Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ليبيا… مفاوضات الهدنة في روسيا إلى طريق مسدودة

رفض المشير خليفة حفتر ورئيس البرلمان عقيلة صالح التوقيع على الاتفاق

قالت مصادر خاصة لـ "اندبندنت عربية" إن مفاوضات وقف إطلاق النار التي رعتها روسيا، بمشاركة تركية، في طريقها للوصول إلى طريق مسدودة، بعد رفض قائد الجيش الوطني المشير خليفة حفتر ورئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح التوقيع عليها، وطلبهما مهلة لدراسة محتويات مسودة الاتفاق وإعلان موقفهما النهائي. وأشارت المصادر إلى عودة حفتر إلى ليبيا بعد رفضه التوقيع.

في المقابل، أعلنت وزارة الدفاع الروسية، الثلاثاء، أن وقف إطلاق النار في ليبيا يبقى سارياً إلى أجل غير محدد، على الرغم من رفض حفتر توقيع الاتفاق.

رفض أم خطوة تكتيكية؟

وفي أول تصريح رسمي يشير إلى فشل مفاوضات موسكو، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو "رفض حفتر التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار يظهر من يريد الحرب ومن يريد السلام".

وذكرت مصادر مقربة من الجيش الوطني الليبي والبرلمان لـ "اندبندنت عربية" إنهما رفضا التوقيع على مسودة الاتفاق بسبب بعض البنود المتعلقة بانسحاب الجيش من مواقعه الحالية في طرابلس، وعدم الإعلان بشكل واضح عن حل الميليشيات وتسليم أسلحتها، بالإضافة إلى "رفضهما الدور الذي تلعبه تركيا في المفاوضات".

ونقل الصحافي محمود المصراتي عن مصادر في القيادة العامة للجيش أنه "لن يكون هناك توقيع على اتفاق موسكو بسبب نية تركيا استغلاله بفرض نفسها طرفاً في ليبيا، ما سيشرعن مذكرتي التفاهم الموقعة مع فايز السراج، وفرض مجلس النواب الموازي في طرابلس كجسم ينازع البرلمان الشرعي، وتفتيت الصف المجتمعي الداعم للقوات المسلحة".

واعتبر الصحافي الليبي محمود شمام أن تأخير التوقيع على المسودة من قائدي الجيش والبرلمان ربما يكون تكتيكاً للضغط للحصول على مزيد من المكاسب. وقال "الأتراك أقنعوا حكومة الوفاق بالتوقيع، والروس ينتظرون توقيع المشير صباحاً. لا تزال طريق السلام طويلة وطبول الحرب لا تزال تقرع، لكن الوسطاء لم يعلنوا انسداد الطريق، وربما تكون خطوة المشير بالتأخير ذات طابع تكتيكي".

لا انسحاب من طرابلس

في سياق ذي صلة، وفي تناغم مع موقف الجيش والبرلمان أكد وزير الخارجية بالحكومة الليبية التابعة للبرلمان عبد الهادي الحويج أن "الجيش الليبي، بقيادة حفتر، يدعم المبادرة الروسية لوقف إطلاق النار"، لافتاً إلى أن "الجيش لم ولن ينسحب من تخوم العاصمة حتى إذا تم التوقيع على وقف إطلاق النار في موسكو".

وقال الحويج، في تصريحات صحافية، "نرفض أن تكون تركيا جزءاً من مبادرة وقف إطلاق النار في ليبيا لأنها طرف في الصراع، وتدعم الميليشيات الإرهابية، وترغب في نهب ثروات البلاد". وأضاف "المشاركة التركية يُسأل عنها الجانب الروسي، وليس ليبيا، ولم نرحب بوجود الجانب التركي ولا ندعوه إلى حضور توقيع الاتفاقية".

المشري يشعل النار

واتهمت أطراف ليبية عدة رئيس مجلس الدولة في طرابلس خالد المشري بإشعال النار والتسبب بانسداد المفاوضات بسبب التصريحات التي أطلقها بشكل متواصل منذ وصوله إلى موسكو، التي قال فيها "إذا لم يوقع حفتر صباح الثلاثاء على اتفاق وقف إطلاق النار سيكون طرفاً رافضاً ومعرقلاً". وأضاف "في حال رفض حفتر التوقيع على مذكرة موسكو سنقارعه في ميدان القتال وسنبدأ بالهجوم على الأماكن التي يسيطر عليها".

وأضاف القيادي البارز في حزب البناء والتنمية الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين أن "وفد الوفاق ناقش خلال لقائه الوفد التركي في موسكو، آليات وقف إطلاق النار، وضرورة أن تفرض ميليشيات الوفاق كامل سيطرتها على التراب الليبي، كما قدم المجلس الرئاسي أسماء ثلاثة ضباط للجنة العسكرية 5+5، في حين لم يقدم حفتر حتى الآن أي اسم".

وأشار المشري إلى أن "حفتر لا يصلح أن يكون شريكاً، وهو يريد أن يحكم وحده بطريقة ديكتاتورية، فهو كان يريد مهلة مفتوحة قد تصل إلى أربعة أيام قبل التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار".

ماذا جرى في اليوم الأول؟

جرت مفاوضات اليوم الأول في قاعتين منفصلتين. وقبل بدء المشاورات، استقبل وزيرا الدفاع والخارجية الروسيان سيرغي شويغو وسيرغي لافروف حفتر وصالح، فيما اجتمع الجانب التركي بالسراج والمشري.

وبحسب مصادر رفيعة، شهد الاجتماعان عرض ومناقشة مسودة وثيقة تتضمن تفاصيل وشروط وقف إطلاق النار، وكل المسائل المتعلقة بها من قبل الجانبين بشكل مفصل.  وبرزت تباينات واسعة حول بنود وثيقة تثبيت الهدنة وآليات مراقبتها. إذ طالب السراج بانسحاب قوات الجيش الليبي إلى ما قبل 4 أبريل (نيسان) 2019، وأصر على التمسك بمنصب القائد الأعلى للقوات المسلحة.

وذكرت المصادر أن حفتر، من جانبه، أصر على دخول الجيش الليبي إلى العاصمة طرابلس، وطالب بانسحاب جميع المرتزقة الذين تم جلبهم من سوريا وتركيا، مع إشراف دولي على وقف إطلاق النار، ووافق في الوقت نفسه على دخول مساعدات إنسانية للطرفين. كما دعا إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية تنال ثقة البرلمان الليبي في طبرق.

خمس ساعات من المباحثات

وأوضح مستشار رئيس مجلس النواب حميد الصافي، في حديث تلفزيوني، ما دار في كواليس اليوم الأول للمفاوضات، قائلاً إنها استمرت "حوالى خمس ساعات".

وقال الصافي إن "الضغط كان واضحاً من الجانب الروسي بشأن التنازل عن بعض النقاط في المفاوضات، ولكن الوفد الممثل للجيش والبرلمان غادر من دون التوصل إلى أي تفاهمات".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضاف أن "صالح أكد خلال الاجتماع أن القوات المسلحة برئاسة حفتر هي قوات نظامية تعمل على استكمال حربها ضد الإرهاب وتحرير طرابلس من الميليشيات، التي تبتز القرار السياسي"، نافياً "ما يشاع عن وجود حرب أهلية".

وأشار رئيس مجلس النواب إلى أن "المنطقة الشرقية والجنوبية تنعم باستقرار أمني واضح، والدولة تسير بطريقة مميزة وآمنة. أما طرابلس فتشهد عدم استقرار أمني وعمليات خطف كثيرة".

وبحسب الصافي، فإن صالح قال للوفد الروسي إن "مسألة انسحاب القوات المسلحة أمر غير مقبول. كما أن أي وجود مستقبلي للميليشيات أمر مرفوض وغير قابل للنقاش".

ونوه رئيس مجلس النواب "إلى أن مخرجات برلين المقبل لا يمكن تطبيقها على الأرض في ظل وجود الميليشيات المسلحة".

الوفاق توقع على الاتفاق

قال المشري إن "وفد حكومة الوفاق وقع على اتفاق وقف إطلاق النار في المشاورات" من دون تقديم أي تنازلات.

وقال المشري، في تصريحات تلفزيونية مساء الاثنين، "وقعنا حتى نثبت للعالم أن إرادتنا نستمدها من شعبنا وليس من عواصم عربية رافضة وقف إطلاق النار".

خطوة نحو برلين

رحبت الأمم المتحدة بالحوار الليبي- الليبي في موسكو، معتبرة إياه خطوة إيجابية نحو إحلال السلام الدائم في البلاد. وقال مسؤول المكتب الإعلامي في بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، جان علم، إن "البعثة تعتبر اجتماع موسكو خطوة إيجابية نحو مؤتمر برلين الدولي بشأن ليبيا في 19 يناير (كانون الثاني) الحالي".

ولفت علم إلى أن "مؤتمر برلين بإمكانه أن يؤدي إلى وقف دائم لإطلاق النار، لكن من المهم إيجاد آلية مراقبة محايدة، لضمان استمراره".

وفي سياق متصل، قال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوغريك، إن "المنظمة الدولية لم تشارك في محادثات موسكو بشأن الأزمة الليبية، لكنها تابعتها عن كثب".

وحول توقيع وفد الوفاق على المذكرة الروسية- التركية ورفض وفد الجيش والبرلمان القيام بخطوة مماثلة حتى الآن، قال الصحافي أحمد الفيتوري لـ "اندبندنت عربية" إن حكومة الوفاق جاءت إلى مفاوضات موسكو من موقف مأزوم ووضعية حرجة، ولو طرحت عليها عشر مذكرات بصيغ مختلفة لقبلت بأي منها، خصوصاً أنها تفرض وقفاً لإطلاق النار ينقذ قواتها المتراجعة ميدانياً، بينما الجيش، وكما أشارت مصادر عدة، جاء مزهواً بموقف ميداني قوي.

ويضيف الفيتوري أن الجيش "لن يقبل بأن يقدم تنازلات عن ثوابته في المفاوضات وهو القادر على النصر في الميدان وبسط السيطرة على العاصمة ومصراتة ولو بعد حين. كما أنه يسيطر على 80 في المئة من مساحة البلاد و95 في المئة من ثرواتها النفطية وله قاعدة شعبية تحاسبه، بينما حكومة الوفاق لا تمارس عليها ضغوط من مؤازريها، لأنهم قلة، خصوصاً بعد توقيعها الاتفاق المثير للجدل مع تركيا. أميل للرأي القائل إن الجيش سيرفض التوقيع، وأرى أن عليه أن يرفض بسبب المعطيات السابقة".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي