Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ليبيا... تصعيد تركي يسمم الأجواء

أعلنت أنقرة وحكومة الوفاق عن وصول أولى دفعات الدعم للضغط على الجيش الوطني

تسيطر حالة من الترقب على الشارع الليبي عشية انطلاق مؤتمر برلين الذي يطرح مبادرة سياسية لحل الأزمة الليبية. ويتابع الليبيون باهتمام ترتيبات حوار العاصمة الألمانية لقناعتهم بأنه فرصة أخيرة لإحلال السلام في ليبيا بعد قرابة العقد من الصراع المسلح، بينما سبقت المؤتمر تحركات ومباحثات بين الدول ذات العلاقة  بالأزمة الليبية لتعزيز حظوظ نجاح المؤتمر الذي يشهد مشاركة دولية واسعة يتقدمها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.

وفي الوقت الذي تسارعت فيه المساعي الدبلوماسية بين الدول المعنية بتطورات الأزمة الليبية ما بين لقاءات وتبادل لوجهات النظر وتنسيق للجهود لدفع طرفي النزاع إلى القبول بالحل السياسي وترك السلاح وإخماد نيران المواجهة المسلحة في العاصمة طرابلس وما جاورها، بدأت بوضوح بعض الأطراف داخل ليبيا وخارجها باستخدام أوراق الضغط التي تقع تحت أيديها لتعزيز موقفها قبل الدخول من بوابة برلين وخروجها منها محملة بالمكاسب.

ففي حين لجأت تركيا وقوات الوفاق إلى التصريح علانية عن وصول أولى دفعات الدعم التركي العسكري للضغط على الجيش والبرلمان للقبول بحل سلمي والتوقيع على اتفاق شامل للسلام، ردت قبائل ما يعرف بحوض النفط والغاز في منطقة الواحات شرق ليبيا، التي تنتج أغلبية صادرات النفط الليبي، بإغلاق الحقول ووقف عمليات الإنتاج احتجاجاً على استخدام حكومة الوفاق العائدات النفطية في استجلاب المرتزقة السوريين وتغطية النفقات العسكرية للتدخل التركي حسب وصفها.

وفي خطوة قرأها مراقبون في اتجاهين، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قبل بدء مؤتمر برلين أن بلاده قررت إرسال قوات عسكرية ومعدات إلى حليفتها حكومة الوفاق بقيادة فايز السراج في طرابلس، قبل أن تظهر مقاطع مصورة تداولتها مواقع إخبارية ليبية بعض الدعم اللوجستي الذي أرسلته تركيا إلى ليبيا. وأرجع مراقبون خطوة أردوغان لسببين: أولهما تهديد الجيش الليبي بجهوزيته للرد في حال أصر على الخيار العسكري، وثانيهما رفض بعض بنود مسودة اتفاق برلين التي تشير صراحة إليها وتستنكر تدخلها العسكري في ليبيا.

وأظهر الفيديو الجديد، الذي نشر الجمعة 17 يناير (كانون الثاني)، خبراء عسكريون أتراك يقومون بتركيب نظم تشويش إلكتروني وهوائيات لطيران مسيّر داخل قاعدة معيتيقة العسكرية، إضافة إلى منظومة صواريخ مضادة للطائرات أمام البرج ومنظومة رادار.

شاهد من أهله

اعترف القيادي في "عملية بركان الغضب" التابعة لحكومة الوفاق مصطفى خليل بوصول الدعم التركي، عبر بيان نشره على مواقع التواصل عقب انتشار الفيديو، جاء فيه "وصول سلاح نوعي وثقيل ومتطور من تركيا إلى طرابلس، والحكومة التركية وضعت شروطاً من ضمنها أن هذه الآليات لن تسلم إلى الحكومة الليبية أو مقاتليها إنما سيستخدمها الجيش التركي على الأراضي الليبية، وعند انتهاء المهمة ستعود إلى الأراضي التركية مع تعهدها بتدريب كوادرنا هنا".

أضاف خليل "هبطت طائرات حربية في المكان المعلوم وتم تجهيز غرفة عمليات عسكرية مشتركة كبرى للمحاور كلها".

واتهم الناطق الرسمي باسم الجيش الليبي، أحمد المسماري، في مؤتمر صحافي، الجمعة، تركيا باستغلال فرصة الهدنة لنقل معدات ومقاتلين إلى طرابلس، قائلاً "فيما يحاور الأتراك بوزيري خارجيتهم ودفاعهم في موسكو كانت هناك شحنات من الأسلحة والذخائر والمعدات العسكرية تُنقل إلى ليبيا بحراً وجواً".

وأكد المتحدث الرسمي "رصد الجيش تركيب الأتراك منظومة صواريخ هوك الأميركية للدفاع الجوي في مطار معيتيقة، وإنزال مجموعة مدرعات وآليات مسلحة ومرتزقة وعسكريين أتراك، وإنشاء قاعدة لاستقبال القوات في طرابلس".

وشدد المسماري على أن "القيادة العامة لم تصدر أمراً صريحاً للقوات المسلحة حتى هذه الساعة بالرد على أي هدف أو خرق تركي أو غير تركي".

تشاؤم

واعتبر الصحافي المتخصص بالشؤون التركية يوسف الشريف في تغريدة له على تويتر أن "تصريحات المسماري تتحدث عن  تطور خطير قد يغير معادلة القوة العسكرية على الأرض... فمنذ توقيع مذكرة التعاون الأمني والعسكري بين السراج وتركيا قبل نحو شهرين والهدف كان واضحاً وهو تحييد السيطرة الجوية التي كانت لمصلحة حفتر".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

واعتبر سفير ليبيا الأسبق لدى الأمم المتحدة، إبراهيم عمر الدباشي، في تعليقات على مواقع التواصل، أن مؤتمر برلين تحول من مؤتمر لوضع حل للأزمة الليبية إلى مؤتمر لإدارة الصراع بين المتحاربين".

وعلق الصحافي الليبي معتز بلعيد لـ"اندبندنت عربية" على هذه التطورات، قائلاً "على الرغم من المشاركة الدولية الواسعة والدعم الدولي الكبير لمؤتمر برلين، فإن التصعيد الذي شهدناه قبل يومين من انطلاقه لا يبشر بالخير، وسيلقي بظلاله على جلسات النقاش وترتيب التفاهمات في برلين. اليومان الماضيان أعطيا دلالة أن الحرب تدق طبولها بأيدي أطراف الصراع أكثر مما تؤشر لاستعداد هذه الأيدي لتوقيع وثيقة لإحلال السلام في ليبيا".

سلامة يدعو إلى وقف التدخلات

من جهته، قال المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة إن ليبيا "تحتاج إلى وقف كل التدخلات الخارجية" في شؤونها، مؤكداً في حديث إلى وكالة الصحافة الفرنسية أن "كل تدخّل خارجي يمكن أن يكون له تأثير مهدئ على المدى القصير"، في إشارة خصوصاً إلى وقف إطلاق النار.

وأضاف "لكن ليبيا تحتاج إلى وقف كل التدخلات الخارجية. إنه أحد أهداف مؤتمر" برلين، مؤكداً أن "ما لدينا اليوم هو مجرّد هدنة، نريد تحويلها إلى وقف فعلي لإطلاق النار، مع رقابة وفصل (بين طرفي النزاع) وإعادة انتشار الأسلحة الثقيلة (خارج المناطق المدنية)". وشدد على أنه "يجب أن تصمد هذه الهدنة".

وفي مقابلة مع إذاعة مونت كارلو الفرنسية، أكد سلامة "وجود مقاتلين من المعارضة السورية في ليبيا، إضافة إلى وجود خبراء عسكريين أتراك"، مشيراً  "إلى عدم امتلاك البعثة الأممية أي مؤشر على نشر تركيا قوات لها في ليبيا".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي