Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ليبيا... حضور "الإخوان" في الحكم يفخخ "حوار جنيف"

"الأجندات الدولية عادت إلى الحركة مجدداً بعدما شارف الجيش الوطني على حسم المعركة لمحاولة رسم مشهد سياسي جديد"

تظاهرة في ساحة الشهداء في طرابلس يوم الجمعة 24 يناير (كانون الثاني) الحالي (أ. ف. ب.)

تواجه مسارات "اتفاق برلين" شكوكاً ليبية بشأن سعي أطراف دولية متدخلة في بلادهم إلى الإبقاء على بعض التيارات السياسية في واجهة الحكم، على غرار الاتفاقات السابقة وأبرزها "اتفاق الصخيرات" الذي أعاد تدوير وجود تيار الإخوان المسلمين، بتولية شخصيات جديدة، مراكز سيادية وسياسية بارزة.

المسار السياسي
وعلاوةً على الإعلان عن مسار عسكري، تتولى توجيهه لجنة مؤلفة من 5 ضباط لكل من "الجيش الوطني" والقوات الموالية لـ"حكومة الوفاق" لتثبيت وقف النار وبدء محادثات حول توحيد المؤسسات الأمنية والعسكرية، قفز المسار السياسي إلى الواجهة بخطوات أسرع، سبقت حتى انعقاد مؤتمر برلين الذي حدده كأحد المسارات الثلاثة، وذلك عندما دعا مبعوث الأمم المتحدة في ليبيا غسان سلامة، قبل أسبوع من انعقاد المؤتمر، مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة لتسمية 13 عضواً عن كل منهما لعقد لقاء في العاصمة السويسرية جنيف لبدء حوار سياسي، وأوضح بيان مؤتمر برلين في ما بعد بأن مهمة هذا المسار تشكيل حكومة وحدة وطنية، والنظر في قضايا معلقة كالدستور والانتخابات.

وعبّر الباحث السياسي سالم عرفة عن مخاوفه من رغبة بعثة الأمم المتحدة في تسريع خطوات عمل هذه اللجنة، فعلاوةً على كونها أرجعت مسار المحادثات السياسية إلى مرحلة الصفر مجدداً، بعدما قطعت أشواطاً في السابق. ويُحتمل أن ينتج من ذلك تأخير الوصول إلى حل سياسي من خلال إطالة أمد زمن الحوار، يلفت إلى أن "إرجاء مبعوث الأمم المتحدة تسمية الأعضاء 14 وعدم إعلانه عن الضوابط التي سيختار على أساسها هؤلاء الأعضاء يدعو إلى الريبة".

لجنة الـ 40

وتوضح تصريحات سلامة في مناسبات عدة أن شكل لجنة الأربعين سيكون بواقع 13 عضواً عن كل من مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة بينما ستختار البعثة الدولية، 14 عضوا آخرين من شتى الأطياف والتيارات السياسية الليبية لــــ "استئناف العملية السياسية".
وفيما سارع المجلس الأعلى للدولة إلى الإعلان عن وفده الذي سيمثله في جنيف، كلّف مجلس النواب، النائب الثاني لرئيس البرلمان احميد حومة التواصل مع البعثة "بشأن عدد من الاستيضاحات والاستفسارات حول العملية السياسية".

وذكر الباحث السياسي الليبي أن تصريحات عضو مجلس النواب سعيد إمغيب لبعض الصحف بأن "البعثة الدولية تواصلت مع أعضاء من مجلس النواب كل على حدة من أجل اختيار ممثلين عن البرلمان لحضور اجتماعات جنيف نهاية الشهر الجاري" بأنها "تحمل شكوكاً وريبة"، متسائلاً "لماذا التواصل بشكل فردي والمفترض أن تتواصل البعثة مع رئاسة المجلس".
وتبدو تلك التحفظات سائدة في أوساط مجلس النواب، فأكد سعيد مغيب أن "غسان سلامة يريد من خلال اجتماع جنيف وبوجود هؤلاء الحاضرين خلق جسم تشريعي بديل عن مجلس النواب".

وتعليقاً على معلومات أدلى بها مصدر حكومي مأذون من طرابلس لــ "اندبندنت عربية" بأن حوار جنيف سيرعاه "مركز الحوار الإنساني" الذي يتخذ من جنيف مقراً له، يشير الأكاديمي المتخصص في العلاقات الدولية مختار الأشول، من جانبه، إلى أن المركز هو مَن رعى في السابق الإعداد لملتقى غدامس الذي كان مقرراً انعقاده منتصف إبريل (نيسان) الماضي.

وكانت بعثة الأمم المتحدة أعلنت على موقعها الرسمي في نوفمبر (تشرين الثاني) 2018 عن تسلم "الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا غسان سلامة التقرير النهائي الخاص بالمرحلة التشاورية من مسار الملتقى الوطني الليبي" من "مركز الحوار الإنساني الذي قام بإعداد التقرير عن نتائج المشاورات العامة مع الشرائح الليبية"، مؤكدةً أن نتائج التقرير "سيقوم عليها الملتقى الوطني في غدامس".

وأطلق مركز الحوار قبل إعداد التقرير 77 جلسة تشاورية في 40 موقعاً في عموم أرجاء ليبيا من خلال اللقاء بــ 7000 ليبي، كما أوضحت مقدمة التقرير.

وبينما يرى الأشول أن "ما لم تحققه الدول الداعمة للتيار الإسلامي في ملتقى غدامس تسعى لتحقيقه الآن في جنيف"، يؤكد أن طريقة اختيار ممثلي الوفدين حولها علامات استفهام كبيرة، متسائلاً "كيف يمكن المساواة بين عدد الممثلين في مجلس الدولة وهم 13 عضواً من الطيف السياسي ذاته بممثلي مجلس النواب الذي يحتوي على أكثر من طيف وتوجه سياسي"، مؤكداً وجود سعي خفي لترجيح كفة الإخوان المسلمين في المحادثات المرتقبة.

بل يلفت الأشول إلى خطورة غياب الضوابط التي سيختار على أساسها المبعوث الأممي الأعضاء 14 الآخرين الذين سيشاركون في المحادثات، متسائلاً أيضاً "عن استباق غسان سلامة للدعوة لهذا المسار قبل صدوره في بيان مؤتمر برلين وسرعة تجاوب المجلس الأعلى للدولة لذلك".
 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


طرابلس تستعد

على صعيد منفصل، تبدو الجبهة السياسية في طرابلس في طور الاستعداد لمواجهة كل الظروف التي تهدد بقاءها في المشهد، إذ أكد آمر سلاح المدفعية في قوات حكومة الوفاق فرج خليل استمرار تدفق السلاح التركي إلى أرض المعركة.

وفي تدوينة على صفحته في موقع "فيسبوك" الجمعة، أكد خليل الانتهاء من "تأمين كامل مطار مصراتة بمنظومة دفاع جوي حديثة"، وبدء "تجهيز 80 في المئة من المنظومة في مطار معيتيقة بطرابلس".

وتحاول تركيا المعروفة بقربها وتحالفها مع التيارات الإسلامية المتشددة، ومن بينها تيار الإخوان المسلمين، الحفاظ على وجود قيادات تلك التيارات في مفاصل الحكم سواء بتقديم الدعم السياسي أو العسكري.

وأقرّ عاطف بالرقيق أحد القياديين في ميليشيات طرابلس التابعة لحكومة الوفاق بإرسال "تركيا مرتزقة سوريين"، وذلك في معرض اعتراضه على طريقة تعامل تركيا مع الاتفاق الأمني الموقع بينها وبين حكومة الوفاق. وقال بالرقيق، على صفحته في فيسبوك أمس الجمعة، لقد "عقدنا اتفاقية مع تركيا لتساعدنا على صد العدوان وليس لترسل لنا مرتزقة سوريين"، معتبراً أن تركيا "تلعب لعبة قذرة".
ولا يبدو انتباه القيادي بميليشيا ثوار طرابلس إلى لعبة تركيا، بفرض الإخوان المسلمين مجدداً في ليبيا هو الوحيد، بل كان بيان عبد الرحمن السويحلي، رئيس المجلس الأعلى للدولة السابق المتحدر من مصراته، أكثر صراحة.

وشنّ السويحلي هجوماً عنيفاً على تيار الإخوان المسلمين متهماً إياهم بالعمل على استبعاده من منصبه كرئيس للمجلس، للهيمنة على قراره. وقال "لقد أصبحت على قناعة تامة بأن توحيد الصف يتطلب تطهيره من العناصر والأجسام المصلحيّة، بما في ذلك إعادة حزب العدالة والبناء إلى حجمهم الحقيقي الذي لا يمثل سوى 7 في المئة من أصوات الناخبين في عام 2012"، داعياً مصراتة إلى "نزع عباءة الإخوان المسلمين بل والمنطقة الغربية بأسرها".
واعترف السويحلي بأن تيار الإخوان المسلمين "حملنا أوزاراً ثقيلة طيلة السنوات الماضية كلفتنا كثيراً من الدماء والتضحيات بسبب إصراره على تصدّر المشهد السياسي للدولة على الرغم من انعدام قاعدته الشعبية التي تؤهله لذلك واستفادته من توقف العملية الانتخابية منذ 6 سنوات"، مضيفاً أن الإخوان بعد كل حرب "نراهم يهرعون لتقديم التنازلات عن الثوابت الوطنية من أجل ضمان مصالحهم السياسية الضيقة، وليس من أجل الوطن كما يدّعي بعضهم؛ مثلما حصل في المسودة الرابعة لاتفاق الصخيرات".

ويذهب الأشول إلى التأكيد على أن "الأجندات الدولية عادت إلى الحركة مجدداً بعدما شارف الجيش الوطني على حسم المعركة لمحاولة رسم مشهد سياسي جديد في جنيف للحفاظ على دور لهذا التيار الذي لطالما مثّل سياساتهم ومصالحهم في ليبيا".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي