Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مشاريع الابتكار التقني تسقط في الطريق ولا تتحقّق. لماذا؟ لنسمع إجابة آتية من... المريخ!

بعد طول الحديث عن الفجوتين الرقمية والمعرفية، تبرز الآن فجوة مماثلة في الابتكار. ويقصد من ذلك تحديداً فشل شركات في تحويل ما يزيد على نصف المبادرات الابتكاريّة إلى واقع علمي.

فكرة جديدة ستطوّر التكنولوجيا؟ ربما ضاعت في سوء الإدارة والتخبط في التنفيذ! (موقع "سي. دي. أن.ليندا.كوم")

الأرجح أنه من المهم الاستماع إلى ذلك الصوت الآتي من "وادي السيليكون" الأميركي، مُحذّراً من الاتّكال على الابتكار وحده في المشاريع الناجح! ربما يبدو الأمر غريباً لولا أنه جاء ضمن تقرير عن دراسة متعمّقة، إضافة لكونه صادراً عن شركة "أوراكل"  Oracle الشهيرة. ويجدر التذكير بأن تلك الشركة هي التي ابتكرت لغة "جافا"  Javaالتي تحرّك مجموعات لا حصر لها من الآلات المؤتمتة، بدايةً من آلات صنع القهوة وليس انتهاءً بالروبوتات التي تتحرك على سطح المريخ، إضافة إلى شهرتها الواسعة في صنع قواعد البيانات الرقميّة الضخمة ومجموعات ضخمة من الأدوات الإلكترونيّة وغيرها.
في تقرير صدر عنها أخيراً، لفتت الشركة إلى أن أسرع الشركات نمواً تستثمر أموالاً كثيرة في تحويل الابتكار إلى مشاريع عملية، ولكن ذلك المنحى الإيجابي (بل الحيوي لاستمرار الشركات) يشكو من فجوة مخيفة. إذ يسقط في الطريق الشائك الذي يربط بين ظهور فكرة ابتكار وبين تحقيقها واقعاً عمليّاً، ما يزيد على نصف مشاريع الابتكار! ومع اهتمام عربي واسع راهناً بمسألة الربط بين الابتكار والانتاج، يتّخذ تحذير "أوراكل" طابعاً فائق الأهميّة. بقول مختصر، ترى تلك الشركة الأميركيّة العملاقة أنّ هناك ترابطاً وثيقاً بين نمو الشركات من جهة، والقدرة على تطبيق الابتكار من جهة ثانية. في المقابل، تلفت "أوراكل" إلى أن أكبر المعوقات التي تواجه الشركات على هذا الصعيد، يتمثّل في ضعف تنفيذ العمليات ونقص التركيز فيها. كذلك بيّن التقرير المشار إليه آنفاً أن معوقات الابتكار تبرز بشكل ضخم في الشركات الكبرى، خصوصاً تلك التي تنمو بمعدلات عالية.
بعد طول تأنٍ: حل المسائل العمليّة أولاً

في ذلك السياق، يعرض التقرير الذي يحمل شعار "امتلاك برنامج ناجح للابتكار" نتائج استقصاء آراء ما يزيد على خمسة آلاف متخصّص وصانع قرار في الشركات الكبرى العاملة في برمجيّات الحواسيب وتقنيّات "حوسبة السحاب" Cloud Computing الأساسيّة في "إنترنت الأشياء" Internet of Things وغيرها. ويغطي نشاط تلك الشركات التي شملتها دراسة "أوراكل"، 24 سوقًا عالميّاً، كما تراوح إيرادات كل واحدة منها بين مليون جنيه استرليني وأكثر من 500 مليون، كذلك تتنوّع أحجامها بين شركات متوسطة يعمل فيها مئة موظف، وضخمة تُشغّل ما يزيد على 50 ألفاً.

وقد توصل التقرير إلى مجموعة من الخلاصات تشمل ما يلي:

 1- ثلث الشركات التي شملتها الدراسة واقع تحت ضغط كبير سببه الإفراط في إطلاق مشاريع الابتكار.
2- 85 في المئة من تلك الشركات التي تشهد نمواً قويّاً تستثمر في مجال الابتكار.
3- 21 في المئة من الشركات نفسها أعربت عن اقتناعها بأن ضعف الالتزام بالإنجاز فيها يمثل عائقاً رئيساً أمام قدرتها في الابتكار.
4- 22 في المئة من الشركات أوضحت أيضاً أن افتقار شركاتهم إلى الإجراءات العملية، يمثّل عائقاً مهماً أمام جهود تحويل الابتكار واقعاً عمليّاً على الأرض. وفي المقابل، أنحت 22 في المئة من الشركات المستطلعة، باللائمة على افتقارها إلى الرؤية الواضحة.
5- 22 في المئة من تلك الشركات أوردت أنّ افتقار شركاتهم إلى الاستثمار في التكنولوجيا يعوق تنفيذ برامجها في تحويل الابتكار مشاريع متحققة فعليّاً.

 

 


 

إفراط في المشاريع ونقص في القيادة

 

يظهر التقرير نفسه أنّ إفراط الشركات، التي شملتها الدراسة، في الالتزام بالابتكار يؤدّي إلى نتائج عكسيّة تؤدي بالنتيجة إلى منعها من تجسيد مبادرات الابتكار على أرض الواقع. إذ اعترف ثلث تلك الشركات بأنّها غارقة تحت ضغط الإفراط في المشاريع. وبرزت هذه المشكلة بوضوح في الشركات التي تتمتع بمعدلات نمو مرتفع، إذ أفاد 38 في المئة منها أنّ لديها فائضاً من المبادرات الابتكاريّة.
وأفاد 22 في المئة من الشركات نفسها بأن مراحل سير العمل المثالي لا تنفذ بصورة صحيحة فيها، على الرغم من طموحها إلى دمج العمليات التي تحفز على الابتكار فيها. في المقابل، أفاد 19 في المئة من  الشركات أنّ العائق الأساسي أمام تحقيق الابتكار إلى وقائع، يتمثّل في نقص التكنولوجيا الملائمة لأعمالها.
ويبيّن التقرير نفسه أيضاً أن افتقاد تحديد المسؤوليّة الواضحة لجهة معينة في الشركة عن الابتكار، يشكل عائقاً رئيسيّاً أمام نجاحها في تحقيق الابتكار. إذ توزّعت تلك المسؤوليّة عن قيادة مشاريع الابتكار بين المديرين التنفيذيين (48%) وإدارة تكنولوجيا المعلومات (46%)، كما تتولّى مستويات وظيفيّة اخرى النسبة المتبقيّة من تلك المشاريع.

في السياق عينه، يسلّط التقرير الضوء على عدد من المؤشرات الدالة على النجاح. إذ كشف عن أنّ الشركات بدأت تبتعد عن مؤشّرات الأداء التقليدية لقياس العائد على الاستثمار. تشمل تلك المؤشّرات التقليدية معدل إنتاجية الموظفين (53%) ومستوى الإيرادات (53%)، في حين يشكّل قياس جودة تجربة العملاء (57%) مؤشّراً جديداً نسبيّاً في ذلك المضمار. في المقابل، تتجاهل تلك المؤشّرات مستوى إسهام الموظّفين وتفاعلهم الإيجابي مع المستويات القياديّة. إذ رأى 44% من الشركات أن الخطط المتقنة هي الداعم الأساس للابتكار فيها، في حين اعتبر 41% منها أنّ ثقافة الشركة هي التي تؤدّي ذلك الدور.
ويعلّق نيل شولاي، نائب رئيس الابتكار في شركة "أوراكل"، على ذلك التقرير بالإشارة إلى أن الموظفين يمثلون دوماً عنصراً مهماً في برامج الابتكار، خصوصاً لأنهم يقدّمون أفكاراً جديدة تعالج المشكلات الحقيقيّة المتصلة برفع مستوى الإبداع. في المقابل، يعتمد نجاح جهود نقل الابتكار إلى أرض الواقع أن تتمتّع الشركة بثقافة ابتكار فعّالة وداعمة.

المزيد من علوم