Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مساران متناقضان في الأزمة الليبية… السياسة تتقدم

دانت بعثة الأمم المتحدة القصف الذي استهدف منطقتي سوق الجمعة وأبوسليم

شهدت المفاوضات الجانبية بين طرفي الصراع الليبي تقارباً في وجهات النظر (غيتي)

تتقدم الأزمة الليبية في الأيام الماضية في مسارين متوازيين ومتناقضين في آن واحد. ففي الوقت التي سرت أنباء عن تفاهمات محتملة بين طرفي الصراع في المسار السياسي الذي يعد واحداً من مسارات الحل الثلاثة، التي طرحتها بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، تتواتر الأنباء يومياً عن خروقات للهدنة في العاصمة طرابلس واشتباكات مسلحة حركت مخاوف بعودة الاحتكام إلى الحل العسكري وتعطل المسار السياسي.

اشتباكات في العاصمة

في الشق الميداني، أعلن الناطق باسم قوات الوفاق محمد قنونو، مساء السبت، عن "تمكن قواتهم من استهداف مواقع تابعة للجيش الليبي، بعد محاولتها خرق وقف إطلاق النار في مثلث القيو بوادي الربيع بحسب وصفه".

وأوضحت عملية بركان الغضب، عبر صفحاتها على مواقع التواصل، أن "قوات الوفاق قامت بتدمير عدد من الآليات المسلحة التابعة للجيش الليبي"، مؤكدة أن "قوات الوفاق تلتزم بأوامر قيادتها العسكرية، وأنها على أهبة الاستعداد لخوض الاشتباكات حين تقع".

وفي بيان آخر، أعلن المكتب الإعلامي للغرفة مقتل مواطن مغربي، وإصابة ثلاثة مدنيين، في خرق للهدنة شرق طرابلس. وأوضح أن "ذلك جاء إثر إصابتهم بقذيفة غراد أطلقتها قوات الجيش الليبي".

وأكدت غرفة عمليات إجدابيا التابعة للجيش الوطني الليبي، صباح الأحد، "اندلاع اشتباكات عنيفة بالقرب من منطقتي الهضبة وأبو سليم"، مشيرة إلى "تواصل سماع أصوات دوي انفجارات عنيفة بالقرب من المنطقتين".

وأشارت مصادر تابعة للجيش إلى وقوع اشتباكات أخرى في منطقة القربولي شرق طرابلس، قائلةً إن "قوات الصاعقة التابعة للجيش تخوض في القربولي معارك عنيفة ضد قوات الوفاق".

يأتي هذا في الوقت الذي أعلنت فرقة الطوارئ بفرع الهلال الأحمر في ترهونة، انتشال جثتين في منطقة الفراحيت، الواقعة خلف معسكر اليرموك جنوب طرابلس.

البعثة تدين الخروقات

ودانت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، القصف العشوائي الذي استهدف منطقتي سوق الجمعة وأبو سليم، ما أدى إلى وقوع إصابات بين المدنيين.

وقال المتحدث باسم البعثة جان العلم إن "هذا التطور يعد خرقاً خطيراً للهدنة، في الوقت الذي يجري التحضير لعقد اجتماع اللجنة العسكرية المشتركة بغية توطيد الهدنة، وترجمتها إلى وقف دائم لإطلاق النار".

كما أعربت البعثة عن أسفها لـ "الانتهاكات الصارخة المستمرة لحظر التسليح في ليبيا، وذلك حتى بعد الالتزامات، التي تعهدت بها البلدان المعنية في هذا الصدد"، خلال مؤتمر برلين.

الهدنة هراء

وفي تصريح لافت اعتبر عبد المالك المدني، الناطق باسم المكتب الإعلامي باسم "بركان الغضب"، الحديث عن الهدنة في هذه اللحظات "عبارة عن هراء"، مشيراً إلى أن "قوات الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر، تنفذ العديد من الهجمات وتستهدف المدنيين".

وزعم المدني، في تصريح صحافي، أن "قوات الوفاق تدافع عن نفسها، وتحافظ على تمركزاتها وترد على اعتداءات هذه الميليشيات، وفقاً لقاعدة لكل فعل رد فعل"، مشيراً إلى أن "المدفعية الثقيلة كان لها دور كبير جداً في استهداف ميليشيات حفتر"، وتمكنت من تدمير ست آليات تابعة لها، كما استهدفت عدداً من تجمعاتها في محور صلاح الدين بالقرب من مثلث القيو في وادي الربيع.

جدل جديد حول المرتزقة

وفي سياق ذي صلة، أثار تصريح للقيادي في ما يعرف بـ "الجيش السوري الحر"، الموالي لتركيا، أحمد الشهابي، الجدل مجدداً حول تواصل توافد المرتزقة الذين ترسلهم تركيا إلى ليبيا، والذين تقول تقارير دولية إن أعدادهم بالآلاف، حين وجه خطاباً إلى قادة مدينة مصراتة، الذين وصفهم بـ"إخوانه التركستان".

وقال الشهابي، في مقابلة تلفزيونية مع قناة تركية، إن "قواتنا بعد أن تنتهي من رفع ظلم الرئيس السوري بشار الأسد عن السوريين ستتوجه إلى رفع الظلم عن إخواننا التركستان في مصراتة".

واعترف الشهابي بإرسال مرتزقة سوريين إلى ليبيا، قائلاً إن "مقاتلينا سيذهبون إلى أي مكان يوجد فيه جهاد، وسنضحي بحياتنا وأطفالنا من أجل الخلافة العثمانية".

تقدم في المسار السياسي

وتأتي هذه التطورات العسكرية اللافتة، في وقت قالت مصادر مأذونة لـ "اندبندنت عربية"، إن "المفاوضات الجانبية بين طرفي الصراع شهدت تقدماً وتقارباً في وجهات النظر، وموافقةً مبدئية على تشكيل حكومة وطنية، بالتنسيق بين الطرفين في ما يشبه المحاصصة بينهما، مع إضافة بعض الأسماء المستقلة في أقرب وقت".

وأضافت المصادر "الاتفاق الكامل حول تشكيل الحكومة من المتوقع أن يعلن عنه بعد لقاءات لجنتي 5+5 العسكريتين، المشكلة من الطرفين لتثبيت الهدنة في العاصمة طرابلس، التي من المتوقع أن تنطلق بداية الشهر المقبل".

سلامة يلمح إلى خروج السراج

وفي تصريحات اعتبرت تمهيداً لما أتفق عليه، لمح المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة إلى احتمال مغادرة رئيس حكومة الوفاق فايز السراج المشهد قريباً، مع تشكيل حكومة وحدة وطنية يرأسها غيره. وقال في تصريحات تلفزيونية إن "العملية السياسية في ليبيا ليست مسألة أشخاص، ولا يعنينا أن يكون السراج رجل المرحلة الحالية من عدمه، ولكننا نعمل على تهيئة البلاد إلى مرحلة جديدة تحقق الاستقرار وتنهي الانقسام من طريق التحضير لانتخابات كاملة، تحسم الأزمة المستعصية في البلاد".

واعتبر سلامة أن "الليبيين جاءتهم فرصة في مؤتمر برلين من أجل توحيد صفوفهم، فإما يستغلون هذه الفرصة، ويسيرون في المسارات الثلاثة، (الاقتصادية والسياسية والعسكرية)، أو أُخلي مسؤوليتي من أي عواقب تحدث بعد ذلك في البلاد".

ضدان لا يجتمعان

وحول هذه الأنباء المتناقضة، يقول الصحافي الليبي أحمد سالم لـ "اندبندنت عربية" إنه لا يرى "أملاً في تيارات الإسلام السياسي، التي تبدأ بالإخوان وتنتهي بالقاعدة. فمشكلة هؤلاء في عقيدتهم القائمة على كره الجيوش وتكفيرها، وهي مضادة لعقيدة الجيوش الوطنية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضاف "أرى أن حوار أقطاب متضادة ومتضاربة العقائد بهذا الشكل، صعب أن يقود إلى تفاهمات إيجابية، لعدم وجود أرضية مشتركة للتواصل أصلاً".

وعبر الصحافي خالد طلوبة، في حديث إلى "اندبندنت عربية"، عن خشيته على الاتفاقات المحتملة، القائمة على مبدأ المحاصصة بين الطرفين، من تراكمات الصراع الذي دار لسنوات بينهما. ويوضح "من الصعب أن نتصور مشروعاً سياسياً تشاركياً بين طرفين خاضا نزاعاً مسلحاً، ترك ندوباً كبيرة وشروخاً اجتماعية عميقة جداً".

واعتبر طلوبة أن "التجارب المماثلة في التاريخ المعاصر نجحت مرات قليلة وفي حالات استثنائية، مثل جنوب أفريقيا. وفشلت خصوصاً عربياً مرات أكثر، كما في لبنان وإلى حد ما في مصر. لكن لا مناص من التجربة بأنفسنا قبل إطلاق الأحكام النهائية".

ويبقى هناك تساؤلات معلقة يطرحها مراقبون، مثل كيف ستتعامل تركيا، التي باتت جزءاً من الأزمة الليبية، مع مشروع التوافق الليبي القائم على تقاسم السلطة، لو نجحت الأطراف في التوصل إليه؟ وكيف ستقرأ تأثيره في مصالحها، هي التي باتت تملك ذراعاً عسكرية محلية وأجنبية قادرة على إشعال المشهد من جديد؟

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي