله في إطار جولة تفقدية لقسم الأطفال، وخضع لسلسلة فحوصات طبية، إثر شعوره بوعكة صحية رافقته طوال الأسبوع الماضي، وزادت حدتها أخيراً.
لم تعلن الرئاسة الفلسطينية أنّ عبّاس يمر بوعكة صحية كبيرة، أثّرت على نشاطه خلال الأيّام الماضية، بل اكتفت بالقول إنّ زيارته للمستشفى الاستشاري العربي جاءت ضمن جولة تفقدية اعتيادية.
وعكة صحية
في المقابل، أوضح مصدر من داخل المستشفى لـ"اندبندنت عربية"، أنّهم أجروا لعباس سلسلة فحوصات، بينها سحب عينة من دمه، وتصوير طبي كامل له، خاصة منطقة الصدر والمعدة والقلب، وبعدها مكث في غرفة المتابعة الصحية حوالى ساعتين حتى صدور النتائج، ومن ثمّ أجرى جولته التفقدية في قسم الأطفال.
ولم يبيّن المصدر الطبي نتائج الفحوصات التي أجراها عبّاس، واكتفى بالقول إنّ الرئيس لا يزال يمر بوعكة صحية وتزداد حالته سوءاً من فترة إلى أخرى، وقد لا يقوى على ممارسة نشاطه السياسي خلال العام الحالي.
خلفية مرض عبّاس
وبالعودة إلى الوراء، فإنّ أوّل وعكة صحية لعباس كانت عام 2016، عندما انهارت صحته ونقل على إثرها إلى المستشفى في رام الله، وأجريت له عملية قسطرة في القلب.
وفي عام 2018، خضع لفحوصات شاملة في مستشفى جونز هوبكنز في مدينة بالتيمور في ولاية ماريلند الأميركية، وتزامن ذلك مع موعد كلمة ألقها في مجلس الأمن الدولي، وكان يبدو عليه المرض الشديد.
وما بين الفترتين، تعرض عبّاس لسلسلة وعكات صحية، وعلى إثرها زار المستشفى الاستشاري العربي، بدون أن تفصح إدارة المستشفى عن طبيعة مرضه، واكتفت بالقول بأنّه يجري فحوصات دورية اعتيادية.
وتشير مصادر مختلفة (من المستشفى الاستشاري، ومكتب الرئيس) إلى أنّ عبّاس لن يكون قادراً خلال العام الحالي مواصلة عمله السياسي، وإن أصر على ذلك، فإنّ سيقوم بمهامه وهو جالس، أو يوكلها لغيره.
في المقابل، أثار مرض عبّاس مخاوف إسرائيلية وفلسطينية كبيرة، فالأولى تخشى من مرحلة ما بعده، وكيف ستبدو العملية السياسية بدونه، ومَن سيتولى زمام قيادة السلطة خلفاً له، أمّا الفلسطينيون يعتبرون ما بعد عبّاس أخطر مرحلة، ويتنافس الجميع على أن يتولى منصبه أو على الأقل الفترة الانتقالية.
"اندبندنت عربية" تتبعت ملف المرحلة الانتقالية، وما هي الخيارات المطروحة ما بعد محمود عبّاس، في ظلّ المنافسة الكبيرة على قيادة السلطة الفلسطينية خصوصا أنّ أوضاع حركة فتح غير مستقرة ومنافسة التيار الإصلاحي بزعامة محمد دحلان.
رئيس المجلس التشريعي خلفاً
وفقاً للقانون الفلسطيني، فإنّ هناك 100 يوم مرحلة انتقالية ما بعد عبّاس، من المقرر أن يتولى خلالها الأسير عزيز دويك رئيس المجلس التشريعي منصب قيادة السلطة الفلسطينية، لكن عبّاس حل المجلس التشريعي، ما يعني أنّه بات غير صالح ليتولى المرحلة الانتقالية.
في المقابل، تضغط حركة حماس على عبّاس لإصدار مرسوم الانتخابات التشريعية والرئاسية، علّها تفوز مرة جديدة في المجلس التشريعي، وبالتي يتولى المرحلة الانتقالية ممثلها في المجلس.
يقول صلاح عبد العاطي، رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني (مؤسسة غير حكومية) إنّه وبحسب القانون يتولى رئيس المجلس التشريعي المرحلة الانتقالية لمدة 60 يوماً، ليقوم بالترتيب لإجراء الانتخابات، لكن عندما حلّ عبّاس المجلس أصبح هذا المنصب شاغراً، وما قام به إجراء غير قانوني، قد يدفع لوجود حالة فراغ ولا شيء يبرر ذلك، ويبقى الطرح للمحكمة الدستورية.
رئيس المحكمة الدستورية
وبعد تشكيل المحكمة الدستورية العليا عام 2016، فإنّ عبّاس أصدر مرسوماً رئاسياً يقضي بأنّ يتولى رئيسها المستشار محمد الحاج قاسم زمام رئاسة السلطة الفلسطينية، على اعتبار أنّها أعلى سلطة تشريعية في فلسطين (تقوم بسن القوانين وتحديد السياسات العامة).
لكن المشكلة تتمثل في أنّ المحكمة الدستورية لم يتمّ التوافق عليها من قبل حركة حماس، والتيار الإصلاحي لحركة فتح بزعامة محمد دحلان، ما قد يثير خلافات حول تولي رئيسها منصب الرئيس في المرحلة الانتقالية.
ويوضح عبد العاطي أنّه لا يوجد نص قانوني يسمح بتعيين رئيس المحكمة الدستورية منصب رئيس انتقالي، ولكن يسمح لها بتعيين شخصية لهذا المنصب، من المتوقع أن يكون رئيس الوزراء الفلسطيني.
مستشار الرئيس للشؤون السياسية
وبعدما اتخذ الرئيس قراراً يقضي بحلّ جميع مستشاريه، عيّن عبّاس نبيل شعث مستشاراً شاملاً له، وتشير المعلومات المسربة من مكتب الرئيس أنّه ينوي تجهيزه لقيادة السلطة الفلسطينية خلفاً له.
ويعقب على ذلك عبد العاطي بأنّه لا يمكن ذلك وفقاً للقانون الذي لا يسمح لموكل الوكيل أنّ يشغل منصبه، وعند مغادرة عبّاس منصبه لأيّ ظرفٍ كان فإنّ مستشاريه يغادرون مناصبهم تلقائياً.
نائب وزمرة الرئيس
وبحسب المعلومات، فإنّ ثمّة قيادات مقربة من عبّاس تقترح عليه استحداث منصب نائب الرئيس ليكون خلفه في المرحلة الانتقالية وبعدها، علماً بأنّ النظام الفلسطيني لا يسمح بذلك، ولا يمنح عبّاس هذه الأحقية بتاتاً.
فيما يتوقع مراقبون أنّ يشغل ذلك المنصب واحداً من زمرة الرئيس، لكن عبد العاطي يعتقد أنّ يسبب ذلك صراعاً على السلطة وأنّ الحل الأمثل هو إجراء الانتخابات التشريعية.
البرغوثي رئيساً
وعما أمّا إذا كان الأسير مروان البرغوثي مناسباً، خاصة أنّ حركة حماس بدأت في إجراء اتصالاتها مع حركة فتح (تيار دحلان) معلنة وضع اسمه ضمن قوائم صفقة تبادل أسرى مرتقبة، فإنّه لن يكون في المرحلة الانتقالية، بل سيكون مرشحاً للانتخابات الرئاسية وفقاً للقانون.