Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الرئيس الجزائري ينفتح على المعارضة لتعويض النقص في شرعيته الشعبية

إنهاء القطيعة بين الرئاسة ومعارضين يكشف نوايا صادقة باتجاه إحداث تغيير في المنظومة السياسية

تظاهرة للحراك الشعبي الجزائري في العاصمة اليوم الجمعة 17 يناير (كانون الثاني) الحالي (أ. ب.)

انفرد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بحركة جديدة ستُسجَل باسمه، عبر فتحه أبواب قصر الرئاسة أمام شخصيات سياسية ورؤساء أحزاب معارِضة، وعلى الرغم من الاختلافات بشأن المدعوين ومضمون المناقشات إلا أن الإجماع تحقق حول سعي الرئيس إلى توفير جو سياسي هادئ في البلاد.

تشخيص "الداء" السياسي

ويبدو أن تبون تمكن من تشخيص "الداء" السياسي الذي من شأنه عرقلة عمله وتحقيق برنامجه ووعوده، بعدما سارع إلى الجلوس مع "المعارضة" التي كانت إلى وقت قريب، ترفضه وتطعن بشرعيته كرئيس لكل الجزائريين، ما يضعه في وضع مريح سياسياً يمنحه مجالاً واسعاً للتحرك والمناورة، إذ عوّض ما كان ينقصه من شرعية شعبية بشرعية سياسية متجاوزاً بذلك "الشرعية الثورية" التي سيطرت على الحكم في الجزائر منذ استقلالها في 5 يوليو (تموز) 1962.
لقد عرف تبون من أين تؤكل الكتف، فبعدما كان دخول قصر الرئاسة أمراً غير متاح للسياسيين الجزائريين، بخاصة المعارضين منهم، استقبل الرئيس الجزائري في ظرف أسبوعين شخصيات كالت للنظام والسلطة انتقادات لاذعة لم يسلم منها هو أيضاً، في مقدمهم رئيسَي الحكومة السابقين أحمد بن بيتور ومولود حمروش، والوزير السابق عبد العزيز رحابي، ورئيس "لجنة الحوار" السابق كريم يونس، ورئيس حزب "جيل جديد" جيلالي سفيان، ورئيس "جمعية العلماء المسلمين" عبد الرزاق قسوم، والرمز التاريخي يوسف الخطيب، بينما زار وزير الخارجية السابق أحمد طالب الإبراهيمي في منزله، بسبب وضعه الصحي، ويُنتظر أن يجري مزيداً من اللقاءات مع شخصيات أخرى.
 

امتصاص غضب ليس إلا؟

وتعليقاً على هذه الاجتماعات، رأى البرلماني السابق عدة فلاحي في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، أن "الرئيس يريد امتصاص الغضب، لذلك يقوم بهذه المشاورات وفي الوقت ذاته يقدم على تعيين وجوه كانت تعارض السلطة وإجراء الانتخابات وحتى من الذين كانوا يعارضونه شخصياً"، متسائلاً "هل يخرج تبون بنتائج توافقية كما هو مطلوب أم أنه غير متحكم بالمشهد؟". واعتبر فلاحي أنه "كان من الأفضل أن يذهب إلى تعديل قانون الانتخابات ثم تنظيم انتخابات برلمانية مبكرة، والشروع بعد ذلك بتعديل الدستور، ولكن إلى حد الآن يمكن القول إن المشهد لا يزال غامضاً وضبابياً".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


مطالب مشتركة


وتفيد بيانات رئاسة الجمهورية بأن المشاورات بين تبون والشخصيات المدعوة تتمحور حول الحوار مع الحراك الشعبي، ولجنة تعديل الدستور وعمل الخبراء الـ16 الأعضاء فيها، إضافة إلى الإصلاحات السياسية والاقتصادية الشاملة التي تعهد بها الرئيس خلال حملة الانتخابات الرئاسية التي أجريت في 12 ديسمبر (كانون الأول) الماضي. كما تشير بيانات الرئاسة إلى أنه أجريت خلال تلك المشاورات "مناقشة الوضع العام في البلاد وسبل إرساء أسس الجمهورية الجديدة"، مبرزةً أن الرئيس أطلع الشخصيات التي استقبلها على بعض جوانب التغيير الشامل الذي شرع بتطبيقه، انطلق بالمراجعة الواسعة للدستور والخطوات السياسية الضرورية لبناء الثقة التي تعزز الحوار بهدف بناء جبهة داخلية متماسكة.
وتتقاطع مطالب الحراك والطبقة السياسية المعارِضة في بعض النقاط، مثل التمسك بإطلاق سراح كل المعتقلين وإلغاء كل القوانين المقيِّدة للحريات كإجراءات ضرورية لتهدئة الشارع وتوفير مناخ هادئ. وعلى الرغم من أن مساعي الرئيس لم تلقَ التجاوب الإيجابي من طرف الشارع الذي يواصل احتجاجاته وتظاهراته الأسبوعية منذ 11 شهراً تقريباً، إلا أن إنهاء الرئاسة القطيعة مع المعارضة يكشف عن نوايا صادقة باتجاه تغيير واسع على المنظومة السياسية بما فيها النظام والطبقة السياسية.


استمالة الحراك

في السياق ذاته، رأى الإعلامي أيوب أمزيان أن "تبون وفي أول تصريح له بعد انتخابه رئيساً، مد يده إلى الحراك الشعبي من أجل حوار جاد، كما تعهد بإجراء مشاورات لإعداد دستور جديد من أجل جمهورية جديدة كما سماها. اليوم وبعد مرور شهر على تنصيبه، ها هو يفي بتعهداته عبر استقبال شخصيات معارضة عدة والاستماع إلى طروحاتها وتصوراتها حول النقاط المطروحة"، موضحاً أن "هذه الاستقبالات تُعتبر رسالة من الرئيس للحراك الذي لا يزال متواصلاً، يحاول من خلالها كسب ثقته".

المزيد من العالم العربي