Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تونس... سقوط "حكومة النهضة" يفتح الطريق أمام "حكومة الرئيس"

جبهة برلمانية جديدة في طور التشكّل تنافس كتلة الحركة الإسلامية

لأول مرة في تاريخ تونس يُسقط البرلمان حكومةً مقترحة بعدما فشلت خلال الجلسة العامة التي عُقدت يوم الجمعة 10 يناير (كانون الثاني) الحالي، في الحصول على 109 أصوات على الأقل، ولم تنل سوى ثقة 72 صوتاً، في مقابل 134 نائباً حجبوا الثقة، بينما احتفظ 3 نواب بأصواتهم.

وكانت حركة النهضة الإسلامية، بصفتها صاحبة الكتلة الأكبر في البرلمان الذي نتج عن الانتخابات التشريعية التي جرت في 6 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، رشحت الحبيب الجملي الذي لا ينتمي إلى أي حزب سياسي، لتشكيل الحكومة، وذلك بعد اشتراط معظم الأحزاب الممثلة في البرلمان تعيين شخصية من خارج "النهضة" لتشارك في مشاورات تشكيل ائتلاف حكومي.

شبهات فساد

وبعد خيبة رفض اغلبية البرلمان التونسي له علّق الجملي أن سقوط حكومته "نجاح لتونس الديمقراطية".

وصرح الجملي عقب الجلسة أنه "على يقين أن المرحلة الحالية تحتاج حكومة مستقلة عن الأحزاب"، مضيفاً أن "النهضة لم تخذلني وصوّتت للحكومة ولم أندم أبداً، وضميري مرتاح لأنني اجتهدت بما رأيته صالحاً لتونس".

وكانت "النهضة" فشلت بعد مشاورات ماراتونية أجرتها مع الأحزاب الممثلة في البرلمان، في اقناعها بالمشاركة في حكومة الجملي فاضطر الأخير إلى تقديم تشكيلة حكومية من التكنوقراط.

وعللت الأحزاب الرافضة لتشكيلة الجملي بعدم استقلالية الحكومة وعدم كفاءتها، اضافة إلى شبهات الفساد التي طاولت بعض أعضاءها. ووجّهت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد قبل يوم من جلسة الثقة، مراسلة رسميّة إلى رئيس الحكومة المكلّف، تتضمّن قائمة بأسماء وزراء وكتّاب الدولة مدرجين ضمن تركيبة الحكومة المقترحة، تحوم حولهم شبهات فساد وملفات مودعة لدى الهيئة ما زالت في طور التحقيق، إلا أن الجملي لم يتفاعل مع تلك المراسَلة ولم يطلب ملفات هؤلاء ليتثبت منها، وذلك بحسب ما أكده المكلف بالإعلام في الهيئة وائل الونيفي في تصريح لوكالة تونس أفريقيا للأنباء.

يُشار ايضاً إلى أن المرشح لوزارة المالية عبد الرحمان الخشتالي خضع للتحقيق قبل يومين من جلسة الثقة أمام القطب القضائي الاقتصادي والمالي، من دون صدور أمر باعتقاله.

 

"حكومة الرئيس"

وبسقوط تشكيلة الجملي، سيتم تفعيل الفقرة الثانية من الفصل 89 من الدستور التونسي، الذي يمنح لرئيس الجمهورية قيس سعيد مهلة 10 أيام لاختيار الشخصية الأقدر وتكليفها بتشكيل حكومة.

وقالت أستاذة القانون الدستوري فاتن مباركي إنه "أمام الشخصية الجديدة التي ستُكلَّف دستورية مهلة شهر لتشكيل الحكومة، بينما يفتح عدم منحها الثقة، باب امكانية حل البرلمان وتنظيم انتخابات مبكرة، وذلك في حال مرت 4 أشهر من دون حصول الحكومة على الثقة".

وأوضحت المباركي "بحسب الفصل 89 من الدستور التونسي إنه "بعد أسبوع من الإعلان عن النتائج النهائية للانتخابات، يكلف رئيس الجمهورية، مرشح الحزب أو الائتلاف الانتخابي الحاصل على أكبر عدد من المقاعد النيابية، بتكوين الحكومة خلال شهر يجدّد مرة واحد".

من جهة أخرى، رأت النائبة عن حركة الشعب ليلى حداد أن "حركة النهضة عاشت أصعب تسع ساعات في مسيرتها خلال جلسة منح الثقة... إذ كانت تشعر لأول مرة بالهزيمة بعد الثورة". وأضافت حداد في تصريح لـ "اندبندنت عربية" "حاولت النهضة من خلال تدخلات نوابها إقناعنا وإقناع الشعب أنه من خلال تعنتنا وسحب الثقة من حكومتهم المقترحة أننا سنُدخِل البلاد في مصير مجهول في ظروف اقتصادية واجتماعية صعبة اضافة إلى الأزمة الليبية التي تطل بظلالها الثقيلة على تونس، وتناست الحركة أنها هي مَن شاركت في تأزيم الوضع في تونس منذ صعودها إلى سدة الحكم بعد الثورة وأنها فشلت في حل كل المشاكل العالقة".

كما عبّرت حداد عن اعتقادها أن "الانتظار لشهر أو شهرين لتشكيل حكومة جديدة أفضل من رهن البلاد للنهضة خمس سنوات مقبلة". وتفاءلت النائبة عن حركة الشعب بتشكيل حكومة ائتلافية تتحمل مسؤوليتها التاريخية، معتبرةً أن "الحكومة المقبلة يجب أن تكون سياسية كي تتحمل الاحزاب المشاركة فيها مسؤوليتها"، مضيفةً أنها "ستكون حكومة رئيس الجمهورية الذي سيكون له دوراً فاعلاً في اختيار أسماء الوزراء المقترحين فيها وسيكون له حزاماً سياسياً قوياً".

جبهة برلمانية جديدة

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وساهم سقوط حكومة الجملي، المقترحة من قِبل أكبر حزب إسلامي في تونس، بنشر حالة من الشعور بالانتصار في صفوف الأطراف الأخرى، حيث كتبت الحقوقية رجاء بن سلامة تدوينة بعنوان "فشل النهضة في تكوين حكومة وعودتها إلى حجمها الحقيقي".

واعتبرت بن سلامة أن "النهضة انهزمت بعد شهرين من الانتظار وانهزمت بعدما سلكت الطريق الخطأ"، موضحةً أن هذا هو "طريق الغرور والنهم - والحال أن عدد نوابها في البرلمان لا يتجاوز 20 في المئة - وطريق بسط الهيمنة على الدولة، بتكليف شخص قليل الخبرة، كثير الارتباك، وتأليف حكومة ادّعت أنها حكومة كفاءات مستقلة، والواقع أنها حكومة تستفزّ التونسيّين بعدد من الأسماء التي تثير الخوف أو الغضب، إمّا لارتباطها بالنّظام القديم أو بالفساد أو حتى بالتطرف".

كما فسرت بن سلامة أسباب هزيمة "النهضة" بعدم التناسب "بين الطموح الشديد للنهضويين وإمكاناتهم المتواضعة كمّاً وكيفاً، إضافة إلى التّقارب بين كتلة "قلب تونس" الثانية في البرلمان، وكتلة "تحيا تونس"، بعدما غلّب زعيماها مصلحة البلاد على صراعاتهما السّابقة. وهذا هو الدّرس الذي يجب أن نستخلصه. الإسلاميّون أقلّية في تونس، لكنّها أقليّة منظّمة نسبيّاً، ولا تستمدّ قوّتها إلاّ من عدم تنظيم العلمانيّين، من يساريّين وليبراليّين ووسطيّين".

يشار إلى أنه بعد انتهاء جلسة إسقاط تشكيلة الجملي عقد كل من حزب "قلب تونس" و"كتلة الاصلاح الوطني" و"كتلة المستقبل" و"تحيا تونس" وبعض المستقلين مؤتمراً صحافياً في البرلمان، أعلنوا فيه تكوين جبهة برلمانية تضم حوالي 93 نائباً، لتقديم مبادرة وطنية للتشاور مع رئيس الجمهورية حول الفترة المقبلة. ويرى مهتمون بالشأن السياسي التونسي أن هذه الجبهة البرلمانية إن تابعت عملها ستكون منافسا قوياً لحركة النهضة التي تضم كتلتها البرلمانية 57 نائباً.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي