وقّع بوريس جونسون اتفاق الإنسحاب الذي ستخرج المملكة المتحدة بموجبه من الإتحاد الأوروبي يوم 31 يناير (كانون الثاني).
وجرت مراسم التوقيع في مقرّ رئيس الوزراء في 10 داونينغ ستريت الجمعة، عقب وصول الوثيقة إلى لندن قادمةً من بروكسيل، حيث وقّع عليها رئيسا المجلس الأوروبي والمفوضيّة الأوروبية في الصباح الباكر.
ووصف رئيس الوزراء التوقيع بأنّه "لحظة رائعة" سوف تنهي أكثر من ثلاث سنوات من "الإختصام والإنقسام" منذ انعقاد الإستفتاء للتصويت على الإنسحاب من الإتحاد الأوروبي في 2016.
لكن ما زالت القرارات الكبيرة المتعلقة بطبيعة علاقة المملكة المتحدة بالإتحاد الأوروبي مستقبلاً عالقةً ويبقى احتمال حدوث بريكست دون اتفاق حقيقياً للغاية في حال لم يتوصّل الطرفان إلى اتفاق تجاري بحلول الموعد النهائي الضيق يوم 31 ديسمبر (كانون الأوّل).
وجاء التوقيع الرسمي على الاتفاق بعد 1310 أيام من انتصار خيار الإنسحاب بهامش 52-48 الضيق في استفتاء 23 يونيو (حزيران) 2016 وفترة مفاوضات وتصديق شاقة وانقسامية شهدت استقالة رئيسا الوزراء ديفيد كاميرون وتيريزا ماي واندلاع مظاهرات حاشدة مؤيّدة لعقد تصويت القول الفصل وتكبّد الحكومة سلسلة من الهزائم التاريخية داخل مجلس العموم.
ولا يتبقى سوى خطوة أخيرة تمهيداً لانسحاب المملكة المتحدة في تمام الساعة 11 من مساء يوم الجمعة 31 يناير 2020 هي تصديق البرلمان الأوروبي الذي من المتوقع أن يحصل يوم 29 يناير في بروكسيل.
وبعد توقيع رئيس المجلس الأوروبي شارلز ميشيل ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين على الوثيقة، نقلها مسؤولون من ممثلي الإتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة إلى لندن.
وخطّ السيد جونسون اسمه على الوثيقة على مرأى من المسؤولين داخل حجرة الإنتظار خارج قاعة مجلس الوزراء مستخدماً قلم حبر من نوع باركر حسب التقليد المتّبع في مراسم التوقيع الرسمية في مقرّ داونينغ ستريت. وحضر التوقيع ديفيد فروست كبير مفاوضي رئيس الوزراء إلى جانب موظفين آخرين من رئاسة الوزراء.
ثمّ أعيدت النسخة الأصلية للإتفاق إلى بروكسيل حيث سوف تودع في أرشيف يضمّ كافة المعاهدات الدولية التي أبرمها الإتحاد الأوروبي.
وسوف تصدر نسخة مصدّقة عنه تعاد إلى لندن ليُحتفظ بها في مقر رئاسة الوزراء.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في معرض حديثه بعد توقيع اسمه، قال السيد جونسون "إن توقيع اتّفاق الإنسحاب لحظة رائعة تتحقق من خلالها أخيراً مطالب استفتاء العام 2016 وتنتهي عندها سنوات طويلة من الإختصام والإنقسام".
"نستطيع الآن أن نمضي قدماً باعتبارنا بلداً واحداً- تركّز حكومته على تحسين الخدمات العامة والفرص وإطلاق العنان لكافة القدرات في مملكتنا المتحدة الرائعة بينما تبني علاقة جديدة ومتينة مع الإتحاد الأوروبي باعتبارنا أصدقاء متساوين في السيادة".
ويفرض الإتفاق الذي وقّعه رئيس الوزراء على المملكة المتحدة دفع 30 مليار جنيه استرليني للإتحاد الأوروبي وفاءً بالتزاماتها له وضمان حقّ المواطنين الأوروبيين المقيمين في بريطانيا ووضع حدود جمركية على بحر إيرلندا. وبموجب بنود الإتفاق، سوف تظلّ بريطانيا خاضعة للقوانين الأوروبية خلال فترة انتقالية تنتهي بنهاية العام 2020 لكنها ستخسر أيّ تمثيل لها داخل هيئات اتّخاذ القرار التابعة للكتلة الأوروبية منذ نهاية شهر يناير.
ولا يحدّد الإتفاق شكل العلاقة المستقبلية بين المملكة المتحدة والدول الـ27 الأعضاء في الإتحاد الأوروبي من حيث مجالات التجارة والأمن اللذان سيشكّلان موضوع مفاوضات مكثّفة على امتداد الأشهر الـ11 المقبلة.
ومع أنّ الطرفان تعهّدا في بيان سياسي أرفق بالمعاهدة التوصّل إلى اتفاق تجاري بحلول العام 2020، فتح إصرار السيد جونسون على عدم تمديد فترة المباحثات ما بعد 31 ديسمبر المقبل الباب على احتمال حصول بريكست دون اتفاق مع بداية العام 2021، ممّا سيحدث خللاً في النقل والتجارة ويفرض رسوماً جمركية إضافية على صادرات المملكة المتحدة.
بعد إحباط جهود السيدة ماي، رئيسة الوزراء التي سبقته، في تمرير اتفاق بريكست بالقوّة من خلال البرلمان، أتاح فوز السيد جونسون بأغلبية 80 مقعداً خلال الإنتخابات العامة الشهر الماضي له أن يشرّعه بعد 11 يوماً فقط من خضوعه للتدقيق في ويستمنستر، فحصل على الموافقة الملكية يوم الخميس.
وفيما اعتُبر فوز المحافظين الكاسح تفويضاً لهم كي يفوا بوعدهم و"ينتهوا من تنفيذ بريكست"، أعطت أغلبية الناخبين يوم 12 ديسمبر أصواتها للأحزاب التي طالبت بانعقاد استفتاء ثانٍ لتأكيد الخيار في إشارة واضحة إلى استمرار الإنقسام العميق داخل البلاد حول الحكمة من خيار بريكست. وعكست هذه النتيجة استطلاعات الرأي خلال السنوات الثلاث الماضية- وضمنها استطلاع للاندبندنت منذ أقل من أسبوعين- التي عبّرت فيها الأغلبية عن رغبتها بالبقاء في الإتحاد الأوروبي.
© The Independent