Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

نجاح جونسون خارجيا مشروط بوقوفه في وجه ترمب

لن ينجح جونسون في سياسته الخارجية مالم يكبح ترمب

رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فاندر ليين وكبير المفاوضين في بريكست ميسال بارنييه ( رويترز) 

شهدنا هذا الأسبوع المأساة المروعة المتمثلة في إسقاط طائرة على متنها 176 راكبا، مدنياً لقوا حتفهم فيما يبدو أنه كان حادثاً غير متعمد، لكنه كان بلا شك خطأ ارتكبه نظام إيراني فاقدٍ للكفاءة.

ونظراً لأن هذا الحادث جاء مباشرة بعد الأزمة المترتبة عن قرار دونالد ترمب باغتيال جنرال إيراني بارز، فإن التوترات في المنطقة لا تزال مرتفعة بشكل يدعو إلى القلق.

لذلك، كان من المناسب أن يناقش النواب في 13 يناير (كانون الثاني) الحالي دور بريطانيا في العالم، من إيران إلى أميركا في عهد ترمب وغيرها، وسياسة بريطانيا الخارجية في المستقبل بعد أن نغادر، على نحو مؤسف،  الاتحاد الأوروبي.

نعلم جميعاً أن هناك مشكلة واضحة فيما يتعلق بسياسة بوريس جونسون الخارجية، وهي تتمثل في وجود "فيل جمهوري".

وإذ يتطلع ترمب إلى الانتخابات الرئاسية الأميركية في وقت لاحق من هذا العام، فهو يفعل ما فعله الكثير من الرؤساء الأميركيين من قبله: يحاول إبراز القوة الأميركية في الخارج، حتى لو أدى ذلك إلى مفاقمة التوترات، من أجل إقناع الناخبين الأميركيين بأنه "رجل قوي".

منذ صدور كتاب المؤرخ آرثر ماير شليزنجر جونيور الشهير بعنوان "الرئاسة الإمبراطورية،"  تناقل العديد من الأميركيين مخاوف الناس عبر العالم من أن البيت الأبيض، الذي لا يقيده رادع، لا يكون دائماً قوة تعمل من أجل الخير.

ورغم أن سلوك ترمب ليس فريداً بل هو مثال آخر لنمط معروف من السلوك الرئاسي، إلا أن أياً من الرؤساء الأميركيين الذين سبقوه لم يُبدِ هذا النوع من التهور وعدم الرغبة في التشاور والإصغاء، سواء  للأصوات في واشنطن أو  في العواصم الصديقة عبر العالم مثل لندن. وبالتالي فإن التحدي الأكبر في السياسة الخارجية لعام 2020 يتمثل في  ضمان أن يمارس الرئيس ترمب نفوذه الإمبريالي مثل الإمبراطور الروماني قسطنطين، وليس كالإمبراطور نيرون.

يجب على جونسون أن يقف على حدة. نحتاج أن يجمع رئيس وزرائنا البريطاني بين قوة الشخصية والرغبة في لعب الصديق الحقيقي لترمب، وأن يؤدي دور المقاوم الصديق لرئيس إمبراطوري يواجه خطر العزل وأيضاً الناخبين، في العام نفسه.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن هل لدى رئيس الوزراء ما يتطلبه القيام بذلك؟ الأدلة ليست مشجعة. إن صيته كوزير للخارجية عديم الكفاءة ومجرد من الشجاعة الدبلوماسية قد ذاع على نطاق أوسع بكثير مما وصله سوء إدارته الصادم لقضية  نازانين زاجاري - راتكليف التي تحتجزها السلطات الإيرانية منذ عام 2016 بتهمة التجسس.

علاوة على ذلك، فإن الدافع الأساسي لجونسون في الوقت الحالي هو الرغبة في تأمين صفقة تجارية مع الولايات المتحدة يمكنه من خلالها تبرير تجربته  للخروج من الاتحاد الأوروبي، بغضّ النظر عن الضرر الذي ستلحقه بأسرة الأمم الأوروبية. وفي هذا الصدد، لا يبدو أن قدرات جونسون الشخصية ومصالحه السياسية تتماشى مع المصلحة الوطنية البريطانية. بالتالي من غير المرجح أن يكون صلباً بما فيه الكفاية تجاه ترمب.

يعرف البيت الأبيض أن جونسون بحاجة ماسة للتوصل إلى اتفاق. وفي بيانه بعد الهجوم الإيراني على القواعد العسكرية الأميركية في العراق، قال ترمب بوضوح إنه يجب على المملكة المتحدة أن تتخلى عن المعاهدة النووية مع إيران، وهي معاهدة لم توقعها بريطانيا وحلفاؤنا الأوروبيين المقربون والصين وروسيا فقط، بل أيضاً وقعّها الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما. لم يكن بيان ترمب سوى تهديد مبطّن مفاده أن  المملكة المتحدة إذا حافظت على سياستها الخارجية المنفصلة عن الولايات المتحدة، يمكنها أن تتوقع العقاب من خلال صفقة تجارية أقل جودة.

إن تهديدات جونسون الخاصة بفصل بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي، بصرف النظر عن إبرام صفقة حول مستقبل العلاقة التجارية مع الاتحاد، تجعلنا أكثر عرضة لنزوات رئيس يتخذ قراراته بناءً على مشاعره وغروره، بدلاً من  التعقل والهدوء.

في مواجهة ترمب الفتى المتنمر، يجب عدم إعطاء تجربة المحافظين مع البريكست أولوية على التعاون المفتوح والصادق مع حلفائنا الأوروبيين. ينبغي أن تكون بريطانيا من خلال العمل معهم حصنًا منيعاً ضد مجازفة هذا الرئيس ونزوعه نحو الحرب. علينا أن نكون جزءاً من "مجلس شيوخ" عالمي لمقاومة هذا الرئيس الإمبراطوري.

يجدر بنا أن نعزّز التعاون مع ترمب حيث نجد أرضية مشتركة بيننا وبينه. ومهما اختلفنا حول نهجه غير المتسق والمتقلب في السياسة الخارجية، وخاصة مقاربته لتغير المناخ، تظل العلاقات البريطانية الأميركية من ناحية، والأوروبية الأميركية من ناحية ثانية،  بالغة الأهمية.

لكن يجب علينا بنفس القدر الوقوف بحزم والدعوة لتبني سياسات مختلفة عندما تفاقم تصرفات ترمب التوتر في العالم بشكل غير ضروري. يمكننا، على سبيل المثال، أن نوضّح بأن السعي البنّاء  للتعامل مع  بعض الأنظمة الوحشية مثل إيران، قد يساعد على إحراز تقدم.  كذلك بوسعنا أن نثبت إذا فرضنا كلنا معاً عقوبات فعاّلة  ضد الدول المارقة، أن نحفز قادتها على التصرف بشكل أكثر مسؤولية.

لقد وقف حزب الديموقراطيون الأحرار، الذي أنتمي إليه، ضد حرب العراق وسيعارض تصعيد النزاع مع إيران. إننا نعلم من تجربتنا في العراق أن الطرف الوحيد الذي سيستفيد من حرب ضد إيران هم تجار السلاح. أما بالنسبة للذين يتضررون من الحرب، فهي تعني إزهاق الأرواح والمعاناة البشرية على نطاق رهيب ونزوح الآلاف، إن لم يكن الملايين، من الناس من ديارهم إلى حياة محفوفة بالمخاطر.

لهذا السبب سيتحدى الديمقراطيون الأحرار هذه الحكومة المحافظة  من أجل توطيد النظام الدولي المبني على القواعد.  إن الدبلوماسية ضرورية إذا كنا نرغب بالعثور على حلول سلمية في أوقات التوتر. في هذا الصدد، لا تزال منظمات مثل الأمم المتحدة، رغم كل عيوبها ، تمثل أفضل سبيل لتحقيق السلام والأمن في جميع أنحاء العالم، من خلال تشجيع الحوار واتاحة فرص العمل الجماعي أمام الدول لتحقيق أهداف معينة. يجب أن تكون بريطانيا قدوة في صون القانون الدولي.

( اد ديفي هو زعيم حزب الديموقراطيين الأحرار بالنيابة )

© The Independent

المزيد من آراء