Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لطفي المرايحي: المال والإعلام أفسدا السياسة بتونس

قال الأمين العام لحزب الاتحاد الشعبي لـ "اندبندنت عربية" إن قيس سعيد لا يملك برنامجاً

الأمين العام لحزب الاتحاد الشعبي لطفي المرايحي (مواقع التواصل الاجتماعي)

يشقّ الأمين العام لحزب الاتّحاد الشّعبي الجمهوري لطفي المرايحي طريقه بتؤدة وبطرح مغاير اقتصادياً وسياسياً، لم يتفطّن إليه الشارع السياسي التونسي إلا في عام 2019، عندما ترهّل المشهد الحزبي في البلاد وأفلت الأحزاب الكلاسيكية، وبرزت أحزاب جديدة في السّاحة على غرار الاتّحاد الشعبي الجمهوري أو ائتلاف الكرامة.

الاتحاد الشعبي الجمهوري هو حزب وطني اجتماعي تأسّس عام 2011، في غمرة الانتشاء بالثورة، وتقدّم إلى انتخابات المجلس الوطني التأسيسي بـ 14 قائمة إلا أنه قرّر مقاطعة الانتخابات البرلمانية في أكتوبر (تشرين الأول) 2014، معتبراً أنّها انتخابات حسمت سلفاً بفضل الاستقطاب الثنائي بين حركتي النهضة الإسلامية ونداء تونس.

مؤسس هذا الحزب وأمينه العام هو لطفي المرايحي، الكاتب والطبيب، الذي التقته "اندبندنت عربية" لفهم مسار الحزب منذ تأسيسه حتى دخوله البرلمان عام 2019 وحصوله على ثلاثة مقاعد، في وقت فقدت أحزاب أخرى كل مقاعدها في البرلمان، على غرار حزب التكتل من أجل العمل والحريات، ولتقديم رؤيته للمشهد السياسي في تونس والحلول التي اقترحها حزبه للخروج بالبلاد من الوضع الراهن، بالإضافة إلى تقييمه أداء رئيس الجمهورية قيس سعيد.

إعلام منخرط في "الأجندة" السياسية

في البداية، أبرز المرايحي الانحرافات التي رافقت الحياة السياسية في تونس على غرار الدّور المشبوه، وفقه، للإعلام بشقيه العام والخاصّ وانخراطه في أجندات سياسية على حساب المهنية وأخلاقيات التعاطي الإعلامي النزيه والموضوعي مع الشأن العام في البلاد.

وأشار إلى أن المال خلق كتلة برلمانية كبيرة في البرلمان، ويقصد حزب قلب تونس (38 مقعداً)، كما مكّن الإعلام شخصيات لا علاقة لها بالسّياسة من تصدّر المشهد من خلال ظهورها المتكرّر في القنوات والإذاعات. وشدّد على أنّ الاتحاد الشعبي الجمهوري عانى كثيراً من هذه الممارسات، ولم يتمكّن من عرض برنامجه وطرح أفكاره في وسائل الإعلام.

وفي إجابته عن سؤال يتعلّق بالحلول الممكنة ليلعب الإعلام دوره في الحياة السياسية بشكل مهني، دعا المرايحي إلى ضرورة إنشاء هيئتين، تُعنى الأولى بمضامين وسائل الإعلام، وهي هيئة تعديلية، بينما تعنى الثانية بأخلاقيات الممارسة الإعلامية. واقترح أن يتمّ تشكيل الهيئة الثانية من عموم الناس المتابعين للقنوات التلفزيونية والإذاعية، على أن يتم انتخابهم بشكل دوري.

وأضاف أنّ الإعلام عادة ما يكون مرغوباً فيه من السّلطة، لذلك لا بدّ من تحييده عن الشأن السياسي والأجندات المشبوهة وضمان تعاطيه مع الشأن العام بشكل حيادي وموضوعي.

وبخصوص التداخل بين السياسة والإعلام، أشار المرايحي إلى أن القانون واضح وهو يمنع السياسي من امتلاك قناة تلفزيونية أو إذاعية، إلا أن الواقع في تونس اليوم مختلف. إذ يملك حزب سياسي قوي، وهو "قلب تونس"، قناة تلفزيونية (قناة نسمة)، كما يوظف العمل الخيري لأغراض سياسية، مضيفاً أنه لا يمكن التأسيس لديمقراطية بهذا الشكل.

الاقتصاد الحمائي

وحول طرحه الاقتصادي لإنقاذ تونس من المأزق الرّاهن، أكد أن الحلّ في الاقتصاد الحمائي، خصوصاً بعدما تم تفكيك النّسيج الصّناعي وتحويل اقتصاد تونس إلى اقتصاد يقوم أساساً على المبادلات مع الخارج، التي تقتصر على بعض المبادلات الزراعية أو الصناعات الاستخراجية.

وأبرز أنّ الحلّ هو في دعم اقتصاد تونس وتعزيز تنافسية مؤسساته الموجودة على قلتها وصغرها، والتعويل على استهلاك ما يمكن إنتاجه من دون الاعتماد على الاستيراد، ومن دون إغلاق الباب كلياً أمام المنتجات الخارجية. واقترح عرض المنتج المحلي بسعر أقل من شبيهه الأجنبي لاستقطاب المستهلك التونسي.

طريق التغيير في تونس

وفي إجابته عن سؤال يتعلّق بدواعي ترشّحه للانتخابات الرئاسية الماضية، وما قدّمه إلى التونسيين على الرغم من الصلاحيات المحدودة لرئيس الجمهورية بحسب نصّ الدستور، أكد المرايحي أن رئيس الدولة يمكن أن يغير من طريق اللجوء إلى الاستفتاء، وهي نقطة لم يتحدّث عنها أي مرشّح للرئاسة، مشيراً إلى أن رئيس البلاد لا بدّ أن يكون شخصية ذات خيال واسع، وقادرة على استنباط الحلول لا أن يبقى مقيّداً بنصّ الدستور.

وحول اختيار الناخبين التونسيين للرئيس الحالي قيس سعيد، أكد المرايحي أن سعيد لا يملك برنامجاً وستثبت الأيام والأشهر المقبلة ذلك، مشيراً إلى أنّ التونسيين سئموا الممارسة السياسية بشكلها الرّاهن ورأوا في سعيد شخصية مغايرة، إلا أنه ليس الشخص المناسب للمرحلة، لأن "نظافة اليد" وحدها لا تكفي وإلا "كان على التونسيين أن ينتخبوا إماماً".

وعن تقييمه أداء رئيس الدّولة حتى اليوم، قال إن سعيد لم يلعب الدّور المنوط بعهدته في المحطّات الكبرى، بخاصة في فترة تشكيل الحكومة. ما سمح لشخصيات أخرى لا صفة لها بالتسلّل إلى ساحة المشاورات، داعياً إيّاه إلى أن يكون جامِعاً وتوفيقياً وضامناً للوحدة الوطنية.

وحول غياب رئيس الدولة عن المحافل الدّولية، أشار المرايحي إلى أن ذلك يكشف قصوراً في إمكانات الرجل.

حكومة فخفاخ

بخصوص تكليف الياس فخفاخ تشكيل الحكومة المقبلة، لم يُخْفِ المرايحي تخوّفه من مصير الانتقال الديمقراطي في تونس، واصفاً ما يحدث بالعبث لأن فخفاخ لمّا عرَضَ نفسه على الشّعب التونسي كمرشّح للانتخابات الرئاسية لم ينل سوى 0.3 في المئة من أصوات الناخبين في الدّور الأول، فكيف يجد نفسه اليوم مكلفاً تشكيل الحكومة؟ ويقول إنها "مفارقة تونسية بامتياز"، متسائلاً "بأي آلية تُدار الدّيمقراطية والحياة السياسية في تونس؟".

وعن سؤال يتعلّق بالتّصويت لحكومة فخفاخ أجاب، أن الحزب سينتظر خطاب السياسات العامة ليحسم أمره، مبدياً استعداد حزبه للتصويت لمصلحة الحكومة، لأنه لم تعد هناك خيارات أخرى متاحة، ولا بدّ من الخروج من الوضع الراهن الذي تردّت فيه أحوال البلاد.

خصوصية النظام السياسي

وعن الدعوات المتزايدة إلى تغيير النظام السياسي في تونس، أكد المرايحي أن كلّ نظام سياسي له محاسنه ومساوئه، داعياً إلى احترام ضوابط النظام السياسي الذي اختارته تونس والكف عن العبث والتهرّب من الحكم من قبل الأحزاب السياسية، مستغرباً ترشيح حركة النهضة الفائزة بأكثرية المقاعد في البرلمان لشخصية من خارجها (الحبيب الجملي).

وفي حديثه عن المشهد البرلماني الحالي، قال المرايحي إن الأحزاب الفائزة ليس لديها مشروع للحكم وأن الناخب الذي أوصلها إلى البرلمان يعوزه الوعي والثقافة السياسيين، كي يتمكن من الفرز السياسي الجيد، مضيفاً أن الحياة السياسية في البلاد ستشهد في المستقبل مزيداً من التغيرات.

وأوضح أن علاقة حزبه بحركة النهضة عادية وبلا صدام، مشيراً إلى أنه قد يعتزل السياسة قريباً ويكتفي بالكتابة.

المزيد من حوارات