Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

معارك حضانة الحيوانات الأليفة تعرقل تسويات الطلاق

تزايد الخلافات خلال انفصال الزوجين على رعاية الكلاب والقطط

حضانة الحيوانات الأليفة مدار خلاف حين الانفصال (غيتي)

متى يتحوّل الحيوان الأليف إلى ورطة قانونية؟ تسأل صوفي غالاغر وعينها على آنت ماكبارتلين آخر المشاهير الذين خاضوا معارك قضائية بسبب حضانة كلابهم بسبب حضانة كلبه.

بعد تدريبات كرة القدم مساء كلّ أحد، يقود جون سيارته مسافة ميلين تقريباً ليصل إلى منزل زوجته السابقة ويُقلّ غلوريا، 12 عاماً، مع ألعابها وبطانيّتها المفضلة. وليست غلوريا ابنة جون، إنّما كلبته من فصيلة التّرير ويلش التي تعيش بين منزلين في باث في مقاطعة سومرست، منذ طلاقه من زوجته عام 2014. فالكلبة المحبوبة تُمضي النّصف الأول من كلّ أسبوع مع جون وشريكته الجديدة ثم تعود للمكوث مع زوجته الأولى. قد يبدو الأمر وكأنّه يتطلّب من الكلبة جهداً كبيراً ولكنّه ترتيبٌ يُناسب الطّرفان، وقد اتفقا عليه حبيّاً عند انفصالهما.

وتصدّر آنت ماكبارتلين مقدّم برنامج "أنا مشهور" وزوجته السّابقة ليزا أرمسترونغ عناوين الإخبار هذا الأسبوع بعد استكمالهما تسوية الطّلاق التي بلغت قيمتها 31 مليون جنيه استرليني. لكنّ خبر طلب الثّنائي من القضاء البتّ بمسألة الحضانة المشتركة لهيرلي، كلب اللابرادور البني اللون التي اختلفا عليها، هو الذي استرعى اهتمام الرأي العام. بيد أن هذين ليسا أوّل زوجين اختلفا على حضانة كلب إثر طلاقهما؛ ففي العام 2016، تنازع جوني ديب مع طليقته آمبر هيرد بشأن كلبيهما بيستول وبول من فصيلة يوركشاير.

وليس المشاهير هم وحدهم الذين خاضوا المعارك للفوز بوصاية كلب أو قطة. يقول مارك سيج، محامي قضايا الأسرة لدى شركة "تي أل تي" (TLT LLP)، لصحيفة "اندبندنت" إن "هناك زيادة في معدل الترتيبات المتعلّقة بتقاسم رعاية الحيوان الأليف بين منزلين بدلاً من واحد". ويفيد محامون مثل سيج، أن السنوات الثلاث الأخيرة تشهد ارتفاعاً مضطرداً في عدد المطلّقين الذين يتنازعون على "حضانة حيوانات أليفة"، التي يسعى كل منهما للانفراد بها حين يذهب في حال سبيله، وذلك إلى جانب الخلافات المعتادة حول الأطفال والممتلكات لاتزال حاضرة أيضاً في إجراءات الطلاق.

وعلى الرّغم من عدم وجود إحصائيات رسميّة لعدد الأزواج البريطانيين العالقين في نزاعات قضائية على حضانة حيواناتهم الأليفة، يؤكّد بعض المحامين أنّ هذا النّوع من القضايا إلى ارتفاع، إذ زاد بنسبة 30% في غضون عامين. ومن جانبه، يجزم تيري لافين من جمعية "ذا دوغس تراست" الخيرية أنّ عدد الكلاب التي يتخلى عنها أصحابها بعد تدهور العلاقة بين الطرفين اللذين كانا يتكفلان برعايتها وعدم اتفاقهما على قرار نهائيّ بشأن هذه الحيوانات، قد ازداد بنسبة 290%.

ويشير "مستوصف الشّعب للحيوانات المريضة" إلى وجود 10.9 ملايين قطة و9.9 ملايين كلب حالياً في المملكة المتحدة، مع استقرار الأرقام إلى حدٍّ ما منذ العام 2010. يُشار إلى أن معدلات الطّلاق في إنجلترا وويلز تحديداً، تتراجع منذ سنواتٍ عدّة حتى بلغت أدنى مستوياتها منذ قرابة نصف قرن عند 90 ألف و871 حالة طلاق فقط عام 2018 وفق أحدث البيانات المتوفرة. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: ما هو السّبب وراء تزايد قضايا حضانة الحيوانات الأليفة؟

تعتقد ساره غرين، وهي محامية متخصصة بقضايا الأسرة لدى شركة "تي أل تي"، أن الأمر يتعلق بالتغطية الإعلامية لقضايا بارزة. وتقول "أنا أرى المزيد والمزيد من التغطيات الإعلامية لحالات انفصال يختلف في إطارها المشاهير على مَن سيحتفظ بالكلب. وربما كانت هذه التّغطيات هي التي تزيد من معرفة عامة الناس بالأمر".  وتعقيباً على كلام زميلته، يقول مارك سيج إنّ فيلم "من سيحصل على رعاية الكلب؟" لأليشيا سيلفرستون قد اعتُبر بمثابة حجر أساس في هذا المجال.

وبالإضافة إلى ذلك، هناك طبعاً التّغيرات التي تطرأ على أنماط حياة الناس الشّخصية. على هذا الصعيد، ترى غرين أن " حياة النّاس باتت الآن أكثر مرونة مع توجّه عدد كبير منهم إلى العمل وفق جدولٍ زمنيّ متغيّر أو العمل من المنزل، ما يمنحهم وقتاً كافياً للعناية بحيواناتهم الأليفة".

والحقيقة أنّ الأسباب غاية في التّعقيد. وإذا ما تفهم المرء ميل البريطانيين الخاص لاقتناء الحيوانات الأليفة، سيكون من السّهل عليه أن يدرك كيف يمكن لحضانة الحيوانات أن تتحوّل إلى مرتعٍ خصب للمعارك.

أقرّ أكثر من نصف مالكي الحيوانات الأليفة، في دراسةٍ أُجريت عام 2018، أنّهم يُفضّلون تمضية وقتٍ أطول معها لأنّها "جيّدة المزاج ولا تتذمّر أو تردّ عليهم"، كما اعترف 40في المئة منهم أنّهم يُولون حيوانهم الأليف اهتماماً أكبر من شريكهم، وربما كان هؤلاء هم الذين يقفون في الطّابور اليوم لإجراء معاملات الطّلاق. لذا عندما تصل أيّ علاقة عاطفيّة إلى نهايتها، من السّهل أن نرى كيف تتحوّل رعاية الحيوانات الأليفة إلى ميدان عاطفي للمعارك؛ والقانون للأسف لا يجعل الأمر أكثر سهولة.

تُطبق خلال إجراءات الطّلاق قواعد قانونية لكيفية تقسيم الأشياء بين الزّوجين، إذ يُمكن للمقتنيات المادية مثلاً أن تُباع والروابط المالية أن تُصفّى وأغراض المنزل أن تُوزّع بالتّساوي. ولكن عندما يتصل الأمر بحيوانٍ يعيش ويتنفّس، فالتقاسم يصبح أصعب بكثير.

والقانون في إنجلترا وويلز واضح وغير عاطفي في هذه المسائل، إذ ينظر للحيوانات الأليفة على أنّها "أثاث"، بمعنى أنّها تُعامل معاملة الممتلكات الشّخصية كالكنبة والمجوهرات الثّمينة، لا كالأطفال، حتى ولو كان صاحب العلاقة يعتبرها "مدللته الصّغيرة". وتُوضّح غرايس براس، محامية قضايا الأسرة لدى "سلايتر أند غوردون" أن " الحيوانات الأليفة تعتبر، من النّاحية القانونية، من الأصول الزّوجية. وقد بات من الشائع جداً هذه الأيام أن يُذكِّر القضاة الأزواج بأنّه لن يتمّ التعامل مع الحيوانات بالطّريقة التي يُعامل بها الأطفال".

وغالباً ما تصل الأمور في المحكمة إلى حدّ السؤال البسيط عن الجهة التي دفعت ثمن الحيوان في المقام الأول. وثمة عدد لا يُستهان به من القضايا التي اتخذ فيها القضاة من فواتير الأطباء البيطريين أدلة اعتمدوها، أو طلبوا مثول مربّي الحيوانات كشهود في المحكمة. إذن وبغض النّظر عن المرات التي خرجتَ فيها مع حيوانك الأليف في نزهة تحت المطر أو ضحّيتَ بفضلات عشائك من أجله، يُمكن للقانون أن يكون قاسياً معك بشأنه.

وتلفت براس إلى أنّ العامل الآخر المؤثر، إلى جانب عامل المال، في قضايا الوصاية على الحيوانات الأليفة هو خيار المكوث في المنزل العائلي بعد الانفصال، إذ "يعتبر معظم القضاة أنّه من الضّروري إبقاء الحيوان في المكان الذي يعيش فيه، وهذا أمر لا بدّ أن تُفكّر فيه لو كنتَ الزّوج الذي سيتخلّى عن المنزل المشترك". وتجدر الإشارة إلى أنّ القاضي، حتى ولو حدّد الطّرف الذي سيتولّى رعاية الكلب بعد الطّلاق، فإنّه لا يتدخّل في ترتيبات الوصاية أو مواعيد الزّيارات أو المعونة المالية أو أي قرارات إضافية أخرى، على اعتبار أنّها مسؤولية المالكين وحدهم.

لكن برأي الدّكتورة سامانتا غاينز، الخبيرة في رعاية الحيوانات لدى "الجمعية الملكية لمنع القسوة على الحيوانات" (RSPCA)، إن العامل الأهم في تحديد الجهة التي تستحق الحصول على حضانة الحيوان الأليف هو معرفة أيّ من الزوجين قادر على منح هذا الأخير الاستقرار والاستمرارية. وتقول إن "الحيوانات حساسة جداً إزاء التغيرات التي يُمكن أن تطرأ على روتينها ونمط عيشها اليومي. وبالتالي، يُمكن للطلاق أن يترك أثراً كبيراً على رفاهيّتها. ولذلك، ننصح المعنيين بإدخال التغيرات على حياة حيواناتهم بطريقةٍ تدريجية وإيجابية. ومَن منهم يجد صعوبة في التأكد مما إذا كان حيوانه الأليف يُعاني جرّاء تغيّرٍ في ديناميّة عائلته، يمكنه طلب المساعدة من عالمٍ سريري في سلوك الحيوان".

وفي حال واصلت تغطية القضايا البارزة ارتفاعها، لا مناص من أن يبدأ مالكو الحيوانات الأليفة المتزوّجون حديثاً بالتأنّي في دراسة خياراتهم المتعلّقة باقتناء حيوان يتشارك به الزوجان.

وتلفت براس إلى أنه سيكون على الزّوجين اللذين يخطّطان بشراء كلب معاً، أن يناقشا الفكرة أولاً قبل أن تنفيذها، إذ "لا يستبعد أن يُحاول طرفٌ غاضب المطالبة بحصّته من ثمن الكلب الأصيل الذي اشترياه معاً وكلّف قرابة الـ1500 جنيه إسترليني، أو أن يقوم طرفٌ مستاء بأخذ كلب الشريك الخائن إلى ملجأ للحيوانات إنتقاماً منه".

وفي هذا السّياق، تقترح غرين على كلّ زوجين ينويان تربية حيوانٍ أليف أن يذهبا إلى أبعد من ذلك ويُوقّعا "وثيقة التزامات رسمية بخصوص الحيوان المزمع شراؤه قبل الزواج"، تلافياً لأي خلاف بشأنه في حال تدهورت العلاقة بينهما مستقبلاً ووصلت إلى مرحلة الطلاق.

وتضيف "قد لا تكون لديك الآن أيّ نيّة بالانفصال عن الشّريك، لا بل كلّك أمل بأن تستمر علاقتك به سعيدة وصحية، لكنّ الانفصال بات شائعاً بشكلٍ متزايد للأسف. والأفضل أن تجري مع شريكك اليوم هذه المحادثات الصعبة مهما بدت مصطنعة، وتتفق معه مسبقاً على من سيكون له الحق في الاحتفاظ بالحيوان في حال وصلت العلاقة بينكما إلى حائطٍ مسدود، حتى تتجنبا الكثير من وجع القلب".

(جرى تغيير الأسماء بطلب من معدّي دراسة الحالة)

© The Independent

المزيد من منوعات